معرض الكتاب العربي زوار قلائل ومبيعات محدودة

10-08-2006

معرض الكتاب العربي زوار قلائل ومبيعات محدودة

احتفلت إسبانيا بمرور أربعمائة عام على صدور رواية (دون كيشوت) للإسباني ميغيل دو سيرفانتس, وأتمت احتفالاتها بالفيلسوف العربي أبو الوليد ابن رشد, وأقامت له تكريماً بمناسبة مرور ستة قرون على وفاته, ودعت إليه مسؤولي الثقافة العرب, وكأنه يخصها أكثر منهم.

كان الاحتفال بسيرفانتس, احتفال بكتابه الشهير, باعتباره كتاباً وطنياً, وقامت إسبانيا بطباعته بتيراجات كبيرة, وبأسعار زهيدة. وبما أن فنزويلا, دولة ناطقة بالإسبانية, فقد طبعت هي أيضاً (دون كيشوت) بتيراج هائل, يعادل 20 مليون نسخة, ووزعتها في أنحاء البلاد, بسعر شبه مجاني, وكأن فنزويلا, تعتبر هذا الكتاب من ضمن إرثها الوطني الخاص.‏

لا يقل هرمان هسه أهمية عن سيرفانتس, في ألمانيا وسويسرا, حيث تتنافس الدولتان على نسبه لأي منهما. ولن تتعجب إذا وقعت بيدك نسخة من أحد كتب هسه (وليكن لعبة الكريات الزجاجية) ونظرت إلى رقم الطبعة, لتجدها مثلاً (82) ورقم التيراج (50) ألف نسخة.‏

لا تكف اليونان عن طباعة التراث الملحمي (الإلياذة والأوديسة, والإنيادة, والتحولات) بتيراجات كبيرة, وتقوم أيضاً بترجمة هذه الكتب إلى لغات العالم الحية, وطبعاً لا تكون اللغة العربية من بينها. كل هذا, بالإضافة إلى الطبعات المستمرة للفلسفة اليونانية الأولى, ولروادها الكبار.‏

فكرت, وأنا أتجول في معرض الكتاب هذا العام, عن كتاب عربي, يمكن أن نسميه كتاباً وطنياً, نفتخر بطباعته على الدوام, ونعيد طباعته كل عام بحيوية, ونوزعه بحيوية أكبر, ومن ثم نقرأه بحيوية مفرطة; فتصدرت ذاكرتي مجموعة من الكتب, كان في مقدمتها (ألف ليلة وليلة). وحين عدت بذاكرتي إلى الويلات التي لاقاها هذا الكتاب, والتعذيب الذي تعرض له, مع التمثيل بجسده, عرفت أين تكمن صعوبة طباعته. لقد خرجت طبعات كثيرة, ولكنها أكدت على وجوب تهذيب هذا الولد غير المهذب, وسلخت من جسده كل تلك العبارات التي اعتبرت عورات, تسيء إلى الذوق العام, وهكذا فقد وقع الكتاب - رغم جمالياته التي تغنى بها العالم أجمع - في براثن الرقابات الصارمة الكثيرة, وهي تتنازع على تمزيق جسده الجميل. وحين خرج شبه سالم, لم يكن من المشجع أن نقتنيه.‏

عرفت أننا نخاف - بوصفنا رقابات غير قارئة وغير مبدعة - من ترويج كتب كهذه, تحت حجج مختلفة, رغم أن عالمنا يعج بفضائيات فاحشة, أكثر من أي كتاب بمئات المرات. والمضحك المبكي أن من يمول هذه الفضائيات ويروجها, هم أنفسهم الذين يمنعون ويحاربون كتباً كهذه.‏

