تقنيات الخطف لدى المعارضة السورية: مخطوفون حقنوا بالمازوت واغتصبوا ونكل بهم

10-08-2012

تقنيات الخطف لدى المعارضة السورية: مخطوفون حقنوا بالمازوت واغتصبوا ونكل بهم

 بعد أكثر من عام ونصف على اندلاع الأزمة السورية يبقى ملف الخطف والمخطوفين واحداً من أبرز الملفات التي تشغل بال المواطن وتؤرقه وأكثرها ألماً واعتصاراً للقلوب فلا يوجد محافظةٌ سورية إلا ولديها عشرات الأبناء المخطوفين وبعض المحافظات فيها المئات بعضهم مازال حتى الآن أسيراً لدى خاطفيه وبعضهم عاد وياليته لم يعد نظراً لما تعرض له من ضرب وتنكيل واغتصاب في بعض الحالات وحقن بالمازوت في حالات أخرى حتى أن آباء بعض المخطوفين الذين عادوا تمنوا لو مات أبناؤهم ولم يعودوا من صعوبة الوضع الذي باتوا يعيشونه بعد عودتهم.

عمليات الخطف لا مكان ولازمان محدد لها ومن الممكن أن تحدث في أي لحظة وهي تؤرق الجهات المعنية التي سعت جاهدة لمنعها والوقوف في وجهها خصوصاً على طريق عام اللاذقية حلب في منطقة ادلب حيث يقوم بعض المسلحين بنصب حواجز طيارة واختطاف المارة من مدنيين وعسكريين ويقومون بالتنكيل بالمخطوفين الذين يعاملون بأسوأ معاملة ويخضعون للتعذيب والتحقيق قبل أن يقتلوا أو يقوم أهلهم بافتدائهم وتخليصهم من الأسر، فالمسلحون الخاطفون شعارهم إما فدية وإما قصاص.

إما فدية وإما قصاص هذه الجملة رددها كثيراً قائد كتيبة أبي بكر التابعة لميليشيا الجيش الحر في الموحسن بريف دير الزور خلال تفاوضه مع والد أحد المخطوفين من مدينة جبلة، قائد الكتيبة طالب الأب بدفع فدية بدأها بعشرة ملايين وانتهى معه بمليون ونصف المليون بعد أن هدده عشرات المرات بأنه ان لم يدفع عليه أن ينسى ولده، فما كان من الأب الا أن دفع المبلغ بالتعاون مع أهالي المنطقة المتبرعين وأعاد ولده إلى حضنه بعد تجربةٍ مريرة ومفاوضات مضنية.

دام برس اتصل مع قائد الكتيبة هاتفياً لكنه لم يبدي الكثير من التعاون وقال أنه من حقهم أن يخطفوا أي شخص موالي للنظام وأن يقتصوا منه حسب الشريعة الإسلامية (حسب زعمه) أو أن يحصلوا من ذويه على فدية مالية تعتبر غنيمة كغنائم الحرب.

تحديد طريقة التعامل مع المخطوف هل هي قصاص أم فدية تتم بعد الاتصال بذويه حيث يطلب من المخطوف أن يتصل بذويه وان يستدرجهم للحديث عن المعارضة المسلحة فاذا سمعوا كلاماً لايتناسب مع نهجهم من ذويه أسمعوهم على الفور صوت الرصاصة في رأس ابنهم أما إذا سمعوا ما ينسجم مع أمزجتهم فإنهم يبدؤون جولة من المفاوضات معهم للحصول على الفدية.

وعندما قلنا لقائد الكتيبة أن من تطالبونهم بالفدية قد لا يكونون من الموالاة ومع ذلك فإنكم تصرون على الحصول على فدية مالية منهم وهذا ما يدل على أن الخطف بالنسبة لكم عشوائي، فرفض التعليق وقال يكفي إلى هنا عليَّ إنهاء المكالمة.

طريقة تعامل ما تسمى كتيبة أبي بكر مع المخطوفين لا تنطبق مع غيرها من المجموعات المسلحة فهناك مجموعات في دير الزور نفسها لا تفرج عن المخطوفين حتى بالفدية وتصفيهم بعد ان تلعب بأعصاب ذويهم هذا ما يؤكده بعض من اختطفوا واختطف رفاقهم في تلك المنطقة.

أما في إدلب فللخطف أساليب وطرق مختلفة وفنون في التعذيب قد تكون موجودة لدى مختلف المجموعات، حيث تقوم المجموعات المسلحة بنصب الكمائن على الطريق الرئيسي الذي يمر عليه مختلف المواطنين مدنيين وعسكريين ويوقفون أول سيارة أو سيرفيس يمر من أمامهم ويقومون بخطف الركاب مع وسيلة نقلهم التي تصبح من آليات المعارضة، ومن ثم ينقل المخطوفون إلى المكان المخصص لذلك لتبدأ بعدها عمليات التحقيق والقتل والضرب والتنكيل فإذا كان على هاتفك النقال أو بحوزتك أي شيء يثبت أنك من العسكريين أو من الموالين فانك ستدفع ثمناً غالياً تماماً كما حدث مع مدرس من حي "الدعتور" في مدينة "اللاذقية" اغتصبه المسلحون أكثر من \12\ مرة وأخذوا من والده \2\مليون ليرة سورية كفدية قبل أن يحقنوه بإبرة مازوت جعلته في حال يرثى له مما دفع والده إلى القول لنا والدموع تملأ عينيه "ليته مات ولم يعد لي هكذا".

