الاستغناء عن بترول الشرق الأوسط لن يتم بالسرعة التي يريدها بوش

20-04-2006

الاستغناء عن بترول الشرق الأوسط لن يتم بالسرعة التي يريدها بوش

عبّر خبراء نفط في لندن عن شكوكهم في أن الولايات المتحدة ستستطيع التخلص من الاعتماد على نفط الشرق الأوسط في الفترة الزمنية التي حددها الرئيس الأميركي جورج بوش في خطابه عن حالة الاتحاد في مطلع هذا العام. وكان بوش قد كرر رغبته هذه في خطاب آخر ألقاه أخيرا في مقر شركة «جونسون كونترول» بمدينة ميلووكي في ولاية ويسكونسون ـ وهي شركة تركز أنشطتها على التكنولوجيا، حيث قال إنه ينبغي على الولايات المتحدة، لتعزيز أمنها القومي والاقتصادي، أن تقلل اعتمادها على البترول الذي يستورد معظمه من مصادر غير جديرة بالثقة في الخارج (يقصد منطقة الشرق الأوسط).
غير أن الدكتور ليو درولاس، من مركز دراسات الطاقة الدولي في لندن، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الدراسات التي أعدها مركزه تتوقع أن تتمكن الولايات المتحدة من خفض نصف مليون برميل فقط من وارداتها الشرق أوسطية، وأن ذلك نفسه لن يتم قبل حلول عام 2020. وأضاف أن هذه الصورة تختلف كثيرا عن الصورة التي يريدها بوش والتي تتحدث عن تخفيضات تفوق المليون برميل بحلول عام 2015. والمعروف أن الولايات المتحدة تستورد حاليا نحو مليوني برميل من منطقة الشرق الأوسط يوميا، وهو ما يشكل نسبة 19% من إجمالي وارداتها. وأوضح دكتور درولاس أن الاستهلاك الأميركي سيرتفع بنحو 4 ملايين برميل في عام 2020 (حاليا 20 مليون برميل)، مما سيزيد الضغط على الولايات المتحدة من أجل توفير النفط من أي مكان بما في ذلك الشرق الأوسط. وأضاف أن واشنطن تعوّل حاليا على الاستغناء عن نفط الشرق الأوسط واستبداله بالنفط المستخرج من أماكن جديدة مثل غرب أفريقيا ودول الاتحاد السوفياتي السابقة، خصوصا منطقة بحر قزوين. كما أن اضافات محدودة تأتي من النفط الكندي والروسي. وقال درولاس «صحيح أن هذه الاكتشافات الجديدة ستوفر مزيدا من النفط للولايات المتحدة، لكن في المقابل فإن نفط الدول الأميركية اللاتينية سينخفض بنحو مليون برميل بحلول عام 2020».
وكان بوش قد دعا إلى التعجيل بتطوير مصادر بديلة للوقود وأساليب تكنولوجية بديلة لتستخدم في السيارات والمنازل وأماكن العمل. وقال «أعتقد أننا نقف عند لحظة تاريخية مهمة، وأن أمامنا فرصة متاحة لتغيير وتحويل الأسلوب الذي نمد به اقتصادنا بالطاقة وأسلوب المعيشة الذي نتبعه في حياتنا». وأشار الرئيس الأميركي وهو يتحدث عن الاهتمامات والهواجس الأمنية، إلى أن «بعض الدول التي نعتمد عليها في الحصول على البترول لديها حكومات غير مستقرة، أو توجد اختلافات أساسية بينها وبين الولايات المتحدة، وهذا يثير قضية تتعلق بالأمن القومي، حينما نصبح رهائن للطاقة الموجودة لدى دول أجنبية قد لا تكون راضية عنا». كما كان التقرير السنوي عن سوق الطاقة العالمي الذي اصدرته وكالة الطاقة الدولية عن عام 2005 قد توقع نمو الطلب العالمي على الطاقة بنحو 50% في العقدين ونصف العقد المقبلين. وحذر التقرير من زيادة اعتماد العالم على الطاقة من دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وتوقع ايضا زيادة انتاج الغاز في دول المنطقة ثلاثة اضعاف في الفترة ذاتها. وربط تقرير الوكالة، التي تعمل لصالح الدول الصناعية المستهلكة، بين قدرة دول الشرق الأوسط على تلبية الطلب وبين استثماراتها في هذا القطاع.
النفط الأفريقي: من جهة أخرى، قال بريت شيفر، الباحث الأميركي في الشؤون التنظيمية في مؤسسة التراث «هاريتيج فاوندايشن» في واشنطن، إن القارة الأفريقية أصبحت تحتل أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها مصدرا جديدا للطاقة وللموارد الطبيعية. وقد أثار شيفر هذه القضية في مؤتمر عقد أخيرا في واشنطن تحت عنوان «النفوذ الصيني يتوسع في كل من أفريقيا وأميركا اللاتينية». وقال شيفر إنه قبل 15 عاما لم يكن بالإمكان طرح موضوع أفريقيا أمام هذا المؤتمر كموضوع للناقش الجاد. لكن اليوم فقد باتت أفريقيا تحظى بأهمية متزايدة لدى الولايات المتحدة كمصدر للنفط، إذ انها زودت الولايات المتحدة بـ 18% من وارداتها من النفط ـ أي نفس النسبة تقريبا التي تستوردها الولايات المتحدة حاليا من الشرق الأوسط.