هذا العداء, يدعو الإنسان إلى التفكير أن أتون الرقابة والحظر, مسخر فقط للقضاء على الكتب, وليس على أي شيء آخر, وهذا يعني وجود محاربة فعلية للكتاب. وإذا سألنا: لماذا الكتاب حصراً? سنجد الجواب التالي هو الأقرب: لأن الكتاب هو الوسيلة الأكثر حميمية وتواصلاً مع الإنسان, لوجوب التوحد والعزلة بينهما, وهذا شيء خطير, لأن العزلة مع الكتاب, تدفع إلى خلق شيء ثالث بينهما هو التفكير, وهو الشيطان الذي تجب محاربته والقضاء عليه.‏

ما دامت الكتب في أسر الرقابة, ما دام العقل معتقلاً وسجيناً, وافتراضياً في حدوده الدنيا.‏

تحفظت الموظفة في إدارة معرض الكتاب, في ذكر عدد الدور المشاركة, وأطلقت رقماً سريعاً (406), وقارنته أيضاً مع السنة الماضية (367), ولكنها أضافت بأنه عليّ ألا أعتمد هذا الرقم, وأن أراجع الاستعلامات. حاولت أن أعرف عدد عناوين الكتب المشاركة, فرفضت إعطائي أي رقم, وعادت لترسلني إلى الاستعلامات, رغم أني مدرك تماماً أن الجواب عند الإدارة وليس عند غيرها. ذهبت طائعاً إلى الاستعلامات, ورفضت موظفة الاستعلامات بدورها إعطائي أي معلومة طلبتها, وأحالتني من جديد إلى الإدارة, قائلة إنها غير مخولة لإعطاء أرقام لا عن عدد دور النشر ولا عن عدد العناوين المشاركة, ولا عن عدد الزوار اليومي. وهكذا فقد عدت بدون انزعاج إلى الإدارة, لتحيلني بدورها إلى الاستعلامات, التي رفضت هي أيضاً الإجابة, وطلبت مني بابتسامة لطيفة العودة إلى الإدارة.‏

لم تكن رحلاتي بين الإدارة والاستعلامات صعبة, فقد كان عدد الزوار -بالمقارنة مع السنة الماضية - قليلاً, ولم يكن هناك أي ازدحام أو اكتظاظ يعيق السير. ما أتعبني هو الرفض المؤدب, في محاولة لعدم إفشاء الأسرار الخطيرة, لكني تجاوزت الأمر بعد قليل من الوقت, وعرفت أني غير مرحب بأسئلتي, لأني ربما تجاوزت حدود اللباقة التي يجب أن يتحلى بها الضيف.‏

تجولت بين أجنحة المعرض, ولم أجد صعوبة في التحاور مع أصحاب دور النشر, بسبب عدم وجود مشترين يعكرون صفو استمتاعهم بالجلوس. سألت مسؤول دار (صادر) عن المبيعات, فابتسم بمرارة, وقال: (لا يوجد مبيعات), ثم تطرقت إلى الكتب المشهورة لديهم, كمجلدات الشيخ ابن عربي وكتب التصوف الأخرى, فأعلن أن لا طلب عليها. ومن ثم أشار بيده نحو بعض الزوار المتجولين أمام أعيننا, وقال: (الناس يأتون إلى هنا من أجل هذا: يأكلون البوشار والبوظة, ولاينتبهون لوجود الكتب).‏

أما دار الحوار, فكان جواب مسؤولها كسابقه: (لامبيعات. ولا حق لك أن تسألني عن الأكثر مبيعاً), ولكنه وجد من واجبه أن يرد على سؤالي بأن كتاب (عدو المسيح) لنيتشه, مع السلسلة الصوفية, هي الأكثر مبيعاً لديه. وهنا يجب ألا نفهم أن معنى الأكثر مبيعاً هو (50 أو 100 نسخة) بل بين 5 و10 نسخ, وهذا رقم مخجل طبعاً.‏

الوضع تعيس لدى دار الفرقد, ولا حركة لديهم, ولذلك فقد اعتبر مسؤول الدار أن (5 نسخ) من تعاليم المتصوفين, رقم مقبول بين المبيعات, ويأتي بعده كتاب (التكفير والتكفير المضاد).‏

