حول عروض مهرجان الهواة المسرحي الأول

24-07-2006

حول عروض مهرجان الهواة المسرحي الأول

حدد الفنان زيناني قدسية رؤيته لمفهوم الهواة بأنه «أوسع وأكثر شمولاً من التسميات التي توحي بأطر وتحديدات معينة، فالحديث عن حدود فاصلة بين الهواية، غير المثمرة مالياً.

وبين الاحتراف، بالمعنى المالي والمهني، يشوش على المعنى الجوهري لماهية الإبداع، والاصرار على هذا الفصل ينطوي على تعسف ضار وفيه ظلم للكثير من المبدعين الذين حققوا نجاحات إبداعية، ومالية على حد سواء، الهواية روح بالمقام الأول، وماهية هذه الروح، العشق، الهواية إذاً عشق، والهواة هم عشّاق المسرح، صغاراً وكباراً، موهوبين ودارسين تقاضوا أجوراً أم لم يتقاضوا، هكذا نفهم الهواية وهكذا نعيشها ونمارسها». ‏

كلام مهم لمدير مهرجان الهواة المسرحي الأول في سورية، ونبقى عند قدسية ونسأله، لماذا أصررت على دعوة تجمع حكايا ليقدم مسرحية كاليغولا، بدلاً من العرض الأردني «الجوكر» الذي غاب وأنت تدرك وتعرف ان هذا العرض حُضّر بزمن قياسي!..
لست ميالاً للبحث عن تبريرات لأي عرض. والمتفرج لا يهمه الظروف التي حكمت فريق العمل قبل العرض. لكنني شعرت ان هذا العرض «كاليغولا» قد ظلم وشاركتني في هذا الرأي الفنانة مي سكاف التي شرحت معظم عيوب العرض بكثير من المهنية والحب ولم تخف مشاعرها العاطفية بقولها «لو طلب مني كممثلة المساهمة بإنقاذ هذا العرض لأصبت بالجلطة» عرض «كاليغولا» لمخرجه رفعت الهادي وتمثيل «ثائر حديفة، منذر أبو راس، عتاب نعيم، جميل مسعود، منيرة الشماس، مازن الأطرش». وفي جلسة الحوار تعرض لتحليل وتشريح نقدي عميق من قبل الجمهور: «علي البرازي، أعجب بالعرض، بشير العاني، ناصر الملا، إيليا قجميني».. وتعرض لرأي لجنة التحكيم: «حميد صابر ـ العراق ـ مي سكاف ـ غنام غنام ـ الأردن ـ نبيل حفار».
ومعظم آراء التحكيم والجمهور اتفقت على التفاوت في الأداء المشهدي وجمود الديكور، دلالة القبر وغياب وظيفتها، التعثر في النطق لدى بعض الممثلين، المخرج الذي اشتغل على ممثل أكثر من آخر».. ‏

وقد حصل المشهد الأخير الذي أداه ثائر حديفة «كاليغولا» على ثناء خاص من قبل عدد من النقاد.. ‏

مرة أخرى أقول إن هذا العرض ظلم ويعود السبب لمدير المهرجان وللمخرج الذي قبل التحضير على عجل وأود التأكيد ان ممثلي هذا التجمع هم صادقون بالتأكيد من ناحية حبهم للتمثيل وامتلاكهم واضح لأدواتهم الفنية، ومخرج العمل رفعت الهادي كان بإمكانه ان «لا يتصبب عرقا» في جلسة الحوار لو حضرّوا جيداً، (ثم لماذا لم يدع منذ البداية لهذا المهرجان)..
«الخادم الأخرس» ‏

