صفحات من التغلغل الأمني التركي في لبنان
سومر سلطان:
أود هنا إثبات هذه الملاحظة قبل وضع النص: المقال أدناه يعتمد على مصادر عامة ومفتوحة، وليس وليد معلومات خاصة. وهو يظهر سيرورة التعامل الأمني لتركيا مع لبنان؛ ففي مطلع الستينات كان عبارة عن تسليح للمجموعات الرجعية المتحالفة مع كيان الاحتلال. وبعدها بدأت مرحبة تشكيل مجموعات عرقية، يجمع بين أفرادها الولاء العشائري والعائلي، وتعمل كأداة ضاربة للأتراك مقابل فتح مجال تجارة المخدرات أمامها. لاحقاً اتخذ التدخل شكلاً جديداً يقوم على إعادة إحياء الولاءات العثمانية. نلحظ هذا في عبارة أحمد داود أوغلو التي وعد فيها بإعطاء الجنسية لكل الأتراك في لبنان. هذا يعني أن أنقرة باتت تراهن على إنشاء كتلة بشرية موالية لها، تؤثر من خلالها على توازنات البلاد. فلقد تجاوزت مرحلة ضرب الأهداف عبر الجرائم التقليدية.
يروي الكاتب والدبلوماسي التركي الراحل أورهان قولوغلو أنه حين انتقل للعمل في سفارة بلاده في بيروت، بين عامي 1970 و1971، جرى تقديمه إلى أحد زملاء العمل، الكاتب الثاني محمد علي. ولكن لفت نظره أمران: عمر هذا الموظف الأربعيني لا يتناسب مع مسمى كاتب ثان، بل يجب أن يكون في منصب أعلى، والأهم هو أنه لا توجد على طاولة هذا الكاتب أية أداة كتابة.
وفي إحدى المناسبات أتى موظف جديد إلى السفارة فتعرف على الكاتب الثاني المزعوم، وقد كان زميله في عاصمة أخرى، ولكنه ناداه باسم مختلف. سرعان ما أوضح «محمد علي» اللبس، وقال إنه «مكلف بمهمة خاصة». تبين لاحقًا أن الموظف والمترجم السوري الأصل في المكتب الإعلامي في السفارة، والملقب بـ«الدوماني»، يعمل تحت إمرة «محمد علي» في مهمته الخاصة. وقد لقي مصرعه لاحقًا في سنوات الحرب الأهلية، وتبين أن له صلات مع عدة أجهزة استخباراتية ومنظمات مختلفة.
يوضح قوروغلو أنه علم أن زميله ليس إلا أسطورة الدولة العميقة، ورجل المهمات القذرة في الاستخبارات الوطنية MİT، هيرام عباس، الذي أصبح الرأي العام في تركيا يعرفه لاحقًا بلقب «السيد بايب». وقد صدر كتاب عنه باسم «الحياة الاستثنائية للسيد بايب»، وفيه معلومات قيمة عن بدء نشاطات الأمن التركي في الأراضي اللبنانية. يقول مؤلفا الكتاب إن جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي «أمان» طور خطة للتعاون مع تركيا في كل من لبنان وسورية، بمقتضى استراتيجية تعقب الأعداء وضربهم outflank. وقد تدخلت الولايات المتحدة بنفوذها لدى أنقرة للموافقة على الانخراط في الخطة، والتي امتدت كذلك إلى كل من إيران (قبل الثورة) وأثيوبيا. ولتعزيز ذلك عُيّن مسؤول دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية إلياهو ساسون سفيرًا في تركيا، عام 1957، والتقى بكبار المسؤولين لترتيب التعاون الأمني. وكان على رأس من اجتمع به رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس. يقول الكتاب: «قام ساسون، ونزولًا عند إصرار الطرف التركي، بإبقاء التنسيق الأمني سريًا، بعقد جملة اجتماعات سريعة مع مسؤولي وزارة الخارجية، وقام بنسج التداخل بين البلدين قطبة قطبة».