رغم تراجع الكتاب بشكل عام هذه السنة, فإن الكتاب الديني أيضاً نال نصيباً من هذا التراجع, حتى إن مسؤول دار الحديث المصرية قال بأن المبيعات هذه السنة أقل من السنة الماضية بنسبة 45%, وتصدرت لديه كتب: صحيح مسلم والبخاري, والبداية والنهاية, قائمة الأكثر مبيعاً.‏

وجدت أن نسبة الانخفاض التي وصلت إلى 45% عن السنة الماضية, غير محققة في كل الأجنحة, فقد قال مسؤول دار علاء الدين بأن الوضع هذا العام يعادل 30% من السنة الماضية. واستمرت كتب فراس السواح تتصدر المرتبة الأولى في المبيعات, تليها كتب الباراسيكولوجي.‏

كعادتها, لم تجد سمر حداد, صاحبة دار أطلس, شيئاً توافق عليه في هذا المعرض, وأصرت على أن المبيعات تعادل 10% من نسبة السنة الماضية. إذاً, فالخسارة هي الشيء الوحيد الذي يتجلى بوضوح. وأضافت حداد: (لم تأت المؤسسات هذه السنة, وأوشك المعرض على الانتهاء. البيع المفرد لا ينقذ الدار من الخسارة). ثم أخبرتني بأن الأكثر مبيعاً لديها, رغم قلته, هو (الهوية غير المكتملة) لأدونيس, ومحاولة فرويد لبول ريكور, وكتاب ناجي العلي.‏

ارتفعت النسبة من 10% إلى 20% عند دار التكوين, وحلَّ كتاب (تاريخ بلاد الشام في القرن التاسع عشر) للدكتور سهيل زكار, في قائمة الكتب المباعة, وحلَّ ثانياً كتاب (الفتن البغدادية) لمحمد مظلوم, وكتاب الأرواح لآلن كاردك.‏

(المعرض فاشل بجدارة) كانت هذه ردة فعل مسؤول البيع في دار الطليعة الجديدة, وأكد لي أنه رغم هذا التدني فإن ما يباع من الكتب يدور حول العقائد ككتاب (البهائية) و(الأعراق والطوائف) و(صابئة حران) و(إخوان الصفا) وكلها للباحث محمد عبد الحميد الحمد.‏

لم يتنازل دان براون في روايته (شيفرة دافنشي), عن صدارة المبيعات الروائية عند مكتبة لبنان, وتحصنت كتب الطبخ في موقعها المعتاد.‏

انخفضت مبيعات وزارة الثقافة بنسبة 50% عن العام السابق, وتصدر لديها حسيب كيالي, ثم تلاه الفرعون الأخير, والمعجم الموسوعي في علم النفس, ومعجم المواقع الأثرية, وتلتها كتب النقد.‏

وحافظت رواية (إله الأشياء الصغيرة) لأرونداتي روي على سلم المبيعات في دار الجندي, وأتت (بيت الأرواح) لإيزابيل الليندي ثانياً, وجاءت الخيميائي لباولو كويلهو ثالثاً.‏

قال المسؤول عن دار الساقي, إنهم في العادة يجلبون إلى المعرض (75 كرتونة) أما هذا العام فقد جلبوا (28 كرتونة), ومع ذلك, فهم لم يبيعوا منها الثلث, في حين أنهم في السنة السابقة, وفي منتصف المعرض, كانوا قد أوشكوا على بيع معظم ما لديهم. وكانت كتب السياسة حول الشرق الأوسط والولايات المتحدة ولبنان, وكتب أدونيس هي الأكثر مبيعاً.‏

حققت كتب جيفارا, أرقاماً قياسية في المبيعات, وقد نفدت في اليوم الخامس من المعرض, كما قال مسؤول دار الفارابي, الذي أفاد بأن الأجزاء الخمسة مع الأعمال الكاملة, قد بيعت كلها. وهذا أمر مهم أمام مبيعات المعرض الضئيلة.‏

