المبادرة العربية «المحسنة»: سلام من دون سوريا!!

22-09-2006

المبادرة العربية «المحسنة»: سلام من دون سوريا!!

الجمل ـ سعاد جروس :يتم الترويج للمبادرة العربية للسلام من قبل المحور العربي (السعودية, مصر, الأردن), وكما يقال بـ«الاستناد» إلى المبادرة العربية التي سبق واقترحتها السعودية وأقرتها قمة الجامعة العربية في بيروت العام 2002, والتي تطالب بالانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي العربية المحتلة €الأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان والجولان السوري€. إلا أن تصريحات العاهل الأردني قبل ذهابه إلى واشنطن الأسبوع الماضي, كشفت أن لا وجود لخطة سلام عربية جديدة, وإنما مجموعة أفكار تستند إلى المبادرة العربية, تهدف إلى إيجاد حل جذري ونهائي للقضية الفلسطينية, من دون الإشارة إلى سوريا ولا إلى لبنان كجزء اساسي من الحل, مما يرسم أكثر من إشارة استفهام حول ماهية المحور العربي وأهدافه في مساعي استئناف عملية سلام تستثني سوريا. قبيل الذهاب إلى نيويورك لعقد اجتماع الدورة الـ61 للجمعية العامة للأمم المتحدة, بدأ المحور العربي الذي يضم مصر والسعودية والأردن بترويج فكرة إعادة طرح المبادرة العربية للسلام, وقد تبنى الأردن حملة علاقات عامة للحصول على تأييد دولي مسبق للأفكار التي سيتم طرحها على المجتمع الدولي, في جلسة خاصة يعقدها مجلس الأمن طالبت بها الجامعة العربية رسمياً, ولم يفصح الأردن عن أي من بنود الحل المقترح. لكن وكما كان واضحاً من تصريحات الملك الأردني الأسبوع الماضي, فإن الحل سيتناول المسار الفلسطيني فقط, وعبَّر عن خوفه من «ضياع الفرصة المتوافرة اليوم لحل القضية الفلسطينية, لأنها قد تكون الأخيرة» محذرا من «أننا إذا لم نستغلها ونستثمر جهودنا جميعا للوصول الى حل جذري لهذه المشكلة خلال ستة أشهر, فإننا مع الأسف سندفع الثمن جميعا», مطالبا بـ«التحرك حتى لا تضيع هذه الفرصة». وبهذا يكون الملك عبد الله الثاني قد نبه الى أن ثمة ما ستشهده المنطقة في الأشهر الستة المقبلة, ومن الأفضل زج الفلسطينيين في خضم العملية السياسية, إما لإبعادهم عن دائرة ما سيحدث أو لتبريد الجبهة الفلسطينية. وحرص الأردن على تسريع إيجاد حل للفلسطينيين لاشك في أنه نابع من الحرص على سلامة الأردن وأمنه أولاً. واليوم على خلفية التوقعات بقيام إسرائيل بجولة حرب ثانية تستهدف سوريا, يمكن تحديد اتجاه مسار «المحور العربي» المناهض لمحور الممانعة الإقليمي «إيران, سوريا, المقاومة اللبنانية, والفصائل الفلسطينية». ومما قاله الملك عبدالله, وينم عن تبرير انخراط المحور العربي في سياسية عزل سوريا قوله: «حرصت على فتح صفحة جديدة مع سوريا عنوانها الثقة والعمل, لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين, لكن للأسف لم نجد ترجمة على أرض الواقع للنيات الحسنة التي كنا نسمعها». معرباً عن قلقه من محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان خصوصاً أن «هناك من يريد إبقاء لبنان غير مستقر»!! معلناً أنه تم التوافق على بعض الأفكار بالتنسيق مع السعودية ومصر والرئيس الفلسطيني محمود عباس, لإعادة تحريك عملية السلام, «استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وخطة خريطة الطريق». وهذا ما يشير الى تحضير «خلطة سلام» تأخذ من كل خطة ما يمكن من الحصول على تأييد غالبية الأطراف المشرفة على العملية. وقد وصفها الملك الأردني في حديثه مع مجلة الـ«تايمز» الأميركية بالـ«المبادرة العربية المحسنة» والتي جاءت حصيلة حوارات أردنية ­ سعودية ­ مصرية مكثفة تكللت بالقمة العاجلة الأردنية ­ المصرية, ليتولى مهمة عرضها أمام الإدارة الأميركية وعدد من قادة المجتمع الدولي خلال زيارته الى واشنطن كي تحظى بدعم دولي تمهيداً لطرحها كخطة لإنهاء الصراع. وتعتمد على أساس تطبيق الترتيبات الأمنية بالتوازي مع الترتيبات السياسية, وليس كشرط لبداية المسيرة السياسية. كما سيتم وضع «المبادرة المحسنة» قريباً على طاولة رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت. وفي اعتقاد العاهل الأردني أنه «رجل سيكون ملتزماً بالسلام»!! فإسرائيل ستربح في المبادرة الجديدة «ضمانات أمنية من الدول العربية ومن الانخراط العام في الشرق الأوسط». يلتقي هذا الطرح مع ما طرحه دينيس روس في منتدى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قبل فترة قريبة, والذي تحدّث فيه عن ضرورة أن تتبنى أميركا إنشاء ورعاية مظلة عربية جديدة تتكون من الأردن, مصر, والسعودية, لتقوم بعملية تحقيق السلام والقضاء على الإرهاب, وإبعاد شبح النفوذ الإيراني عن الشرق الأوسط. بالاستناد إلى هذه الخلفية, يمكن تفسير تركيز أحاديث العاهل الأردني على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى المسألة اللبنانية, من دون إشارة الى الأراضي السورية المحتلة, أو الى مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. كما يتقاطع مع ما ورد في خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش, أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة, حين طالب دول المنطقة بأن تتعاون بشكل كامل لإنجاح القرار 1701, معتبراً «ان قادة سوريا وإيران جعلوا من بلديهما نقطة عبور للإرهاب مستخدمين مواردهما في تمويله وتأجيج التطرف» وكشف عن تكليفه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بقيادة جهود دبلوماسية لإشراك قادة من المنطقة في مساعدة الفلسطينيين على إصلاح أجهزتهم الأمنية وترتيب لقاءات فلسطينية ­ إسرائيلية, وبهذا تكون عملية الفرز بخصوص المرحلة المقبلة قد حسمت, وبات المحور العربي في الصف الأميركي الدولي, في مواجهة محور سوريا ­إيران, ليكون السلام على المسار الفلسطيني خطوة ثانية في إضعاف هذا المحور, إذ ان النجاح في استئناف السلام على المسار الفلسطيني يشترط وجود حكومة وطنية توافق على أي حل مقترح. وإذا كانت أميركا تسعى الى تعميم الفوضى بهدف إتمام تنفيذ مشروعها, فلا شك أن الدول العربية المتحالفة معها ستسعى الى جعل الفوضى محدودة ضمن ساحات المحور الإيراني ­السوري, لكن إلى أي حد يمكن ضمان العواقب, ربما هذا ما يجعل جميع قادة الحرب العرب والدوليين يحذرون من اشهر مقبلة صعبة جداً, سيرتب على كل اللاعبين في المنطقة خوض مرحلة معقدة وحساسة وخطيرة للغاية, وهنا لا يجب إغفال إشارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك في كلمته أمام الجمعية العامة: «القرار 1701 اسكت أصوات الأسلحة... غير ان النار لا تزال كامنة».

 

 بالاتفاق مع الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...