الجمل تكشف أسباب تسخين الأردن لملف تقاسم المياه مع سوريا

05-07-2006

الجمل تكشف أسباب تسخين الأردن لملف تقاسم المياه مع سوريا

الجمل ـ خاص: في الوقت الذي يسخن فيه المسؤولون الأردنيون العلاقات السورية ـ الأردنية عبر ملف المياه ، يتم الإعلان عن انخراط بلادهم في مشروع قناة البحرين  الإسرائيلي، فلا يجدون أي حرج من التصريح بأن إسرائيل أكثر التزاماً باتفاقيات المياه مع الأردن من سوريا ، في اللحظة ذاتها التي يقول فيها وزير المياه الأردني: "ان مياه نهر الأردن تعد ملوثة منذ عدة سنوات بسبب المياه المالحة ومياه تربية الأسماك التي يضخها الجانب الإسرائيلي"!!.
فقد صرح أمس وزير المياه والري الأردني محمد ظافر العالم ان الأردن طلب من سورية 15 مليون متر مكعب من المياه، للمساهمة في الحد من عجزه المائي في الصيف الحالي، موضحاً ان هذه الكمية تعد بدل مياه الجريان الدائم في مجرى نهر اليرموك.
وقال العالم في مؤتمر صحافي عقده أمس ان إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات المائية مع الأردن بينما سورية غير ملتزمة باتفاقية 1987 التي تنص على ان حصة الأردن من نهر اليرموك تبلغ 206 ملايين متر مكعب، فيما تبلغ حصة سورية 211 مليون متر مكعب. وأن سورية قامت ببناء 3500 بئر مائي و38 سداً يخزن فيها 156 مليون متر مكعب من مياه مجرى نهر اليرموك مما يجعل كمية المياه المتدفقة الى الأردن عبر نهر اليرموك متدنية وغير كافية.
الاتهامات الأردنية لسوريا فيما يخص مسألة المياه ليست جديدة، فهي تعود الى العام 1955، ويمكن مراجعة ما كتبه الباحث طارق المجذوب في هذا الخصوص، وتحديداً كتابه لا أحد يشرب الصادر عن دار رياض نجيب الريس في بيروت عام 1998 ، الوارد فيه كافة الاتفاقيات والمشاريع المتعلقة بمسألة المياه في المنطقة، ودور إسرائيل في تحويل هذا الملف الى سلاح تفتيت فتاك للموقف العربي. ليبدو أن القول ان إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات مع الأردن أكثر من سوريا، ليس بالأمر الجديد، فقد سبق وأن صرح مسؤولون في الحكومة الأردنية بمثل هذه التصريحات بعد توقيع اتفاقية وادي عربة، وحتى بعدما ثبت للجانب الأردني ان اتفاقيات المياه كانت جميعها لصالح إسرائيل، ففي المعاهدة الموقعة بين الأردن وإسرائيل حديث عن "حقوق امتلاك خاصة إسرائيلية" و"نظام خاص" في المنطقتين الباقورة ونهاريم  شمال إسرائيل  ومنطقة الغمر ـ تسوفار في وادي عربة ، وحديث آخر متداول خارج المعاهدة عن تأجير الأراضي الأردنية، في وقت تبين فيه المادة الثالثة من المعاهدة المتعلقة بالحدود الدولية تنص على وجوب الأخذ في الاعتبار الأوضاع الخاصة بمنطقة الباقورة ـ نهاريم والتي هي تحت السيادة الأردنية، وفيها حقوق امتلاك خاصة إسرائيلية.!! أما فيما يخص  اقتسام المياه مع سوريا فإن الأردن يعتمد  في مطالبته بحصة من مياه اليرموك على خطة جونسون للعام 1955 التي تحدد حصة سورية بـ90 مليون متر مكعب كحد أقصى فيما يتهمها الأردن بأنها تأخذ أكثر من 200 مليون م3 .
