82% ممن في السن المناسبة لا يدخلون رياض الأطفال

82% من أطفال الرياض خارجها رقم يستحق الوقوف عنده كثيراً ودراسته لما يمثله من أهمية بالنسبة لمستقبل أطفالنا, رقم يجب قراءته بتمعن وتعمق من قبل أهل الاختصاص

لما له من دلالات أكثر أهمية مما نتصور, ويطرح عشرات الأسئلة والاستفسارات منها: هل هو عدم وعي الأهل لهذه المرحلة? أم أن للمستوى الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي للأسرة دوراً في ذلك? أم لأن رياض الأطفال ما زالت خارج السلم التعليمي والتعليم فيها مأجور واختياري?.‏

وبطريقة الحوار المفتوح عبر بعض الأهالي عن موقفهم من رياض الأطفال حيث يرى البعض أن أسعارها خيالية وبحاجة إلى وساطة لحجز كرسي فيها حيث يشترط دفع القسط الأول وهو القسط الأكبر وفي حال عدم تأقلم الطفل ورفضه الذهاب إليها لا يعاد القسط للأهل وهنا يضطرون آسفين للضغط على طفلهم للمتابعة في الروضة وهذا يولد عنده نفور وكره للتعلم والتربية.‏

وقال آخرون: بعض الرياض تفتقر إلى أدنى الشروط الصحية وهي مجرد سجن للأطفال ريثما تعود الأمهات من عملهن وهنا إيداع الطفل عند بيت الجيران أو في بيت الجد أرحم وأوفر?!.‏

بالتعاون مع وزارة الصحة وهيئة تخطيط الدولة والمشروع العربي لصحة الأسرة واليونيسيف قام المكتب المركزي بتنفيذ المسح العنقودي متعدد المؤشرات في الجمهورية العربية السورية (2006) ويظهر المسح أن (7,5%) من الأطفال في عمر (36-59) شهراً يحضرون في مدرسة تمهيدية للتعليم المبكر وقد ظهر فارق بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية حيث بلغت نسبة الأطفال الذين يحضرون المدرسة التمهيدية 9,7% بين أطفال الحضر مقابل 5,4% بين أطفال الريف وينتشر حضور المدرسة التمهيدية بين أطفال محافظة السويداء في عمر (36-59) شهراً 719,% ويبلغ أدنى مستوى له في محافظة الرقة 1% ويظهر فارق طفيف تبعاً لجنس الطفل حيث بلغ لدى الأطفال الذكور 7,9% مقابل 7,2% بين الأطفال الإناث, لكن ظهر فارق كبير تبعاً للمستوى الاجتماعي والاقتصادي فهناك 1,18% من الأطفال الذين يعيشون ضمن أسر معيشية غنية يحضرون مدارس تمهيدية وتنخفض النسبة إلى 3,6% للأسر المعيشية الفقيرة كما لوحظ وجود فارق في نسبة الحضور في الفئتين العمريتين للأطفال حيث بلغت ,910% للفئة العمرية (48-59) شهراً وتنخفض إلى 5,1% في الفئة العمرية (36-47) شهراً.‏

وهناك ,623% من الأطفال في عمر 6 سنوات الذين يحضرون الصف الأول الابتدائي حالياً كانوا يحضرون في مدرسة التعليم القبلي في العام السابق, وكانت نسبة الأطفال الذكور (,834%) مقابل (,132%) إناثاً و ,040% من أطفال الحضر الذين يحضرون الصف الأول الابتدائي حالياً كانوا يحضرون مدرسة تمهيدية في العام السابق مقابل ,825% بين أطفال الريف كما ظهرت فوارق كبيرة تبعاً للمحافظات فمثلاً ,452% من أطفال دمشق الذين يحضرون الصف الأول الابتدائي كانوا يحضرون مدرسة تمهيدية بينما حضر ,822% فقط من نظرائهم في مدرسة تمهيدية في محافظة حلب وللمستوى الاقتصادي والاجتماعي صلة وثيقة بالاستعداد للمدرسة, فنجد أن النسبة ترتفع من 8,18% بين أطفال الأسر المعيشية الفقيرة إلى ,549 % بين أطفال الأسر المعيشية الثرية ومن ناحية أخرى ظهر فارق كبير تبعاً لمستوى تعليم الأم حيث بلغ ,221% لأطفال الأمهات غير المتعلمات لترتفع إلى ,257% بين أطفال الأمهات المتعلمات تعليماً عالياً.‏

