«غوغل» يكشف جنسيات رواد المواقع الجنسية

25-05-2008

«غوغل» يكشف جنسيات رواد المواقع الجنسية

أتاح انتشار الإنترنت، كما يشاع، جنساً وفيراً، سهلاً ورخيصاً، وبلا قيود، يمكن الحصول عليه بنقرة إصبع واحدة، في حميمية تامة، ولو كان المكان عاماً. ولطالما شكلت طبيعة هذه المواقع المحفز الرئيـــس لمقدمة اكتشاف الكثيرين أسرار العالم الافتراضي وغوايته. وتأتي خطورة الجنس المستهلك عبر الإنترنت من كونه يستبيح بسهولة كل الضوابط الاجتماعية والأخلاقية، ويسمح بوقوع أي شيء وكل شيء، على رغم أنه لا يمارس على أرض الواقع. وتترتب على تلك الممارسات أحياناً نتائج واقعية لا تقل ضرراً عما يعيشه المدمنون «الواقعيون»، وربما تزيد أضراراً إضافية، لأنها تستهدف مستخدماً غير محدد المعالم، قد يكون طفلاً بريئاً أو مراهقاً، أو حتى ولي أمر خالي الذهن، يجد في تلك المواقع تنفيساً وتعويضاً عن ضغط الحياة اليومية.

في آخر عام 2006، أجرى مركز حرية الإعلام في مدينة الدار البيضاء بحثاً حول القاصرين وجرائم الإنترنت، وتوصل إلى أن أكثر من ثلثي القاصرين المغاربة الذين تناولتنهم الدراسة اعترفوا بتلقيهم هدايا، وعروضاً للسفر، وأخرى للزواج عبر غرف الدردشة من جانب أشخاص غرباء. ولم يسبق لأكثر من ثلث المستجوبين أن سمعوا من قبل عن‮ جرائم الإنترنت، وأكثر من ربعهم يرتاد مقاهي الإنترنت على رغم معارضة أولياء الأمور.

وقبل سنة، كشف موقع «غوغل» مراتب الدول في زيارة المواقع الإباحية، في دراسة حول أكثر المواضيع تردداً على محركات البحث. و «تبوأ» المغاربة مقدمة المدمنين دولياً على دخول تلك المواقع، بعد المصريين والأتراك والهنديين. هذه الحقيقة المفزعة لا تدل على وجود فراغ وحسب، بل تعري وجود فراغات عدة ومتنوعة استوطنت الشخصية المغربية، لغياب قدوة أساسية، روحية وأخلاقية وفكرية كانت الضامن في السابق لتوازن هذه الشخصية. ومع ذلك، يرى المتفائلون أن الميل المرضي لإدمان المواقع الإباحية قي صفوف المغاربة، خصوصاً شريحة الشباب، هو ميل عرضي ناتج من مرحلة أزمة مجتمعية وبحث عن الذات يسيران حتماً في اتجاه الانفراج.

ولا تعدو الموجة الجنسية الافتراضية، على خطورتها ومرضيتها، أن تكون في نظر هؤلاء مرحلة انبهار واكتشاف «الممنوع المرغوب»، يعقبها إشباع وملل من الأوهام في عالم غير واقعي.

وربما يغفل أصحاب هذه النظرة التبسيطية أنه حتى لو حصل إشباع وملل لدى مبحري الانترنت في عوالم الجنس، يظل التخلص من الإدمان مسألة عالقة، بعد التشبع من «ثقافة» جنسية غير مقننة يطغى عليها الشذوذ والجريمة، هي نتاج صناعة الجنس التي تديرها شبكات مافيا قوية عبر العالم، فضلاً عن أن الملللا يؤديان لزاماً إلى تراجع أعداد المدمنين، لأن هناك دائماً مستهلكون جدداً.

وفي ظل هذا الانفجار الجنسي الافتراضي، تدور حرب مضادة على واجهتين، من جانب الدولة والأفراد، للتصدي للمواقع الإباحية، لكنها حرب غير منظمة، لأن كل طرف يقودها بطريقته الخاصة، وبلا انسجام في الأهداف. وتقدم السلطات الأمنية من وقت الى آخر على تدمير مواقع معينة، كلما افتضح أمر إحداها لنشرها صوراً مخلة بالحياء لفتيات أو أطفال وشباب مغاربة، أو تقوم شركة الاتصالات بتوقيفها، بناء على أوامر السلطات الأمنية أو القضائية.

ويقوم الأفراد من جانبهم بمنع الدخول إلى المواقع التي تعرض حمولات إباحية، بتزويد أجهزتهم بأنظمة الحماية، وهذا توجه حديث ومحدود لدى الأفراد، لكن أوائل الواعين بهذا الخطر هم أصحاب الشركات، لا لأسباب أخلاقية، بل لأسباب تقنية متعلقة بالوقاية من مختلف أشكال الهجمات التي تتعرض لها الحواسيب من الفيروسات الناسفة للأنظمة المعلوماتية، أو المتلصصين على معطيات الشركات لاستغلالها في شكل غير قانوني.

وتحاول الشركات منع مستخدميها من ولوج المواقع الإباحية، لأن قراصنة الانترنت غالباً ما يتخذونها طعماً لاستدراج الفضوليين والمدمنين، ويدسون فيها فيروسات لتعطيل الأنظمة المعلوماتية، أو اختراق بنوك المعطيات المؤمنة لدى الشركات، وتعمد مثلاً المطارات المغربية والفنادق المصنفة والشركات الكبرى، الى تثبيت ما يعرف بـ «جدار النار»، أي الحاجز الواقي لأنظمة الحواسيب.

وفطن قطاع الاتصالات المغربي في الفترة الأخيرة إلى أن هذه المواقع قد تشكل عقبة مهمة في ترويج خدمة الانترنت في المنازل، فأطلق منذ عامين حملة إعلامية لتسويق تجهيزات معلوماتية لنظــــام الأمن الأبوي بالمجان، لمراقبة ارتباط الحواسيب بالانترنت، والحؤول دون دخول المواقع الإباحية، حتى يكون الآباء مطمئنين إلى طبيعة استخدامات أبنائهم لخدمات الشبكة.

وتضطلع تجارب دولية لشركات اتصال كبرى بأدوار اجتماعية رائدة في حماية الأفراد من مافيا صناعة الجنس. إذ تتصل بزبائنها لإشعارهم بخطورة بعض المواقع الإباحية، عارضة مجانية خدمات الحماية منها، كما تحاول دفع الفاعلين في قطاع الاتصالات الى الانخراط في الحملة، على رغم اعتراض الكثيرين على أساس ممارسة الوصاية وإزعاج الزبائن.

وبالنسبة الى المغرب، لا توجد بعد سياسة واضحة للدولة أو قطاع الاتصالات الخاص أو المجتمع المدني حول الحماية من خطر المواقع الإباحية، فالظاهرة مستجدة، ولكن التأخر في التصدي لها لا مبرر له.

نادية بنسلام

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...