لا نريد طعاماً.. نريد توابيتاً

02-08-2006

لا نريد طعاماً.. نريد توابيتاً

يروي الرائد سليمان زين الدين أن الأهالي القاطنين بالقرب من مستشفى صور ضاجوا من رائحة جثامين الشهداء المتحللة في براد المستشفى، فبدأوا يطالبون بدفنها، لكنه لم يكن يعرف أين وكيف.
كانت المهمة الأولى هي تأمين التوابيت. اتصل زين الدين بصاحب منشرة في مدينة صور، لكن صاحب المنشرة رفض بيعهم الخشب من دون دفع ثمنه نقداً أو من خلال شيك. استخدم وساطة رئيس بلدية صور الذي أقنع صاحب المنشرة ببيع الأخشاب.
تم تفصيل التوابيت في المنشرة بناء للمقاسات التي طلبها زين الدين، ومن ثم نقلت الى باحة المستشفى عند الثامنة والنصف من الليلة التي سبقت الدفن. اشترى زين الدين المسامير والشواكيش وبدأ فريق العاملين في المستشفى وهم الأطباء والممرضون وعناصر من الجيش اللبناني بإعداد التوابيت. يدقون المسامير في الخشب يساعدهم نجارون متطوعون من مخيم البص.
استمر العمل في إعداد التوابيت من الثامنة والنصف مساء حتى الخامسة والنصف فجرا. ثم بدأت مشكلة تسجيل أسماء الشهداء وترقيمهم، بمادة لا تتحلل في التراب. ابتدع فريق العاملين فكرة شراء لوح المنيوم وتفصيله الى قطع صغيرة وحفر أرقام الشهداء عليها. حُفر أرقام الشهداء بالمسامير على ألواح الألمنيوم مع تسجيل اسم كل شهيد تحت الرقم الخاص به، ثم جرى تسجيل الشهداء وأرقامهم في لوائح خاصة بهم، تحتفظ بها إدارة المستشفى.
أما المشكلة الثالثة التي واجهتها الادارة فهي المراسيم الدينية الخاصة بالدفن، بعد استشارات مع رجال دين رسا الأمر على طريقة تسمى دفن الوديعة، وتقضي بدفن الشهداء في مكان خاص بشكل مؤقت ريثما تسمح الظروف بنقلهم الى مدافن بلداتهم وقراهم.
ثم كانت مشكلة نقلهم، فتمت الاستعانة بشاحنات الجيش ونقلت الجثامين الى عقار تابع للجيش قرب المستشفى ودفنوا فيه بعدما صلى عليهم رجال دين.
يقول زين الدين إنه تم في تلك الليلة إعداد مئة وعشرين تابوتاً للكبار وأربعة وعشرين للصغار، لكن الادارة واجهت مشكلة جديدة في تأمين توابيت الشهداء الجدد الذين سقطوا في مجزرة قانا والذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض والطرقات.
ويوضح زين الدين أنه اتصل الليلة قبل الماضية بممثل الهيئة العليا للاغاثة في الجنوب رياض زبد وأبلغه: لا نريد سكرا ولا أرزا وإنما نريد توابيت، فرد أنه لا يستطيع الاتصال ليلا برئيس الهيئة العليا للاغاثة يحيى رعد، أغضب الجواب زين الدين فاتصل برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طلب من وزير الصحة محمد خليفة تأمين التوابيت، وطلب خليفة بدوره من رئيس بلدية صور تأمينها، وجرى إعدادها في مخيم البص وهي خمسون تابوتاً تضاف الى تلك التي فاضت عن المرة الماضية.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...