الشرارة التي أفضت إلى جريمة جماعية

10-10-2006

الشرارة التي أفضت إلى جريمة جماعية

سجلت حصيلة مشاجرة جماعية في أحد القرى الوادعة قتيلا شابا والعديد من المصابين والجرحى الذين لا يزال بعضهم بحالة خطيرة إضافة إلى حرائق بالممتلكات لم تبق ولم تذر وقدرها بعضهم بالملايين, أضف إلى ذلك توقف أعمال العائلة المتهمة بإثارة الشغب واغلاق محالهم ودكاكينهم من قبل مدير الناحية لحين هدوء ( فورة الدم) وحقن الدماء بعد بحث أمر القتيل..

أحد الأطراف الذين يمتون بصلة إلى هذه العائلة قال لنا:‏ باختصار شديد لقد غدت كل العائلة في قفص الاتهام وأهالي القرية يطالبون بترحيلنا منها بغير وجه حق فالعقل والمنطق يقولان لا تزر وازرة وزر اخرى واذا كان ثأر العائلة الاخرى المنكوبة في ولدها يتجسد في شخص واحد منا فليشيروا علىه بالبنان حتى نخرجه نحن من القرية فهل من المعقول أن نحمل جميعا تبعة دم المتوفى في حين قاتله مجهول وعن أسباب حدوث هذه المشاجرة الدموية فاجأنا بقوله:‏

السبب كان ملاسنة عابرة حدثت بين شابين من العائلتين اللتين تمتان بصلة قربى لبعضهما البعض (ابناء عموم)..‏

لأن الأول طلب من الثاني تخفيض صوت المسجلة وتوجهنا له بالسؤال:‏

هل وقعت المشاجرة حقا على خلفية خلاف على صوت المسجلة أم أن في الأمر خلافات اخرى غير ظاهرة?!‏

فقال:‏ ربما وثمة شائعة في القرية بأن القاتل طرف ثالث لاعلاقة له بالأسرتين اندس في المشاجرة بينهما ليقتص من القتيل بسبب ثأر قديم.. لم نعر بالا إلى ذلك القول الذي جاء ربما من باب دفع الشبهات عن العائلة المتورطة في دم القتيل ولكن الشيء الذي لفت نظرنا حقا في هذه الحادثة الاستثنائية فداحة أرقام الخسائر العينية الناجمة عن حرق الممتلكات بسبب (فورة دم) أهل الضحية والتي تطلبت تدخل قوة لحفظ النظام وأسفرت عن رقم خيالي قدر بأكثر من عشرة ملايين ليرة سورية.‏

الأمر الذي علق عليه الباحث الاجتماعي محمود زهرة بالقول ختاما:‏ من المؤسف حقا أننا لا نزال نسمع بين حين وأخر عن ضحايا ( فورة دم) لأسباب قد تكون واهية في ظاهرها ولكنها عميقة في بواطنها, فمسرح الجريمة هنا ( قرية نائية) لها خصوصية ( المجتمع المنغلق)الذي لا يزال يحل نزاعاته بفزعة الجاهلية والعصبية العشائرية التي لا تمتثل لنظام أو قانون والمشكلة أن كل هذا العنف الذي جرته خلفها ملاسنة عابرة سوف يترك اثرا لا يمحى من نفوس أهل الضحية الذين راحوا يبحثون عن ثأر في كل ما يمت للقاتل بصلة فاتجهوا إلى احراق بيته وبيوت أقاربه ومزارعهم ومحاصيلهم وسياراتهم حتى أنهم لم يوفروا دوابهم فقتلوا بعضها..‏

وهذا العنف المتصاعد غير المبرر من وجهة نظري إنما يعود إلى تأثير بعض الفضائيات التي تحرك في لاوعي الفرد المحدود الادراك والمتواضع في مستوى الوعي والثقافة والتعليم, تحرك فيه نوازعه - العدوانية- وأنا لا أرى في ما جرى بهذه القرية الوادعة ( فورة دم) وانما ناقوس خطر يجب التنبه اليه ليس في الأماكن النائية البعيدة عن مركزية المدينة وانما في الأحياء الشعبية التي تحمل طابع ( العصبوية) حيث سمعنا عن وقوع حوادث مشابهة فيها لم تحسم بالحكمة واللجوء إلى القانون وانما بالسكاكين والعصي وهذا شيء خطير..‏

ويطلب الباحث زهرة أخيرا من الجهات المعنية (داخلية - تربية وتعليم - إعلام- أوقاف- عدل) تطويق هذه الظاهرة ومكافحتها قبل استفحالها وانتشارها في العقل الشعبي بثقافة (العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم).‏

ملك خدام

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...