هل تكرر إسرائيل تجربة معبر رفح في لبنان؟

08-09-2006

هل تكرر إسرائيل تجربة معبر رفح في لبنان؟

رفعت إسرائيل، أمس، الحصار الجوي الذي كانت قد فرضته على لبنان لكنها أبقت في الوقت نفسه، وبرغم التصريحات المتفائلة، على الحصار البحري. وأشارت مصادر في رئاسة الحكومة الإسرائيلية إلى أن الحصار البحري قد يرفع في غضون الساعات ال48 المقبلة.
وأثار رفع الحصار غضب عائلتي الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله اللتين رأتا في استمرار الحصار إحدى أوراق الضغط من أجل تحريرهما. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى إيفاد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أحد كبار مساعديها إلى الأمم المتحدة للقيام بدور الوسيط الدولي في قضية الأسرى مع لبنان.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن الوسيط الدولي لشؤون الأسرى مع لبنان هو جيرالد كونارد الذي يعمل في المستشارية الألمانية. وليس من المؤكد لأحد في إسرائيل إن كان الأسيران الإسرائيليان على قيد الحياة أو نوعية الجروح التي أصيبا بها أثناء أسرهما.
وأعلن ديوان رئاسة الحكومة الإٍسرائيلية أن تأجيل فك الحصار البحري تم بالتنسيق مع القوات الدولية التي ستتسلم، ابتداء من يوم غد السبت، مراقبة المياه الإقليمية اللبنانية. وقبل لحظات فقط من موعد فك الحصار البحري،
أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة أن الحصار البحري سيتواصل، وبررت ذلك بعدم وصول القوات الدولية بشكل كاف للانتشار في المواقع المطلوبة في البحر.
غير أن مصادر إسرائيلية أكدت لاحقا أن عدم رفع الحصار البحري تم بناء على طلب من القوات الدولية نفسها التي طلبت مهلة 48 ساعة لأخذ مواقعها في البحر. وستتولى سفن فرنسية وإيطالية ويونانية مهمة المراقبة بدلا من الجيش الإسرائيلي إلى حين وصول القوة البحرية الألمانية المقرر ممارستها لمهامها بعد أسبوعين.
وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن قرار إلغاء الحصار الجوي اتخذ برغم توصية قيادة الجيش بعدم قبوله، داعية الى مواصلة فرض الحصار كورقة ضغط على الحكومة اللبنانية وعلى الأسرة الدولية على حد سواء من أجل إعادة الجنديين، وتجريد حزب الله من سلاحه وفرض نظام المراقبة لمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان.
وكانت مصادر عسكرية قد شددت، قبل اتخاذ القرار الإسرائيلي بفك الحصار، على أن توصية الجيش هي عدم فك الحصار وضرورة مواصلة الطلعات الجوية فوق الأراضي اللبنانية لجمع المعلومات الاستخباراتية، برغم القرار 1701 الذي يحظر ذلك. ومع ذلك فإن المصادر العسكرية الإسرائيلية شددت على أن لدى إسرائيل، عدا الحصار، أوراق ضغط أخرى على لبنان من أجل تحرير الجنديين وبينها التواجد العسكري على الأرض اللبنانية وحقيقة وجود خمسة أسرى من حزب الله بأيدي القوات الإسرائيلية.
ومع ذلك اعترفت المصادر العسكرية الإسرائيلية بأنه برغم الحصار البحري الشامل والحصار الجوي شبه الناجع، فإنه ليس بوسع إسرائيل فرض حصار بري على لبنان بعد قرار وقف النار. وقالت أنه ليست لدى اسرائيل معلومات حول استئناف تهريب الأسلحة بين سوريا ولبنان.
