بورنو سياسي

08-07-2006

بورنو سياسي

وفق ما نرى من أهل السياسة وما نسمع ونقرأ, لا بد من ابتكار طريقة تحمي غير الراشدين من «البورنو» السياسي السائد, وخصوصاً أن القيادات بلغت حدود «النشوة الجماعية», بعد أن تم «قذف» البلاد بالشتائم الغرائزية المثيرة, وبعد أن تمادى الكثيرون في خرق «ميثاق الشرف», كاشفين عن عوراتهم الكلامية المنتصبة في تصريحاتهم التلفزيونية ومؤتمراتهم الصحفية.
بعد كل عمليات «الاغتصاب» للدستور القاصر والحريات القاصرة, ظهر ميثاق الشرف وكأنه «محاضرة في العفّة», ممن هم في بالك وبالي.
المحاضرون لم يصمدوا طويلاً, أمام الطبع والتطبّع, فاستأنفوا عروض «الاستربتيز» السياسي, التي اكتسبت صيتاً عالمياً, قد يمكّنها من منافسة راقصات «الليدو» و«الكريزي هورس» وبائعات الهوى في كاباريهات بيروت وجونية والمعاملتين.
يقولون إن الحوار نجح في لملمة الشارع وتجنيب البلاد الفتن الطائفية والمذهبية. لكن مواعيد الحوار الشهرية, منحت الوقت الكافي لرجال الموالاة والمعارضة, لممارسة مهنة الاغواء والاغراء وتدنيس المقدّسات وخرق المحرّمات في حملاتهم المتبادلة.
إنهم فعلاً يحاضرون بالعفّة, لكنهم يمارسون أقسى درجات «التهييج» الطائفي والمذهبي.
يفاخرون في الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله وعروبته, لكنهم لا يتورّعون عن تمزيق أردية الحشمة والحياء الوطنيّين «من قبل أو من دبر».
يدّعون التزام «ميثاق الشرف» في حروبهم غير الشريفة. فكلماتهم العابرة للسماوات تلاحق شهداء الحرية والتحرير في جنّات الله الواسعة, حيث يتحوّل ضريح رفيق الحريري إلى منصّة انطلاق للمؤامرات الدولية, وبندقية المقاومة إلى «سلاح غدر».
ندرك أن للبنان خصوصيّته الطائفية والمذهبية, التي سرعان ما تتحوّل إلى واقٍ سياسي يعزل القيادات والزعامات والمقامات عن أي تجريح كلامي أو إساءة معنوية, تستفزّ المشاعر الجيّاشة المستعدّة لإحراق الوطن, دفاعاً عن كرامة مرجعيّاتها السياسية والدينية.
وندرك أيضاً أن بذاءة الكلام باتت صنعة لبنانية من الصعب إقناع سياسيينا بالاستغناء عنها, لما تقدّمه لهم من جمهور واسع ومانشيتات حماسية, تفتح أمامهم أبواب الشهرة والتشهير.
لكن, لماذا العتب على هبوط الخطاب الوطني, في زمن يهبط فيه الوحي السياسي من عواصم بعيدة وقريبة؟
وعدونا بدولة حرّة وسيّدة, فحصلنا على دولة حرّة و«متحرّرة», وسيدة «فالتة»... «على حلّ شعرها».
لا شك في أن دولة كهذه تحتاج إلى شعب من «الراشدين فقط».


 
سامر الحسيني

المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...