نصُّ الفقيه: تحول السلطة

09-09-2006

نصُّ الفقيه: تحول السلطة

الجمل- معتز عبد اللطيف الخطيب:  نصّ الفقيه هو النص الشارح لنص الوحي والمبيِّن له، ومن ثَمَّ عَبرت سلطة النص الأول (الوحي) إلى النص الثاني (الفقيه)، لكن هل يجوز لنا تجاوز ذلك النص الشارح إلى النص المشروح ومن ثَمَّ التعامل معه مباشرة ودون وسائط؟ هنا يقف الخطاب الفقهي موقفاً سلبياً حين يقف عند نص الفقيه ويَعد تجاوزه دخولاً في دائرة الممنوع (المحظور شرعاً) وهنا يتم إحلال نص الفقيه مكان نص الوحي وتنتقل خصائص نص الوحي إلى نص الفقيه الأمر الذي استدعى - في الخطاب الفقهي - قواعد الأصول والحديث لتُطبق عليه كما طُبقت على نص الوحي تماماً ويُؤسس لهذا التطبيق كما أسس له في نص الوحي من قبل.
يدرس هذا البحث مفهوم النص، وكيف بدأ التأسيس لسلطته بمعزل عن كونه شرعياً، ليدرس بعد ذلك، ومن خلال تحليل للنصوص الفقهية كيف استخدمت هذه السلطة لإحلال نصّ الفقيه مكان النص الشرعي مُقَمّّصاً شخصيته، ومعطى صلاحياته مما استدعى معه إشكالاته في الإثبات والتحليل.
أزمة النص الديني:
ثمة أزمة حقيقية في التعامل مع النص الديني، سواء على مستوى التأويل والاستدلال، واختراق الحجب الكثيفة التي غطت النص الأول (الوحي)، في لحظة صفائه ونقائه، أم على مستوى الإثبات ومعايير القبول والرفض. وهذان مستويا التعامل مع النص الشرعي كما يؤسَّس لهما في العلوم الإسلامية التقليدية. وإذا أضفتَ إلى ذلك إشكاليات الواقع ورهاناته المستمرة مع تطورات العلاقة بين الإسلام والحداثة، والإشكالات المعرفية للقراءات المعاصرة للنص الديني فإن المساحة ستتسع لتقدير إضافات كثيرة بين مفردتي العنوان «أزمة النص»، خصوصاً وأن الإشكاليات المطروحة، لا تزال غير محسومة أو غير قابلة للحسم إلى الآن (على الأقل).
وإذا كانت الحضارة الإسلامية في مجملها «حضارة نص» (النص الديني)، فإن هذا يجعل عدم كفاية النصوص الأصلية الخالصة (الوحي) مشكلة جديدة تضاف إلى جملة ما قدمناه، الأمر الذي سوَّغ من قبل وجود «القياس» منهجاً لا يزال يشكل نقطة خلاف في التعامل مع النص، ويسوِّغ الآن إعادة البحث في إشكاليات النص جميعها.
- مفهوم النص: الدلالة اللغوية:
لا شك أن الدلالة اللغوية تمثل هنا نقطة البداية في تحديد مفهوم النص، حيث الصلة بين الدلالتين «اللغوية والاصطلاحية» لها معناها.
فالنون والصّاد - كما يقول ابن فارس (ت392هـ) - «أصل صحيح يدل على رفع وارتفاع وانتهاء في الشيء»(1)، والرفع هو «المعنى» المركزي لكلمة (نص)، وكل ما رفع فقد ظَهَرَ، وكل ما أُظهر فقد نُصَّ(2). ومن ثمّ سميت «المِنَصَّة» التي تُقْعَد عليها العروس، لِتُرى وتَظهر. وكذلك قولهم «وُضع على المِنصّة» يعنون به غاية الفضيحة والشهرة والظهور.
وكما هو واضح، فإننا نلحظ - على المستوى المعجمي - عدم وجود المدلول المعاصر لكلمة «نص»، الأمر الذي دفع بعض الباحثين إلى نفي وجود هذا المعنى في اللغة العربية(3)!.
- مفهوم النص: الدلالة الاصطلاحية:
لكن المتتبع للكلمة في التراث الإسلامي، يجدها مستعملةً بالمعنى المعاصر، أو بما يقاربه، نجد ذلك عند الشافعي (204هـ) في كتابه «الرسالة»، إذ يستخدم كلمة نص، ليعبّر بها عن «نسيج من العلاقات اللغوية المركبة التي تتجاوز حدود الجملة بالمعنى النحوي للإفادة»، فالشافعي يكثر من تعبير «نصُّ كتابٍ» في سياق بيان علاقة السنّة بالكتاب(4)، واستعمل اسم المفعوم منه: «منصوص»(5)، وهو يعني به - فيما يدلّنا عليه السياق - الكلام من القرآن والسنة، أو لفظ القرآن والسنة، وهو ما جعله الزركشي (794هـ) اصطلاح الجدليين(6)، وهذا أحد الاستعمالات الثلاثة للنص عند الشافعي.
