شطارة تأمينية لوزارة المالية

18-07-2006

شطارة تأمينية لوزارة المالية

سبقت وزارة المالية سواها من وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها، وكان لها «امتياز » توطين استطلاعات الرأي كأسلوب جديد يساعدها في اتخاذ القرار باتجاه أكثر صوابية ودقة.
وكانت البداية باستطلاع عبر موقعها على شبكة الانترنت، حول الحد التصالحي الذي تدفعه شركات التأمين لورثة الذين يقضون في حوادث السير، وهل من ضرورة لرفعه من 300 ألف ليرة سورية إلى مليون ليرة...؟
إلا أن سؤال «المالية» المطلوب الاجابة عنه لم يكن موفقاً في صياغته  إلى الحد الذي بدا فيه أنه بحاجة إلى استطلاع آخر لمعرفة عدد الذين فهموا القصد منه، ليتمكنوا بالتالي من الاجابة عنه، بشكل يعطي السائلين إجابات شافية تساعد فعلاً على اتخاذ القرار المناسب، بشأن مسألة إشكالية، فيها من جانب ما ،انتقاص من «سعر» الضحية والمحدد لدى «السورية للتأمين» بـ 300 ألف ليرة سورية فقط، وهو رقم يقل  كثيراً عما تدفعه هذه المؤسسة ، ثمناً لإصلاح باب أو مقدمة سيارة تعرضت لحادث سير مؤذٍ!!؟
فقد كانت صيغة السؤال للمستطلع رأيهم: هل تعتقد أن رفع الحد التصالحي من 300 إلى مليون ليرة سيساعد في حل المشكلات في حوادث السير..؟ وكانت حوالى 53٪ من الاجابات بالنفي. وهذه نسبة طبيعية أمام حالة الغموض التي تعتري الصيغة التي طرح فيها السؤال. فأي حد تصالحي ، هل على التعويض الجسدي أم المادي. وأي حوادث تلك المقصودة؟؟
ما يفهم من السؤال مباشرة، هو هل سيحد الحد التصالحي من حوادث السير؟ ورفعه من 300 إلى مليون ليرة تفهم أنها غرامة وقائية لتوخي الانتباه والحذر وتفادي وقوع الحوادث!! وبالطبع ليس هذا ما تسعى لمعرفته «المالية» لكن صياغة السؤال كانت مبهمة عفواً أم عمداً، وبالتالي النتيجة لن تسعف الوزارة في اتخاذ قرار بهذا الصدد، بل يضللها ، وبالطبع ليس هذا هو المطلوب!!
الواقع ان قراراً من هذا النوع ليس بحاجة لاستطلاع رأي، لأن القياس بالمنطق التأميني والاجتماعي والاقتصادي، يؤدي بنا إلى استنتاج أن «دية» الضحية تساوي أكثر من 300 أو 500 ألف ليرة سورية.
وبالتالي كان اقتراح رفع الحد التصالحي إلى مليون ليرة  هو مجرد محاولة للإنصاف ، ثم للحد من عدد الدعاوى التي تحرك في أروقة القضاء لتحصيل مبالغ أكثر من تلك المقرة في أعراف مؤسسة التأمين السورية، وغالباً ما تحسم هذه الدعاوى بأكثر من مليون ليرة وتصل إلى 1.5 مليون تدفعها المؤسسة قانعة بحكم القضاء ، لكن بعد أن يذهب جزء منها للمحامين ، وجزء آخر كنفقات «نثرية » في أروقة المؤسسة ذاتها.
شركات التأمين الخاصة التي بدأت بتسويق وثائقها وبوالصها في السوق السورية اختارت مبلغ الـ «مليون» كحد تصالحي، لا ندري إذا كانت مخطئة وهي التي لها حساباتها الدقيقة، وخبراؤها الذين يحرصون على «تحصيل التسعة قبل أن يدفعوا العشرة»!!

ناظم عيد

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...