العرب الأشرار: كيف تصّور هوليوود العرب؟

01-04-2006

العرب الأشرار: كيف تصّور هوليوود العرب؟

أعرف الكثيرين من ابناء جيلي من الذين درسوا في الغرب واستوعبوا فكره وحضارته، وكانوا يندهشون مثلي كلما رأوا فيلما اميركيا يظهر فيه العرب بمظهر مضحك او شرير او غريب... وكنت، كما غيري، دائم التساؤل عن السر في عدم تفتيش هوليوود عن مصادر معلومات موثوقة تسمح لها بنقل صورة واقعية عن الحياة اليومية للعرب في افلامها وخصوصا تلك التي يخرجها او يمثل فيها كبار الشاشة... وكنت اقول دائما انني لا بد سأنكب يوما ما على ملاحقة هذه النقطة الشديدة الاثارة نظرا للدور الكبير لا بل الحاسم الذي تلعبه الافلام السينمائية والتلفزيونية في بناء او تشكيل العقول وصياغة الرؤى والتصورات والاحكام عن الاخر... والحقيقة انه قد كتب الكثير حول الموضوع مما لم يكن ليشفي الغليل والفضول العلمي والشخصي... الى ان قرأت مؤخرا كتاب جاك شاهين (عرب الشاشة الاشرار: كيف تشيطن هوليوود شعبا بكامله؟. صدر بالانكليزية عن منشورات غصن الزيتون الاميركية عام 2001 ، في 575 صفحة من الحجم الكبير)... وجاك شاهين اميركي من اصل لبناني (من قرية حامات في الكورة) قال لي انه لم يحضر الى لبنان قبل العام 1975، وان ذلك كان بداية بحثه عن جذوره العربية وعن معنى ان يكون من اصل عربي في اميركا او الغرب... وهو اليوم استاذ شرف للاعلام والتواصل، في جامعة غرب اللينوي، بعد ان تقاعد من التدريس منذ سنوات... كما انه عمل لفترة طويلة في شبكة تلفزيون سي بي اس الاخبارية كمستشار لشوؤن الشرق الاوسط... وهو اشتهر وصار علما في موضوع الصور الاعلامية عن العرب (وله في ذلك عدة كتب أشهرها: <<الصورة النمطية عن العرب والمسلمين في الثقافة الشعبية الاميركية>>، و<<أفلام الحرب النووية>>، و<<عرب التلفزيون>>)... وجاك شاهين ايضا محاضر رائع يشبه واحدا من اولئك الحكواتيين العرب الكبار حين يحضر على المسرح ليقدم مداخلة اكاديمية او عرضا وشرحا لكتبه واعماله فيأسرك ليس فقط بذكائه وسرعة بديهته وهضامته وانما ايضا باسلوبه الراقي والجذاب الذي يستثير في المستمع الاعجاب والانبهار والمتعة... وقد حضرته في مداخلة له في احدى الجامعات الاميركية استحوذ فيها على انتباه وضحك ومشاركة الجمهور لمدة ساعة ونصف من دون ملل او خلل....
