الإنترنت تعطي فن الخط العربي حياة ثانية

21-11-2010

الإنترنت تعطي فن الخط العربي حياة ثانية

تعتبر شبكة الإنترنت من أبرز المستجدات التكنولوجية الحديثة، بل أنها أضحت أسلوباً للتعامل اليومي ونمطاً للتبادل المعرفي بين الشعوب. ويتوقع كثير من الخبراء أن تؤدي الإنترنت إلى تحوّلات جذرية متسارعة، خصوصاً أنها انتشرت بسرعة فائقة، فأصبحت معلماً مميّزاً للعيش المعاصر.

ولاحظ بعض متابعي الشأن المعلوماتي وجود حاجة لإيجاد طرق تعمق الإحساس بجمال فن الخط العربي، وتجذب أنظار الشباب والأجيال الجديدة إلى معرفة مزاياه من منظور عصري، يواكب ثقافة أجيال الكومبيوتر. لذا، بدا من الواجب إدخال تقنيات حديثة تجمع مهارات الشباب في الكومبيوتر، مع مواهب الخط العربي، لإنتاج كائن جديد يتلاءم مع وقائع العصر، كي لا تصبح الخطوط العربية بعيدة من اهتمامات هذه الأجيال.

< يلاحَظُ أن جزءاً كبيراً من النظرة الخاطئة للغرب عن الإسلام، يرجع للشعور بأن تراث الإسلام لا يمتلك ثقافة بصرية وفنيّة مميّزة. وكذلك لا تؤدي المؤسسات المولجة بنشر الفنون العربية دورها المأمول في إحداث تحوّل إيجابي في نظرة الغرب عن الفنون الإسلامية، خصوصاً في الواقع الثقافي الجديد الذي يمثله الإنترنت حاليّاً. وبقول آخر، يجهل العقل الأوروبي عموماً أن الثقافة العربية تعشق فنون الخط العربي المختلفة، وهذه ميزة للغة العربية، وإن البعض يعتبره سراً اختص به الخط العربي! ومن المؤسف أيضاً أن كثيراً من المؤسسات الثقافية الحكومية لا تكترث بغياب هذا الإرث العربي الحضاري عن الشبكة الدولية للمعلومات، على رغم أن هذا الغياب يؤثر على مستقبل التراث العربي.

ما هو واقع التفاعل بين الإنترنت والخط العربي بوصفه أحد الصور الفنية للتراث العربي والإسلامي؟ هل استفاد فن الخط العربي من تقنيات الكومبيوتر؟ هل استطاع الخط العربي أن يحجز له مكاناً بارزاً في مستقبل الإنترنت؟

لقد أثبتت دراسات عدّة أن أكثر استخدامات الإنترنت شيوعاً في المستقبل سيكون في التعليم، ويليه الترفيه والتسلية، ثم الأغراض الثقافية، وأخيراً التجارة الإلكترونية.

مواقع الخطّاطين
بداية، يُلاحظ أن كثيرين عملوا على إنشاء مجموعة من المواقع الإلكترونية لبعض كبار الخطّاطين من المصريين والعرب وبعض الأجانب، مثل تلك التي تعود إلى عميد الخط العربي سيد إبراهيم، والفنان خضير البورسعيدي رئيس الجمعية المصرية للخط العربي، والإخوة أوزجاي، والفنان السوري منير الشعراني وغيرها.

ويضاف إليها موقع قطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة المصرية، الذي يحتوي سيراً ذاتية لفنانين تعاملوا مع هذه الوزارة.

في سياق متصل، برزت مواقع لمنتديات إلكترونية عن فن الخط العربي، تحتوي مقالات تحليلية متنوّعة، وتتيح التواصل بين هواة فن الخط العربي والمشتغلين به، داخل الوطن العربي وخارجه.

وتؤدي هذه المنتديات دوراً مهماً في خلق مجتمع المعرفة المتّصل بالخط العربي حاضراً، بل صار بعضها قلاع دفاع عن هذا الخط، كما استطاعت ممارسة بعض التأثير على الرأي العام في مجتمع الخطّاطين، ما زاد ثقل دورها في هذا الفن.

