بعد رامسفيلد : بوش سوف يكون هدف الجنرالات التالي

20-04-2006

بعد رامسفيلد : بوش سوف يكون هدف الجنرالات التالي

الجمل : هناك قوى جذب ونبذ داخل إدارة بوش، فقد وصل البنتاغون والكونغرس إلى مستوى جديد غير مسبوق من التوتر، ولم يأتِ ذلك فقط من الموقف العسكري اليائس في العراق، وإنما أيضاً من توجس الخوف إزاء الخطط المعدة للقيام باعتداء جديد على بلد آخر غني بالنفط في الشرق الأوسط، هو إيران.
ثمة عدد من الجنرالات المتقاعدين، يتحدثون بوضوح لعدد من الضباط الفاعلين في الخدمة، وينتقدون صراحة وعلناً وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ويطالبون بإقالته. وحتى 19 نيسان، كان من بين هؤلاء ثلاثة من مشاة البحرية (المارينز)، هم: الجنرال أنطوني زيني والذي كان يترأس القيادة الوسطى الأمريكية، في نهاية حقبة تسعينيات القرن الماضي؛ والليفيتانت جنرال غريغوري نيوبولد؛ والليفيتانت جنرال بول كيه فان ريبر؛ إضافة إلى أربعة من جنرالات الجيش، هم: الميجور جنرال تشارلز سوانفاك، الذي كان قائد الفرقة 82 المحمولة جواً في العراق؛ والميجور جنرال جون باتيستا، الذي كان قائد فرقة المشاة الأولى هناك؛ والميجور جنرال جون ريغز؛ والميجور جنرال بول إيتون.
هؤلاء الجنرالات ليسوا من الحمائم، فهم ينشطون لكسب الحرب الحالية والحروب الأخرى، من أجل الهيمنة الإمبريالية للولايات المتحدة على العالم، وقد فقدوا ثقتهم بمصداقية مبدأ رامسفيلد، الذي ينص على القيام بالحروب بأقل عدد ممكن من القوات البرية المعتمدة على قوات جوية عالية التقنية والتجهيز التكنولوجي.
إن تدخل كبار الضباط العسكريين في هذا الصراع السياسي، لم يؤدِّ إلى أي نتيجة، إضافة إلى أن الواشنطن بوست، التي تطالب أنصار رامسفيلد بإقالته من منصبه، حدث أن نشرت في 18 أبريل، خبراً بأن الرئيس جورج دبليو بوش اضطر لأن يقطع عطلته بعيد الفصح في كامب ديفيد، ويقدم تصريحاً رسمياً بأن وزير الدفاع «يحوز على تأييدي ودعمي الكامل وتقديري الأعمق»، ورغم ذلك فقد استمر النقد.
جمعت الإدارة الأمريكية مباشرة شخصياتها العسكرية، لوضعهم في مواجهة الإعلام، وكان من بينهم الجنرال تومي آر فرانكس قائد الجيش، والذي قاد القوات الأمريكية في كل من أفغانستان والعراق، والجنرال ريتشارد بي مايرز من القوات الجوية، والرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة. وحتى الآن لم يقم أي ضابط كبير الرتبة في القوات الجوية بالتحدث علناً ضد رامسفيلد، الذي يهتم بتطوير القوات الجوية.
وقد وقف رامسفيلد أمام الكاميرات، ليدافع عن نفسه، ضمن ما أشارت إليه في 19 أبريل (النيويورك) باستهزاء، باعتباره «استعراضاً دونياً» و«طقساً يومياً». وفي كل يوم تقريباً، يجد بوش أنه من الضروري أن يكرر تصريحاته المؤيدة لرامسفيلد.
كقائد أعلى، يعتبر بوش المسؤول الكامل عن قرارات رامسفيلد، وهو يعلم أنه إذا ما تمت إقالة القائد التنفيذي لسياسة حرب الإدارة الأمريكية، فإنه سوف يكون الهدف التالي.
في دلالة أخرى، على الأزمة الداخلية، فقد حدثت خلخلة واهتزاز كبير في البيت الأبيض. فكارل روف (العبقري اليافع) - الذي كان يرعى عمل بوش السياسي، قبل أن يصبح حاكماً لتكساس، والذي انتقل بعد ذلك إلى البيت الأبيض وأشرف على حملة إعادة انتخاب بوش في عام 2004 - قد أجبر على التخلي عن وظيفته كمنسق أعلى للسياسات في البيت الأبيض.
يقال عن روف بأنه تورط وكشف لوسائل الإعلام عميلة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فاليري بليم، بعد أن قامت هي وزوجها السفير السابق جوزيف ويلسون، برفض تأكيد صحة المزاعم الزائفة من قبل الإدارة الأمريكية حول أسلحة الدمار الشامل العراقية. وقد كان روف حينها بمثابة الشخص الثالث النافذ في البيت الأبيض.
المتحدث الشخصي باسم بوش، سكوت ماكليلان، أُجبر أيضاً على الاستقالة بعد حوالي 3 سنوات قضاها في منصبه، وكان عمله يتعلق بتضليل وسائل الإعلام حول سياسة الولايات المتحدة في العراق.
هل حظيت استراتيجية رامسفيلد، التي تقوم على مبدأ "اصدم وروِّع" بالنجاح؟ لم يحدث شيء، سوى أن ثمة صراعاً طويلاً ومقاومة كبيرة خلقت في أوساط العراقيين. فهناك الكثير من العراقيين والجنود الأمريكيين يموتون في صراع سوف لن ينتهي طالما أن الاحتلال مستمر.