إذاً, عاد جيفارا, بعد أربعين عاماً, ليثبت حضوره, كبطل أسطوري, وسداً للفراغ الكبير الذي خلفه غيابه وغياب الشخصيات الملحمية, التي تحرك مشاعر الناس.‏

إنه تفتيش عن بطل, قاوم المحتل, وقتل في سبيل حرية قارة بأكملها, رافضاً أن يكون في منصب ما.‏

وقال مسؤول دار الفارابي, بأن هذه السنة أفضل من السنة السابقة بالنسبة إلى المبيعات, عكس ما قاله الآخرون. وإذا استثنينا كتب جيفارا, وسألناه عن المبيعات الأخرى, فسنجد أنه يصر على تحسن المبيعات, بالنسبة إلى كتب أمين معلوف, وكتاب (بلدي) لرسول حمزاتوف.‏

حوكم أنطون سعادة, ثم أعدم, ونشرت زوجته عنه مذكراتهما. وبعد ما يزيد على خمسين عاماً, ما زال سعادة شخصية تثير الجدل والقراءة والبحث.‏

قالت راغدة رستم مسؤولة دار فكر للأبحاث والنشر, بأن كتب أنطون سعادة وفي مقدمتها (الإسلام في رسالتيه) و(المحاضرات العشر) هي الأكثر مبيعاً, ثم تأتي (محاكمة أنطون سعادة) وبعدها كتب جورجي كنعان, في تآليفه عن الأصولية المسيحية.‏

ورغم المبيعات الجيدة, فقد انخفضت مبيعات دار فكر للأبحاث هذا العام بنسبة 20% عن العام الماضي.‏

المبيعات قليلة, والزوار قلائل, كما يظهر من خلال التجول في أرجاء المعرض, وكما أدلى مسؤولو دور النشر. ولن يختلف اثنان في السبب الرئيس لهذه الأزمة. الكل حين سالناه, أجاب بأن الحرب على لبنان, هي السبب في قلة المبيعات. أجاب مسؤول دار صادر: (هناك حرب, ولا أحد يقرأ الآن. نحن نذهب من هنا إلى بيوتنا, ونجلس إلى التلفزيون بلا حراك). وهو لايستغرب أن تكون المبيعات منخفضة.‏

وأجمعت كل دور النشر التي تحدثت إلى أصحابها, على أن الأوضاع السياسية التي تمر بها الأمة العربية, هي السبب في قلة الإقبال على شراء الكتاب. وكأن الحياة تدب بقوة, ولكن في أمكنة أخرى, غير معرض الكتاب. وتمنى البعض لو أن هذا المعرض قد تأجل إلى بداية الشهر العاشر, كما جرت العادة.‏

نعم, هناك حرب, ولكن بعض مسؤولي الدور السورية ألقوا اللوم الخفيف على التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى, حيث وبسبب الحرب, لم يتم الإعلان عن المعرض بشكل جيد, ولم يقم التلفزيون, كالعادة, بإعداد ريبورتاج يومي عن المعرض, وهذا ساهم في عدم الترويج للمعرض, وبالتالي عدم الإقبال عليه.‏

الوجوه غير مرتاحة وحزينة, والناس مكتئبون. أصحاب دور النشر مستاؤون من قلة البيع, فمنهم من تأكد سلفاً بأنه سيخرج من المعرض بخسارة كبيرة. ومع هذا فبعضهم, وكي يخفف من خسارته, ألقى اللوم على الحرب وويلاتها على لبنان.‏