وأوضح شيفر أن الواردات النفطية الأميركية من الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى قد ارتفعت بمقدار الثلث منذ عام 1999، بينما انخفضت وارداتها من منطقة الخليج العربي. ونتيجة لذلك، فإن أهمية أفريقيا كمصدر للبترول وواردات النفط لا يمكن الاستهانة بها.
وتكهن شيفر أن تتضاعف صادرات أفريقيا النفطية خلال السنوات العشر القادمة، واستشهد بالتوقعات التي تشير إلى أن الواردات الأميركية للنفط الأفريقي سترتفع عن مستواها الحالي من 18% إلى 25% في المستقبل القريب. أما بالنسبة للنفوذ الصيني على القارة الأفريقية، فقال شيفر إن الصين الآن تفوقت على الولايات المتحدة كأكبر مستهلك في العالم للعديد من المواد الأولية، كما أنها تُصنف كثاني أكبر مستورد في العالم للنفط، وتمثل حصتها في الطلب العالمي على النفط 31%. ولهذا فهي تعتمد على أفريقيا من أجل هذه الموارد. وقال إن ظهور الصين كلاعب هام على المسرح الاقتصادي، وطلبها الذي لا ينضب على المواد الأولية والموارد الطبيعية والنفط، يمثل منافسة كبيرة للولايات المتحدة وأوروبا اللذين اعتادا على انفرادهما بالحصول على الكثير من هذه المواد. وبالفعل، فقد بات واضحاً أن الصين توسع استثماراتها في كافة أنحاء الدول الأفريقية. وأشار شيفر إلى أن شركة «بترول الصين» القومية نشيطة في عدد من الدول الأفريقية مثل السودان، حيث قامت ببناء خط أنابيب يمتد من جنوب غربي السودان إلى البحر الأحمر، كما أنشأت محطة لتكرير النفط قرب العاصمة الخرطوم، وهي أيضا تسيطر على معظم حقول البترول في جنوب دارفور. وبالإضافة إلى السودان فإن الصين توسع نشاطها في أنغولا حيث قدمت مساعدات بقيمة ملياري دولار لتأمين حقوق النفط ووقعت اتفاقية مع الحكومة الأنغولية لشراء 30 ألف برميل من النفط الخام يوميا على مدى السنوات الخمس المقبلة. ويأتي ثُلث النفط الصيني حاليا من الدول الأفريقية بعد أن شنت بكين في التسعينات حملة قوية لتوطيد علاقتها بالقارة ككل. وستحرص بكين كل الحرص ليس فقط على الحفاظ بهذه العلاقات، بل على تطويرها بقوة، وذلك لأنها زادت استهلاكها اليومي من النفط 300% منذ عام1990 لكي تصبح حاليا ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، وهي تستهلك يوميا أكثر مما تستهلكه ألمانيا وبريطانيا وفرنسا مجتمعة.
ولم تنحصر الطموحات الصينية النفطية في القارة الأفريقية بل راحت في الآونة الأخيرة تغزو القارة الأميركية نفسها، إذ اشترت الصين أخيرا مشاريع نفطية ضخمة في كندا بقيمة 2.8 مليار دولار، كما سعت أكبر مؤسسة صينية لحقول النفط والغاز البحرية (أوفشور) الى شراء شركة «يونوكال» للبترول، وهي تاسع أكبر شركة نفط أميركية. وكانت «المؤسسة الوطنية الصينية لحقول النفط والغاز البحرية» قد عرضت مبلغ 18.5 مليار دولار ثمناً للاستيلاء على «يونوكال» في أكبر عملية شراء تقوم بها شركة صينية لإحدى الشركات الأجنبية. غير أن «يونوكال» من جانبها قالت إنها ستدرس العرض الصيني ولكنها ملتزمة باتفاقية الاندماج مع «شيفرون تيكساكو»، وهو الاتفاق الذي تبلغ قيمته 18 مليار دولار. يذكر أن المؤسسة الوطنية الصينية لحقول النفط والغاز البحرية هي واحدة من أكبر 4 مؤسسات صينية ظهرت بعد إعادة هيكلة صناعة النفط الصيني عام 1999.
وتم منح هذه الشركة حقوق التنقيب والانتاج البحري، فكان عليها أن تعمل عن كثب مع الشركات الأجنبية الرئيسية لتحسين التكنولوجيا الخاصة بالتنقيب والاكتشاف البحري. 
المصدر: موقع بورصة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...