 وسوريا ترفض  هذا الإدعاء  بالاستناد على أمرين : عدم موافقة  الدول العربية على مشروع جونسون ، والتزامات الأردن النابعة من اتفاق سد الوحدة  الموقع في عمان 1987،  وقد نص الاتفاق على احتفاظ سوريا بكل تصريف مياه الينابيع  الواقعة  فوق منسوب 250 متر في مقابل استغلال  الأردن كل الينابيع الواقعة تحت هذا المنسوب، إضافة الى المياه المخزنة في سد الوحدة (نحو 486 مترمكعب) إن سوريا كما ورد في الفقرة (أ) من المادة السابعة "تحتفظ بحق التصرف  بمياه جميع الينابيع التي تتفجر في أراضيها في حوض اليرموك وروافده، باستثناء المياه التي تتفجر ما قبل السد تحت منسوب 250 م وتحتفظ  بحق الانتفاع  بالمياه  التي ترد مجرى النهر وروافده في ما بعد السد لإرواء أراضيها لمجرى النهر" ونجد في المادة السادسة تأكيداً إضافيا لحق سوريا في مياه اليرموك  فهي تنص على أن الأردن يقوم بإنشاء السد لتخزين المياه المارة في النهر: "بعد تأمين المياه لملء خزانات السدود السورية المحددة في الجدول المرفق، ومقدار تخزينها وحق سوريا في الحفاظ على هذا المخزون  من المياه والذي يعتبر جزءاً من هذا الاتفاق لا يتجزأ .."
خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة الأسبوع الماضي بين الأردن وسورية تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية ذات مستوى عال لبحث إعادة حوض اليرموك الى ما كان عليه بالسابق.
وحسب تصريحات وزير المياه تم الاتفاق بناءا على وعود الجانب السوري بوقف التخزين في بعض السدود " لأخذ حقوقنا المائية المقدرة ب 211 مليون متر مكعب من التخزين في سد الوحدة و 206 ملايين متر مكعب من مياه الجريان في مجرى النهر".
وكان لافتاً في تصريحات وزير المياه والري الأردني محمد ظافر العالم توقعه ان لا تتجاوز الكمية التي ستعطيها سورية للأردن 10 ملايين متر مكعب. قائلاً : "ان الأردن طلب من سوريا 15 مليون متر مكعب من المياه للمساهمة في الحد من عجزه المائي في الصيف الحالي."  ذاكراً  أن لجنة فنية ستجتمع خلال الأيام المقبلة لبحث آلية ضخ هذه المياه الى الأردن مشيرا الى وجود 37 سدا سوريا في حوض نهر اليرموك سعتها التخزينية تصل لنحو 211 مليون متر مكعب تروي حوالي 16 ألف هكتار من الأراضي. وأوضح انه حسب ما تنص الاتفاقية الأردنية السورية فان نهر اليرموك نهر دولي مشترك يفترض ان تجري فيه المياه صيفا مشيرا الى حفر نحو 3500 بئر في الجانب السوري من الحوض أدت الى نضوب معظم الينابيع التي كانت تتدفق في المجرى وهو ما يهدد بجفاف النهر اذا استمرت هذه الحال.!! والمفارقة أن تسخين ملف المياه مع سوريا  ياتي بالتزامن مع الترويج لانخراط الأردن في مشروع قناة البحرين الإسرائيلي، فقد كشف العالم عن أن بلاده  ستستضيف اجتماعا لبحث موضوعها بحضور الأطراف المعنية والبنك الدولي وذلك في نهاية شهر أيلول المقبل من اجل وضع المقترحات الفنية وإنشاء صندوق لتمويل المشروع و بإدارة مكتب للبنك الدولي. وأوضح ان اجتماعا جمعه ووزير البنية التحتية الإسرائيلي أخيرا تناول أهمية مشروع القناة للأردن ناقلا عن الوزير الإسرائيلي قوله "انه يجب المضي بهذا المشروع مع الأردن والبنك الدولي والسلطة الفلسطينية".!! وبين ان مشروع قناة البحرين سيوفر للأردن 570 مليون متر مكعب من مياه الشرب بينما سيصل إجمالي كميات المياه التي سيحققها الأردن من المشروع نحو 870 مليون متر مكعب موضحا ان المتوفر من المياه في الأردن من المصادر كافة سيصل لحدود 1850 مليون متر مكعب.