فقد استعمل الشافعي النص أيضاً للدلالة على درجات قوّة الدلالة وضعفها (القطعي) وللدلالة على «الظني الدلالة» (الظاهر عند الأصوليين)، الأمر الذي يُحسب للشافعي، حيث أدرك مستويات الوضوح في الدلالة من المجمل إلى المبيّن، إلى زيادة البيان على حدّ تعبيره في «الرسالة»(7).
إن الاستعمال الأول عند الشافعي - وإن كان ما يزال بدائياً (وهو يتناسب مع بداية تأصيل علم أصول الفقه) - له دلالته المهمة في هذا السياق التاريخي، فلم نعثر - بعد البحث - على أي استعمال لكلمة (نص) عند أحدٍ قبل الشافعي، حتى عند محمد بن الحسن الذي تتلمذ له الشافعي. وهذا أمر له دلالته المهة فيما أحسب.
وإذا تجاوزنا الشافعي نجد تطوراً ملحوظاً في الدلالة لكلمة نص، وهي تظهر عند الحنفية، حيث نجد فصلاً عُقِدَ لـ«متعلقات النصوص» عند الشاشي (ت344هـ) تلميذ الكرخي، في أصوله(8)، ولا يخفى شدة وضوح دلالة العنوان على المعنى المعاصر للنص، بل إن الأصوليين كان لديهم وعيٌ تامٌ لمفهوم النص(9) حيث فرقوا بين «الخطاب» و«النّص»، فجعلوا للخطاب أنواعاً، وللنّص أقساماً (متعلقات النص)، وهي «عبارة النّص»، و«إشارة النّص» و«دلالة النّص» و«اقتضاء النص». والنّص يكون وصفاً للدلالة (مقابل الظاهر)، أو وصفاً للخطاب، وبهذا يظهر أن قول أبو زيد: «يظل مفهوم النص كما يطرحه الشافعي يدور في محور الدلالة اللغوية، ومعنى ذلك أن النقلة الدلالية الاصطلاحية لم تضف للدلالة اللغوية شيئاً يذكر (...) وقد ظلت تلك الدلالة الاصطلاحية [البين بذاته] هي الدلالة السائدة في الخطاب العربي حتى القرن السابع الهجري تقريباً» وأنها ظلت تتداول بهذه الدلالة (البيّن بذاته) في مجال العلوم الدينية كلها أو جلّها(10).
إذاً يظهر هذا القول مخالفاً للواقع، ولا يعكس صورة صحيحة لما عليه الاستعمال لكلمة «نص»، وربما يعود ذلك إلى مركزية البحث «المعجمي» في دراسته، الأمر الذي يؤكّده تجديده القرن السابع الهجري، وهو عصر ابن منظور (ت711هـ) صاحب لسان العرب، ومن ثم صّعُب عليه تحديد زمن التحول الدلالي للكلمة(11).
- النص والسلطة:
لا شك أن النص الديني حين يمارس سلطته على المدينين به، إنما يقوم بذلك تحت تأثير «مديونية المعنى»، الناشئة بدورها من مصدريته الإلهية. واعتماداً على هذه المصدرية، تتقوى مديُونية المعنى، لتصبح مستمرة عبر الزمان والمكان (الصلاحية لكل زمان ومكان)، لكن هذه السلطة وظّفت في كثير من الأحيان لصالح من يقوم بالتأويل، وليس لصالح النّص نفسه. حيث حدث خلط بين النص في لحظة صفائه، والنّص بعد تأويله، فصارت كل التفسيرات بل وعلوم الدين مساوية ومطابقة للدين نفسه! وحيث جرى «الدمج» بين التاريخي والثقافي والنسبي، وبين الكلام الإلهي المطلق عن الزمان مما جعل الخروج عن قواعد العلوم وتطبيقاتها على النّص يمثل خروجاً عن الدين نفسه، ومن ثمّ عدم الاعتراف بمشروعية أي قراءة/تأويل «جديد» لمجرد كونه «جديداً»، كما تمّ توظيف القاعدة المعروفة: «لا اجتهاد في مَوْرد النّص» توظيفاً يقوم على خلطٍ بين مفهومي النّص في اصطلاح الأصوليين (الذين أشرنا إليهما آنفاً) وهما النص كملفوظ، والنص كدلالة (قوة الدلالة وضعفها)، الأمر الذي سمح لتلك القاعدة بأن تصبح سلاحاً يُرفع في وجه الخصم والمؤول الجديد!
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن كتاب أرسطو في المنطق كان يسمى «النّص» كما يذكر ابن خلدون(12)، وهو أمرٌ له دلالته في هذا المقام، فأرسطو المعلم الأول، وكتابه في المنطقة «النّص» وهو «زيادة بيان» للنقلة الدلالية لكلمة «نص» من الدلالة اللغوية (الرفع والظهور) إلى الدلالة الاصطلاحية (الكلام) حيث تمّ إطلاق «نص» على كتابٍ كامل.
