ممدوح عدوان: لا يجب أن نترك الشاشة لمروجي التفاهة

15-08-2006

ممدوح عدوان: لا يجب أن نترك الشاشة لمروجي التفاهة

لو كان ممدوح عدوان حيا لكان مسرورا بفعل المقاومة اللبنانية ,وهو الذي عاش حياته مقاوما,حتى في لحظات حياته الأخيرة بهذه العبارات قدم د.مازن المبارك للندوة التي أقيمت ضمن فعاليات معرض الكتاب ,ورغم أن هدف الندوة كان دراسة نتاج ممدوح عدوان إلا أن الجميع أجرى مقاربات بشكل من الأشكال مع ما يحصل الآن ومع نتاج عدوان...

حسن .م يوسف رأى أنه لو كان ممدوح عدوان بيننا لما جعل هذه المناسبة تمر دون غمسها بالسياسة ولو كان بيننا لا ستهل كلامه بتوجيه كلمة حب وفخر للمقاومة وقائدها حسن نصر الله,وهاهو يقدم تحيته من خلالنا ..يتحدث الصحفي يوسف عن عدون ويبدو موقنا بردود أفعاله وهو الذي كان قريبا منه ويراه من بين كل الذين التقاهم الأكثر تفانيا في كل ما وهب نفسه له فهو يكتب كما لو أن لا شئ في حياته سوى الكتابة,يستمتع في حياته كما لو أن لا شئ في حياته سوى المتعة وهو الذي نهض عن مائدة العمر ولم يشبع.‏

متوهج في حياته كشعره وأدبه وكل نتاجه الذي تجسد ب(17)مجموعة شعرية و(26)نصا مسرحيا(22)كتابا مترجم عن الإنكليزية,و(16)مسلسلا دراميا,وأنجز روايتين...وكتب عدداّ لا يحصى من المقالات والزوايا الصحفية.‏

وتناول بالتفصيل الكاتب حسن .م يوسف إسهامه في الدراما التلفزيونية الذي بدأ في الوقت الذي بدأت الدراما السورية تشهد تحولا بعد عودة بعض السينمائيين الذين درسوا خارج البلاد وبسبب ندرة الفرص السينمائية توجه بعضهم للتلفزيون الأمر الذي شجع المثقفين الجديين على الكتابة الدرامية ومن بينهم ممدوح عدوان عندما كتب دائرة النار والذي اعتبر انطلاقة للدراما السورية محققا خرقا على صعيدين تقديم مشاكل مجتمعنا المعاصر, وكان بداية البحث الجاد عن الدراما التلفزيونية خارج عباءة الإذاعة.‏

لم ينطلق عدوان في تعامله مع التلفزيون من حبه له بل كان يقول لا يجب أن نترك الشاشة لعديمي الموهبة ومروجي التفاهة,كان يكتب الدراما ليروي قصصا وليقدم متعة,باحثا عن الصلة غير المرئية بين النفس البشرية تاركا الشخصية لتقدم حجتها ولعل هذه الفكرة أهم مفاتيح عدوان في الدراما يقول حسن .م يوسف.‏

ورغم أنه كان يعرف أن الحكومات كانت تدلل التلفزيون لأنه يساعدهم على دفع البشر إلى النوم العميق,ولكنه لم يقبل الشاشة كما هي بل نقل المعركة إليها مستخدما التلفزيون لا طلاق صواريخ القلق,مؤمنا أن الفن الجيد لم يعد ما تتلقاه وأنت مسترخيا,كل فن جيد يجب أن يوقظ أسئلة ما.ظل يوقظها طيلة حياته ورغم كل ما أنجزه كان يقول هناك أشياء في داخلي لم أعبر عنها بعد ,وبودي أن أنزل إلى الشارع وأشحد من الناس ربع ساعة من كل منهم.‏

جمال باروت اختار الحديث في الندوة عن شعر ممدوح عدوان مبينا انه رغم انه كتب في أجناس أدبية متعددة ولكنه كان يعتبر نفسه شاعرا بدرجة أساسية لأنه رأى الشعر متداخلاّ مع كافة الأجناس الأدبية.‏