فما هو مشروع قناة البحرين الذي يروج له الجانب الأردني في الوقت الذي يعكر فيه مياه العلاقات السورية ـ الأردنية؟ .
مشروع قناة البحرين هو مشروع ربط البحر المتوسط  بالبحر الميت بقناة مائية ، والمشروع قديم حاولت إسرائيل تنفيذه بالثمانينات، فلم توفق وهي اليوم تعود إليه بحلة جديدة مستغلة المتغيرات الدولية والعربية ويتلخص المشروع في حفر قناة تصل المتوسط بالميت واستغلال ضغط المياه المتساقطة بفعل الفارق في الارتفاع أو المستوى بين البحرين لتوليد الطاقة وإقامة مشاريع لتحلية مياه البحلا.
وفكرة القناة قديمة دغدغت أحلام البريطانيين منذ القرن الماضي عندما كانوا يتنافسون مع الفرنسيين على وضع اليد على أقصر الطرق الى مستعمراتهم في أفريقيا والشرق الأقصى.
وخلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين وبسبب تدفق الهجرة اليهودية  استعانت المنظمات والهيئات الصهيونية بالخبراء الغربيين من الأمريكيين ، لوضع مخططات عملية لإنجاز مشروع  قناة البحرين وفي الستينات من القرن الماضي  فضلت اسرائيل الاعتماد على خبرائها  وأشهرهم  شلومو غور ويوفال نئتمان وشلومو إكشتاين . ليبدأ الاهتمام الجدي بمشروع قناة البحرين  عقب حرب 1967 ، لأسباب اقتصادية وسياسية وعسكرية ، وتم تشكيل لجنة استشارية برئاسة  إكشتاين لدراسة المشروع  ورأت اللجنة أن لقناة البحرين  فوائد جمة من أبرزها امتلاك الطاقة  وتوليد الطاقة الكهرمائية  وتحلية مياه البحر  وتوفير المياه اللازمة للاستهلاك والري . وفي نهاية 1977  شكلت حكومة الليكود  فور تسلمها الحكم ، لجنة جديدة برئاسة العالم نئتمان لتحديد الممرات أو المسارات المقترحة لإقرار المشروع ، وتم اختيار خط جنوبي هو خط  زيكيم ـ عين الجدي  الذي يمر بكامله داخل حدود فلسطين ما قبل العام 1967 ، ملتفاً حول قطاع غزة ويبلغ طوله 130 كم . واختلف الاسرائيليين في البداية على المسار  ليتم الاتفاق بالنهاية على تبني خط يمر في قطاع غزة وإيجاد أمر واقع يصعب الرجوع عنه. في صيف 1980 ، اتخذ القرار السياسي وفي أيار 1981 بدأت أعمال الحفر وتأسست شركة "قناة البحرين" لتمويل المشروع غير أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت في نهاية العام  وبناء على الاعتراضات العربية قراراً دعت فيه إسرائيل الى إيقاف العمل بالمشروع لما يسببه من أضرار الفلسطينية المحتلة . وتوقف العمل من دون أن يتوقف التخطيط والتصميم بانتظار الفرصة المناسبة، وفي عام 1988 أعلن زعماء الليكود نيتهم  باستئناف العمل بالمشروع ، ولكن الأموال اللازمة والأوضاع الأمنية لم تسعفهم ، وجاء ت المتغيرات اليوم لتنفيذ هذا المشروع بترحيب أردني  وصمت عربي

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...