السيدة حربية البيضة رئيسة مكتب رعاية الطفولة تقول: تشكل مرحلة الطفولة المبكرة في سورية من عمر (0-9 سنوات) حوالي (,427%) من إجمالي عدد السكان لعام 2004 هذه النسبة تزيد من ضرورة الاعتماد على هذه المرحلة كونها مخزوناً استثمارياً إستراتيجياً فيما لو تم استثمارها بالشكل الأمثل وتنتشر رياض الأطفال في المدن أكثر من الريف وتتولى وزارة التربية وضع برامجها ومناهجها وأنظمتها والإشراف عليها ومازال معدل الالتحاق في رياض الأطفال ضعيفاً حيث بلغ عدد الرياض 1475 روضة عام 2004 تضم في رحابها 146403 أطفال أي ما يعادل 11% تقريباً من الأطفال من عمر (3-5 سنوات) وفي عام 2008 أصبح 18%.‏

وبينت الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010) المشكلات التي تواجه الطفولة في سورية وكانت:‏

1-ضعف التنسيق في البرامج القطاعية وعدم تطوير الأطر المؤسساتيه اللازمة لرعاية الطفل وتنميته وتمكينه.‏

2-ضعف الاهتمام بمرحلة التعليم ما قبل الأساسي وتفاوت الخدمات الصحية والتعليمية للأطفال.‏

3-عدم وجود خطة وطنية للعناية بالطفولة.‏

4-استمرار ظاهرة التسرب بين الأطفال وخاصة الإناث.‏

وضمن السعي لتطوير رياض الأطفال صدر المرسوم التشريعي رقم /55/ لعام 2004 الخاص بتنظيم المؤسسات التعليمية الخاصة بالتعليم ما قبل الجامعي بهدف تحسين واقع رياض الأطفال (تحسين نوعية التعليم وجودته, وتدريب وتأهيل المشرفات).‏

الباحث الاجتماعي خالد الأشقر يقول: دعا العديد من علماء النفس (فرويد,بلوم, بياجيه) إلى الاهتمام بهذه المرحلة لأنها تشهد تطورات عقلية ونفسية وخلقية وجسدية لذا سميت بسن العبقرية أو مرحلة الخصوبة والمرحلة الذهبية وهنا تبرز حتمية دخول الطفل الروضة فالأطفال الذين يدخلون روضة الأطفال يكونون أكثر قدرة على التعلم وأفضل تحصيلاً من سواهم عند التحاقهم بالمدارس الابتدائية, وهذا ما أكدته عدة دراسات أجريت منها ما أجراها الدكتور عصام جانو والدكتور عبد الرزاق قدورة والدكتور فاخر عاقل وغيرهم بهذا الصدد ولروضة الأطفال ضرورة قصوى بسبب خروج المرأة للعمل والانتاج كما أنها أكثر ضرورة بالنسبة للأسر الفقيرة حيث لا تستطيع الأسرة تأمين جميع احتياجات الطفل من ألعاب ووسائل تعليمية ورحلات وزيارات بسبب نقص إمكاناتها المادية والمعنوية.‏

ويتفق الباحث الاجتماعي يحيى افنيخر دبلوم دراسات عليا (رياض أطفال) مع الباحث الأشقر مؤكداً أهمية مثل هذه المؤسسات في الدول الفقيرة حيث تؤمن بعضاً من وظيفة الأسرة كالعطف والرعاية والإشباع النفسي, ورداً على السؤال المطروح ماالمطلوب من الروضة? يقول الباحث: على رياض الأطفال الاهتمام بالأمور الصحية للطفل واكسابه العادات المقبولة اجتماعياً والتي تساعده على النمو العاطفي وتنمية روح الاستقلال, والعمل على إعداده للمرحلة المقبلة كل ذلك يأتي من خلال الأنشطة التي يجب توفرها في الروضة ومن خلال الحرية التي تمنح للطفل.‏

وعندما نتحدث عن مشرفة الروضة فإننا نتحدث عن مربية اكتسبت من الخبرة والإعداد ما يجعلها قادرة على التعامل مع مختلف الأطفال ونتحدث عن المربية لا المربي لأن المرأة أقدر على التعامل مع الطفل في هذه المرحلة وتفهمه ولو دققنا في الواقع الحالي لمعظم مربيات الأطفال نرى أن معظم المربيات في الروضة هن من الفتيات اللواتي أنهين الدراسة الإعدادية أو حصلن على شهادة الدراسة الثانوية, ولو أن المستوى التعليمي ومن خلال الدورات يمكن من خلاله الوصول إلى مربية روضة يبقى التخصص في هذا المجال ضرورياً, حيث يحتاج الطفل في هذه المرحلة إلى من يفهمه ويتعامل معه وفق أسس علمية تساعده في نموه العام ولبناء الروضة شروط لا بد من توفيرها, والأماكن التي تشغلها بعض الرياض حالياً عبارة عن شقق سكنية لا تتوفر فيها الشروط المطلوبة.‏

أخيراً للانصاف هناك عوامل عدة بجانب الروضة كالأسرة ووسائل الاتصال المتعددة المرئية والمسموعة والقيم والممارسات الثقافية والعادات تدخل بالاعتبار من حيث تأثيرها على الطفل وتأثيرها على ما يمكن تحقيقه من خلالها.‏

رويدة سليمان

المصدر: الثورة