المفاضلة العامة خيبت الآمال وحطمت الأحلام

05-09-2006

المفاضلة العامة خيبت الآمال وحطمت الأحلام

نتائج المفاضلة العامة لهذا العام كانت مفاجأة، وإن كانت تصريحات المعنيين في وزارة التعليم العالي أكدت أن نتائج المفاضلة لهذا العام قاربت معدلات المفاضلة للعام الماضي.

وفي بعض الكليات لم تتغير علامة القبول عن مثيلتها في المفاضلة السابقة.. ولكن الحقيقة ان النتائج أصابت الكثير من الطلبة والأهالي بالبؤس والتشاؤم ووضعهم أمام خيارات صعبة جداً فإما الاستغناء عن العلم أو الدخول مضطرين لكلية فرضت شروطها اللامعقولة في ان يدخلوها أو ينتسبوا اليها تحت وطأة فرض المجموع المرتفع جداً أو علامات الاختصاص الأقرب الى التامة.. نعم التامة.

بعد صدور نتائج المفاضلة العامة.. كانت لنا جولة في مختلف كليات وأقسام جامعة دمشق حاولنا من خلالها رصد الآراء بشكل واقعي من صفوف الطلاب.. ‏ ‏

ديمة رفيق الرحية /250/ علمي قالت: أعترف ان وزارة التعليم نجحت بتحويل الطلاب الى آلات تسجيل تفرغ أشرطتها بسرعة في ساعات الامتحان.. فهل سأل المسؤولون أنفسهم ولو مرة واحدة ماذا يعني لطالب أو طالبة انه حصل على مجموع 232 من 240 بعد طي علامة التربية الدينية، ولا يحصل على حلمه وحلم ذويه بعد سنوات من الأمل والانتظار والترقب والاجتهاد.. أعترف وهذا فخر لي أنني درست من حزيران 2005 الى حزيران 2006 واتبعت دورة صيفية ومكثفة واظبت عليهما بشكل متواصل، وبذلت جهوداً مضنية كي أحقق حلمي وحلم أهلي. فمنذ الصف الأول الابتدائي ولغاية تقديم امتحان الثانوية هذا العام درست أكثر من 17 ساعة يومياً ولمدة /12/ شهراً كاملاً ليس لي هواية إلا الكتاب والدراسة حتى نلت 232 بعد طي علامة التربية الدينية أي أن معدلي يقارب 97%.. ومثلي كثيرات من المتفوقات اللواتي تعبن فحصدن ثمرة أتعابهن. ألا يعني هذا المعدل تفوقاً أم أصبح في عصر وزارة التعليم العالي في بلدنا أمراً عادياً، وماذا يعني ذلك؟؟!.. هل أصبحت الجامعات الحكومية محصورة في المميز وأصبح هناك مميز وفريد وآخر متفوق.. ومن ثم عادي.. وهل في العام القادم يبحث المعنيون عن سوبرمان الثانوية العامة حتى يدخل جامعاتنا بحجة ان كلية الطب في دمشق لا تستوعب الـ /500/ كما جاء على لسان وزير التعليم العالي.. هل هذا ذنبنا نحن؟!.. فإذا كانت كلية الطب في دمشق منذ /30/سنة تستوعب فقط /500/ لماذا لايتم توسيعها؟؟.. فهذا يعني بعد عشر سنوات الطب يكون العلامة التامة!.. ‏

الطالب أحمد عبد الحميد/ معيد للمرة الثانية قال: لا أعلم ماذا يجري ولكن المتتبع لما جرى ويجري اليوم فإن الاتجاه يسير نحو إغلاق هذه الجامعات أي الجامعات الحكومية، التي هي أملنا وهي سندنا وهي ضمانتنا نحن الفقراء، ولكن للأسف كل المعطيات تسير بصورة تدريجية بالتحول الى الجامعات الموازية والمفتوحة والافتراضية والخاصة.. ونتساءل هل أولياء أمرنا غريبون عن أحوالنا.. هل نستطيع نحن أبناء الطبقة الفقيرة هذه والذين يشكلون الأغلبية استكمال دراستهم في المفتوحة أو الخاصة؟.. ‏