والجدير بالذكر أن متقدمي اليونان درجوا على تقسيم أرسطو للمنطق إلى أبواب ثمانية (المقولات، العبارة، القياس، البرهان، الجدل، السفسطة، الخطابة، الشعر) فهل كان «النص» (كتاب أرسطو) يمارس سلطةً على من جاءً بعده، حتى أنهم لم يخرجوا عن تقسيماته، وأُقيمت الشروح له، كما أقيمت الشروح - قبل ذلك للقرآن؟ وهل كانت تسمية «النّص» إسقاطاً من إسقاطات الثقافة «النصيّة» وضعها المترجمون لكتاب أرسطو؟ أم هي من إطلاق الفلاسفة المسلمين، توازي تسمية «الكتاب» لسيبويه في مقابل القرآن؟
كان «المنطق» يمثّل العلم اليقيني، أو المنهج الذي يُعرف به الحق من الباطل، فكان معيار التفكير الذي يقوم بتقويمه، ويعصمه من الزلل، ومن ثم نُسب للغزالي قوله: «لا ثقة لنا بمن لم يدرس المنطق»، لأجل ذلك كانت المحاولات لنقد المنطق، نحو «نقض المنطق» و«الرد على المنطقيين» تمثل التحرر والانعتاق من سلطة «النص القديم/المنطق»، لتعيد التأسيس «لنصّ» آخر يكون مكان النص القديم ويأخذ سلطته، وهو القرآن، ومرجعيّة الوحي، في تقويم الفكر، ويكون إليه الملجأ عند الاختلاف، ومن ثمّ قالوا: «من تمنطق فقد تزندق» فالأمر إذن: نصٌّ في مقابل نص!
ربما يعني هذا أن كلمة «نص» لا تكاد تنفك عن «السلطة» بحيث أصبحت المادة اللغوية (النون والصاد) تختزن في حرفوها معنى السلطة.
- النّص: تحول السلطة:
اتسع مفهوم «النّص» حتى شمل «كلام الفقيه» بالإضافة إلى «نصّ الشارع»، فصارت أقوال الفقيه تُسمى نصوصاً. وكما يقول الزركشي (ت794هـ): «نصُّ الشافعي، فيقال لألفاظه نصوص باصطلاح أصحابه قاطبة»(13)، ويقول النووي (ت676هـ): «وحين أقول النص، فهو نص الشافعي رحمه الله»(14)، ويعلل الشارح تلك التسمية بأنه مرفوع القدر أو مرفوع إلى الأمام!(15)
هكذا بدأ نصّ الفقيه يكتسب قدسية موازية للنص القرآني أو النبوي، الأمر الذي سيتسع فيما بعد ويصل إلى التصريحات الواضحة والتطبيقات العملية، إلى درجةٍ طُبّقت فيها آليات «النّص» (الوحي) على نصّ الفقيه، إثباتاً واستدلالاً، وتحولت السلطة من النص الأول (الوحي) إلى النص الثاني (الفقيه).
- حُمَّى المذهبية:
بلغ التمحور حول كلام إمام المذهب والبحث والتوثق من ثبوته عن الإمام نفسه مبلغاً يكاد يوازي بعض وسائل إثبات السنة نفسها. الأمر الذي يَعدُّه البعض مفخرةً، وهو في واقع الأمر هَدر للجهود البشرية وإمكانات العقل من جهة، ووقوعٌ في أسر سلطة الفقيه من جهة أخرى.
وهكذا أخذ النووي يقول في أثناء كلامه على المفتين، في مسألة رجوع العاميّ إلى المفتي القاصر (والذي لم يبلغ كمال صفات المفتي) ولم يوجد سواه: «إن كان في غير بلده مفتٍ يجد السبيل إليه، وجب التوصل إليه بحسب إمكانه، فإن تعذّر ذَكَرَ مسألته للقاصر، فإن وجدها بعينها في كتاب موثوق بصحّته، وهو ممن يُقبل خبره نقل له حكمها بنصّه، وكان العامي فيها مقلّداً صاحب المذهب»(16).
إذن فالعامي عليه أن يرحل ليستفتي، وهذا ما يقابل «الرحلة في طلب الحديث». والمفتي القاصر عليه أن يُفتش عن نصوص الإمام في المسألة بعينها، ويقتصر دوره على مجرّد «الناقل» لنصّ الإمام، أي «المبلّغ». ذلك أن المقلّد لا يباح له النظر في «النص» (الوحي) بمعزلٍ عن نصوص إمامه، لذلك توجّه بحثه إلى مصدر التشريع الوحيد بالنسبة له، وهو نصوص الإمام!
وحَسَب النووي، فإن المفتي القاصر يُشترط فيه حتى ينقل (مجرّد نقل) نصّ الإمام للعامي أن يكون ممن يُقبل خبره، أي أن تتحقق شروط الرواية المذكورة في «صفة من تقبل روايته» من كتب مصطلح الحديث.
