لقاء السفيرة الصينية والمستشارة التجارية

15-03-2006

لقاء السفيرة الصينية والمستشارة التجارية

اللقاء مع السفيرة الصينية السيدة (تشو شو هوا) والسيدة (رجاء) المسؤولة الاقتصادية في السفارة بدمشق يكتسب أهمية خاصة لأسباب عدة، منها أهمية وعظمة الصين كدولة وشعب وحضارة عريقة وربما تالياً التعامل الخلاق واللطيف جداً الذي يتسم به الشعب الصيني. وكنموذج (السيدتان اللتان) تديران عملاً مفصلياً في سفارة بلادهم بدمشق، إضافة لأهمية الحوار الإعلامي معهم كمؤشر على الاهتمام المتبادل بين الشعبين والبلدين الصديقين ما يكرس علاقة ثقة ومودة تنعكس بشكل إيجابي على مختلف تفاصيل التعاطي العملي في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية فالصين الدولة العظيمة بتنوعها الحضاري والثقافي والتي أبهرت العالم بإنتاجها على مختلف الميادين الصناعية والتجارية والاقتصادية بكافة أشكالها بما فيها ضخامة الصناعات الثقيلة ومنها العسكري.
وإذ يتميز الصينيون بدماثة الخلق ولطف التعامل فإن ما لمسناه من حرارة استقبال على الطريقة الصينية وسط دمشق التي ترحب دوماً بكل أصدقائها، فإننا نعتبر ذلك مؤشراً حضاريا ًعن أهمية الشعار الأبرز الذي ترفعه الصين منذ زمن بعيد، ومفاده /من ليس له عمل مع الصين ليس له مستقبل/ حيث يستطيع المرء أن يلمس أن الشعب الصيني يجسد هذا الشعار في أدق تفاصيل علاقاته مع الآخرين، فمن تقديم الشاي الصيني ودقة المواعيد وحفاوة الاستقبال ومتابعة كل شيء فإننا نعلم بأنهم يسيرون في الطريق الصحيح باتجاه الأعلى بكل تأكيد يتوجب علينا الاستفادة والتعلّم من الشعب الصيني الذي بنى أعرق الحضارات وخلّد سور الصين العظيم الذي يقال: إنه الأعجوبة الوحيدة التي يمكن مشاهدتها من الفضاء الخارجي أو من القمر... هنا لقاء شفاف مع دبلوماسيات أتقن فن العمل والحياة على الطريقة الصينية.

* سعادة السفيرة ما هي رؤيتكم وتقييمكم لطبيعة العلاقات السورية الصينية ووضعها الحالي؟
أولاً أريد التحدث عن العلاقات الصينية السورية المشتركة ماضياً وحاضراً وبشكل عام، فالدولتان تتمتعان بحضارة قديمة وزاهرة ويربط بينهما تاريخ عريق وحضارة عظيمة ومعاناة مشتركة، فالعلاقات المميزة بين الصين وسورية هي من ضمن الجزء الهام من العلاقات الصينية العربية، فمنذ قديم الزمان كان طريق الحرير يربط الصين بالدول العربية هذا قبل ألفي سنة، وأعتقد أن هذا معروف للجميع وهو كان يمر في تدمر وصولاً إلى دمشق إلى جدة ومصر وفيه طريقان البري والبحري، أما التاريخ المعاصر ولاسيما خلال السنوات الـ 56 الماضية حيث كانت سورية من أوائل دول العالم التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية وأقامت علاقات دبلوماسية معها، ومع مرور السنين تنامت وتوطدت هذه العلاقة باطراد على أساس المبادئ الخمسة:
 (* الاحترام المتبادل للسيادة              * وحدة الأرض          *عدم الاعتداء على الغير
  * عدم التدخل في الشؤون الداخلية    * المساواة في تبادل المنفعة والتعايش السلمي) من خلال رغبة صادقة وتعايش سلمي وحوار منفتح في شتى المجالات، وأريد هنا أن أذكر أبرز الزيارات المتبادلة بين البلدين، حيث قام سيادة رئيس جمهورية الصين الشعبية (هو جنتاو) بزيارة رسمية لسورية عندما كان آنذاك نائباً للرئيس في بداية عام 2001.
ثم قام فخامة الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة الصين في منتصف عام 2004 وكانت زيارة ناجحة (هي أول زيارة لرئيس سوري منذ 50 عاماً تقريباً) ومن خلال هذه الزيارة الهامة دخلت العلاقات المشتركة مرحلة جديدة هامة وتوالت الزيارات بين مسؤولين رفيعي المستوى من كلا البلدين وذلك من أجل المساهمة بدفع العلاقات بقوة وتنميتها ـ في كافة المجالات ـ  