أنا درست في المدارس الحكومية ومنذ السنوات الأولى كنت الأول على صفي وكنت من الأوائل على سورية في الثالث الإعدادي وأنا اليوم أحصل على 250 علامة من أصل /260/ أي 231 بعد طي علامة التربية الدينية.. وما أحزنني وأحزن أسرتي وجدي وجدتي أنني أعدت الثانوية كي أدخل أي فرع من فروع الطب ولكن للأسف كانت علامتي هي علامة العام السابق نفسها أي 231 أي أقل علامة واحدة.. فهل هذا عدل وهل يجوز ان يطلب من الطالب الحائز على الثانوية العامة الفرع العلمي معدلاً أقرب للمطلق كي يدخل كلية الطب البشري بينما يذهب طالب من طلابنا من الذين أنعم الله على والده الميسور.. أو..؟!.. الى الدول الشرقية بعد ان نجح في الإعدادية أو الثانوية أو الصناعة شحط.. ثم يعود بعد أيام أو شهور أو سنوات معه شهادة طب أو صيدلة أو هندسة ويتم تعديلها هنا؟! هل هذا عدل يا أخواننا يا أهلنا يا أولي أمرنا.. ‏

ما عرضناه لا يحتاج لا لتفسير ولا لتأويل، فالمشكلة تتكرر كل عام بل تزداد وباطراد صحيح ان نوافذ كثيرة فتحت للطلبة من مواز ومفتوح وافتراضي وخاص، وأن هذا الأخير بدأ يشهد توسعاً كبيراً. لكن جمهور هذه النوافذ مختلف وله خصوصية.. انه جمهور يقوى على تسديد الأقساط فماذا عن الذين لا يملكون قوت يومهم؟.. ‏

نحن مع التعليم العالي الخاص لأنه أرحم على الأسرة والوطن من هجرة طلابنا الى أوروبا وأمريكا وفرنسا ودول الاتحاد السوفييتي السابق، وعدم عودة أغلبهم وإنفاق مئات ملايين الدولارات عليهم سنوياً.. ولكن هذا الكلام يخص شريحة تملك وقادرة على الانفاق، في حين ان التعليم الجامعي المجاني وبفعل عرف الاستيعاب هو حق لجميع المواطنين ويجب توسيعه باستمرار ليستوعب جميع الراغبين من العلم والثقافة والتدريب علماً أننا نزداد سنوياً الى 2.7% على الصعيد السكاني ففي كل سنة يجب زيادة نسبة القبول في جامعاتنا الحكومية لا انقاصها، واطلاق تبريرات انها لا تستوعب.. لأن هذا ذنب الجهات المعنية وليس على الطالب.. لأن الطالب الذي يحصل على 232 بعد طي علامة التربية الدينية من المفترض ان يكون له الحق ان يدخل كلية الطب ومن يحصل على 38 من 40 في اللغة الانكليزية أيضاً من حقه ان يدخل قسم اللغة الانكليزية.. لأنه ليس من المنطقي ان تكون علامة الاختصاص باللغة الانكليزية 39 من 40 أو 40 من 40 وكذلك علامة الاختصاص باللغة العربية 53 من 60 في دمشق بينما في جامعة الفرات 54 من 60.. بل نستغرب أيضاً ان تكون معدلات القبول في جامعة الفرات أعلى من جامعة دمشق في المواد الأدبية مثل التاريخ مثلاً وغيره.. وفي النهاية اسمحوا لي ان أسوق هنا مثالاً بات معروفاً يمكن الاستفادة منه هو تجربة دولة فنلندا هذه الدولة الصغيرة ذات الـ 5 ملايين نسمة التي كانت جسراً بين الاتحاد السوفييتي السابق وأوروبا الغربية وعندما انهار الاتحاد السوفييتي قال الكثيرون انها ستواجه المجاعة لأن تجارتها مع الاتحاد السوفييتي السابق انتهت.. بيد ان فنلندا ركزت على الميزة النسبية لها وهي امتلاكها لـ 60 جامعة والقوة البشرية المدربة ولهذا فكرت سريعاً بتحويل الجامعات الى حاضنات للابتكار والإبداع ومراكز أعمال وجعلت حولها المناطق الصناعية وربطها بالصناعة وسوق العمل والنتيجة. إن دخل المواطن في فنلندا صار أعلى بكثير من باقي الدول الأوروبية المجاورة. ‏

عارف العلي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...