قانون تنظيم مزاولة الصرافة قيد التطبيق

02-07-2006

قانون تنظيم مزاولة الصرافة قيد التطبيق

أصدر مجلس النقد والتسليف ، التعليمات التنفيذية لقانون تنظيم مزاولة مهنة الصرافة الصادر استنادا للقانون رقم 24 تاريخ 24/4/2006. ووضعت موضع النفاذ منذ يوم  أمس الأول من شهر تموز. وقسمت التعليمات الصادرة المـؤسسات الممكن ان يتم الترخيص لها بمزاولة أعمال الصرافة إلى نوعين من المؤسسات الأولى الشركات التي يجب أن تكون على شكل مساهمة مغفلة سورية لا يقل رأسمالها  عن 250 مليون ليرة سورية، والثانية مكاتب الصرافة التي يجب أن تكون على شكل شركات تضامنية بين أشخاص طبيعيين سوريين ومن في حكمهم ولا يقل رأسمالها عن 50 مليون ليرة سورية.
ونصت التعليمات على أنه يحق لكل من شركات الصرافة المرخصة أصولاً وبعد حصولها على الموافقة المسبقة من مصرف سورية المركزي أن تفتح ثلاثة فروع إضافة إلى مقرها الرئيسي دون زيادة في رأسمالها، كما يحق لها أن تفتح فروعاً أخرى، وفي هذه الحالة يجب عليها زيادة رأسمالها بمبلغ 50 مليون ليرة سورية لكل فرع إضافي، أما في المناطق النائية التي يحددها مجلس النقد والتسليف فيحدد الحد الأدنى للزيادة في رأس مال الشركة عن الفرع الإضافي، وكذلك رأسمال مكتب الصرافة في تلك المناطق بمبلغ 25 مليون ليرة سورية.
وينبغي على كل شركة أو مكتب صرافة مباشرة عمله خلال ستة أشهر من تاريخ الترخيص، وإذا لم يباشر العمل خلال هذه المدة يلغى الترخيص، ويجب إعادة تسجيل الشركات ومكاتب الصرافة خلال شهر كانون الثاني من كل عام. وتم تحديد نفقات التسجيل لأول مرة ونفقات إعادة التسجيل السنوية بـ 250 ألف ليرة سورية للشركات المساهمة و50 ألف لكل فرع من فروع الشركات وكذلك مكاتب الصرافة. والتأخير عن موعد التسجيل السنوي يـؤدي إلى مضاعفة المبالغ المتأخر تسديدها وإذا تجاوز التأخير شهر شباط فهذا يؤدي إلى اغلاق المكتب المتأخر أو اغلاق جميع فروع الشركة المتأخرة اغلاقاً مؤقتاً ولا يسمح بإعادة فتح المكاتب والفروع إلا بعد إعادة التسجيل وتسديد مثلي نفقات التسجيل المتأخرة.
والتأخير إلى ما بعد شهر آذار في تسديد نفقات إعادة التسجيل يؤدي إلى الاغلاق النهائي للشركة أو المكتب والفروع.
وتخضع جميع الشركات والمكاتب إلى تجميد 25٪  من الاحتياطيات التي تكونها وكذلك الزيادات في رأس المال. ولا يسمح لها بتحريكه إلا بموافقة مصرف سورية المركزي وللأغراض التي يوافق عليها. وتخضع المبالغ المجمدة لمعدلات الفوائد المعتادة.
أما بخصوص نقل الملكية أو التنازل عن رخصة مكاتب وشركات الصرافة فنصت التعليمات على أن يتم ذلك بموافقة مسبقة من مجلس النقد والتسليف وتعتبر الموافقة ترخيصاًَ جديداً يستلزم جميع إجراءات الترخيص المسبقة. وفيما يتعلق بنقل وتحويل الأموال في الداخل وبين سورية والخارج.
فيقوم مصرف سورية المركزي بعد دراسة الوسائل المتاحة وبعد الاتفاق مع المؤسسات المعنية باصدار تعليمات حول نقل وتحويل الأموال داخل سورية وبينها وبين الخارج وتحدد الشروط والوسائل والآليات المسموح بها.