لكن النووي يسكت هنا عن سؤال مهم، وهو: مَن الذي يحدد أن «المفتي القاصر» ممن تقبل رواته أم لا؟ لا بد أن يكون إما «العامي»، وإما «المفتي القاصر»، والعامي ليس أهلاً لذلك فالمفتي القاصر إذن يقرر ويحكم على نفسه هل هو ممن تقبل روايته أم لا! وربما يحيلنا النووي إلى أهل الحديث (المختصين بالجرح والتعديل)، وبذلك يتأكد القول ليس في تطبيق قواعد الحديث فحسب، بل في الاستعانة بعلمائه ضمن اختصاصهم نفسه!.
لقد اشتُرط في المفتي الذي يعتمد على الكتب أن يعتمد على نسخةٍ موثوق بأنها مذهب ذلك الإمام. قال النووي: «فإن لم يجده إلاّ في نسخة غير موثوق بها. فقال أبو عمرو: ينظر (...) فإن أراد حكايته عن قائله فلا يقل: قال الشافعي مثلاً كذا، وليقل: وجدت عن الشافعي كذا، أو بلغني عنه، ونحو هذا»(17)، الأمر الذي يقابل نقل الحديث النبوي «بصيغة التمريض»، (قيل، روي، ..) إذا لم تثبت صحّته.
وفي تعارض قولي الإمام، يعتبر في ترجيح أحدهما على الأخر - كما يقول النووي - «صفات الناقلين للقولين»(18)، ويتابع القول: «اعلم أن نقل أصحابنا العراقيين - لنصوص الشافعي وقواعد مذهبه - أتقن وأثبت من نقل الخراسانيين»(19).
ومن المعروف لدى الفقهاء أن هناك خلافاً كبيراً في نقل نصوص الإمام، قال النووي: «لا يجوز لمفت على المذهب الشافعي إذا اعتمد النقل أن يكتفي بمصنف ومصنفين ونحوهما (...) لكثرة الاختلاف بينهم (...) لأن المفتي المذكور إنما ينقل مذهب الشافعي، ولا يحصل له وثوق بأن ما في المصنَّفين هو مذهب الشافعي أو الراجح منه، لما فيها من الاختلاف... بل قد يجوز نحو عشرة من المصنفين بشيءٍ وهو شاذٍّ بالنسبة إلى الراجح في المذهب ومخالفٌ لما عليه الجمهور، وربما خالف نصَّ الشافعي أو نصوصاً له»(20).
هنا يغيب تماماً «النص الخالص» (الوحي) من الاعتبار، ويتوجه البحث إلى نصوص الإمام، وبيان المذهب الذي سيكون «المبيّن» و «الشارح» للنّص الأول، الدور الذي كانت تقوم به «السنّة» قبل ذلك!
لكن السؤال المشروع هنا: ما مصدر الاختلاف بين هذه الكتب في نقل المذهب ونصوص الإمام؟
واستخدام تعبير «شاذ» هنا - وهو المصطلح الحديثي بامتياز والذي يُقصد به مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه - يستبعد احتمال الطعن في الناقلين، ويسلّم مسبقاً بوَثَاقتهم وإن كانوا عشرة، وخالفوا المعروف والراجح في المذهب!
أخيراً: لا شك أن «المفتي القاصر» كان بإمكانه أن يبلغ درجة «المفتي الكامل» في الوقت الذي أمضاه بحثاً عن نصوص الإمام، فيما لو أمضاه في البحث والدرس في المسألة، هذا إذا كانت درجة «المفتي القاصر» ممكنة التجاوز في العقل الفقهي ذلك.
- تعدد الشارع:
تستعمل كتب الأصول «الشارع «وتعني به «النبي» صلى الله عليه وسلم، حيث إنه هو المبلغ للنص (الوحي) والشارح له، فإذا كان الشارع في حق المكلّف (قبل زمن التمذهب) هو النبي، فإن الشارع (بعد زمن التمذهب) هو الفقيه!
ينقل النووي عن أبي عمرو بن الصلاح (ت643هـ) قوله: «وإذا كان المفتي يفتي على مذهب إمام، فرجح لكونه بانَ له قطعاً مخالفة نص مذهب إمامه، وجب نقضه - وإن كان في محل الاجتهاد - [كذا]، لأن نصَّ مذهب إمامه في حقه كنص الشارع في حق المجتهد المستقل»(21).
وهكذا لا يجوز للمقلّد - وإن كان في محل الاجتهاد - مخالفة نص الإمام. وهذا ما يبرز مدى استحكام سلطة الفقيه في المنتسبين إلى مذهبه، ونلحظ هنا مساواة نصّ الفقيه بنصِّ الشارع (الوحي) في حق المقلّد وهو تقسيم «طبقي»، قد يكون له صلةٌ بموضوع تبرير السلطة (سلطة إمام المسلمين).