فشلت واشنطن في تثبيت وتوطيد نظام استعماري جديد في العراق. فالشيء الوحيد الذي أغفلوه، ولم يبالوا به - مشاعر العراقيين- قد جعل من المستحيل تنفيذ عملية "تغيير النظام". قتلوا واعتقلوا القادة السابقين للعراق، واجتاحوا معظم البلد، وحرضوا على حرب أهلية مفترضة، ولكنهم لم ينجحوا بتأسيس نظام تابع تحركه الخيوط، بحيث تكون له القوة والسلطة لإعادة الالتزام العراقي بتقرير المصير الذي انبثق للوجود أثناء الثورة ضد الاستعمار في عام 1958.
كل هذا يعيد ذكريات كارثة فيتنام، والتي انتهت فقط بعد أن قامت في الولايات المتحدة، بعد نشر الحرب إلى كمبوديا ولاوس، حركة مناهضة للحرب في الشوارع، وتمردت مئات الجماعات التي شعرت بالخطر، وحدث خلل في أوساط القوات الأمريكية، إلى الحد الذي رفض فيه الجنود القتال وهاجموا ضباطهم في الميدان. قياساً إلى ذلك يتهم مؤيدو رامسفيلد بأن الذين ينتقدون رامسفيلد ويتهمونه بتسييس القوات المسلحة، هم من الجنرالات الذي يخافون أن يحدث ما حدث في فيتنام مرة أخرى.
وإذا حاولنا، وبدوافع نبيلة، تفسير سبب دخول الولايات المتحدة الحرب، فإن السبب الحقيقي يكون دائماً هو نفسه: لتعزيز المنفعة في الصراع العالمي حول الأسواق والفوائد. وإن عدم الرضا الذي ارتفع صوته عالياً ضد هذه الحرب قد أتى من مصدرين متميزين: الأول هو معارضة من كتل شعبية، روعتها المعاناة التي سببها الاحتلال، وهم يطالبون بعودة القوات إلى الوطن وإيقاف القتل. إضافة إلى أن عدم الرضا بأداء بوش قد وصل وفقاً لاستطلاعات الرأي إلى حوالي 60%. والمصدر الآخر أن هناك أيضاً حوار داخل الطبقة الحاكمة يدور حول ما إذا كانت خطط رامسفيلد للحرب سوف تقود إلى ما يمكن أن يعتبر هزائم أكبر للولايات المتحدة، أي لما يقصدونه حقيقة الهيمنة الإمبريالية للولايات المتحدة على العالم.
في الوقت الراهن، تمثل إيران مركز مخاوفهم، وحتى السيناتور ريتشارد لوغار، قد انحرف عن توجهات البيت الأبيض، وطالب بمحادثات مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي. مع التذكير أن لوغار هو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والتي تتمتع بنفوذ كبير.
دانيال إيلسبيرغ، المسؤول في البنتاغون، حثّ الشخصيات العسكرية التي لا تتفق مع رامسفيلد ألا يطالبوا باستقالته فحسب، بل وأن يبوحوا للجماهير العامة بالخطط الأخيرة المتعلقة بالهجوم على إيران.
إيسلبيرغ هذا، وفي عام 1971، كان يعمل محللاً في وزارة الدفاع، وقد أعطى النيويورك تايمز (7000) صفحة من المستندات والوثائق السرية للغاية، والتي أدت إلى نسف عدد من أساطير الحكومة حول حرب فيتنام.
استناداً إلى مقال في 17 أبريل في مجلة النيويوركر، كتبها الصحفي الاستطلاعي سيمور هيرش، فإن هناك عدد من خطط الهجوم على إيران من الجو، وهذه الخطط متطورة وتتضمن كل ما يمكن الاعتقاد به عندما كان الاتحاد السوفييتي موجوداً: استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. وقد ظل استخدام الأسلحة النووية يعتبر جريمة بحق الإنسانية، خلال الفترة الطويلة الماضية، بسبب تحفظ الأم المتحدة، ولكن هذا الجهاز الدولي أصبح حالياً بلا أسنان.
إن العديد من هؤلاء الذين يشعرون بأن مبدأ رامسفيلد بالاعتماد على الأسلحة فائقة التطور التكنولوجي قد فشل في العراق، يطالبون بإرسال المزيد من القوات البرية إلى الشرق الأوسط ، كما فعل سياسيو الحزب الديمقراطي البارزون. وبالنسبة إلى تحديد من أين أتى سوف يتم إحضار القوات؟ فإن شبحاً مزعجاً لمسودة عسكرية يتم تحديدها، سوف يكون وراء هذا الحوار.
إن النضال من أجل العمل على سحب الإمبريالية بالكامل سوف يحقق عودة القوات إلى بلدها أمريكا، وسوف يسمح لشعوب العالم أن تتحكم وتسيطر على مصائرها، بحيث لا يكون ذلك عن طريق كبار الضباط أو الحزب الرأسمالي، وإنما عن طريق إحياء قوى الطبقة العاملة والحركات التقدمية.


الجمل : قسم الترجمة
المصدر :غلوبال ريسيرتش

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...