تغذية العنصرية
يقدم جاك شاهين في كتابه مسحا نقديا موثقا ومحللا لاكثر من 900 فيلم هوليوودي يظهر فيه العرب في صورة مخالفة لما هو عليه اي طفل او رجل او امرأة او شيخ منهم ... ويقول شاهين ان هوليوود استخدمت منذ اكثر من قرن اسلوب <<التكرار بيعلم الحمار>>، معيدة ومكررة فيلما بعد فيلم نفس الصور النمطية الخاطئة والمشوهة عن العرب... مما كان له ابلغ الاثر على عقول وافكار واذواق الاميركيين ورؤيتهم للعرب والمسلمين، وذلك حتى قبل 11 ايلول اي قبل حجة الحرب ضد الارهابيين العرب... فهو يلاحق الصورة الهوليوودية منذ اواخر القرن التاسع عشر ليكتشف فيها ملامحا وصورا متشابهة ومكررة... ويقول شاهين في احدى مداخلاته ان العنصرية الوحيدة المسموح بها في السينما والتلفزة الاميركية اليوم هي العنصرية المعادية للعرب والمسلمين... فالعربي في كل افلام هوليوود هو القاتل المتوحش والمغتصب والمتعصب وثري النفط اللعوب والمستهتر والاهبل والمسيء الى النساء... وهذه الصورة النمطية السيئة والمشوهة تتكرر وتتردد على الشاشات ومنذ عقود وعقود... حيث ان العرب كلهم يشبهون بعضهم البعض وانت لا تستطيع التفرقة بين واحد واخر منهم في افلام هوليوود (كلهم سواسية هنا كاسنان المشط)... حاول ان تفكر في اخر فيلم شاهدته وظهر فيه عربي، ماذا ترى؟ لحية سوداء، كوفية وعقال، نظارات سوداء... وفي خلفية الصورة سيارة ليموزين وحريم وخدم وابار نفط وجمال وصحراء... او شاب يحمل رشاش كلاشينكوف والحقد الاعمى يتطاير من عينيه وكلمة الله على شفتيه... اليس هذا ما تراه ؟ وقد خصصت الفلسطينية جاكلين سلوم (المولودة في ديربورن ميشيغان) عدة افلام قصيرة لفضح هذه الصورة عن العرب (وهي استفادت من كتاب شاهين) اخرها واشهرها فيلم: <<كوكب العرب>> (حاز على عدة جوائز سينمائية عالمية) الذي يستعيد في تسع دقائق اشهر اللقطات الهوليوودية التي تظهر العرب بالصورة التي وصفها جاك شاهين... (فيلم رائع يستحق المشاهدة والعرض في الجامعات والمدارس والاندية ويمكن مشاهدته وتفريغه على موقع جاكي سلوم الالكتروني، كما غيره من افلامها الرائعة)... المهم ان جاك شاهين يسأل الاميركيين هذا السؤال الصريح: متى كانت اخر مرة شاهدت فيها عربيا طبيعيا، رجلا او امرأة، يعمل ويشقى ويتعب لتحصيل قوته ويعود مساء الى منزله بين اهله واولاده، يضحك ويغني، يبكي ويتألم، يحب ويحلم يلعب الكرة مع اولاده ايام العطل، يصلي في الكنيسة او المسجد مع اترابه... باختصار رجلا او امرأة مثل كل الرجال والنساء تحب ان يكون من جيرانك او اصحابك؟... وبالمقابل هل ترغب في ان يكون جارك او الساكن في شارعك واحدا من هؤلاء العرب الذين تشاهدهم في افلام هوليوود؟؟؟
وقد تعمد جاك شاهين في كتبه ومحاضراته ان يركز على ان العرب الاميركيين مسيحيون في الغالبية منهم (اكثر من 60%) وهذه مسألة يجهلها حتى المتعلمين والمثقفين من الاميركيين الذين يجهلون مثلا ان الله هو نفس الاسم الذي يستخدمه المسيحيون العرب في صلاتهم وفي تعبيرهم عن الاله !!! والنقطة التي يحاول شاهين شرحها للاميركيين هي ان اغفال هوليود في افلامها صورة الاميركي الاسود او الهندي الاحمر او الياباني الاصفر او اليهودي، كرجل عادي طبيعي، ساهم في تغذية العنصرية والكره للاخر المختلف وذلك من خلال ادامة سوء الفهم والافكار المسبقة والصور النمطية السلبية والشريرة.. وان هذا الامر هو بالضبط ما يستمر ويتكرر بالنسبة للعرب بعد ان صار تشويه صورتهم وجعلها شيطانية لا انسانية مجالا للتنافس في افلام هوليوود... ويقول شاهين ان قيام السلطات الاميركية في شباط 1942 باعتقال واحتجاز اكثر من 100000 اميركي من اصل ياباني في معسكرات خاصة لم يستثر اي رد فعل لدى عامة الاميركيين... تماما كما ان استعباد السود وحرمانهم ابسط الحقوق الانسانية