وكانت رئاسة الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت أمس الأول أن إيهود أولمرت تلقى اتصالات من كل من وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تبين أن القوة الدولية لمراقبة حظر تهريب الأسلحة بحرا وجوا باتت جاهزة وأنه بناء على ذلك تقرر رفع الحصار البحري والجوي.
تجدر الإشارة إلى أن الذريعة الإسرائيلية الأولى لفرض الحصار كانت من أجل منع تهريب المخطوفين إلى خارج لبنان. وبعد ذلك جاءت الذريعة الثانية وهي من أجل فرض حظر على تهريب الأسلحة لحزب الله عبر البر والبحر والجو. غير أن الذريعة الثانية سقطت فور إعلان وقف النار وعودة الحركة البرية بين لبنان وسوريا إلى ما كانت عليه سابقا. وجعل هذا من استمرار الحصار الجوي والبحري عملا عقابيا لا شأن له بالأهداف الحربية.
وتصر مصادر إسرائيلية على أن قرار الحكومة الإسرائيلية فك الحصار الجوي ولاحقا البحري إنما تم أساسا بسبب الضغط الأميركي والدولي بعد فقدان المبرر. وبررت الولايات المتحدة والأسرة الدولية مطالبتها بفك الحصار بالخسائر الاقتصادية التي تلحق بالحكومة اللبنانية والتي تضعفها أمام حزب الله داخليا. وقال الأميركيون لإسرائيل أن لا خيار لديهم سوى فك الحصار بعد الموافقة على القرار .1701
ورأى معلقون إسرائيليون أنه قد يحدث في لبنان ما يحدث في معبر رفح بين قطاع غزة ومصر. فهناك أيضا اتفاق دولي ينظم الرقابة الإسرائيلية على دخول الأفراد والبضائع وخروجها في ذلك المعبر. غير أن إسرائيل تخرق الاتفاق بين الحين والآخر وتطلب إغلاقه لأسباب أمنية. ولا يستبعد هؤلاء أن تقدم إسرائيل على ما يشبه ذلك مع لبنان في ظل القرار ,1701 مشيرين في هذا السياق إلى استمرار الطلعات الجوية الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية.
وفور علم ذوي الجنديين الأسيرين في لبنان بقرار رفع الحصار عن لبنان، استشاطوا غضبا وطلبوا عقد اجتماع فوري مع رئيس الحكومة. وفي الاجتماع تحدثوا بلغة قاسية عن أن الحكومة ورئيسها خانوهم مرتين: الأولى عندما قبلوا وقف إطلاق النار من دون إدراج الإفراج عنهما في البنود التنفيذية والثانية عندما رفعوا الحصار من دون الحصول على اشارة حياة من الجنديين وقبل أن تتقدم قضية الإفراج عنهما.
وكان شقيق الجندي إلداد ريغف قد قال إن الجنديين المخطوفين في لبنان الآن. ولكن رفع الحصار يعني أنهم سيكونون في طهران. ويجب أخذ العبرة من قضية رون أراد.
أما والدة هذا الجندي فأعلنت أن على كل أم إسرائيلية أن تنتظر أن يكون هذا مصير ابنها الذي يخدم في الجيش في أعقاب ما رآه الجميع في فيلم مصور عن كيفية اختطاف الجنود الثلاثة في العام .2000 وقالت أن ابنها وزميله اختطفا بالطريقة نفسها لأن أحدا لم يستفد من عبرالاختطاف الأول.
ودعا والد الجندي إيهود غولدفيسر أولمرت إلى الشروع فورا بمفاوضات من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى مع حزب الله. وأشار إلى أن <على الحكومة الإسرائيلية إجراء مفاوضات مباشرة تشمل مقايضة المعتقلين اللبنانيين بعودة أبنائنا. وقال لقد خاب أملنا في الحكومة مرتين. ونحن الآن نتوقع أفعالا لا وعودا.
تجدر الإشارة إلى أن وزير المواصلات شاؤول موفاز الذي بات يقارع أولمرت على زعامة حزب كديما اعترض على قرار رفع الحصار. وقال أنه لا ينبغي رفع الحصار من دون الحصول في مقابل ذلك على معلومات حول الجنديين الأسيرين.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...