أحد الأصدقاء, الذين التقيتهم في المعرض, أعرب عن أسفه لعدم وجود عناوين جيدة ومحرضة للقراءة. وقال بأنه كان ينتظر أن تأتي إلى المعرض كتب من دور نشر عربية, ليشتريها, ولكنه لم يجدها في المعرض, وأكد لي أنه قد فتش عنها كثيراً. وحين سألته عن تلك الكتب, عرفت بأنه لم يكن بينها أي كتاب من تأليف عربي, وحصرها في الكتب المترجمة. وحسب رأيه, فهو منذ زمن, لم يعد يقرأ كتب المؤلفات العربية, لعدم تقديمها الحد الأدنى من المعلومة المطلوبة والتحليل المنطقي, وافتقادها إلى الإبداع, وأضاف: (معظم الكتب العربية, لا همّ لها سوى العودة إلى التاريخ, لعدم الجرأة على اقتحام المستقبل, أو حتى محاكاة الحاضر).‏

لم يجد صديقي حسماً حقيقياً على الكتب في بعض الأجنحة, فيما رأى آخرون أن الحسم جيد, وهناك فرق لا بأس به في الأسعار بين المعرض والمكتبات خارجه.‏

في الجهة الشرقية من المعرض, تم حصر قسم الأطفال, وهو بعيد عن المداخل الرئيسية. وقد اعترض بعض مسؤولي دور النشر على هذا الموقع, وتساءلوا: هل يستحق الأطفال كل هذا التعامل? ألا يستحقون تعاملاً أفضل? وقالت مسؤولة دار (رؤى) بأنه في نهاية الجناح يوجد مصلى, يؤمه الناس دائماً, وهذا ما جعل الحركة في الجناح صعبة, إضافة إلى الحرارة العالية التي جعلت الفتاة تصف الأمر قائلة: (نحن نشوى هنا من الحر, ولا يوجد تكييف. وعندما يدخل الناس إلى المصلى نختنق, وكأن الأوكسيجين قد انقطع عنا). وتمنت أن يكون جناح الأطفال في مكان أفضل, وألا يكون ضيقاً هكذا.‏

أدلى مسؤولو دور نشر الأطفال, بأن مبيعاتهم هذا العام لا تتجاوز 35% عن العام الماضي. وعزوا السبب إلى الحرب. فالأطفال عادة يأتون مع أهلهم, والآن لاتسمح الحالة النفسية لكثير من الأهالي بالذهاب إلى المعرض.‏

معروف أن توزع الأجنحة في المعارض له دور كبير في رفع أو خفض المبيعات. وإذا وضعت ملاحظاتك جانباً عن التوزيع العادل, فإن بعض الذين يرفضون عدم المساواة, سيستنكرون بصوت عال: (لماذا تبقى دار (....) في المكان نفسه الذي كانت فيه السنة الماضية? ربما لأنه الأفضل, ولا تريد أن تخسره). وكما قال مسؤول دار الجندي: (هذا خيار وفقوس. يجب على إدارة المعرض الانتباه, إلى أنه يجب التعامل مع الناشرين بسوية واحدة, وألا تفرق بين ناشر وآخر, وتعطي الأفضلية لفلان وتحجبها عن فلان. هل هذا صدفة? طبعاً ليست صدفة(. وابتسم بمرارة, ربما لعلمه أنه لن يحدث شيئ, ولن يتغير الأمر.‏

(الخدمات سيئة, والتوقيت سيء في شهر آب, لأن الناس يذهبون في هذه الفترة من السنة إلى قراهم. وإدارة المعرض تأخذ رسماً عالياً على الاشتراك في المعرض, ويضاف إليه رسم خدمات عال أيضاً, رغم عدم وجود خدمات). هذا ما قالته سمر حداد, مسؤولة دار أطلس.‏

أيد مسؤول دار (خطوات) هذا الكلام, وقال بأن رسم الخدمات كبير جداً, بالمقارنة مع سلة النفايات الموضوعة جانب الطاولة. ولكن دار فكر للأبحاث والنشر اللبنانية, وجدت بأن التوقيت غير سيء, والخدمات جيدة. أما دار الطليعة الجديدة, فقد رأت بأن رسم الاشتراك كبير, وليس هناك من خدمات تقدمها إدارة المعرض, فموظفو الدار يقومون بالتنظيف, كما قالوا. ووصف مسؤول مكتبة لبنان الخدمات بأنها متواضعة, على عكس ما أدلى به مسؤولا دار المدى والمكتبة العمومية بأن الخدمات جيدة والتنظيم ممتاز, وشاركتهما الرأي وزارة الثقافة السورية ومجمع اللغة العربية.‏