والمدنية وشنقهم والاعتداء عليهم، او ابادة الهنود الحمر، او الهولوكوست الاوروبي بحق اليهود، ما كان له ان يستمر من دون سؤال او معارضة كل تلك العقود لولا ما خلقته السينما والصورة والصوت من اوهام واساطير عن هؤلاء الاشرار... ذلك ان الاميركي العادي يمضي معظم وقته امام الشاشة الكبيرة او الصغيرة، وثقافته اليومية هي من صنع التلفزة والسينما.. كما ان افلام هوليوود تصل اليوم الى كل انحاء العالم وليس فقط الى المتفرج الاميركي... ويقول شاهين انه منذ منتصف الثمانينيات تعيد محطات التلفزة الاميركية اسبوعيا برمجة وبث حوالى 15 الى 20 فيلما قديام يظهر فيها العرب بصورة الوحوش... مثل فيلم الشيخ (1921)، المومياء (1932)،
القاهرة (1942)، السيدة الحديدية (1953)، سفر الخروج (1960)، الحصان الاسود (1979)، بروتوكول (1984)، القوة دلتا (1986)، ارنست في الجيش(1997)، وقواعد الاشتباك (2000)... والجدير ذكره هنا ان شاهين تعمد مسح الافلام التي انتجت قبل 11 ايلول 2001 وذلك للتأكيد على ان حالة مسخ صورة العرب لا علاقة لها ببن لادن او صدام حسين او بوجود حرب اميركية عربية ما... وهو يعقد مقارنة بين صورة العربي اليوم في هوليوود وصورة اليهودي في سنوات النصف الاول من القرن العشرين: حواجب كثة، انف طويل معقوف، ثياب مختلفة (روب اسود لليهود وجلابية بيضاء للعرب)، جشع مادي وشهوانية جنسية، استعباد للنساء وحب للسيطرة على العالم، عبادة اله مختلف، قتل الابرياء... الخ... ويرى شاهين ان تلك الايام التي كان فيها اليهودي يرمز الى كل ما هو منحط وخسيس وقذر وحقير قد ولت وحل محلها العربي والمسلم فكأن العداء للسامية يستمر مع العرب اليوم علما انه لم يتوقف ابدا حيالهم وكما سبق القول اذ هو ابتدأ منذ بداية السينما واستمر معها وتطور الى صورته الراهنة. ويورد شاهين اسبابا عدة لاستمرار صناعة الكراهية هذه في السينما الاميركية لاكثر من قرن ومنها الاسباب السياسة (كما في حال المخرجين والمنتجين الصهاينة امثال مناحيم غولان ويوران غلوبوس وافلامهما الشهيرة مثل القوة دلتا وكتيبة الجحيم الخ...)، الكره فعلا للعرب والمسلمين، صندوق المال حيث ان هذه الافلام تستدر ارباحا جيدة، واخيرا غياب العرب الاميركيين عن الصناعة السينمائية... وكما يقول سام كين في رسالة له عام 1986 وجهها الى جمعية رسامي الكاريكاتور الاميركيين: <<يمكنك ان تضرب وتصيب العرب الى ما شاء الله وبحرية تامة ومجانا، انهم هنا مجانا كأعداء وكأشرار (ببلاش)، في حين انه لم يعد بامكانك ان تفعل نفس الشيء مع يهودي او اميركي اسود>>... وفي مقارنة اخرى يقول شاهين كيف انه وخلال ساعات فقط من الاعلان عن حادثة تفجير المبنى الفيدرالي في اوكلاهوماسيتي كان العرب هم المتهمون والضحية اذ حصلت اكثر من 300 حادثة اعتداء عليهم دافعها الكراهية العنصرية بتأثير الصور النمطية المشوهة... وفي استعراض سريع لتأثير الصور النمطية على الشبان والشابات العرب في اميركا يورد شاهين عدة مقابلات واقوال يظهر فيها حرج وخجل العرب من الاعلان عن انفسهم كعرب في تجمعهم ومحيطهم... ولا يقتصر ذلك على الشبان والشابات في المدارس والجامعات... لا بل ان ممثلا شهيرا حاز على جائزة الاكاديمية للتمثيل (1984) عن دوره في الفيلم الرائع اماديوس (الذي يروي قصة حياة وموت موزارت) يخفي اسمه العربي، وهو فريد موراي ابراهيم، ليصبح ف. موراي ابراهام... ويقول لاحقا >>عندما ابتدأت التمثيل لم استطع استخدام اسمي فريد لانني كنت ساحصل حينها فقط على ادوار العربي الذي يقتل كل الناس... ولو انني جئت باسمي فريد ابراهيم لما حصلت على اي دور مهم>>... (الحقيقة انني كنت وما زلت من اشد المعجبين بهذا الممثل وخصوصا دوره في فيلم موزارت وانا نفسي فوجئت حين اكتشفت انه عربي وذلك بعد قراءة كتاب شاهين)...