- لا اجتهاد في مَوْرد النص:
سبقت الإشارة إلى «الخلط» الذي يتمُّ بين دلالتي مصطلح «النص» (اللفظ، الدلالة)، ولكننا نضيف هنا «خلطاً» من نوع آخر، وهو تعدد مصدر النص، فإذا كان النّصُ - سابقاً - يعني (الوحي) فإن النّص هنا يعني (نص الفقيه) يقول النووي:
«وله [أي المفتي] أن يُفتي فيما لا نصَّ فيه لإمامه بما يُخرِّجه على أصوله، هذا هو الصحيح الذي عليه العمل وإليه مَفْزع المفتين من مددٍ طويلة»(22). فليس للمفتي مع ورود النّص لإمامه - والنّص هنا بمعناه المعاصر - ولا يعني أن له أن يجتهد فيما لا نصّ فيه، وإنما يخرجه على أصول إمامه، أو بالقياس!
- انقلاب مصدر التشريع:
إذا كان نص الفقيه في حق المقلّد - وكلنا اليوم مقلد حسب الخطاب الفقهي - كنص الشارع في حق المجتهد المستقل، فإن كل أحكام «النص» (الوحي) تسري على «النص الثاني» (نص الفقيه)، ومن ثم فإن مصدر التشريع بالنسبة للمقلّد (المسلمين جميعاً اليوم) هو نصوص الفقيه!! أجل نصوص الفقيه، بحيث تستنبط منها الأحكام، يقول النووي: «ثم يتخذ [المجتهد المقيد] نصوص إمامه أصولاً يستنبط منها كفعل المستقل بنصوص الشرع»(23)!!.
وقد حدث هذا بالفعل، فمن الأمثلة: أن الأوصاف المستحبَّة في العروس أن لا تكون شقراء، فقد أمر الشافعي الرَّبيعَ [تلميذه] أن يردّ الغلام الأشقر الذي اشتراه له وقال: ما لقيت من أشقر خيراً قطُّ، وقصّته مع الأشقر الذي أضافه في عَوْده من اليمن مشهورة»(24) كما يقول الخطيب الشربيني. ونحن في غنى عن سياق تلك القصة أيضاً، ولكن الذي يُهمنا هنا، أن القصة اتخذت للاستشهاد والاستنباط، فقد استُنبط منها حكم «للمقلّد» في «المنكوحة»، الأمر الذي يعكس حدود السلطة التي وصل إليها «نصّ الفقيه».
- التأويل وتجاوز النص:
إذا كان التأويل وتجاوز النص قد مورسا على نطاق واسع في «النص الأول» (الوحي)، فإن الأمر نفسه حدث مع «نص الفقيه».
ومثالاً: نصَّ الإمام الشافعي، على أنه لا يستحب أن يتزوج من العشيرة، ووردت أقوال في المسألة، فلجؤوا إلى تأويل نص الشافعي لمناقضته نصوص التشريع الأصليّة (الوحي). فقال الشربيني - مثلاً - «والأولى حَمْل كلام الشافعي - رضي الله عنه - على عشيرته الأقربين، ولا يُشكل ذلك بتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب، مع أنها بنت عمه، لأنه تزوجها بياناً للجوزا، ولا بتزوّج علي لفاطمة لأنها بعيدة في الجملة...»(25)، وفي موضوع تكفير القائل بخلق القرآن الذي حكم به الشافعي يعلق الشربيني قائلاً: «وأوّل نص الشافعي بتكفير القائل بخلق القرآن، بأن المراد كفران النعمة، لا الإخراج عن الملّة، قاله البيهقي [458هـ] وغيره من المحققين»(26).
وهكذا يعود «التأويل» على النص بالهدم والنقض أحياناً، وبالتجاوز أحياناً أخرى، ثم يكون هذا النهج (التأويل) مذهبَ المحققين! فالكفر كفران النعمة، وفعل غير المستحب لبيان الجواز، وذات الفعل يكون من الكافر «استدراجاً» ومن المؤمن «كرامةً»! إنه كيلٌ بمكيالين، تتلاشى فيه المنهجية المحكمة، وتَحِلُّ فيه الازدواجية في الأحكام والمعايير، كل ذلك تحاشياً من رفض النّص (رغم بشريته)، الأمر الذي يعكس نفوذ «نص الفقيه» على «المحققين». وهو ذات الأمر الذي حدث في «النص الأول» (الوحي) كما فعلوا في حديث «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» فذهب الفقهاء «المحققون» إلى تأويله بـ «لا صلاة كاملة»، أو «لا صلاة تامة» أو «لا صلاة صحيحة»!.
- أبدية السلطة: الصلاحية المطلقة:
إن كانت عدم كفاية النصوص في تعاقب الحوادث دعت الأصوليين ليقرروا «القياس» مصدراً من مصادر التشريع، ليستوعب لا متناهي «الحوادث والزمان»، ويحلّ إشكالية صلاح التشريع لكل زمان ومكان مع محدودية النصوص، فإن الفقهاء لجؤوا إلى ذات الشيء، الأمر الذي يعكس مسلّمةً هي صلاحية «نصّ الفقيه» لكل زمان ومكان واستمرار سلطته، فمن شروط المجتهد المقيّد كونه «قيّماً بإلحاق ما ليس منصوصاً عليه لإمامه بأصوله (...) ثم يتخذ نصوص إمامه أصولاً يستنبط منها كفعل المستقلّ بنصوص الشارع»(27). وهو الأمر الذي يجعل نصوص الفقيه لا متناهية (توالدية).