 

وفرضت التعليمات التنفيذية لقانون الصرافة التي وضعت موضع النفاذ يوم أمس، نفسها كمتغير أبرز وأهم في سوق النقد المحلية، لأن نفاذها إلى ميدان السوق يعني تفعيل قانون الصرافة الصادر في شهر نيسان من هذا العام.
فمع كل ما يحمله هذا القانون من حلول لسلسلة طويلة من أشكال الخلل طالما اعترت سوق الصرافة، وأثرت ما أثرته في مراحل مختلفة على  موقع الليرة السورية، المرغمة أحياناً على دخول مضمار انتفى فيه معيار التكافؤ في التقويم وهذا شيء بدهي عندما تسود «شرائع » السوق السوداء!!
التعويل الآن على بدء تفعيل العمل بقانون تنظيم مزاولة مهنة الصرافة، يبدو كبيرا في أروقة القرار النقدي، لأنه من حيث الشكل  والمبدأ - على الأقل- سيزيل غمامة السواد التي تلف السوق، وكانت دوماً مطرحاً استثمارياً رابحاً ، لتجار اختصوا في المتاجرة بالأزمات وسعوا دوما لافتعالها!!كما أنه يجب الاعتراف بأن القانون الجديد قد شكل هاجساً لهؤلاء، وبالتالي يجب أن يكون أحد الاحتمالات المطروحة، هو ذلك المتعلق بمحاولات التشويش، والالتفاف على القانون لابطال مفاعيله أو التقليل منها.
لذا يبدو من المهم التساؤل هنا، إلى أي حد سيتيح بدء تطبيق حيثيات ومقتضيات قانون الصرافة الجديد، إمكانية خلق حالة الاستقرار المطلوبة للعملة السورية، وكذلك سعر صرف العملات الأجنبية المتداولة في السوق لاعتبارات ومنطلقات اقتصادية؟
ثم إلى أي حد سينجح القانون الجديد بتذويب حضور السوق السوداء، وابعادها عن مضمار اللعبة، وخلق آلية متوازنة تضبط إيقاع السوق، وفق معادلات نقدية اقتصادية، وليس شخصية امتيازية؟؟ وسؤال ثالث يدور حول المطلوب من أجل تأمين المناخ الملائم للاستفادة المثلى من قانون الصرافة؟
لعل السعي إلى استقطاب موارد القطع الأجنبي التي لا تمر في الأقنية المصرفية وإعادة استخدامها وفق مقتضيات السياسة العامة للاقتصاد السوري، هو الهدف الأبرز من صدور قانون الصرافة وبالتالي تعليماته التنفيذية التي صدرت قبل أيام قليلة. وهذا ما يؤكده الخبير المصرفي والنقدي مصطفى عيسى درويش، عضو اللجنة التي كلفت بمعالجة حالة الاضطراب في سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية أواخر العام المنصرم، وأنجزت مهمتها - اللجنة- بنجاح وكفاءة عالية.
ويرى درويش أن ثمة سعياً عبر قانون الصرافة ، لاحتواء عمليات السوق السوداء التي تنشط لصالح أفراد، بعيداً عن خطط الدولة، وأهدافها، وتحقيق الحد الأعلى الممكن للاستفادة من القطع الأجنبي ، الذي كان خلال الفترة الماضية بعيدا عن قنوات الضبط المعلنة رسمياً في نشاطه وأهدافه وحركته العشوائية.
ويعتقد درويش أن صدور التعليمات التنفيذية وانفاذها ميدانياً هي بداية باتجاه تحويل نسبة عالية من حركة العملات الأجنبية، لتمريرها في الأقنية المصرفية وشركات صرافة متخصصة ومرخصة وجزء بسيط يبقى لكنه تحت السيطرة. وهو ما يتعلق بتلبية طلبات لم تنص عليها الأنظمة والتعليمات المتعلقة بالجهاز المصرفي وشركات الصرافة.
 توقع بقاء جزء ولو بسيط من كتلة القطع الأجنبي خارج قنوات الأجهزة المصرفية وشركات الصرافة، يرده درويش إلى أن التعليمات الصادرة والنافذة لا يمكن أن تشمل كل الحالات التي تلبي حاجة المواطن وحاجة السوق.
وهنا يلعب السعر دوراً أساسياً ومهماً في استقطاب القطع الأجنبي للجهاز المصرفي والشركات التي سيصار إلى احداثها لمزاولة مهنة الصرافة أصولاً.