توجت جهود ساسون بتنظيم أول اجتماع لرئيسي الاستخبارات في كل من تركيا وكيان الاحتلال، عام 1958. قبلت تركيا بالتعاون، وبدأت الخطوات التنفيذية، فأُعلن بعيد ذلك عن تعرض طائرة إسرائيلية لعطل مفاجئ واضطرارها للنزول في أنقرة. غير أنها، في الحقيقة، لم تكن معطلة، بل كانت تحمل وفدًا رفيع المستوى أجرى لقاءات معينة لتقرير الخطوات التنفيذية للخطة، التي وضعت لها كلمة سر: فكتوريا.
أولى هذه الخطوات كانت انطلاق طائرات من القاعدة الجوية الثانية عشرة، من منطقة أتيمسغوت قرب أنقرة، محملة بصناديق مغلقة جيدًا. وقيل إن وزير الخارجية فاتن رشدي زولو قد أشرف شخصيًا على ملء وتحميل هذه الصناديق. وكانت الطائرات تسلك يومها المجال الجوي لقبرص، التي كانت آنذاك تحت الوصاية الإنكليزية. وعندما كانت الطائرات الإنكليزية، في قبرص، تحلق لمواجهة هذا القادم المجهول كانت تعود أدراجها عندما تسمع في الراديو كلمة السر: فكتوريا. وبعدها كان الأتراك يحطون في مطار بيروت. ينقل الكتاب عن أحد هؤلاء الطيارين قوله إنه في إحدى المرات لم يتمكن من التغلب على فضوله، ففتح أحد الصناديق، ووجد أسلحة فردية وقذائف مدفعية، والكثير من الذخيرة. ويضيف أنه سافر وحده إلى بيروت خمس مرات. أحد الجوانب، التي لم نكن نعرفها، أن الحركة الوطنية اللبنانية تمكنت لاحقًا من بسط سيطرتها على المطار واعتقال اثنين من الطيارين الأتراك، وبقيا في الأسر حتى نهاية الحرب الأهلية. إذًا، جاء هيرام عباس ليتابع مسيرة هذه الخطة.
كان عباس قبل توليه مهامه في بيروت موجودًا في أثينا، وقبلها في مدينة باطومي الجورجية. ولكنه شعر أنه بات معروفًا في تلك المناطق، فعاد إلى المركز ليعرض عليه رئيس الاستخبارات أن يذهب إلى باريس أو بيروت، فاختار الأخيرة. وعن ذلك تقول زوجته غولسون عباس إن «أيام بيروت كانت أسعد أيام حياتنا»، وتمضي في الحديث عن تجوالها مع أولادها في شارع الحمرا، وعن جلوسها كثيرًا في فندق الكومودور. وكان لمنطقة رأس بيروت نصيب وافر من حديثها المتحمس. وارتبطت عائلة عباس بعلاقات صداقة مع عائلة تمرز، ذات الأصول السورية الآشورية. استخدم روجيه تمرز، بعد ذلك بسنوات طويلة، وفي 1995 بالضبط، علاقاته مع المؤسسة الأمنية التركية من أجل اللقاء مع اثنين من قادة العهد: زعيم «حزب الحركة القومية» الفاشي ألب أرسلان توركيش، وزعيمة «حزب الطريق القويم» تانسو تشيللر. لقد كان يطمح إلى الحصول على عقد مد خط النفط من باكو الآذربيجانية إلى مرفأ جيهان التركي.
كانت طريقة عمل هيرام عباس غير نمطية، فهو يعمل على اختراق التنظيمات الأرمنية عن طريق الأرمن المهاجرين من الأناضول حديثًا، وكان قبل ذلك يعمل على اختراق اليونانيين عن طريق الروم المهاجرين من الأناضول حديثًا. وشكل في بيروت مجموعة مسلحة كنوع من فرقة تدخل سريع صغيرة. تشكلت المجموعة، مهما كان تصديق هذا صعبًا، من أكراد قادمين من تركيا للعمل، عرفت لاحقًا باسم «مجموعة الماردينيين» لأن أغلب أفرادها ينحدرون من مدينة ماردين. وكان الشعار الذي يجمعهم هو «الأكراد قادمون». عن ذلك يروي الكاتب قولوغلو أنه تعرض في إحدى المرات لحصار مجموعة من الأرمن الغاضبين، في بيروت، وفجأة سمع شعار «الأكراد قادمون»، ورأى شبانًا ينقضون على المجموعة الأرمنية بالضرب المبرح حتى لم يبق منها أحد.
