مباشر من لبنان

16-07-2006

مباشر من لبنان

التحق لبنان وبقوة بركب المشاهد العنيفة الدامية المتواترة من العراق وفلسطين وطغت صور الطائرات الاسرائيلية والحرائق والانفجارات على المشاهد التي كانت تتواتر عادة من لبنان، وبدا الجميع يستعيد مع الصور المبثوثة مباشرة من مطار بيروت والضاحية والجنوب، لبنان السبعينات والثمانينات بعد أن ساد الاعتقاد أن تلك لم تعد سوى صور من الماضي.

تصاعدت الأمور بشكل درامي...

بوغت الجميع بخبر أسر حزب الله لجنديين اسرائيليين، ولم تكد التلفزيونات تبث صور توزيع بعض اللبنانيين الحلوى فرحاً بـ«الكرامة المستعادة»، على حدّ ما اعتبر حزب الله وجمهوره، حتى بدأ اللبنانيون والعالم يتابعون على الهواء وقائع العقاب الجماعي الذي بدأته اسرائيل بحق اللبنانيين.

بات لبنان اليوم هو الخبر.. ولم تتوان وسائل الإعلام العربية والعالمية عن مواكبة الحدث وإن تفاوتت المعالجة بشكل كبير. التيار العام في تغطية الإعلام الغربي ركز على الأزمة من زاوية عملية حزب الله وردّ الفعل الاسرائيلي عليها، أما الإعلام العربي فبدا التركيز على التطورات الميدانية والسياسية هو الغالب.

بعض الإعلام اللبناني تعثر في بدايات تغطية الحدث، لكن ما لبث أن تساوى الجميع في إيلاء الحرب المستجدة الأولوية المطلقة في التغطية، بعد أن عملت الآلة الاسرائيلية على دكّ البنى التحتية وقتل الآمنين. لكن الشاشات لم تنقل الصورة كاملة، فخلف مشهد القصف الاسرائيلي وانهمار صواريخ الكاتيوشا على شمال اسرائيل، تتفاعل أزمات وانقسامات داخلية. فإلى جانب مشاهد اللبنانيين وهم ينزحون أو يبحثون عن الخبز الذي انقطع من الأفران، يسود حال من الاحتقان الغير مسبوق ... لقد لابس هذه المرة الجزم بإجرام اسرائيل انخفاض في مستوى الحماسة في مواجهة هذا الإجرام وظهر ذلك جلياً في الإعلام. إذ مقابل الإجماع على بطش الآلة العسكرية الاسرائيلية، هناك احتقان فعلي حول قضية مسؤولية حزب الله عن إدخال لبنان في مغامرة خطيرة وقاتلة من هذا النوع. وهذا التساؤل امتنعت كثير من وسائل الإعلام عن طرحه إلا بشكل موارب وخجول.

ليس مصادفة أن يعمد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حين أعلن في مؤتمر صحافي أسر الجنديين الاسرائيليين أن يخصص الإعلام بحيزّ من كلامه ويدعوه إلى تغطية لا تنال من المقاومة ومن الوحدة وأن يؤجل النقاش حول صوابية ما أقدم عليه الحزب إلى ما بعد انتهاء الأزمة. مخاطبة نصر الله للإعلام نبعت من إدراكه أن ظهره غير محمي بالكامل على هذا الصعيد في ظل الانقسام السياسي والطائفي اللبناني. وليست من خلال السياسة وحدها، بل حتى من خلال المشاهد والوقائع المبثوثة على الشاشات، بدا لبنان كله رهينة أسيرين اسرائيليين وهي مقايضة مجحفة بحق اللبنانيين.


المصدر: الشرق الأوسط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...