* كيف تقرأين  سعادتك مستقبل العلاقات بين سورية والصين كدولة عظمى على مسرح الأحداث العالمية؟
نعتقد أن الجميع يلاحظ أن هناك تأييداً متبادلاً في مجالات السياسة الخارجية لكلا البلدين وعلى المستوى الدولي في الشؤون الدولية وذلك داخل مجلس الأمن وخارجه، أعتقد أن هذه المواقف السلمية معروفة عالمياً...

* سعادة السفيرة بشكل خاص في الآونة الأخيرة ؟
نعم، في المرحلة الأخيرة بشكل خاص ـ لاسيما في السنة الماضية ـ وفي مختلف المراحل بشكل عام.

والصين تقدر تقديراً عالياً تمسك سورية بسياسة صين واحدة وموقفها الثابت تجاه المسألة التايوانية وقضية حقوق الإنسان وغيرها من القضايا...
ولذلك فإن الصين من جانبها تؤيد بقوة الجهود المبذولة من قبل سورية لاستعادة مرتفعات الجولان المحتلة، وتقدر الخيارات الاستراتيجية السورية في مجال الحوار والطرق السلمية لحل مختلف النزاعات، وتعمل الصين بصفتها إحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي على أن تشارك المجتمع الدولي في بذل الجهود من أجل حل شامل عادل ودائم لقضية الشرق الأوسط وتحقيق سلام واستقرار في المنطقة، نحن نريد لسورية وشعبها أن يعيش في سلام واستقرار، وفيه البيئة والظروف الصالحة للتحديث والتطوير.

السيدة السفيرة (تشو شو هوا) الصين تنتهج سياسة خارجية سليمة مستقلة، والصين تحاول المساعدة دوماً في خلق بيئة سليمة، وتساهم بقوة في الحفاظ على السلم العالمي، وتساعد في التنمية والتطور، وتتمنى لشعوب العالم ما تتمناه لشعبها من خير واستقلال وسيادة، وترفع الصين في الوقت الحاضر راية السلام والتنمية والتعاون بمساواة سواء كانت دولاً كبيرة أو صغيرة فقيرة أو غنية قوية أو ضعيفة وكل دولة لها قدرتها.

* إن الصين باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم ونحن نعتبر أنفسنا دولة علمانية وأكبر دولة نامية من حيث عدد السكان، والصين باعتبارها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن فإنها ترغب دوماً في دفع جهود المجتمع الدولي في توطيد السلم العالمي وإقامة نظام سياسي اقتصادي عالمي جديد على أسس العدالة والتلازم، ولا يمكن للصين أن تنال أي تقدم خارج المجتمع الدولي كما لن يحقق العالم الأمن والازدهار بدون الصين، أي إننا نعتبر الصين تقدم التقدم للعالم، والعالم يقدم للصين التقدم لأن العلاقة الايجابية دوماً تكون متبادلة.
والرئيس هوجينتاو أشار إلى أن الشعب الصيني يتطور عن طريق كسب البيئة الدولية ويزداد التطور العالمي عبر تطوير الصين، فالشعب الصيني يرغب مع شعوب العالم كلها بالازدهار المشترك عبر العولمة واحترام التعددية وليس سياسة القطب الواحد، ونعتمد في سياستنا الخارجية على الانفتاح وأن الشعب الصيني مُحب للسلام، ونتطلع للحياة الأفضل مع كافة شعوب العالم من أجل الازدهار والتقدم.