إضافة إلى ذلك كان هيرام عباس في تنسيق دائم مع كل من الاستخبارات المركزية الأميركية، والموساد الإسرائيلي، وسافاك الشاه الإيراني. وتنامت علاقته مع ضابط إسرائيلي كان سيصبح شهيرًا جدًا فيما بعد، هو رفائيل إيتان. أما في الطرف التركي فقد كان مرتاحًا لأن من يتولى المسؤولية عنه كان أحد أقرب أصدقائه بنفس الوقت، أشهر من تولى رئاسة العمليات في الاستخبارات الوطنية MİT، محمد أيمور. ومما ساهم في إجلاء الغموض عن تلك الفترة أن أيمور تحدث لاحقًا، وبعد خروجه إلى التقاعد، عن الكثير من نشاطاته علنًا. فقد كشف في مذكراته عن اسم «محمود الزين»، والذي قال إنه كان زعيم «مجموعة الماردينيين»، يعود بنسبه إلى إحدى العشائر في ماردين. مضيفًا أنه دخل السجن في ألمانيا، بعد ختام نشاطاته في بيروت، بسبب نشاطه في تجارة المخدرات. غير أن العائلة المذكورة نفت ادعاءاته.
كما تحدث أيمور، في إحدى المرات، عن إرساله شخصًا آخر ليساعد عباس في مهامه، إنه زعيم المافيا الأشهر علاء الدين جاقيجي، والذي نفذ كذلك مهمة اغتيال الناشط آغوب آغوبيان، زعيم «الجيش السري الأرمني لتحرير أرمينيا»، في أثينا. كان جاقيجي يستخدم اسم «أتيلا» كاسم مستعار، مستلهمًا الملك التركماني «أتيلا الهوني» الذي كان محاربًا فذًا أطلق عليه الأوروبيون لقب «سوط الله» لأنهم كانوا يعتبرون أنه عقاب مسلط من الله عليهم. على أن طبيعة عمل جاقيجي كانت مختلفة قليلًا عن عباس، فهو بالنهاية ليس موظفًا، ولا ضابطًا، بل هو أقرب إلى أن يكون مقاولًا؛ فهو ينفذ مهامّ معينة، قذرة طبعًا، خارج تركيا أحيانًا، وفي داخلها أحيانًا أخرى، ويتمكن بالمقابل من ممارسة «أعماله الخاصة» دون مضايقة قانونية. وتشمل هذه «الأعمال»، إضافة إلى تجارة المخدرات وتجارة السلاح غير الشرعي، فرض الخوات على عدد من الأثرياء، والتدخل بالقوة في المناقصات الكبيرة وضمان فوز أطراف معينين بها مقابل المال طبعًا. وقد قدر تقرير أمني مسرب، في العام الجاري، عدد أفراد عصابة جاقيجي حاليًا بـ428 رجلًا، بفارق كبير عن أقرب منافسيه سيدات بيكر. وكان قد خرج من السجن في نيسان من العام الفائت، وقبل ذلك قُدر حجم عصابته بـ337 رجلًا عندما كان لا يزال سجينًا. فهو تمكن بالتالي من تحقيق تقدم نوعي في حجم أعماله في غضون أشهر من إطلاق سراحه. ويبدو بالتالي أن الرئيس رجب طيب أردوغان قبلَ بإطلاق سراحه نزولًا عند رغبة شريكه الأول دولت باهجلي زعيم «حزب الحركة القومية» الفاشي، من أجل تأسيس ورعاية ميليشيا إجرامية جديدة قد يطلب منها، عند اللزوم، ضبط الشارع في حال قرر التمسك بالسلطة رغمًا عن نتائج الانتخابات.