لم تخلق هوليوود تلك الصور النمطية السلبة عن العرب، فهي كانت اولا من صنع الاستشراق الاوروبي الذي درسه وحلله ادوارد سعيد في كتابه الشهير (الاستشراق)... لقد صوّر الكتاب والرسامون الاوروبيون بلاد العرب في صورة الصحاري القاحلة المميتة، والقصور الفاسدة المنحطة، والاسواق المكتظة الوسخة والفوضوية... اما الوجوه فكانت وجوه ذلك الاخر الكسول الملتحي الوسخ والجهنمي... وفي كتب المستشرقين صورة العربي التاجر المحتال والعاشقات الشبقات والجواري في اسواق النخاسة... وصار كل ذلك جزءا من الثقافة الشعبية الاوروبية التي لم تعد ترى العربي الا بواسطة نظارات الف ليلة وليلة (اكثر الكتب ترجمة الى لغات العالم بعد الكتاب المقدس)...وفي مطلع القرن العشرين نقل المصورون الاوروبيون هذه الصورة الى السينما الصامتة وخصوصا الفرنسي جورج ميلياس (فيلم قصر الليالي العربية 1905) في تصويره للصحراء والحسناوات الراقصات في حريم الرجل العربي البشع راكب الجمل وحامل الخنجر يقتل به ليسطو على قافلة ويغتصب امرأة غيره غير مكتف بالحريم والجواري التي عنده!!! ومنذ ذلك اليوم لم تتغير تلك الصورة وانما اضيف اليها الاسلحة الحديثة ومخططات القتل الجهنمية والارهاب وخطف واحتجاز الرهائن في طائرات او صواريخ عابرة للقارات... ويقدم لنا كتاب جاك شاهين عرضا ونقدا لاكثر من 900 من هذه الافلام ظهرت في الفترة ما بين 1896 و2001. وقد زار لغرض اتمام كتابه مراكز ابحاث عديدة لمشاهدة ودراسة افلام نادرة وقديمة، غير متوفرة في التلفزيون او في مراكز الفيديو... وزار المكتبات والارشيفات والمتاحف وكل ما له علاقة بصناعة السينما وتوثيق الافلام... كما انه قرأ وراجع عشرات ومئات الكتب والمقالات والدراسات... وقام بتوثيق وتسجيل ملاحظاته وانتقاداته ومراجعاته واستمر في عمله هذا لاكثر من عشر سنوات (من اواخر الثمانينات حتى عام 2001)... وهو يقدم خلاصة عن محتوى هذه الافلام ويعطينا الملامح العامة التالية لصورة العربي فيها:
1 العرب هم الاشرار، الابالسة، يهاجمون ايا كان، وهم مهابيل وسخفاء... تضحك منهم وتسميهم قردة وكلابا... وهم جشعون يركضون وراء المال والربح كما انهم شهوانيون لا يتعبون من الجنس والجواري والحريم ونظرتهم الى المرأة نظرة استعباد واستمتاع... وهم عموما يكرهون اميركا والاميركيين بالفطرة (لانهم يكرهون نمط الحياة والحرية والديموقراطية الاميركية على حد قول بوش في احد خطاباته)... وتصوير كره العرب للاميركان هو المقدمة الطبيعية لتمرير استسهال قتلهم وذبحهم ذبح النعاج في غارات شهدنا مثيلا لها في العراق وافغانستان... في فيلم قواعد الاشتباك (2000) يظهر الاطفال اليمنيون وهم يقتلون الاميركيين... وفي المشاهد الاخيرة للفيلم يفتح المارينز النار على مظاهرة سلمية لاطفال ونساء اليمن وسط تهليل وصراخ وتصفيق المشاهدين في دور العرض... حتى ان مدير انتاج الفيلم (فريدكين) تباهى بانه شاهد الاف المشاهدين يقفون ويصفقون لهذا المشهد في طول البلاد وعرضها (على ما نقل مراسل صحيفة الاندبندنت الانكليزية في عدد 30 تموز 2000)... وقد حظي هذا الفيلم بدعم وتعاون وزارة الدفاع وقيادة المارينز... كما ان هناك اكثر من 15 فيلما خرجت بعد حرب الكويت (1991) حظيت ايضا بهذا الدعم وهي تظهر العرب اعداء للاميركيين وقتلة بدائيين (مثل افلام: اكاذيب حقيقية 1994، قرار تنفيذي 1996، ضربة الحرية 1998 )...
