تقنين الكهرباء يغير عادات الأسر السورية

20-08-2009

تقنين الكهرباء يغير عادات الأسر السورية

لم تقف موجات الحر غير الاعتيادية التي تعيشها المدن السورية حائلاً دون استمرار التقنين الكهربائي المزعج والحرمان لمدة ساعتين على الأقل يومياً من استخدام مكيفات التبريد أو المراوح! لا ضوء ولا تلفزيون ولا شيء من كل تلك التكنولوجيا المريحة، لا شيء سوى العودة إلى وسائل التبريد البدائية من «رشرشة» الماء والعصائر المثلجة أو حتى افتراش فيء الطرقات!

«أصبحت ساعات انقطاع الكهرباء موعداً ثابتاً لاجتماع النساء والصبايا اللواتي يقطنّ هنا، إذ سرعان ما يستبحن المدخل الداخلي للمبنى»، تضحك أم فواز التي تقطن احد الأحياء الشعبية في العاصمة دمشق، وتضيف: «نشطف الأرض بالماء البارد ثم نجلس في الفيء، نثرثر ويساعد بعضنا بعضاً في إعداد الغداء، هنا من تقطّع الخضار وهناك من «تقمّع» البامية، وهكذا لا نشعر بالوقت الذي يمر من دون كهرباء».

يعيش المواطنون السوريون في الآونة الأخيرة برنامج تقنين كهربائي مكثف، وذلك بعد ملاحظة حمل كبير ومفاجئ على الشبكة الكهربائية للبلد، سببه الاستهلاك المتزايد من المواطنين، بحسب «المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية». وعزت المؤسسة ذلك إلى أسعار الطاقة الكهربائية الرخيصة الثمن نسبياً في سورية، بالمقارنة مع أنواع الوقود الأخرى كالمازوت، فضلاً عن اللجوء إلى التحايل وسحب التيار الكهربائي بصورة «خفية»، إن صح التعبير، أو سرقته من دون اكتراثهم بالفاتورة كما تؤكد مصادر الوزارة.

«فهمنا مسألة التقنين هذه، أمرنا لله! ولكن ما لا أستطيع فهمه هو لماذا لا يحددون ساعات قطع الكهرباء، والله كأننا نعيش كابوساً»، يروي أحد المواطنين حانقاً، ويتابع: «كابوس يومي في انتظار الموعد الجديد لقطع التيار، مرة ظهراً وقبل أن تتمكن زوجتي من إتمام الأعمال المنزلية، ومرة بعد الظهر لتحرم جفوننا من القيلولة بعد يوم شاق، ومرات مساءً بالضبط مع موعد المسلسل اليومي الذي نتابعه! ما الذي يمنعهم من تثبيت الموعد لشهر على الأقل، كي نستطيع برمجة حياتنا وعاداتنا ونومنا وعملنا على أساس ذلك؟».

ويدفع التقنين اليومي العشوائي بكثيرين من أصحاب هذه المصالح إلى الاستعانة بالمولدات، وإن كانت لا تحل الأزمة في شكل مرض، إذ إن المولّد يشغّل عدداً قليلاً من الأجهزة.

وبين خيبة الأمل والغضب، وجد أصحاب بعض المطاعم حلاً في استخدام مولد ليس مكلفاً كثيراً، ولكنه قادر على تشغيل مروحة واحدة تنثر رذاذ المياه، أثناء دورانها فتبرد أكبر مساحة ممكنة، وتجذب الزبائن والسياح الذين أخذ عددهم يتراجع في ظل أزمة الكهرباء، بينما أغلقت مطاعم أخرى مطابخها، مفضّلة تقديم مشروبات ونراجيل.

بعض الناس لا يتحمّل البقاء حبيس جدران المنزل المظلم، فيهرب إلى المقاهي والمطاعم، حيث إنارة المولدات، في حين يجد بعضهم الآخر في ساعتي الانقطاع استراحة ووقتاً للهدوء والتسامر مع أفراد الأسرة، في هذا الزمن المخنوق بالعمل وضيق الوقت وآلاف وسائل التسلية.

«التسامر مع أفراد الأسرة في الحر ومن دون مكيف وكهرباء!»، يستغرب أحد الشبان ساخراً ويضيف: «لا أستطيع تحمّل جدران المنزل من دون ضوء، كأن الحياة توقفت. أحمل كومبيوتري وألوذ بمقهى مجاور، ولو على هدير مولده، لتفادي ضيق النفس والجو المشحون الذي يعم منزلنا».

ويتكرر السواد الهادئ، إلا من ضجيج المولدات: نسوة وصبايا يفترشن عتبات البيوت أو الشرفات، وشبان ما إن يحين موعد انقطاع التيار حتى يندفعوا جماعات جماعات ليصبوا جام غضبهم في الطرقات. يتكرر المشهد من حي إلى حي، من محافظة إلى محافظة، وتتكرر الأدعية والصلوات بأن تحل الرأفة بالمواطنين، خلال شهر رمضان المبارك، حيث ساعات الصيام الطويل والمسلسلات الدرامية المنتظرة!

بيسان البني

المصدر: الحياة

التعليقات

هل تظنون اننا سننضم للشراكة الاوربية او المتوسطية بهذه الهيئة المزرية....اي تجارة الكترونية سوف تزدهر بلا كهرباء ام ننتظر الانترنت من صنبور الماء المقطوعة ايضا???!!!!...

والله العظيم صار الواحد بيكره حالو لانو سوري ومن العالم التالت ياهو ياعالم العالم كله للامام الا نحنا للخلف المصيبة للخلف 1000 خطوة ..يعني شو بدو يصير باولادنا واولاد اولادنا ..مش شاطرة حكومتنا الا بالتنظير والتصفيق وطمرنا بالارقام الخلبية عن التطور والتقدم ولك عوجة وبتضل عوجة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...