هل يضطر «حزب الله» الى شهر اسلحة جديدة اذا طال الحصار؟

14-07-2006

هل يضطر «حزب الله» الى شهر اسلحة جديدة اذا طال الحصار؟

العملية نوعية جداً ولعلها الاكثر تقنية وحرفية في عمليات المقاومة, ولأنها صدمت القيادة الاسرائيلية فقد شكلت الصاعق لردة فعل في حجم الصدمة. والسؤال: هل يضطر «حزب الله» الى شهر اسلحة جديدة اذا طال الحصار؟

عندما نفذت مجموعة من المقاومة عملية اسر الجنديين الاسرائيليين كانت تأخذ في الحسبان رد الفعل الاسرائيلي ولا سيما ان التخطيط للعملية ولاحقاً التنفيذ كان يجب ان يكون حسب التعبير العسكري «نظيفا» بحيث تنجح العملية من دون اي خسائر في الجانب المهاجم.
والواقع ان العملية في حد ذاتها تعتبر من اكثر العمليات التي نفذتها المقاومة نوعية, بحيث تمكنت المجموعات المشاركة في العملية من خلال التنسيق الجيد والضبط والربط الكامل فيما بينها وبين القيادة ان تستثمر كل ثانية من لحظة رصد الدورية حتى انتهاء العملية, اذ قامت مجموعة بضرب مدرعتي «الهامر» بينما كانت العناصر الاخرى متحفزة للانتقال عبر الشريط والتقاط الجنديين وسحبهما والابتعاد بهما الى نقطة الدعم اللوجستي بحيث جرى نقلهما سريعا الى مكان آمن قبل ان تستفيق قيادة العمليات الاسرائيلية من الصدمة واعطاء الاوامر لقطع الطرق.
ولعل المفاجأة الثانية التي سجلتها المقاومة هي لحظة محاولة تقدم دبابة ميركافا كطليعة قوة في اتجاه الاراضي اللبنانية متجاوزة الخط الازرق, باعتقاد عسكري بأنه لا يمكن ان تكون هناك مجموعة اخرى ترصد الحركة الاسرائيلية, وكأن الهم الوحيد هو التخفي بعد تنفيذ الاسر, فكان ان اصيبت بصاروخ دمرها وقتل من فيها €4 جنود€ بعد ان كان ثلاثة آخرون قتلوا في سيارتي الهامر اللتين سحب الاسرى منهما. وإذا كانت الاشتباكات قد تطورت بعد هزيمتين متتاليتين في ارض المعركة بالمواجهة المباشرة فإن ذلك يعني ضربة قوية للنظريات العسكرية والامنية الاسرائيلية في آن, وهذا باعتراف اسرائيلي استخباراتي تحدث عن اختراق «حزب الله» للاتصالات الدقيقة للقوات الاسرائيلية تمكن من خلاله تحديد ما يريد وأعد القوة اللازمة لتنفيذ العملية, فنجح في الاشتباك, وأخذ الاسرى ودمّر القوة المحمولة ومنع تحرك الاسناد والدعم خلال وقت كان كافيا للابتعاد بـ«غلة الصيد الكافية» لمبادلة الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية وعلى رأسهم عميد الاسرى سمير القنطار تنفيذا لوعد قطعه امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله بالعمل على تحريره ورفاقه قبل نهاية العام 2006 بحيث تكون اليد مملوءة للتفاوض. فكان «الوعد الصادق», وهو ما اكده نصر الله باستعداد الحزب لفتح عملية تفاوض غير مباشرة مع الاسرائيليين.
العملية شكلت في حد ذاتها ضربة موجعة جدا للجيش الاسرائيلي ومخابراته في آن ولا سيما ان احتياطات واسعة اتخذت لمنع الاسر منذ فترة طويلة مع تعليمات مشددة للجنود باتباع خطط لعدم الوقوع في الاسر, ولذلك فإن اسرائيل رأت, كما يرى اي جيش في العالم وأي استخبارات ايضا انه لا بد من رد فعل يعيد الاعتبار الى معنويات الجنود التي تآكلت سريعا, ليس بفعل الضربة فحسب, بل وبمنع اي قوة من التقدم ايضا لسحب القتلى الاربعة من ارض المعركة من داخل الدبابة المدمرة وهم ما زالوا في مكانهم في انتظار وقف لاطلاق النار طلبه الاسرائيليون على ان يكون في نطاق مسرح العملية إلا ان «حزب الله» رفض ذلك وطلب وقفا شاملا لاطلاق النار.
ولأن اسرائيل فشلت في ذلك وسعت نطاق عمليات القصف تدريجيا كي تستثمر كل شيء في توظيف سياسي يصل الى تطبيق القرار 1559, ونزع سلاح المقاومة ونشر الجيش اللبناني على الحدود, من خلال اعتبار العملية اعلان حرب يجب ان تنتهي الى نتائج سياسية طالما سعت اليها وتوخت تحقيقها. وهنا اتخذت اسرائيل القرار السياسي بخطوة «حربية عميقة ومؤلمة».
انها حرب مفتوحة وليس ما يدل على أن «حزب الله» سيوافق على تحطيم نفسه عبر الخضوع مهما تعاظمت الضربات, وكذلك فهو يعتبر ان ما استخدمه من قوة نارية صاروخية هو أول «الغيث» لأن ادارة اي معركة مهما كانت لا يمكن ان تلقي بكل الاسلحة دفعة واحدة وإلا لن تتحقق المفاجأة التي تحدث عنها.
والمفاجأة قد لا تكون فقط باستهداف المدن الكبرى مثل حيفا او عكا وإنما عملية برية يسجل فيها نقطة تقدم كبيرة تفرض اعادة تكوين شروط جديدة للتفاوض.
 

يونس عودة

المصدر ـ الكفاح العربي
 
 
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...