مع مطلع السبعينيات، كان أمام الثنائي جاقيجي وعباس تحدٍّ جديد يضاف إلى الصراع المزمن مع الحركة القومية الأرمنية، وإلى مقتضيات التحالف مع كيان الاحتلال الصهيوني. ففي 1968 انفجرت موجة واسعة، وغير مسبوقة، من الاحتجاجات على زيارة للأسطول السادس الأميركي. وزاد من غضب الشبان اليساريين يومها أن الحكومة أعدت لافتات ترحيب بالأميركيين، بل وقامت بإعادة طلاء بيوت الدعارة القريبة من سواحل إسطنبول كي يأخذوا راحتهم فيها.
وقاد الاحتجاجات جيل الشباب الجامعي اليساري الثائر. وبعد تعرضه للقمع الدموي، غادر الكثير من رموزه إلى سورية ولبنان للمشاركة في المعركة ضد الصهيونية، المعركة التي يعتبرونها مكملًا لمعركتهم الخاصة في تحرير بلادهم من ربقة التحكم الأطلسي.
برزت أسماء مثل دنيز غزميش (تشي غيفارا التركي) أحد قادة «جبهة التحرير الثوري»، وقد وصل إلى لبنان، وحمل السلاح إلى جانب الحركة الوطنية اللبنانية وحركة الكفاح المسلح الفلسطيني. بنفس الوقت كان شبان من «الجبهة الشعبية لتحرير تركيا» قد نفذوا عملية معاقبة السفير الصهيوني في أنقرة، إفراييم الروم، بالموت. وسرعان ما غادر رموزها كذلك إلى سورية ولبنان بعد مقتل قائدها ماهر تشايان. كانت مهمة الثنائي جاقيجي وعباس بالتالي مواجهة هؤلاء اليساريين، وتصفية ما أمكن منهم، قبل أن يعودوا إلى بلادهم وقد اكتسبوا خبرة العمل الحربي والكفاح المسلح.
يقول مؤلفا كتاب «السيد بايب» إن هيرام عباس كان يتلقى معلومات عن الطلبة الأتراك في المنطقة، وعن هوية من يتلقى منهم التدريب على حمل السلاح، من الموساد. وقد نسق نشاطاته مع وكالة الاستخبارات الأميركية، وقام بأنشطة في اختراق الفصائل الفلسطينية وتصفية بعض الأتراك الذين كانوا يتلقون التدريب عندها. وتلقى عدة مكافآت عن عمله هذا. ورغم هذا كله، فشل عباس وشريكه فشلًا ذريعًا أمام «الجيش السري الأرمني لتحرير أرمينيا» – آصالا. لقد تمكن هذا التنظيم من اختراق السفارة التركية، ومعرفة أدق تفاصيلها، وتحديد مَن مِن الدبلوماسيين هو ضابط أمن متنكر، وقام بعدة تصفيات في صفوفهم، على رأسها السفير نفسه إسماعيل أريز. ويبدو أن هذا ما أوغر صدر قادته عليه، فأرسلوا عميلًا آخر، قادمًا من صفوف الجيش، اسمه نوري غونديش، وعاد عباس مع عائلته إلى اسطنبول، وانتهت بذلك مرحلة وبدأت مرحلة جديدة، لم تكن أقل دموية. ولكن فشل عباس هنا لم يقف عائقًا أمام ترفعه حتى تقاعد في منصب معاون رئيس الاستخبارات.
يقلل أيمور، في مذكراته، من نجاحات غونديش، ويقول إن المجموعة الكردية، التي كان عباس قد أسسها، كانت أكثر فعالية. يروي أن مجموعة غونديش فجرت في إحدى المرات عبوة تحت نصب أرمني، وفي مرة أخرى فخخوا سيارة. «عمليات محدودة» كما يصفها باستصغار، مفيدًا بأن اهتمامها الأكبر كان منصبًا على تهريب المخدرات. غير أنه كان لأنقرة رأي آخر، فقد بات غونديش أهم شخصية تمسك بملف مكافحة تنظيم «آصالا» إلى جانب شخص آخر اسمه أركان غورفيت، هو صهر الجنرال ذائع الصيت كنعان إيفرين، الذي كان سيقوم لاحقًا بتنظيم انقلاب عسكري مطلع الثمانينيات، يصبح بنتيجته ديكتاتورًا يجمع كامل السلطات بيده.