المسلحون يعتبرون الخطف مكسباً وباب رزق ويجدون له تحليلاً إسلاميا حسب زعمهم ويطلبون من ذوي المخطوفين أرقاما مالية خياليةً من مبدأ الحصول على أي رقم مالي هو مكسب لهم، كما حدث مع مدرس خطف مع أربعة من زملائه على طريق حلب اللاذقية في فترة الامتحانات أثناء توجهه إلى حلب حيث بدأ الخاطفون مفاوضات مع أسرته بدأت بعشرات الملايين والكلام هنا لشقيقه وهو مهندس من ريف جبلة قال في البداية طالبوني باطلاق سراح عشرات المعتقلين ودفع فدية مالية ضخمة جداً فقلت لهم طلبتم مالا طاقة لنا به فلسنا مسؤولين كي نطلق سراح معتقلين ولسنا من أصحاب الرساميل الكبيرة كي ندفع الملايين التي طلبتوها، واستمرت المفاوضات لأكثر من شهرين حتى اقتنع الخاطفون أنه لاقبل لنا بمطالبهم وأننا لسنا أصحاب قرار ولاصلة لنا بالمسؤولين فتغيرت مطالبهم وانتهى الامر بمبلغ مقبول ليعود أخي إلى أسرته حياً.

إذا أوقفك المسلحون ولم تتوقف على اوتستراد اللاذقية حلب فانك ستتعرض لوابل من نيران كما حدث مع سائق يعمل على خط "جبلة، حلب" تعرض للخطف مرتين، حيث قال بعد أن خطفت ونجيت بأعجوبة قررت ألا أتوقف عند أي حاجز للمسلحين (لكوني أعرف أماكن حواجز الجيش بحكم سفري اليومي)، وفي إحدى الرحلات شاهدت على بعد حوالي \200\ متر بالقرب من جسر الشغور شاحنة ًوقد قطعت الطريق عرفت حينها انها للمسلحين فخففت السرعة واستدرت باتجاه العودة نحو اللاذقية ومعي في السيرفيس حوالي \8\ ركاب بينهم امرأتان، وماهي إلا لحظات حتى بدأ اطلاق النار علي من الخلف وعن جانبي الطريق فأصبت بثلاث رصاصات وأصيب عدد من الركاب لكنني لم أتوقف واستطعت الاحتماء بشاحنةً كانت تعود أدراجها مثلنا حتى وصلت إلى مشارف حاجز للجيش فسارع العناصر لإنقاذنا وقاموا بالتصدي للمسلحين، هذا الحادث جعلني أقعد عن العمل لحوالي شهرين من الزمن وخلف أضرار مادية كبيرة في السيرفيس الذي أعيش منه مع أسرتي.

الخطف أصبح تجارةً رابحة بالنسبة للمجموعات التي تتبناه فهي لا تفاوض أهالي المخطوف عليه فقط وإنما تفاوض بعضها البعض أيضاً فأحد المخطوفين في أريحا يباع كما كانوا يبيعون العبيد قبل الاسلام إلى مجموعة أخرى في جبل الزاوية ومنها إلى مجموعة في معرة النعمان وهكذا يتنقل بين المجموعات لمن يدفع أكثر وقد يصل في النهاية إلى ريف دمشق حتى يتمكن أهله من التفاوض مع آخر مجموعة اشترته ودفع الفدية لها حتى تقوم بإطلاق سراحه.

كلام مجموعات الخطف عن القصاص والفدية وكأن ما يقومون به يأتي تحت غطاء الشريعة الإسلامية، قوبل برفض قاطع من الداعية الإسلامي "عبد الرحمن بن علي ضلع" الذي وصف الخطف بالعملية الإجرامية وقال الخطف عملية إجرامية الشريعة لا تبيحها والعقل والمنطق يرفضانها بشكل قاطع.

من يقومون بالخطف يظنون أنهم بهذه الأعمال يحسنون صنعا, أو سيحققون نصراً، وعلى فرض الفشل المتوقع، فإن هناك من يغسل أدمغتهم ويزرع في عقولهم أنهم وإن فشلوا وقُتلوا فهم من الشهداء، لأنهم يقومون بعمل بطولي، وصدق الله القائل: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ﴾[35/فاطر/8]. ومنه قوله: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾[47/محمد/14] ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ). أي على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه بما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة  ( كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوء عَمَله وَاتَّبَعُوا أَهواءهم ) أي ليس هذا كهذا. هل يعتقد من في قلبهِ ذرة من الإيمان أن ما يقوم به هؤلاءِ العصابات من الفساد وخطف المدنيين الأبرياء، والعسكريين الذين يحفظون لنا الأمن في أنحاء الوطن، هو من العملِ الحسنِ؟ ..كلا والله  لكن عين الهوى عمياء ﴿ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾[5/المائدة/32].

لقد عُنيت الشريعةُ بالنفسِ التي هي أحدُ الضروريات عنايةً عظيمة، فلا يجوز بحال الاعتداء عليها بغير حق، كما قال تعالى: وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾[4/النساء/93]. وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطي هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله.

تعجز الكلمات عن وصف الواقع الإنساني الذي خلفه الخطف سواءً لدى المخطوفين أو ذويهم دون القدرة على إيجاد مخرج أو حل لهذا الملف الذي لايزال بابه مفتوحاً على مصراعيه بوجود آلاف المخطوفين على امتداد الوطن السوري ومئات المرضى نفسياً وغير نفسياً من جراء الخطف

                                                                                            بلال سليطين ـ دام برس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...