رغم أنها ليست كثيرة, ولكنها موجودة في المعرض: إنها ألعاب أطفال ووسائل ترفيه, وقطع خشبية, يتم تركيبها لتصبح مجسمات. ومن الطبيعي أن تصادف فتاة أنيقة, توقفك وأنت تتجول في المعرض, وتسألك عن اللغة التي تتكلمها, أو تود أن تتعلمها وتطورها. وبسبب لطفها الزائد, فإنك ستجيب على أسئلتها, بأنك تحب اللغة الإنكليزية. فتبدأ الفتاة بتقديم عرض مغر حقيقة, يتلخص في التسجيل بدورتي لغة إنكليزية, دون أن تداوم في المعهد, بل سيكون التدريس وأنت في المنزل, ويشرف عليك المعهد في حال الضرورة, أما بالنسبة للمبلغ المطلوب فهو شبه مجاني (أي 28 ألف ليرة لكل دورة), وهذا المبلغ بعد الحسم الجاري بمناسبة المعرض. تحاول أن تتملص من هذه الورطة, فتحاول الفتاة إقناعك بالحجز الآن قبل أن ينتهي المعرض ويعود السعر كما كان قبل الحسم, وهذا الحجز لايكلف سوى ألف ليرة. ولأنك متورم بالغنى وتبعثر مالك يميناً وشمالاً, فستضطر أن تعد الفتاة بأنك ستعود في اليوم التالي, لتسجل اسمك وتدفع الرسم المطلوب.‏

تنتشر الأشرطة في كل مكان من المعرض, منها أشرطة الدعوات الدينية لعمرو خالد وغيره من الدعاة. وهناك دور كثيرة, وخصوصاً في جناح الأطفال, تبيع الكاسيت وال (سي دي) الدينية.‏

ما الذي يجب أن تقوم به وزارة الثقافة بالتعاون مع إدارة معرض الكتاب, لإنجاح المهرجان السنوي؟

هناك من قال: لا شيء. وهناك من قال إنه يجب تنشيط الإعلام حول المعرض, قبل قيامه بشهر على أقل تقدير, ومن ثم فإن مراقبة الحسم على الكتب يجب أن يأخذ حيزاً كبيراً من اهتمام القائمين على المعرض.‏

في كل عام يشتكي عدد كبير من الناشرين من الرسم الباهظ للاشتراك, ومن رسم الخدمات الكبير. ولم يجد القائمون على المعرض أي حلّ لهذا الأمر. فمن الضروري, وبهدف تنشيط حركة الكتاب شبه المتوقفة, إجراء التسهيلات لهذا المهرجان, لا أن توضع العراقيل أمام الناشرين, ما يضطر بعضهم إلى الاشتراك بعجز أو عن طريق استدانة رسم الاشتراك.‏

تصرف أموال بسخاء على بعض المستلزمات, أضعاف أضعاف ما يصرف على طباعة الكتب, التي هي الشيء الأهم الذي يجب على وزارة الثقافة أن تنشط فيه. وأصبح من الضروري التفكير في كتب, يمكن أن نعدها كتباً وطنية نفتخر بها, ونعمل على ترويجها, بدل النواح على اندثار الثقافة العربية واللغة العربية, والجلوس للتفكير كالمقعدين, في كيفية الخروج من أزماتنا الثقافية. وحان الوقت, لأن نقوم بأنفسنا, بتكريم كبار مفكرينا السالفين, لا أن ننتظر الآخر حتى يكرمهم, فيريحنا.‏

عقبة زيدان

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...