ينتمي عدوان إلى جيل الستينات فقد بدأ كتابة الشعر في مجلة الآداب ومجلة شعر, وفي تلك الفترة التي كان عدوان يكتب فيها الشعر ارتبطت بمقولات الالتزام وبارتفاع الرايات وبالإيديولوجيات,كان عدوان في هذا الإطار شاعرا غنائيا منفتحا على روح الحداثة وتميزت حركة القصيدة في تلك الفترة بالإدراك الباطني والحديث للواقع وليبدو الشعر بديلاّ للعالم.‏

ممدوح في تلك الفترة فضل الغوص الدلالي ,والعودة إلى الرموز التاريخية والفلكلورية ذات التأثير السياسي والتي لها علاقة بروح المرحلة وتغيراتها.‏

كان ممدوح عدوان أقرب إلى فهم الشعر كنمط حياة مما يساعدنا على فهم شخصيته المتعددة,شخصيته النهمة للحياة وللشعر,الذي امتلك فيه غنائية عالية انطلقت من علاقة الذات بالأشياء.وفي آخر أيامه كان يحن إلى النثر بمعناه الجمالي الوقائعي اليومي.‏

الدكتور نبيل الحفار:لايزال يتذكره بضحكته المجلجلة التي تعلن عن حضوره,ومع انه بادرنا إلى ملكوت اللاعودة إلا انه ترك أعمالا في مختلف الأجناس الأدبية لكنه بدا شاعرا ولم يغادر روح الشعر في كل أعماله.‏

كان ناقدا مشاكسا يقول د.الحفار كتب الزاوية الصحفية لأثرها الراهن وسلط الضوء من خلالها على مكامن الخطأ بلغة سلسة مكثفة متمكنا من صوغ كلماته بحيث تصيب الهدف بدون إنشاء فارغ.‏

ترجماته عن اللغة الإنكليزية تصب في الاتجاه نفسه فقد كانت انتقاءاته للترجمة هادفة من منظور تفاعلها وتأثيرها في مجتمعنا.دخل الدراما بموضوعات معاصرة وشد المشاهد في معالجاته على صعيد الإمتاع وإثارة التساؤلات .‏

في المسرح كان تجريبيا بامتياز في معظم نصوصه ليس بالمعنى المهلهل للتجريب الذي أفرغ مسارحنا العربية من محتواها.‏

في جميع أعماله كان منفتحا على احتمالات التأويل والتجسيد,كان يناقش أو يعدل أو يغير بما يخدم مقولة النص الفكرية ,وكما في سائر أعماله كان عدوان ناقدا ثاقب البصيرة متمردا على كل ما يقهر الإنسان.‏

وتطرق الدكتور حفار إلى مجال لم يتطرق إليه أحد وهو ممدوح عدوان المدرس في قسم الدراسات المسرحية,كان التساؤل المشروع لدينا ترى هل يمكن تعليم الكتابة الدرامية للطلبة ,أجاب على هذا التساؤل ما فعله عدوان مع الطلبة الذين بدأت تصل إلينا نصوصهم المتعددة التجارب والمتنوعة والمنطلقة في أفق لا محدود مما يفتح المجال أمام الطالب لإطلاق طاقاته بحرية.‏

لقد فتح أمامهم احتمالات التأويل على مصاريعها مبينا حدود الممكن والمحتمل بشريا دون أن يقع في مطب تسطيح الشخصية أو مواقفها,ويكثر من إيراد الأمثلة والشواهد لدعم وجهة نظره وليعود الطالب على المتابعة المتنوعة وعلى المقارنة التحليلية. التدريس عملية بالغة الصعوبة والإمتاع لكنها موهبة ومعرفة معا,إن توفر الطرفان نجحت العملية وحققت أهدافها وهذا ما تحقق في شخصية ممدوح عدوان,لقد انصهرت خبراته المتعددة في بوتقة الإجابة على سؤال كيف ترسم الشخصية الدرامية ,كان الطلبة لا يفارقونه وهو لا يبخل عليهم محتملا طيشهم وتكاسلهم ونزواتهم ولم يتعامل معهم كطلبة بل كمواهب محتملة لمسرحنا السوري.

سعاد زاهر

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...