- تعدد نصوص الفقيه وتناقضها:
لم تخلُ نصوص الفقيه من تناقض، الأمر الذي يقابله «تعارض ظواهر النصوص» عند الأصوليين، والذي تناولوه في باب «التعادل والترجيح».
قال النووي: «قال بعض أصحابنا: إذا نصَّ المجتهد على خلاف قوله، لا يكون رجوعاً عن الأول، بل يكون له قولان، قال الجمهور: هذا غلط؛ لأنهما كنصّين للشارع تعارض وتعذّر الجمع بينهما، يُعملُ بالثاني، ويُترك الأول»(28) «وليس للمفتي ولا للعامل المنتسب إلى مذهب الشافعي - رحمه الله - في مسألة القولين أو الوجهين أن يعمل بما شاء منهما بغير نظر، بل عليه العمل بآخرهما إن علمه، وإلاّ فبالذي رجّحه الشافعي، فإن قالهما في حالةٍ واحدٍ، ولم يرجّح واحداً منهما (...) أو نُقل عنه قولان ولم يُعلم أقالهما في وقتٍ أم في وقتين، وجهلنا السابق - منهما - وجب البحث عن أرجحهما فيعمل به، فإن كان أهلاً للتخريج أو الترجيح، استقلّ به متعرّفاً ذلك من نصوص الشافعي، ومأخذه وقواعده... فإن لم يحصل له ترجيحٌ بطريق توقف حتى يحصل»(29).
وكما هو واضح، فقد تناول الكلام السابق قواعد أصولية هي من اختصاص «النص الأول» (نص الوحي)، وهي: مسألة «النسخ» إذا عُلم التاريخ، و «الترجيح» إذا جُهل التاريخ، ويكون الترجيح بكثرة الأدلة أو بوجود العاضد والموافق، وهو في اصطلاح الأصوليين «ترجيحٌ بحسب المرويّ». وثمة ترجيحٌ بحسب حال الراوي وهو غير مستبعدٍ في هذا السياق فقد قال النووي: «فإذا تعارض الأعلم والأروع قُدِّم الأعلم، فإن لم يجد ترجيحاً عن أحد اعتبر صفات الناقلين للقولين والقائلين للوجهين»(30). وثمة وجه آخر للترجيح وهو ترجيح بحسب الرواية من حيث كثرة الرواة يقول النووي: «ويرجح أيضاً بالكثرة ويُحتاج حينئذٍ إلى بيان مراتب الأصحاب ومعرفة طبقاتهم وأحوالهم»(31). فإن لم يكن الترجيح فالحاصل هو «التعادل» وهو تساوي الأدلة فتتساقط لانعدام المرجح، والتعارض إنما هو حاصل في ذهن المقلّد.
هذه الاعتبارات في التعادل، وفي الترجيح بحسب الرواية والراوي والمروي، استعيرت من نصوص الشارع (الوحي) وطُبِّقت على «نصّ الفقيه» مصدر التشريع بالنسبة للمقلّد.
والنووي مرجح المذهب الشافعي، يورد هذه الاحتمالات العقلية الكثيرة في تعارض نصوص الفقيه الأمر الذي يسهل في مقابله الاستنباط من «النص الأصلي» (الوحي) مباشرة، وباحتمالات أقلّ بكثير من هذه الاحتمالات المطروحة مما يقترب من الصواب أكثر من الاعتماد على نصّ الفقيه!
ولا يخفى أن هذه الاحتمالات تشكل متاهة عقلية مستغرقة في الظن العقلي الذي لا يقوم معه حكم في الواقع. ومع هذه الاحتمالات التي تهدد العقل البشري وتكبّله، يظلُّ الاغتراف من «النص» (الوحي)، محظوراً على المقلد (المسلمين جميعاً) هذا إذا تغاضينا عن الإشكالات المنهجية في اتلطرح السابق.
إن منشأ هذه الاحتمالات جميعاً هو قياس «نص الفقيه» على «نص الشارع» (الوحي)، وفيه ما فيه من الخلط بين «النص الإلهي» والنص البشري «نص الفقيه» الخاضع للظن والوهم والخطأ والعوارض البشرية جميعاً.
ومن هذا القياس الخاطئ تواردت تلك الاحتمالات: وانتقل «المقعِّد» من بيان تعارص «نصوص الفقيه» إلى تعارض «نصوص الشارع» مع استبدال لكلمة «فقيه» بكلمة «شارع» فقط، وأجدني في غني الإفاضة في مبلغ السلطة التي وصل إليها «نص الفقيه» والتي نَتَقالُّ كلمة «سلطة» عليها، ثم إن دائرة الإمكان العقلي تتسع عند الفقهاء إلى تصوُّر أن الفقيه يمكن أن يقول قولين متعارضين في وقت واحد! وإلى اتهام الناظر/ المقلد نفسه، وأن التعارض حاصل في ذهنه وصرف النظر عن إشكالية التناقض في أقواله الفقيه نفسه.