اعترف الجنرال الراحل، في لقاء مع صحيفة «صباح» في وقت لاحق، بأن صهره نفذ عدة عمليات أمنية في لبنان، ضد «آصالا» على الأغلب. وقد ساعدته فيها زوجته، ابنة الجنرال، شيناي غورفيت، التي كانت بدورها تعمل في الاستخبارات الوطنية. أصبح غورفيت عام 1982 مستشار الشؤون الأمنية لحميه الطاغية، أما غونديش فتسلم مهمة إدارة منطقة إسطنبول، وبعدها أنقرة، في بنية الاستخبارات. ونعلم اليوم أن الرجلين استدعيا زعيم مافيا آخر لمساعدتهما، هو عبد الله جطلي. ويمكن القول إنه محترف أكثر من جاقيجي، حتى ليمكن القول إنه قاتل مأجور أكثر من كونه مجرمًا مقاولًا.أسس الثلاثة مجموعة من التركمان من كركوك العراق، وامتد نشاطها إلى عدة دول، نعلم منها اليوم: قبرص واليونان وانكلترا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وهولندا والنمسا إضافة إلى لبنان بالطبع. وتقدر بعض المصادر عدد عملياتها بقرابة عشرين عملية مسلحة. ولا زال الأتراك حتى اليوم يتجادلون حول أي من «مجموعة الماردينيين» و«مجموعة الكركوكيين» لعب دورًا أكبر في إنهاء ظاهرة «آصالا».
صرنا في النصف الأول من الثمانينيات. وصل جيل من الحرس الحديدي إلى قيادة أجهزة الأمن في كل من دمشق وأثينا. ففي دمشق برز رجال من أمثال محمد ناصيف وعلي حيدر وعلي دوبا، وفي أثينا برز العقيد سافاس كالنديريديس. أسس القوميون العرب والقوميون الإغريق محورًا جديدًا ضد أنقرة. وبموجبه منحت تنظيمات المعارضة التركية المسلحة إمكانات غير مسبوقة، فتم تأسيس «حزب العمال الكردستاني» ومنح معسكرًا في منطقة البقاع في لبنان. كما تم منح معسكر لـ«جبهة التحرير الثوري» في نفس المنطقة. فتحت أبواب العاصمتين على مصاريعها أمام الحركات الثورية المناهضة للنظام التركي. كما جرت محاولة إحياء «آصالا» من جديد. وافتتح بدوره معسكرًا في البقاع.
هذه المرة لم يتمكن الأتراك من تنظيم مجموعات عرقية صغيرة ومتشددة كالماردينيين أو الكركوكيين، وحاولوا التعويض عن هذا بنسج علاقات مع العشائر التركمانية في البقاع. لقد استثمروا في كثير من الحالات رغبة أبناء المنطقة بالدخول في خدمة أنقرة مقابل إرسال أولادهم للتحصيل فيها. وقد لعب «حزب الحركة القومية» دورًا واضحًا في تنظيم الشبكات هذه.
على أن الاستجابة التركية للتحدي الجديد لم تكن على القدر الكافي، فقد كان من علائم نجاح استراتيجية محور دمشق – أثينا أن «جبهة التحرير» وحدها نفذت عشرات الاغتيالات في تركيا لعدد من كبار الضباط والسياسيين، من بينهم هيرام عباس نفسه، إذ تمكنت خلية من تعقبه وقتله في سيارته. وسقط بايبه المشهور على فخذه الأيمن بعد أن التوت رقبته إلى الأمام واليمين بشدة تحت تأثير طلقة أتته من الخلف واليسار.
annasher
إضافة تعليق جديد