المباني الدمشقية القديمة في خطر

05-08-2006

المباني الدمشقية القديمة في خطر

قرار محافظة دمشق السماح بهدم قصر «الهبل» في منطقة المهاجرين (دمشق الجديدة) أثار حفيظة «جمعية أصدقاء دمشق» الذين باشروا في تحرك واسع في محاولة لوقف هدم ما سموه «عمارة ما بين الحربين» أي البيوت او القصور العريقة ذات الطابع المعماري المميز، والتي لا تصنف بين البيوت الأثرية او التراثية. وحجتهم ان دمشق تمر في مرحلة من الفوضى المعمارية بعدما تحولت كتلاً من الاسمنت لا «هوية محلية» لها. وهي المدينة التي كانت تتمتع حتى الأمس القريب بطابع أثري فريد.

تحت شعار «الحجر والشجر في خدمة البشر» انطلق بعض الدمشقيين لـ «زيادة الوعي والحفاظ على عمارة دمشق» لئلا نحتاج الى إعادة العمران في معناه الواسع، كما يعبر المهندس باسم الطويل. وهو وجه رسالة الى المحافظة اعتبر فيها «ان السماح بهدم البيوت المميزة يمكن أن يشكل سابقة إن تفشت سنفقد بها الكثير من معالم المدينة المعمارية».

ويعتقد الطويل بأن ما يميز «عمارة ما بين الحربين» غناها بالرسوم المعمارية الجميلة كالزخارف والمقرصنات والأعمدة الحجرية في كل أشكالها، والرقع الكبيرة التي امتدت عليها الأبنية أو الحيز المعماري الذي تشكله ولا يمكن تعويضه بالتخطيط الراهن للمدينة. ولفت الى ان هذه القصور التي ميزت العاصمة جعلت المستشرقين يطلقون على دمشق لقب «بروكسل الشرق».

ودعا الطويل «محبي دمشق الى السير ضمن هذه المناطق وتأمل الأبنية»، وقال: «انا واثق انهم سيرونها في شكل مختلف تماماً ومنها بيوت الارمنازي والطباع وقباني والقولي».

وكانت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة (يونيسكو) وصفت دمشق بأنها «ميراث ثقافي عالمي». وفي السبعينات أقرت سورية قانوناً يحظر الهدم داخل أسوار المدينة القديمة، لكن ثلثي المباني التاريخية يقع خارج جدرانها في مناطق مثل سوق ساروجة والصالحية وقاسيون والمهاجرين.

مسلسل هدم البيوت العريقة بدأ قبل فترة، وباشر الغيارى على الجمال المعماري للمدينة في الدفاع عنها بعد هدم «بيت العطار» في المزة الذي يعتبر نموذجاً نادراً من البيوت الدمشقية. وهو بيت من الحجر واللبن ذو أرضيات من الرخام وسقفه قرميدي. ثم تلاه هدم منزل الدكتور وليد ملحس في حي «المهاجرين» الذي يعود الى الثلاثينات ويضم طوابق عدة وحدائق أمامية وخلفية. واليوم يطرح مشروع هدم «قصر الهبل» و «قصر عطا الأيوبي» في جادة عطا الأيوبي في العفيف.

يقع «قصر الهبل» في موازاة «المركز الثقافي الاسباني» الذي عرض بيعه بمبلغ كبير، قبالة جامع المرابط. ويقول الناشط الاجتماعي الدكتور نبيل السمان ان البناء قصر في كل المعايير الفنية، وضع مخططه البروفيسور رينييه ايام الانتداب الفرنسي ونفذه المهندس المشهور عبد الرزاق ملص الذي شّيد مبنى البرلمان (مجلس الشعب) ومبنى لجنة مياه عين الفيجة الذي يعتبر مميزاً في دمشق. وحول البناء حدائق، ويمكن تحويله مكتبة عامة او مركزاً اجتماعياً.

وعلى رغم اعتراض اكثر من محافظ سابق ومدير آثار في دمشق على هدمه إلا ان المحافظة كما يقول السمان عضو «جمعية أصدقاء دمشق» ضربت بعرض الحائط بهذه الاعتراضات وأصدرت امراً بالهدم من دون الحصول على موافقة مديرية آثار دمشق. وباشرت في الهدم عبر آليات مخالفة للقانون، ما يؤثر على سلامة البناء حول القصر. ولا يتجاوز عدد البيوت ذات الطابع المميز في دمشق ذات الثلاثة آلاف سنة 300 بيت تحاول «الآثار العامة» تسجيلها لمنع محافظة دمشق من الموافقة على هدمها. ويشير السمان الى ان هذه البيوت تعود الى الحقبة الممتدة بين 1920 و1950، وقد انتقل فيها سكان دمشق الى خارج اسوار المدينة القديمة، وفيها قصور معروفة بينها القصر الذي سكنه الرئيس الراحل حافظ الأسد حتى العام 1975.

عضو مجلس المحافظة وفاء خليفة ترى «ان المشكلة ليست في القوانين او القرارات التي تأخذ طابعاً سياسياً بل في وعي الناس، فالسوري ما زال يفكر بأسلوب تجاري بحت».

وكانت دمشق القديمة شهدت قبل سنوات تحولاً بارزاً تحولت عشرات البيوت مقاهي وحانات ومطاعم.

سمر أزمشلي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...