ونؤكد مرة أخرى على أنه تم استبعاد «النص» (الوحي) من دائرة البحث والترجيح هنا على الأقل، فكان يمكن أن يتميّز من «نص الفقيه» الأقرب إلى «النص» (الوحي)، ولا يخفى مبلغ الظن الذي احتفَّ بأقوال الفقيه (نصوصه) الشارحة «للنص» (الوحي) من حيث استنباطه أولاً، ومن حيث معرفة أيّ الأقوال هو الراجح ثانياً، ومن حيث دوائر الإمكان التي تحتويها عملية «الترجيح» ثالثاً، هذا إذا لم نتعدَّ ذلك إلى اعتبار أحوال الناقلين وإشكالية العدالة والثقة فيهم، والاختلاف في مراتبهم وصفاتهم، أضف إلى ذلك شروح «نص الفقيه» وما تلاها من تأويلات...
ثم إن التوقف في الترجيح حيث تساوي الأدلة يعني ««لا حكم»، هذا «اللاحكم» يبدو وكأنه خير من العودة إلى «النص الأصلي» (الوحي) مباشرةً، ونبذ التقليد!
- اجتياز السلطة:
إذا كانت النقاط السابقة في البحث تبيّن كيف سوِّي بين السلطتين: سلطة «نص الفقيه» وسلطة «نص الشارع»، فإن الأمر انتهى إلى دَمْج السلطتين (سلطة مضاعفة)، وأدّى إلى هيمنة سلطة «نص الفقيه» على سلطة «نص الشارع» تحت مبررات غير موضوعية كامتلاك اللغة، والقرب من عهد تنزّل «النص الأول» في لحظة صفائه، وكونهم من خير القرون، وغير ذلك.
لقد تم دمج السلطتين وتطابقهما نتيجة الخلط بين التاريخي والمطلق، وتناسي المسافة الفاصلة بين النصّين، ثم يتفاقم هذا الخلط حتى يصل إلى تجاهل «النص» (الوحي)، واستبعاده في الخطاب الفقهي، بحيث يشكل «نص الفقيه» نقطة الحدود، أو السقف الذي لا يمكن تجاوزه في البحث والنقاش، ليس لعدم الاعتراف بسلطة «النص» (الوحي)، ولكن بحجة أن «الفقيه» أو «المفسّر» هو الحامي للنص والناطق الرسمي باسمه والقيّم على شرحه، والواقع أن الخطاب الفقهي المعاصر يؤسس لتلك السلطة الفقهية لأنها تشكّل رصيده الذي يرتكز عليه، ويؤسس سلطته من خلاله، لذلك هو يسكت في خطابه ذاك عن مطلبه الأساسي الذي يلحُّ عليه بشدة ورغبته المحمومة تدفعه إلى أن يكون «عنيفاً» بوصفه الحامي لسلطة «الفقيه» والقيّم على شرح نصوصه، بمعنى أنه بذلك يؤسس سلطته من خلال سلطة «نص الفقيه» وهكذا تتشكّل السلطة الثالثة، وتنتقل من جيل إلى جيل، ويبلغ الأمر مداه حين يقول الكرخي (أبو الحسن، ت   هـ) وهو من كبار أئمة الحنفية: «كل نصّ يخالف ما عليه أصحابنا - يعني الحنفية - فهو إمّا منسوخ أو مؤوّل»، ويقول مُلاّ علي القاري، وهو من الحنفية أيضاً: «المجتهد إذا استدل بحديث على حكم من الأحكام، فلا يتصوّر أن لا يكون صحيحاً، أو حسناً عنده ثم لا يضرّه دخول ضعفٍ أو وضعٍ في سنده»(32)، الأمر الذي يعكس مدى مركزية الفقيه وسلطته المطلقة على المقلد (المسلمين جميعاً). حيث يصبح «النص» (الوحي) تابعاً للفقيه، فيُنسخ أو يؤوّل لينسجم مع مذهب الفقيه، نقول هذا، وندرك التبرير الذي يمكن أن يكون في الخطاب الفقهي المعاصر لقول الكرخي.
لقد صار «النص» (الوحي) في الوعي الإسلامي نصّاً «مجمداً» أوقفته تلك النصوص الفقهية التي أقيمت دونه، وجُعلت وسيطاً بينه وبين المؤمن، وتكاثفت الحجب منذ قرون الخيرية وحتى الآن.
و«النص الثاني» يخفي وراءه حجبه «للنص الأول» عن طريق تأسيس سلطته هو نفسه، وهو لا يلغي سلطة «النص الأول» بل يدعمها لأنه يستمد مشروعيته، ويستقي سلطتها منها، السلطة التي تفسِّر توظيف «النص الأول» وكيفية تحوله من أداة لمشروع نهضوي هدفه تغيير الواقع إلى مصحف للزينة والتهادي و «البركة»، وكسب الحسنات في «مواسم» الطاعة، وفي حفلات التأبين والمآتم، الأمر الذي يعكس ثباته وتوقفه عن إنتاج الدلالة، وهدر فاعليته الحقيقية في الواقع.