2 العربي هو الشيخ القبيح المنظر الكريه الاخلاق والسلوك: حتى ان الاميركيين لا يعرفون ما تعنيه كلمة شيخ بالعربية (من عمر وحكمة وخبرة في الحياة)... وقد أحصى شاهين اكثر من 160 فيلما، الشيخ فيها عجوز متصابي يلاحق النسوان لاغتصابهن، وهو مثال البخل مع الجشع ايضا... ويستعرض الكتاب عشرات الافلام الصامتة التي اخرجت في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وهي كلها تحمل هذه الصورة النمطية عن الشيخ... ثم يقارن بينها وبين الصورة التي نقلتها افلام القرن العشرين، وحتى الواحد والعشرين ايضا... فاذا هي نفس الصورة لم يتغير فيها سوى الالوان والنطق...
3 الجواري: لا تظهر المرأة العربية الا في صورة الجارية والخادمة والحريم والعبيد او راقصات البطن والخلع، او البدينات المتسربلات بالحجاب والنقاب المتعثرات في مشيهن المرتبكات في كلامهن... وفي افلام حديثة هن ارهابيات لا شفقة ولا رحمة في قلوبهن... وفي مطلق الاحوال هن تابعات ذليلات للرجل الذي يملك الحق في ان يفعل ما يشاء من دون ان يسائلنه او يناقشنه او يرفعن العين في وجهه...
4 المصريون: وهوليوود تمسخهم في شكل كاريكاتوري حيث يظهرون في اكثر من 100 فيلم وفي العقود الاخيرة كانوا الشخصية المفضلة للمسخ والتشويه في افلام المغامرات من نسخ انديانا جونز او افلام المومياء (وقد ظهر منها حوالى 26)... هذا ناهيك عن افلام كليوباترا (حوالى 15)... ويقول شاهين ان هوليوود لم تسمع مثلا بنجيب محفوظ او روز اليوسف او العشرات والمئات من الكتاب والمثقفين والفنانين... او حتى بالشعب المصري الطيب البسيط في ارضه او متجره او مدرسته او جامعته!!!
5 الفلسطينيون: وقد شاهد شاهين تحت هذا العنوان حوالى 45 فيلما اكثرها خطير ومضلل... اكثر من نصف هذا العدد خرج في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين... 19 منها في الفترة بين 1983 و1989. تسعة بين 1990 و1998. وتغيب عن افلام هوليوود <<الفلسطينية>> صورة الفلسطيني العادي، او الضحية المظلوم ، فهم كلهم (نعم بدون استثناء) اشرار مجانين بينما كل الاسرائيليين هم طيبون وعقلاء... نصف الافلام عن الفلسطينيين (28) صورت في <<اسرائيل>>... الفلسطيني هو المثال المعبر عن الارهاب والوحشية والجنون القاتل واللاعقلانية...
6 العداء والتشويه المجاني: في اكثر من 250 فيلما لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالاسلام او العرب او الشرق الاوسط، يظهر العربي هكذا، ومن دون اي داع او مقدمات، في صورة الشيخ القذر المنحط او المصري الجشع او الفلسطيني الارهابي... في مئات السيناريوهات التي لا علاقة لها بالعرب او الشرق الاوسط يقفز امامك عربي ما، يقتل او يغتصب، هكذا دون مبرر او سياق... ويسمي شاهين ذلك بالكره المجاني... وهو يذكر هنا مخرجين عمالقة وقعوا في هذا الامر ابرزهم فرنسيس فورد كابولا وريدلي سكوت، مستشهدا بافلام مثل الحصان الاسود (1979)، والعودة الى الماضي(1985)، وشرلوك هولمز الصغير (1985) والجندي جاين(1997)...
