ريمون بطرس يخرج رواية خيري الذهبي

14-10-2006

ريمون بطرس يخرج رواية خيري الذهبي

بعد مرور عشر سنوات على اقتناء المؤسسة العامة للسينما رواية حسيبة ، الجزء الأول من ثلاثية التحوّلات لخيري الذهبي، باشر ريمون بطرس أخيراً تصوير فيلم لها عن سيناريو أعدّه بنفسه عن الرواية. المشروع كان تخلّى عنه نبيل الImage removed. لريمون بطرس" height="139" alt="سلاف فواخرجي في مشهد من فيلم <حسيبة> لريمون بطرس" hspace="2" src="/files/L_1409a.jpg" width="206" align="left" vspace="2" border="0" />مالح معتبراً أن موضوع الحارة الشعبية صار مستهلكا ، مندفعاً تجاه هموم سينمائية مختلفة عن هذا الشكل . لكن بطرس رأى في عمله فيلماً عن أهالي دمشق، وبشكل خاص عن نسائها، وعن التحوّلات التي تجري في حياتهن، على خلفية التحوّلات الكبرى التي مرّت بها المنطقة منذ العام 1927 وحتى العام .1950 إنه تراجيديا تدور حول الاضطهاد الذي يقع على المرأة .
يتمحور الفيلم، كما الرواية بالطبع، حول شخصية حسيبة، البنت التي ترتدي ثياب الرجال لتعيش مع أبيها، وهي وحيدته، في الجبال أثناء الثورة ضد الفرنسيين. صورة الولد التي كانتها حسيبة (تلعبها في الفيلم سلاف فواخرجي) كانت الطريقة الوحيدة التي اتخذها الأب ليأمن عليها من الآخرين. وحين يجلو الفرنسيون، يعيد الأب ابنته إلى قريباته ليعدن إليها أنوثتها التي توارت في الجبال. هي واحدة من حكايات الشام، والرواية الشامية الأولى في تاريخ الأدب في سورية، حسب خيري الذهبي. لكن ريمون بطرس، صاحب الطحالب (روائي طويل، 1991) الذي يقف وراءه مزاج العاصي كما يقول، و الترحال (روائي طويل، 1997) الذي يصير فيه الحجر بطلاً وذاكرة لمدينة، يرى أجواء الرواية المكتوبة قريبة إلى أجواء مدينته الأحب، حماه. أليست هذه هي ميزة الأدب الأصيل، الذي تشعر بأنه ينتمي إلى كل مدينة وحيّ؟
حمل بطرس على الإنتاجات السينمائية المشتركة التي تميل لصالح الطرف الأقوى، الأوروبي غالباً، الأمر الذي أدّى، برأيه، إلى غياب ملامح السينمات الأفريقية والآسيوية التي تشكّل سينما وطنية. واعتبر مؤسّسة السينما آخر حصون السينمات الوطنية والعربية. كما حمل على فكرة الاستعانة بكوادر أجنبية في السينما السورية، إذ قال: منذ عشر سنوات، يأتون بكوادر أجنبية. أنا عدت بالفيلم السوري إلى أرضه، فالكل سوريون. حاولت أن أصنع شيئاً محلياً صافياً، وهذا من شأنه أن يقلّل الكلفة. ثم إنني لم أر هذه النتائج العظيمة على الشاشة. لم أر ما يغريني باللجوء إلى كادر أجنبي، والأفلام خير شاهد .
بدأ ريمون بطرس تصويره في أحد البيوت الشامية الواقعة في حي عين كرش، وحين زرناه في موقع التصوير الجديد في حي التيامنة الواقع في حي الميدان، كان قد قَلَبَ الحي الذي ارتدى قالباً معاصراً، ليعود به أكثر من سبعين عاماً إلى الوراء، إذ رصفَ الزقاق بحجر أسود، وأعاد للمحال واجهاتها الخشبية والأقواس، وأزال كل ما هو معدن واستعاض عنه بالحجر وبالخشب. بنى حارة شعبية بكل عناصرها المكانية المعروفة: الحلاق والخياط والفوّال والبزورية وسواها. بدا كمن ينقّب في الحارات عن تلك الحارة الأصلية، أو كمن يقشّر المكان. لذلك لم يقبل المخرج أن نقول إن الحارة ما زالت تحافظ على طفولتها، إذ راح يشير إلى التعديلات التي أجرتها مجموعة الفيلم (الديكور لناصر جليلي) على كل تفاصيل المكان.
مخرج حسيبة يشير إلى مزايا عديدة يتميز بها فيلمه الجديد، فهو إلى جانب كونه يعتمد كلياً على كادر محلي، فإنه يعود أيضاً بالسينما السورية إلى أرض الأدب، بعد أن ذهبت بعيداً باتجاه سينما المؤلف، أو سينما السيرة الذاتية. يقول بطرس إنه في الأساس لم يكن متعصّباً لهذه الفكرة، فالأمر يحدده وجود مادة درامية بصرية تتيح للمرء التعبير عما يريد، وفي حسيبة وجدت ضالتي بين عشرات الروايات الأقرب إلى روحي . رغم أن شبهة سينما السيرة الذاتية، فقد سبق ل المؤسسة العامة للسينما أن قدمت للعديد من الأدباء السوريين والعرب في الكثير من أفلامها، ومنهم حيدر حيدر وغسان كنفاني ونجيب سرور وحنا مينه وسعد الله ونوس وصبري موسى وفاضل عزاوي وأحمد داود ووليد معماري وممدوح عزام وفيصل خرتش وغيرهم.
يذكر أن التصوير سيكون بكاميرا رقمية (ديجيتال)، وهي المرة الأولى التي يصوّر فيها فيلم روائي طويل للمؤسسة بكاميرا من هذا النوع، هذه التي يعتبرها بطرس مستقبل السينما في العالم. يضم فيلم حسيبة عدداً كبيراً من الممثلين السوريين، أبرزهم: طلحت حمدي وجيانا عيد وسليم صبري وصالح الحايك ومانيا نبواني. مدير التصوير: جورج لطفي الخوري. الملابس: رجاء مخلوف. التعاون الفني: ماهر كدو وغسان العبد الله.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...