إن الأمر الذي لا يمكن تجاهله أو غفرانه هو الخلط الذي يقوم به الخطاب الفقهي المعاصر بين «نص الفقيه» و «المفسر» الذي هو ناتج بشري قافي تاريخي احتمالي وبي «نص الوحي» الذي هو إلهي مطلق يتجاوز التاريخ، والأدهى من ذلك تجاهل تاريخية الأدوات التي يستخدمها كل من الفقيه والمفسِّر ونسبيتها تبعاً لاختلاف الأفهام، ومنحها الثبات والقداسة ووقف الاجتهاد فيها أولاً، وفي تطبيقاتها ثانياً، وبهذا يتم المطابقة بين الاجتهاد والوحي!!.
الهوامش:
(1) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، بيروت، دار الفكر، د.ت، ط3، تح عبد السلام هارون، جـ5، ص356.
(2) ابن منظور، لسان العرب، بيروت، إحياء التراث العربي، ط3، 1993م، مادة (نص)، والزبيدي، تاج العروس، الكويت، وزارة الإعلام، د.ط، 1979م، تح عبد الكريم العزباوي ج18، ص180.
(3) أبو زيد، نصر حامد، النص - السلطة - الحقيقية، بيروت - الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط1، 1995م، ص150.
(4) كذلك قوله «نصّ سنّة»، انظر: الشافعي، محمد بن ادريس، الرسالة، شرح وتحقيق: أحمد شاكر، بيروت، دار الكتب العلمية، ص88، ص92، ص104، ص105، ص158، ص576.
(5) المصدر نفسه، ص172، ص545، ص590.
(6) الزركشي، البحر المحيط، تح: الشيخ عبد القادر العاني، الكويت، وزارة الأوقاف، ط2، 1992م، جـ1، ص462.
(7) الشافعي، م.س، ص27 - 28.
(8) الشاشي، أصول الشاشي، بيروت، دار الكتاب العربي، د.ط، 1402هـ، ص99. وورد استعماله بمعنى «الكلام» في «الفصول في الأصول» للجصاص، (ت370هـ)، ط1، الكويت، وزارة الأوقاف، 1405هـ، تح: عجيل النشمي، ج2، ص321، ج1، ص227.
(9) الحاج ابراهيم، عبد الرحمن، ظاهرة القراءة المعاصرة للقرآن: أيديولوجيا الحداثة، مجلة «الملتقى» العدد (00)، أكتوبر/تشرين الأول 1999م، ص6، الهامش (17)، ص9-10.
(10) أبو زيد، النص..، م.س، ص153، 154.
(11) صرح بذلك أبو زيد نفسه، انظر المصدر السابق، ص157.
(12) ابن خلدون، عبد الرحمن، المقدمة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1993، ص401.
(13) الزركشي، م.س، ج1، ص462.
(14) النووي، المنهاج، مع شرحه (مغني المحتاج)، مصر، مطبعة البابي الحلبي، د.ط، 1958م، ج1، ص12، سطر2 - وانظر النووي، المجموع شرح المهذب، بيروت، دار الفكر، د.ط، ج1، ص5، السطر 3. ونشير هنا إلى أننا سوف نركز بشكل كبير على نصوص الإمام النووي، ونعتبرها ممثلة للخطاب الفقهي التقليدي، بوصفه نموذجاً مثالياً للمتأخرين منهم، فضلاً عن كونه مرجح مذهب الإمام الشافعي، وعليه المعمول في كثير من مسائل المذهب وترجيحاته.
(15) الخطيب، مغني المحتاج، م.س، ج1، ص12.
(16) النووي، المجموع، م.س، ج1، ص45.
(17) المصدر السابق، ج1، ص17، سطر 2.
(18) المصدر نفسه، ج1، ص68، سطر 6 (وأسفل).
(19) المصدر السابق، ج2، ص69.
(20) م.ن، ج1، ص47، سطر 6.
(21) م.ن، ج1، ص45، سطر 6 (وأسفل).
(22) م.ن، ج2، ص43، سطر 5 (وأسفل).
(23) م.ن، ج1، ص43، سطر 11 (من الأسفل).
(24) الخطيب، مغني المحتاج، م.س، ج3، ص127، سطر 7 (من الأسفل).
(25) المصدر السابق، ج3، ص127.
(26) المصدر نفسه، ج4، ص135، سطر 3.
(27) النووي، المجموع، م.س، ج1، ص43، السطر 12 (وأسفل).
(28) المصدر نفسه، ج2، ص67.
(29) م.ن، ج1، ص68.
(30) م.ن، ج1، ص68.
(31) م.ن، ج1، ص69، سطر 4.
(32) القاري، الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، بيروت، المكتب الإسلامي، ط2، 1986م، تح: لطفي الصباغ، ص207، ص208.

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...