عرض الخادم «الأخرس» كان عرض افتتاح مسرح الهواة، باعتبار ان عرض «رأس الغول» ليس للهواة، ونال هذا العرض الكثير من الإطراء النقدي، ويبدو ان ممثليه قصي قدسية، ونضال صواف، يستحقان ذلك بقيادة مخرجهما زهير البقاعي الذي اختار نصاً لها رولد بينتر وأعده، وقد وفقّ في اختياره حسب آراء عدد من الجمهور والنقاد. شارك في جلسة الحوار من الجمهور: «فيلدا سمور ـ علي برازي» لم يعجبه العرض، مولود داود، زكريا ابراهيم، ايليا قجميني، ومن لجنة التحكيم التي ترأسها د. نبيل الحفار وأدار هذه الجلسات مي سكاف ـ غنام غنام ـ حميد صابر..
التقطت سكاف ملاحظة فنية ذكية بعد اعتبارها ان هذا العرض محير وقالت: فأحياناً كان الممثلان يصلان لمرحلة في الأداء يستعرضان مهارتهما كممثلين أكثر من استعراضهما لدوريهما، وتساءلت سكاف كم هو الحظ واهٍ في استعمال الممثل طاقته من ناحية توصيله المعنى والغاية أولاً».. ‏

رأى غنام غنام في هذا العرض ثمة منظومة مسرحية أرادها المخرج فكان مخرجاً ميلميترياً يشتغل على السكون والفاصلة، كان يعرف ما يريد، واستعمل طاقة الممثل القصوى، وانتبه الى التوافق العضلي، الصوتي، ويعتبر غنام العروض الجميلة هدية مقدمة له، لذلك أضاف هذا العرض لهداياه. د. نبيل الحفار رأى أن العرض الناجح هو الذي يثير من التساؤلات أكثر مما يطرح من أجوبة، ويمكن لأي عرض ان يكون له قراءات بعدد الجالسين في هذه القاعة «أكثر من ستين شخصاً».. ‏

وقدمت نقابة الفنانين في حماه عرضها «العاري والأنيق» تأليف: دار يوفو، إعداد صدر ديب، إخراج: مولود داود، تمثيل: فؤاد كعيد، نضال جوهر، ندى قطريب، فادي صباغ، خلدون قاروط. وإذا بدأنا من كلمة المخرج: «إذا أردنا ان نعرف ماذا يوجد داخل البرميل، علينا ان نعرف ماذا يوجد خارجه»؟!.. فإن المعنى والدلالة في هذا العرض اجتماعية وتنتمي لهذا الصنف الكوميدي المشتغل على زيف الشكل واختباء الجوهر، فنحن في زمن تركض العيون فيه لتقويم البشر حسب مظهرهم الخارجي، كان الأداء العام للممثلين متماسكاً، فلافراغات ولا فذلكة. وجاءت روح الكوميدية من داخل إحساس الممثل بدوره وبحبه لدوره. كان هناك انسجام بين الممثلين سببه الرؤية الاخراجية، ندى قطريب فتاةالليل، قاربت شخصيتها بكثير من الود لم تتعال على الدور، والديكور البسيط خدم العرض رغم بساطته، كان بإمكان المخرج ان يلبس «العاري» قطعة نسيج غير التي ظهر بها، وكان ذلك أفضل لتقبل الجمهور لهذا الدور «العاري».. ‏

شعرت للحظات ان فؤاد كعيد يتقمص دور «أبو الهنا»، وقد يعود ذلك لسذاجة وحماقة الشخصية التي لعبها. عموماً كان هذا العرض جيداً، بإطاره العام وقد تحتاج بعض تفاصيله الى وقفة أخرى.. ‏

لفت انتباهي خلال هذه الأيام الثلاثة الغياب لأكثر الممثلين السوريين الذين يتفننون في البحث عن مفردات لتوصيف أزمة المسرح السوري، غياب دواعيه مبررة لدى الذين يعملون، ولكن ما هي مبرراته لمن لا يعمل.. يبدو أن نجومنا التلفزيونيين قد كبرت نجوميتهم الى حد لم يعد المسرح يتسع ‏

مصطفى علوش

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...