وتقدّم هذه المنتديات الإلكترونية مجموعة من الخدمات التي يمكن الاستفادة منها، على الصعيدين الشخصي والتجاري. إذ يستفاد من هذه الخدمة في توطيد العلاقة بين المهتمين بفن الخط العربي، وتبادل الخبرات بينهم. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يضع المشارك سؤالاً يطلب فيه الإجابة من أشخاص خبراء، ممن عاشوا تجربة مشابهة لتجربة السائل، وكيف كانت انطباعاتهم حينها. وتساعد مواقع المنتديات الإلكترونية عن الخط العربي في وضع روابط لصفحات من الويب فيها معلومات لها صلة بذلك الاستفسار المطروح. وتعمل مواقع المنتديات الإلكترونية أيضاً كدليل لحفظ قائمة الأصدقاء وأخبارهم. وتعمل أيضاً كمساحة للتعرف على مهتمين بمعرفة المستجدات في مجال الخط العربي.

ومن الاستخدامات الشائعة أيضاً لهذه المنتديات، عرض الإنجازات الفنية، والرؤى الشخصية عن فن الخط العربي.

وفي مجتمع المعلومات، تشكّل المعلومة المادة الخام الأساسية، إذ أن استثمارها يولّد المعرفة، فالمعلومة تولد معلومة أخرى، ما يعطي المواقع الإلكترونية طابع التجدّد والتطوّر. ووفرت شبكات الاتصال والحواسيب خدمات معلوماتية متنوّعة، كما أعطت القدرة على استخدام التكنولوجيا الرقمية في الفكر والعقل والاتصال ونظم الخبرة والتطور العالية.

ومن اللافت أيضاً أن أنواع المواقع الرقمية التي وردت آنفاً، تسير بعيداً من الدعم الحكومي، الذي يفترض أن يساند هذه النوعية من الثقافة، على رغم أنها بسيطة التكلفة وسريعة الانتشار.

حدود التحدي الرقمي
يسود انطباع بأن معظم هذه المواقع يتسم بضعف المستوى فنياً وتقنياً، بالمقارنة مثلاً مع مواقع أوروبية عن الخط العربي. كما تعاني هذه المواقع العربية من تكرار الأعطال التقنية والتوقّف عن الخدمة، ما يبعدها عن الجمهور.

يصعب الاستمرار في هذا النقاش من دون طرح سؤال عن مدى استفادة فن الخط العربي من معطيات التكنولوجيا الرقمية للكومبيوتر. وكما ورد آنفاًً، يجدر معالجة هذا السؤال بالتركيز على الوقائع المتصلة بالتعليم في الفضاء الافتراضي والزمني للإنترنت. وبداية، يلاحظ أن الخط العربي لم يستفد من الإمكانات والرؤية التعليمية للعصر الرقمي، على رغم الزيادة المستمرة في عدد طلبة المدارس والجامعات، وتغير مفهوم التربية مع متغيّرات الحياة اليومية، وضمنها مفهوم تعلّم فن الخط العربي، من تزويد الطالب بالمعلومات التي تساعده في الحياة العملية إلى تزويده بالمهارات التي تحضّره للمساهمة الفعّالة في الحياة. واستطراداً، برزت الحاجة لتطوير دور المعلم أيضاً، بطريقة تتناسب مع تفاعل الطلاب مع التقنية الرقمية في التعليم. وحاضراً، تخلو الساحة المعلوماتية من مواقع إلكترونية تتيح تعلّم الخط العربي برؤية تفاعلية، بمعنى الانتقال من تلقين المعلومات والمهارات إلى الإشراف على البحث عنها واكتسابها. ويستمر هذا الغياب، على رغم أن التربويين العاملين في حقل الخط العربي يبحثون باستمرار عن أفضل الوسائل لتوفير بيئة تعليمية تفاعلية لجذب اهتمام الطلاب وحضهم على تبادل الآراء والخبرات.

وتعتبر شبكة الإنترنت وما تتضمنه من وسائط متعددة من أفضل الوسائل لتوفير هذه البيئة التعليمية الثرية، التي تستفيد أيضاً من القدرة على ربط الأشخاص عبر مسافات متباعدة. وفي حال الخط العربي، تطرح الإنترنت إمكان إيصال المعلومات المناسبة للطلبة، وتؤمن التفاعلية عبر الصور والأشرطة المصوّرة والمواد المتعددة الوسائط «ميلتي ميديا».

وكذلك تساعد الإنترنت في شرح فنون الخط العربي، بالإرتكاز إلى كونها وعاء هائلاً للمعلومات، التي يتزايد حجمها قرابة 10 في المئة شهرياً، كما يضاف ألف كومبيوتر يومياً الى تلك الشبكة عينها.

خالد عزب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...