دعم المقاومة رغبة سورية شعبية تترجم باللهفة لإغاثة النازحين

26-07-2006

دعم المقاومة رغبة سورية شعبية تترجم باللهفة لإغاثة النازحين

الجمل ـ حسان عمر القالش : صامدون.. هذه ليست مفردة تشجيعية أو تحفيزية تطلق في الهواء عبر التلفزيونات والاذاعات الرسمية, هي الوصف, وصف لأهالي لبنان المهجّرين والنازحين, والباقون منهم تحت غيوم دخان الصواريخ السوداء في بيروت والبقاع والجنوب. وصف للسوريين الذين وقّعوا معهم بقلوبهم وأعصابهم ,بأموالهم وبيوتهم, بدموعهم ودعائهم, عقد الشراكة في ويلات هذه الحرب.
مدلّلون.. هو أيضا وصف يطلقه صبايا وشبان الجمعية السورية للعلاقات العامة مع كثيرين ممن يقومون بمثل مهامهم. هم بالفعل مدللون كما يقول المعتز بالله حسن, الشاب المربوع القامة, مبشر المحيّا: كثيرا ما تكون أماكن الاقامة التي يعرضها "المضيف السوري" لا تتناسب مع بعض العائلات لأسباب عديدة منها وجود عجائز ومرضى لايقوون على صعود سلالم الدرج مثلا, أو الاقامة في بيئة ريفيّة تعرضهم لخطر تضاعف نوبات الربو.. لكن مع ذلك نحن لانتركهم فبالأمس أنهيت عملي سريعا هنا في مقر الجمعية وذهبت مع احدى العائلات لأجد لها مكانا يناسبها يكون أفضل من سابقه التي عادت منه بعد ارسالنا اليه, ولم أرتح الا عندما عثرت على المكان الأنسب لهم من ضمن المتوفر من "المعروض" وساعتها ارتحت, ونمت مطمئن الخاطر استعدادا ليوم جديد من الاغاثة و تفريج كرب الناس.
والجمعية تطوعت لأداء دور الوسيط بين المواطن الراغب بايواء واستضافة أهلنا من لبنان وبينهم, بهذه الكلمات اختصر د.نزار ميهوب رئيس الجمعية – الذي بدا عليه الاعياء والتعب دور الجمعية في هذه الأزمة.
باصات وسيارات توقفت على الرصيف المقابل لمقر الجمعية في حي المزة الدمشقي, فتيات وشباب متطوعون من طلاب وخريجي الجامعات ، يتحركون كخلية النحل يدخلون ويخرجون, كل منهم منشغل بعمل, اتصال بالمستضيفين للقدوم وتأمين وصول الضيوف, تسجيل أسماء وافدين جدد, توزيع أدوية ومواد غذائية، استقبال التبرعات والمتطوعين الجدد..
في مقر الجمعية, لم تستطع أعيننا التوقف لتسجيل والتقاط الصور والملامح بهدوء, فالمكان تحول غرفة عمليات حقيقية وكأنه "قسم التحرير" في جريدة كبرى, أو وزارة من الوزارات الحيويّة صغر حجمها وتكثّف. جلس د.نزار وراء أحد الحواسب وخصّنا بالاطلاع على السجلات الخاصة بالسكن الموضوع بخدمة الوافدين من لبنان, والعرض أكبر من الطلب! في دمشق 708 عروض, و300 في حلب, و48 في حمص, 66 في طرطوس..وصولا الى درعا بـ46 عرض. هذا ما استطاع الشباب تسجيله في data الحاسب, وهناك الكثير لم يسجل بعد ولا يتسع الوقت لإحصائها الآن. ولاحظنا من بيانات العروض أن كل عرض واحد لا يقتصر بالضرورة على عائلة واحدة, فكثيرا ما ورد عرض واحد = خمس عائلات, أو عرض واحد = ثلاث عائلات مع مصاريفها "كاملة". والعارض هذا يقدم اما بيتا أو فيلاّ أو مزرعة.
الاتجاه التالي كان جنوبا, ففي اتصال للـ"الجمل" مع السيد ماجد مشكاوي رئيس بلدية عرطوز(ريف دمشق), كانت الأخبار التي ترفع الرأس: ليس عندنا أحد من اللاجئين اللبنانيين في المدارس! جميع الوافدين – أكثر من 800 – يعيشون في بيوت أهالي المنطقة, الا ثلاث عائلات رفضت الذهاب مع أحد, خصصنا مستودعا مساحته 400 متر تكدست فيه المواد الغذائية, أما الأدوية فهي متوفرة بأعداد كافية في المركز الصحي في عرطوز والذي يعمل بكامل طاقمه على مدار الساعة, حتى أننا نرسل الأطباء لمعاينة وتفقد الأهالي والمرضى في بيوت مضيفهم كما حدث منتصف ليلة أمس حيث أرسلنا طبيبا لمعالجة "ختيارة" عند الساعة الثانية عشرة ليلاً.
في مركز مدرسة بنات عرطوز لاترى أثرا لذهنية البيروقراطية أو الصد والرد في المعاملة الادارية, تفوق الموظفون على أنفسهم وكانت هذه الأزمة حفّزت نشاطهم وتفكيرهم, فعملية لجوء الأهالي اللبنانيين من توفير السكن والمواد الغذائية والألبسة والطبابة صارت "مؤتمتة" – بدون علامة التعجب -, هناك حاسب الكتروني "كمبيوتر" أدخلت بيانات العائلات اللبنانية فيه: اسم رب الأسرة, عدد أفرادها, مكان اقامته واسم المضيف, الكميات المسلّمة من مواد وألبسة.. وترى كل رب أسرة يعلق على صدره "بطاقة" فيها بيانات أسرته.
ما يحدث في عرطوز هذه الناحية الصغيرة من ريف دمشق, التي فيها مافيها أيضا من خليط من النازحين الفلسطينيين والجولانيين السوريين شيء يدعوا للاعتزاز, الناس رغم بساطة أحوالها تراها مندفعة راغبة في مساعدة لبنان كتعبير عن  رغبتها في التواجد على أرض جنوبه لتحارب مع أبنائه.

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...