جوكر المسرح السوري

14-11-2006

جوكر المسرح السوري

كان ذلك في عام 1979 حين بزغ نجمه ساطعاً مباغتاً في مهرجان دمشق الثامن للفنون المسرحية، حيث أدهش الجميع، وأصبح حديث الوسط الابداعي والثقافي برمته...هذا الشاب المحلّق كالنورس في فضاء المسرح العربي، جاء المبدعون والجمهور الى مسرح القباني الساعة السادسة مساء ليشاهدوا عرض (رحلة حنظلة من الغفلة الى اليقظة) فشاهدوا زيناتي في دور (حرفوش) وانتقل الجمهور والمبدعون الى مسرح الحمراء في الليلة نفسها، الساعة التاسعة مساء ليشاهدوا عرض (الملك هو الملك) فشاهدوا زيناتي في دور (عرقوب)..وفي ايام المهرجان التالية عاد الجمهور والمبدعون الى القباني ليشاهدوا زيناتي في العرض الرائع (قصة حديقة الحيوان) بدور (جيري) والتحق الجميع به في يوم آخر ليشاهدوه في العرض الفلسطيني (الزيارة) حيث كان يلعب دور (الحشري)...هذه العروض الأربعة مثّلت سورية في ذلك المهرجان من خلال: المسرح التجريبي، المسرح القومي، نقابة الفنانين، والمسرح الوطني الفلسطيني الذي كان مقره دمشق...يومها كان الفنان العربي الكبير دريد لحام نقيباً للفنانين، وشاهد زيناتي في كل هذه العروض والتي كان آخرها «الزيارة» دخل الى كواليس مسرح الحمراء ..قبّل زيناتي، واحتضنه طويلاً وقال لضيوفه: هذا الشاب واحد من كنوز ثروتنا الوطنية والقوميّة.
كان زيناتي بحق، وبإجماع الجميع نجم المهرجان دون منازع...وهمس بعضهم بصوت مرتفع: إنه«جوكر» المهرجان كان عمره حينها يقارب الثلاثين عاماً ولم يكن شعار المهرجان (الشباب مستقبل المسرح العربي) بل كان عنوناً آخر..واليوم وبعد مرور سبعة وعشرين عاماً على ذلك المهرجان..وبعد إنجازات إبداعية كبيرة حققها هذا الفنان على كل أصعدة عمله وتواجده وبعد أن توّج تجربته ومشروعه الابداعي بخلق «تيار مسرحي» انتشر في المشرق العربي كالنار في الهشيم عبر ريادته وتجربته الفريدة والمثيرة والمستمرة في (مسرح المونودراما)..ومنذ أيام أطلّ علينا في مهرجان دمشق الثالث عشر للفنون المسرحية لعام 2006 بأربعة عروض مسرحية، كان من المفروض ان تكون خمسة، لولا الخشية- كما سمعت- من إحداث فوضى في ترتيبها ضمن أيام المهرجان، أربعة عروض اذاً، كما في عام 1979م! هل يعيد التاريخ نفسه كما يقال عادة؟ أم أن هذا الفنان يتحرك ويشتعل في جغرافيا، يصنع فيها تاريخاً مندفعاً الى الأمام باستمرار؟.
«مونودراما»كأس سقراط الاخيرة، مخرجاً وممثلاً«الديك»، ممثلاً،«البيت ذو الشرفات السبع» ممثلاً،«رأس الغول» معدّاً ومخرجاً...وقد نراه غداً يتوّج حفل الختام بواحد من مقاطع «سقراط» العذبة...
واذا كان شعار هذا المهرجان (الشباب مستقبل المسرح العربي) فإنه ينطبق أول ما ينطبق على «الجوكر» زيناتي قدسية، بل ينطبق عليه مرتين: الاولى حين كان عمره ثلاثين عاماً تقريباً في المهرجان الثامن، والثانية الآن، حيث يزحف به العمر نحو مشارف الثلاثين مضروبة باثنين!..وصفوه بأوصاف كثيرة، ولقبوه بألقاب كثيرة، وتوّجه المنصفون والعادلون من المبدعين والجمهور، ملكاً، ولا يزال متربعاً على عرشه .

أمينة عباس

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...