أنانية الأطفال... مرحلة عمرية!

08-09-2008

أنانية الأطفال... مرحلة عمرية!

كثيراً ما نواجه مشكلة رفض تشارك الطفل في ما يملكه مع أصدقائه، ونلاحظ عصبيةً في التعامل مع أي «مصادرة» لقسم مما يحمل أو مما قُدم له سابقاً. هذا السلوك يتبدل ويتغير مع تقدم الطفل في العمر، أي حين تستيقظ فيه مشاعر أكثر جدية، ويبلغ مرحلة يستطيع خلالها إقامة العلاقات والتعامل الواعي مع الآخرين. الأنانية تحكم سلوك الأطفال خلال عمر 3 أو 4 سنوات، أما في عمر 7 أو 8 سنوات، فهي المرحلة العمرية الأكثر «اشتراكية» عند الطفل، لميله إلى مشاركة أصدقائه في ما يملك، حسب دراسة سويسرية أجريت على 229 تلميذاً من أعمار مختلفة، قادها إرنست فهر من جامعة زوريخ، ونشرت في المجلة العلمية، britannique nature.
الأطفال الذين خضعوا للدراسة، قُسِّموا إلى مجموعات من اثنين، وطُلب من كل طفل أن يحمل صورة شريكه المفترض، لتفادي تأثيرات ردات الفعل المباشرة بين الأطفال أثناء الاختبار وتأثيرها على الخيارات المنتقاة، واعتمدت قطع الحلوى عملةً للتواصل الاجتماعي قيد الاختبار.
وطُرح على كل طفل خياران ليختار بينهما: «واحدة لي وواحدة لزميلي» أو «واحدة لي، لا شيء لك»، كان كل طفلٍ يجيب عن السؤال، ومهما كان جوابه، يحصل على قطعة حلوى هديةً، وقد اختار الأطفال من عمر 3 إلى 4 سنوات الاحتفاظ بكامل الغلة لأنفسهم، دون تقاسمها مع آخرين، بعكس الأطفال بين 7 و 8 سنوات، الذين اختاروا التشارك في ما يحملونه، 80% منهم فضلوا أن يملك شريكهم عدد الحلوى نفسه الخاص بهم، أما إذا تبدلت الخيارات بـ«قطعتين لي»، و«لا شيء لك»، فإن 40% من الأطفال الأكبر في العمر رفضوا أن يرحل شريكهم خاوي اليدين، أما في عمر 3 إلى 4 سنوات، فلم تتجاوز نسبة «الكرام» 9%.
من جهة أخرى، كشفت الدراسة أن الأطفال الوحيدين هم أكثر كرماً من الآخرين. وتبيّن أن جميع الأطفال حذرون جداً من أن يملك غيرهم حصة أكبر من حصتهم.
وفي نتيجة عامة، رأى القيّمون على الدراسة أن النتائج مفيدة في تقويم الآثار الوراثية لعامل التعاون، وأيضاً في فهم المجتمع البشري من ناحية نظرية نفسية سعياً لحفظ قيم التواصل والتشارك بين الفئات والمجموعات. إرنست فهر، مدير الدراسة، علق على قضية تغير السلوك مع الآخرين بين المراحل العمرية، رافضاً حصر الأسباب في المحيط الاجتماعي فقط، بل هناك جزء مبرمج من هذا السلوك، «أعتقد أن الجينات والثقافة تؤديان معاً دوراً هاماً في تحديد تفاعل الفرد مع الموقف الاجتماعي»، يقول فهر، رغم أن الدراسة لم تثبت علمياً دور الجينات في الموضوع، إلا أن التركيز على تحليل خلفيات التصرف المختلف من فرد لآخر، لا يدع مجالاً للفصل بين العامل الوراثي والتصرف الآني.
الأهم في المشروع، حسب تعليق المجلة البريطانية، أن الدراسة تؤكد مجدداً أهمية مراقبة طفولة الإنسان لفهم مستقبل سلوكياته وتوجهها، مثبتة مجدداً دور الطفولة في صقل الأفراد، وتحديد آفاق الجماعات، كذلك فإن المستجد هو درس موضوع مهم مثل التشارك والأنانية وحب التملك أو حب التبادل والتواصل، والغايات الكامنة وراء كل فعلٍ من ذلك، سواء بناء العلاقات أو إيصال رسالة مودة أو للحصول على مقابل ما، كل ذلك ضمن مرجع محدد لهوية «العملة» التي يستعملها الإنسان ـــــ الحلوى في هذه الدراسة ـــــ لتتبدل هذه مع كل مرحلة، ويتغير سلوك الفرد، ويبقى الإنسان مجرد «طفلٍ كبير».

خضر سلامة

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...