* هناك ضغوط دولية متواصلة على سورية في الآونة الأخيرة ما هو موقفكم بهذا الخصوص؟
نحن نعتبر سورية دولة صديقة للصين منذ القدم، ونحن نتابع الأخبار والأوضاع السورية ونراقب التطورات ونريد أن نبذل جهوداً عن طريق التشاور مع سورية وخاصة في مجلس الأمن وعن طريق تبادل الآراء بين القادة السوريين والصينيين، وهناك اتصالات مباشرة بين وزيري خارجية البلدين لتنسيق المواقف والتعاون بهدف الحفاظ على سورية كصديق مخلص لنا وقديمة من أجل أن تعيش سورية بسلام واستقرار والازدهار والتقدم للشعب السوري ولا نريد لسورية أو للشرق الأوسط أي بؤر توتر جديدة، ونحن نعتبر أن لسورية دوراً مهماً في الشرق الأوسط وأيضاً لسورية دور هام في سلام الشرق الأوسط، وهدفنا أن يبقى الشرق الأوسط كله في سلام واستقرار. 

* السيدة رجاء المستشارة الاقتصادية والتجارية في السفارة الصينية بدمشق: ما هي آفاق العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟ وماذا أنجز من الاتفاقات التي تم توقيعها بعد زيارة الرئيس بشار الأسد لبكين؟
العلاقات الاقتصادية التجارية بين الصين وسورية قديمة جداً وتتطور باستمرار لاسيما بعد توقيع عدة اتفاقات وبروتوكولات بين البلدين مثل اتفاقيات تعاون زراعية وأخرى الكترونية ورسائل متبادلة للتدريب والتعلم ورسالة متبادلة لتقديم أجهزة كشف الحاويات كمنحة من الصين لسورية وقيمة هذه المنحة حوالي 3 ملايين دولار.
وعلى هذا الأساس نلاحظ أن التعاون الاقتصادي ينمو ويتوسع بين الصين وسورية، وتحتل الصين المرتبة الأولى في قائمة الدول المصدرة لسورية بميزان تجاري يصل إلى أكثر من 700 مليون دولار عام 2004 حسب  إحصاءات الجمارك السورية أما في عام 2005 تجاوز الرقم 850 مليون دولار.

*  ما هي أهم المواد التصديرية إلى سورية؟
هناك 16 نوعاً من السيارات وكذلك مختلف أنواع الآليات الأخرى.... وفي مجالات أخرى متعددة مثل الألعاب وبعض مواد البناء والقائمة تطول، ومؤخراً نجحت الصين في الفوز بمناقصة من وزارة النقل السورية بـ 600 باص للنقل الداخلي، وكذلك صفقة قطارات مع المديرية العامة للسكك الحديدية وقيمتها قرابة 11 مليون دولار كما يوجد بعض المشروعات مثل غزل جبلة وهناك مشروعات للكيماويات في حلب (صودا) لشركة الصباغ وفرزات (عمار محمد عمر صباغ ومحمود فرزات) وأعتقد أن هناك مشاكل تواجهنا نسعى لحلها بشكل ودي مع الجانب السوري وذلك انطلاقاً من حرصنا الشديد على تنمية العلاقات المشتركة في مختلف المجالات....

* ما هو أبرز نشاط اقتصادي مشترك بين البلدين مؤخراً؟
مؤخراً تم توقيع مذكرة تفاهم على إنشاء مصفاة دير الزور وكذلك تقديم قرض ميسر لسورية بقيمة 300 مليون أيوان (ما يقارب 38 مليون دولار).
وكما ذكرت فقد وقعنا على اتفاقيات هامة أثناء زيارة الرئيس بشار الأسد وهي في طريقها إلى التنفيذ، ومنها ما تم تنفيذه مثل التدريب وإقامة الدورات المفيدة في الخبرة. وقد اكتسب الموفدون السوريون الكثير من الخبرة والتجارب من هذه الدورات التي اتبعوها في الصين.
لدينا أيضاً بروتوكول تعاون زراعي هام لاسيما في مجال تبادل بعض أنواع البذور الجيدة والمحسنة، ولدينا قناعة أن المجالات كافة تشهد توسعاً في التعاون، ونحن نعتقد أن التكنولوجيا الصينية تنتشر في كل العالم لاسيما في سورية وذلك لأنها تنافس بقوة من حيث الجودة والسعر.
 في هذا العام سيشارك السوريون في معارض هامة في الصين، وستشارك الصين في معرض دمشق الدولي كما أن التعاون في مجالات الطاقة والنفط والطرق يتطور ويتوسع في تحسن مطرد، ونحن نعتقد بعد استكمال تطبيق سياسات الانفتاح والخطة الخمسية العاشرة التي وضعتها الحكومة (بجهود ومشاركة قوية من النائب الاقتصادي عبد الله الدردري) مؤخراً سيكون هناك تحسين أكثر لبيئة الاستثمارات، ونعتقد أنه سيكون هناك انفتاح أكبر ولاسيما بعد إصدار القوانين الجديدة في مجال التجارة والاستثمار وقوانين جديدة للجمارك كما سمعنا، فهذه القوانين إذا أتت مواكبة لتطورات العصر فإن مجالات الاستثمار ستكون متعددة وواسعة وسيكون هناك تعاون صيني سوري مشرق في ظل قوانين جديدة وانفتاح مستمر في المستقبل.        

