جمال سليمان.. «الصعيدي» المتألق في الدراما المصرية

06-10-2006

جمال سليمان.. «الصعيدي» المتألق في الدراما المصرية

يوم تناقلت الاخبار نبأ اختيار المخرج اسماعيل عبد الحافظ, الفنان السوري جمال سليمان, للعب دور البطولة في مسلسل «حدائق الشيطان», الذي تدور احداثه في صعيد مصر, وان هذا الفنان رحّب بهذا الاختيار, وهو يعلم مسبقاً المحاذير والخطورة والصعاب التي تنتظره, خصوصاً وانه سيتحدث, بالمسلسل المذكور, باللهجة الصعيدية, تلازم خوفنا مع دهشتنا, لأننا اولاً نحب ونقدّر هذا الفنان, ولأننا ثانياً, لم نستطع اخفاء السؤال الذي كان لا بد ان يطرح نفسه, دار حول «خطورة التجربة» التي هي اشبه بمغامرة, قد تودي, ليس بالمسلسل, وحده, وانما ايضاً بتاريخ جمال سليمان الفني مع الدراما, وهو تاريخ بناه بتضحيات لا تحصى.
صحيح ان اللهجة المصرية مستحبة, ومعروفة, ومفهومة من كل الشعب العربي. وصحيح ان اتقانها عملية ليست صعبة, بدليل ان اكثر من ممثل لبناني وسوري او حتى خليجي, كانت لهم تجارب في السينما المصرية, وفي التلفزيون المصري, وكذلك في المسرح المصري, واجادوا نطق اللهجة المصرية بإتقان, لكننا في مسلسل «حدائق الشيطان» نتحدث عن لهجة اهل الصعيد, ذات الاصول والقواعد ومخارج الالفاظ, وصاحبة الحق على كل حرف من حروفها, ومن هنا, كان السؤال: هل ينجح جمال سليمان في عبور هذا «المأزق» ويفلح في لعب شخصية «مندور ابو الذهب», ام ان هذا الدور سيكون اشبه بطريق «معروفة بدايته.. مجهولة خاتمته»؟؟
وربما هذا السؤال, جعل مشاهدي التلفزيون في الوطن العربي من محبي جمال سليمان, ونحن منهم, يترقبون موعد عرض المسلسل المذكور, لعل حلقاته تشفي الغليل وتحمل للقلوب الطمأنينة على مسار فنان نجم محبوب.
اليوم, وبعد عرض اكثر من ثلث حلقات هذا المسلسل, نتنفس كلنا الصعداء, وبثبات, ونعلن ان جمال سليمان, لم ينجح فقط بتحدي هذا «القطوع الدرامي الصعب», وانما تمكن ايضاً من ان يفرض نفسه على خريطة الدراما الرمضانية على الشاشات العربية كلها, واولها الشاشة المصرية, بفئتيها الفضائية والارضية, وان يكون منافساً قوياً لنجوم كبار مصريين ذات تاريخ واسم وشهرة, ينتظرهم الجمهور سنة بعد سنة ليتابع اعمالهم.
بل اكثر من ذلك, فان الفنان السوري جمال سليمان صار اليوم حديث الشارع المصري بفئتيه المديني والصعيدي, وبمجتمعيه الارستقراطي والشعبي, بعد النجاح الهائل الذي حققه في اداء شخصية «مندور ابو الذهب», تاجر المخدرات, الذي يستخدم عضواً في مجلس الشعب ليسيّر مصالحه غير المشروعة.
فالقصة حقيقية, وبطلها يدعى بالاساس «عزت حنفي» وهو من كبار تجار المخدرات وزراعتها في صعيد مصر, وقد أعدم مع شقيقه قبل فترة في القاهرة, ولقب بـ«امبراطور الصعيد», واثارت طريقة اعتقاله واعدامه, وما تسرب من معلومات حول ارتباطه بعلاقات «خدمات متبادلة» مع ضباط في وزارة الداخلية المصرية خلال حربها على الارهاب في الصعيد, الكثير من التساؤلات في المجتمع المصري.
ان حضور جمال سليمان الأخاذ في هذا المسلسل, واداءه للشخصية بهذا الاسلوب السلس والمتمكن, والبعيد عن التوتر في آن, وتنقله بين مواقف البراءة التي تنطق بالحب والحنان والطيبة, وبين الملامح الغاضبة الصارمة القاسية, الساحقة لكل من يخالف له رأياً, هذا الحضور, وهذا الاداء, جعلا مسلسل «حدائق الشيطان» يرتقي الى أعلى درجات الابداع الدرامي, وبالتالي أسهما في ان ينتزع مكان الصدارة, ويحل في المركز الاول, في الاستفتاء الذي اجرته شاشة «القاهرة اليوم» الذي شمل المسلسلات المصرية التي تعرضها شبكة «اوربيت» خلال شهر رمضان.
هنا, نجد مناسبة للاعلان, ان تفوق «حدائق الشيطان» في هذا الاستفتاء, لا يقلل ابداً من اهمية وقيمة مسلسلي «حضرة المتهم ابي» الذي أعاد بطله نور الشريف الى الشاشة الصغيرة, بقوة, بعد تعثر مسلسله الرمضاني في العام المنصرم «عيش ايامك», ولا من اهمية وقيمة مسلسل «سكة الهلالي» الذي صحّح خطوات بطله يحيى الفخراني بعد مسلسل «المرسي والبحار». ولا من قيمة مسلسلات مصرية اخرى كانت في قلب الاستفتاء: «الإمام محمد عبده» و«دعوة فرح» و«سوق الخضار» وغيرها.
اخيراً.. التهنئة الكاملة للفنان جمال سليمان, وللمخرج اسماعيل عبد الحافظ, وللمدرب الذي أشرف على تلقين النجم جمال سليمان «علوم اللهجة الصعيدية», والى مراقب النص الذي «حرمنا» من وضع اليد على اي خطأ لفظي في كل حوار جاء على لسان جمال سليمان, على مدى مسلسل «حدائق الشيطان».


 
عبد الرحمن سلام
 
المصدر : الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...