50 فيلما فقط
لا يكتفي شاهين باستعراض الافلام التسعمئة التي تسيء الى العرب وتنقل صورة بشعة عنهم، بل هو يعطي السينمائيين المميزين حقهم ويعرض لنا بعض الافلام التي نقلت صورة العربي كما هو ، اي من دون خيال واسطرة وابلسة وتدليس... فهو يبدأ من فيلم لص بغداد (1924) الجميل والشهير، ومن الدراما الواقعية المجهولة <<صحارى>> (1943)، ليقول ان البحث عن صورة طبيعية واقعية للعربي في افلام هوليوود كان اشبه بالبحث عن الواحة والماء في صحراء قاتلة... الا انه كوفىء على جهده باكتشافه اكثر من 50 فيلما لا يظهر فيها العربي كشرير (اي 5 من مجموع الافلام التي راجعها في كتابه)... ولعل اشهرها افلام: انشودة الصحراء (1929)، علي بابا والاربعين حرامي (1944)، الملك ريتشارد والصليبيين (1954)، ابن سندباد (1955)، الخيمة السوداء (1956)، علاءالدين والفانوس السحري (1969)، مدام روزا (1977)، أسد الصحراء (1981)، خلف الجدران (1984)، روبن هود امير اللصوص (1991)، كأس العالم (1992 وهذا فيلم اسرائيلي تدور أحداثه خلال الاجتياح الاسرائيلي لبيروت صيف 1982)، المحارب الثالث عشر (1999)، ثلاثة ملوك (1999)... وغيرها... (ويمكن هنا اضافة الافلام التي خرجت في السنوات الاربع الماضية مثل مملكة السماء، وسيريانا ، وميونيخ )...
وبعد: فلقد اّن الاوان لكي تتخلى هوليوود عن حربها غير المعلنة على العرب، ولكي تكف عن تصويرهم في هكذا صور شيطانية مسيئة... وكل ما يطلبه جاك شاهين من صانعي الافلام الاميركيين هو ان يكونوا عادلين وان ينقلوا صورة العربي كما هو، بخيرها وشرها، عجرها وبجرها، كانسان عادي مثله مثل كل البشر... وهو ينقل كلاما قاله له رئيس شركة افلام دريم ووركز (جفري كاتزنبرغ):>> كل واحد منا في هوليوود لديه فرصة لكي يتحمل المسؤولية الشخصية الكاملة عن صنع افلام تعلي من شأن البشر بدل ان تخفض، تلقي الضوء بدل ان تلعب في الظلام، وتهدف الى اذكاء أسمى الغايات الانسانية المشتركة بين الناس بدل ان تؤجج أحقرها>>... وشاهين يرى ان كتابه يساعد على اقامة الحجة وتحميل صانعي الافلام المسوؤلية عن اعمالهم اذ هو يكشف بالوقائع والتفاصيل هذه الجريمة فلا يعود هناك من مبرر او حجة للقول باننا لم نكن نعرف!!! غير انني من نقاش وحوار معه ومع الطلاب في احدى الجامعات الاميركية استنتجت بان هناك مسؤولية كبيرة تقع على العرب والمسلمين في اميركا، وعلى الاميركيين منهم تحديدا... واقترح في هذا المجال ان يبادر العرب الاميركيون الى تشكيل هيئات تعنى بمتابعة وتوثيق كل ما يسيء الى العرب والمسلمين في السينما ووسائل الاعلام الاميركية والى ملاحقة ذلك قضائيا واعلاميا تماما كما تفعل الهيئات اليهودية حيال موضوع معاداة السامية... وهذا الامر يتطلب بالطبع مالا وامكانيات لا اعتقد ان الدول العربية تعجز عن تأمينها خاصة بعد صدور قرار عن قمة بيروت العربية بتخصيص مبالغ من المال العربي للاعلام في الخارج... وليس المطلوب الاعلام الشعاراتي العربي المكرر والمستهلك وانما دعم اعمال مثل كتاب شاهين وافلام جاكي سلوم والعشرات غيرهما من العرب الاميركيين...

 


سعود المولي
عن السفير 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...