لذا يبدو من المهم هنا محاولة التوصل إلى سعر صرف مستمد من نقطة تلاقي عاملي العرض والطلب وهو ما يطلق عليه السعر الواقعي والعادل، من أجل استقطاب شبه كامل لإجمالي حجم السيولة المطروحة بالقطع. وسيكون عندها نشاط الجهاز المصرفي وشركات الصرافة بديلاً قوياً وحيوياً لأنشطة السوق السوداء.
لذا يقترح درويش هنا، أن يتم التعامل في تطبيق هذا القانون بشفافية ومرونة وواقعية لزيادة فرص تحقيق الأهداف المرجوة، وهذا يقتضي أن يكون التسعير الصادر عن «المركزي» مطابقاً لمعطيات العرض والطلب، وأي بُعد عن هذا المعيار سيؤدي إلى خلل وبقاء جزء من السيولة خارج القنوات الرسمية، أي في السوق السوداء ولو بحجم أقل مما كانت عليه في السابق.
ولا بد أن يترافق موضوع مراعاة العرض والطلب مع موازنة الأهداف والسياسات الاقتصادية  الكلية، وخاصة ما يتعلق منها بموضوع إنعاش  قطاع الصادرات لأن ذلك هو أحد الأسباب المهمة لدعم الاقتصاد أولاً وبالتالي القطاع النقدي والنقد ثانياً.
إلى جانب ذلك يجب التركيز على قطاع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الخارجية ولا سيما أموال المغتربين السوريين لأنها المرشحة أكثر من سواها للتدفق باتجاه الداخل كونها جزءاً من الثروة الوطنية، لكنها مفعلة خارج مضمار الاقتصاد المحلي. وفي هذا السياق يؤكد درويش ضرورة إيلاء الاهتمام إلى مسألة الرقم الإحصائي أكثر من ذي قبل، ويجب أن يكون لكل نشاط اقتصادي ترجمته الرقمية ، عبر أرقام دقيقة تعبر عن نتائج واقعية تبنى عليها سياسات وخطط.
وفي موضوع النقد بالذات يجب حصر الموارد والانفاق من القطع الثابت منها والمتغير ، ليصار إلى بناء النفقات الثابتة على موارد ثابتة لتوخي حالات الخلل والارباك التي قد تحصل.
مع أنه لا يمكن حصر الأرقام 100٪ ، فالذي يمكن ضبطه واحصاؤه هو ما يمر عبر الأقنية الحكومية ، أما القسم الآخر الذي يمر عبر القنوات غير الرسمية فيقدر بشكل تقريبي والتقديرات لا يمكن أن تكون أرضية ثابتة لصياغة سياسات مستقبلية.
إذاً، لا بد من احكام آليات الاحصاء لتحديد ما بأيدينا من أدوات وتقرير مدى فاعليتها ثم أوقات ودواعي استخدامها.
 وهنا بمناسبة الحديث النقدي، يبدو مهماً السؤال عن وضع الليرة السورية اقتصادياً ومدى ملائمة ذلك لمباشرة إجراءات تنظيم السوق.
ويجيب درويش : ان الليرة السورية قوية ، لأنها تستظل بكافة أسباب الحماية والدعم، سواء تعلق ذلك بالامكانات المادية، أم بالخبرات الوطنية المحلية وأن ما تعرضت له من اضطراب في سعر الصرف كان أمراً عارضاً تمت معالجته بخبرات محلية بحتة لأن قرار السلطة  النقدية هو الأقوى في السوق وهذا عائد إلى امتلاكها الأدوات الأكثر فاعلية. إذ حلت الأزمة بتحريك جزء بسيط من هذه الأدوات والإمكانات ( حوالى 3.5٪ من حجم الاحتياطي النقدي).
واللافت أنه تم تعويض جزء مهم من نسبة القطع الذي تم التخلي عنه ابان الأزمة، إذ تمت استعادته وبأسعار أقل من سعر التخلي ، ما أدى في النتيجة إلى تحقيق أرباح كبيرة نجمت عن الفارق بين سعري البيع والشراء، أي بين الحد الأعلى لسعر الصرف عند البيع الذي تجاوز 60 ليرة سورية للدولار الواحد وبين الحد الأدنـــى لسعر الصرف الذي وصل إلى ما دون 52 ليرة سورية للدولار .


ناظم عيد

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...