* ما هي أبرز المعوقات والصعوبات التي تعيق تقدم العلاقات الاقتصادية؟
أعتقد أن هناك أحياناً جهلاً من البعض في قضايا المناقصات، وبعض الجهات الحكومية تفتقر إلى نقص المعلومات عن التكنولوجيا الصينية الهامة، وربما هناك مشكلة لدى البعض الذين يعتبرون أن شهرة التكنولوجيا الأوروبية لا يمكن مجاراتها مع أننا نوضح دوماً مدى تقدم التكنولوجيا الصينية ولا يزال بعض رجال الأعمال يسألون في الصين عن تكنولوجيا أوروبية!!؟
أعتقد أن هذا يشكل بعض التعارض غير المبرر، عموماً فإن كل شيء يمكن التوصل فيه إلى نتائج بالحوار والمناقشات والتفاهم والشروح الكثيفة حتى تكتمل وتتوضح الصورة في الصناعات الصينية.
أعتقد أيضاً أن بعض الشركات الصينية لديها نقص في المعلومات عن الأسواق السورية وربما علينا ـ نحن الجانبين ـ زيادة التواصل والتعارف من أجل تنشيط العمل المفيد للطرفين، وأريد القول إن بعض القوانين التجارية القديمة في سورية يجب استبدالها بقوانين جديدة تواكب التعاون التجاري العالمي ونلمس أن الحكومة تعمل في هذا الاتجاه .

* بتقديرك أيهما يسبق في التغيير أسلوب التعامل ونمط التفكير الرسمي أم القوانين؟
ربما بالضرورة أن تسير الأمور سوية وبشكل متزامن، لكن من الطبيعي أن القوانين لا تصنع الآلات والمعدات والتكنولوجيا، الذي يصنع هذه الأشياء هو العقل المتحضر والمتحرر من القيود التقليدية، إذن الناس هي من تقرر والقوانين هي الضابط لسير النشاط وقوننة اختراعات البشر .

* إلى أي رقم قد يصل حجم التبادل التجاري بين الصين وسورية في السنوات القليلة المقبلة سيدة رجاء؟
أنا أتوقع أن يصل الرقم في السنتين المقبلتين إلى أكثر من مليار دولار، وإضافة إلى ذلك أتوقع أن يزداد تنوع المستوردات من الصين إلى سورية...

* ماذا عن مذكرات التفاهم التي وقعت بين البلدين وبعضها لم ينفذ حتى الآن؟
* هل تقصد شيئاً محدداً؟
* مثلاً عن مجالات الطاقة وأشياء أخرى؟
وقعنا مذكرة تعاون وتفاهم من أجل إنشاء مصفاة للنفط في منطقة دير الزور وذلك من قبل الشركة الصينية للنفط، كما لدينا اتفاقات قيد التنفيذ، ونعتقد أن آفاق التعاون متعددة وتزداد.

* هل تستورد الصين النفط من سورية؟
نحن نريد استيراد النفط الخام من سورية لكن الكمية التي تنتجها سورية قليلة للتصدير وربما لدى سورية أولوية الاستهلاك المحلي.
* ولكن الجانب السوري يقول دوماً إذا ازدادت الكمية فإن الصين لها الأولوية في التصدير وكذلك الحال بالنسبة للغاز.

* ما هي أبرز السلع والصادرات السورية إلى الصين؟
أحياناً يكون هناك كميات من النفط الخام والقطن ولكن هذه كلها كميات قليلة.

عن مجلة المال
حوار جوني عبو

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...