صفقة «داعش» مع تركيا: الرهائن مقابل عين العرب و«الإدارة الذاتية»

21-09-2014

صفقة «داعش» مع تركيا: الرهائن مقابل عين العرب و«الإدارة الذاتية»

بعثر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أوراق «التحالف الدولي»، الذي تقوده الولايات المتحدة قبل أيام قليلة من مباشرتها الضربات الجوية على أهدافه في سورية، بتقدم مقاتليه صوب مدينة عين العرب (120 كيلو متراً شمال شرق حلب) وسيطرته على معظم القرى في ريفيها الغربي والشرقي.

وأكدت مصادر دبلوماسية غربية في اسطنبول، أن العملية من نتاج استخبارات حكومة «العدالة والتنمية» التي ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد «فمن غير الصدفة أن يطلق سراح الرهائن الأتراك لدى (داعش) خلال أقل من يومين من بدء هجومها على مدينة عين العرب والتي تعد ثالث مدينة سورية ذات أغلبية كردية بعد الحسكة والقامشلي والمقاطعة الثانية المصرح عنها للإدارة الذاتية لأكراد سورية إلى جانب مقاطعتي الجزيرة وعفرين في حلب».

وأوضح الدبلوماسي الغربي أن الهجوم على عين العرب في هذا التوقيت «الهدف منه إطلاق الرهائن الأتراك ضمن صفقة الحكومة التركية مع (الدولة الإسلامية) ووأد أي حركة انفصالية لأكراد سورية بإقامة حكم ذاتي مستقبلاً وتعهد التنظيم بحماية الحدود التركية ضد محاولات تسلل مقاتلين أكراد تابعين لحزب العمال الكردستاني إلى أراضيها».

مراقبون عسكريون لفتوا إلى أن دخول «داعش» على خط عين العرب من شأنه أن يهدد بتأخير تنفيذ «التحالف الدولي» لضرباته الجوية وليس تقديم موعدها ضد مقرات التنظيم وخطوط إمداده بسبب امتناع المقاتلين الأكراد الانضمام إلى التحالف بعد الغدر بهم على يد الحكومة التركية حليف الولايات المتحدة التي كانت تعوّل عليهم كثيراً بقتال التنظيم إلى جانب التحالف وفصائل المعارضة المسلحة وملء الفراغ الذي قد يحدثه انسحابه من مناطق يسيطر عليها.

وزاد من حدة الخلاف بين مقاتلي وحدات «حماية الشعب» الكردية التي تتولى الدفاع عن عين العرب وفصائل ما يدعى «الجيش الحر»، بحسب مصادر ميدانية، انسحاب الفصائل من جبهات القتال في شرق وغرب عين العرب مع تقدم «الدولة الإسلامية» فيها على الرغم من تأسيس تحالف بين الطرفين حمل اسم غرفة عمليات «بركان الفرات» يضم «جبهة ثوار الأكراد» و«لواء شهداء الرقة».

قائد ميداني في وحدات «حماية الشعب» الكردية، التابعة للحزب الديمقراطي الكردي أفاد أنه لا خوف على سقوط عين العرب بيد «داعش»، التي تفصلها مسافة 25 كيلو متراً عنها من جهة الشرق، لوجود مقاتلين بأعداد كافية للدفاع عن المدينة «لكن الملف الإنساني هو الطاغي بسبب نزوح آلاف الأسر من القرى التي سيطر عليها التنظيم أو التي طالتها مدفعيته وهاوناته تجاه الحدود التركية التي فتحت (ليل أمس الأول) لعبور نحو 7 آلاف عائلة مع استمرار عمليات التهجير خشية تقدمه نحو مناطق جديدة». وبين مصدر إعلامي من داخل المدينة أن معنويات المقاتلين الأكراد فيها عالية مع وصول أعداد لا بأس بها من قوات كردية متخصصة بحرب العصابات تدعى (الكريلا) أي الأنصار التابعة لوحدات «الحماية الشعبية» والتي توجهت إلى جبهات القتال بعد إعلان النفير العام ودعوة عبد اللـه أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني أنصاره في تركيا لمؤازرة أشقائهم في سورية.

وكان «داعش» سيطر على 24 قرية خلال اليومين الفائتين في محيط عين العرب أضيفت إلى 36 قرية كردية بسط نفوذه عليها خلال عام من حصار المدينة. وسهلت الحكومة التركية عملياته الأخيرة بفتح خطوط إمداد لوجستي وتدفق «الجهاديين» الأجانب عبر حدودها ضاربة عرض الحائط بقرار مجلس الأمن 2170 الذي يركز على قطع الدعم عن التنظيم بأشكاله كافة.

ويتيح تقدم «الدولة الإسلامية» في عين العرب مد نفوذها على خاصرتها الضعيفة التي تصلها برأس العين خشية تسلل المسلحين المدعومين من «تحالف واشنطن» منها بالإضافة إلى استيلائه على مساحات شاسعة جديدة توسع رقعة الصراع في حلب وتوفر له إمكانية التخفي بين السكان المدنيين مع بدء الضربات الجوية ضده.

- من جهة أخرى اعتبر رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين عمر أوسي، أن سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على قرى في ريف مدينة عين عرب جاء بدعم من حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا، مستبعدا أن يكون هذا الدعم جاء مقابل إفراج (داعش) عن الرهائن الأتراك الذين يحتجزهم، واصفا مسألة المحتجزين الأتراك بأنها «مفبركة».
 
و قال أوسي: إن «الدولة التركية تقدم كل الدعم اللوجستي والمال والسلاح لتنظيم (داعش) وكذلك تمد التنظيم بإحداثيات قوات الحماية الكردية».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة، أن مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» المتطرفين سيطروا على 60 بلدة بالقرب من الحدود التركية في هجوم كاسح بدأ قبل يومين وباتوا على مقربة من مدينة عين العرب الواقعة في محافظة حلب على الحدود مع تركيا. وأوضح المرصد، أن المعارك مستمرة هناك، مشيراً إلى «اشتباكات عنيفة» في المنطقة المحيطة بعين العرب.

وأعرب أوسي عن اعتقاده أن التطورات الأخيرة في محيط عين عرب تأتي في إطار الدعم التركي لـ(داعش) من أجل تحقيق بعض الانتصارات التكتيكية العسكرية على الأرض قبيل توجيه الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها ضربات جوية لـ«داعش» في سورية. ورأى أوسي، أن هذا التطور مؤشر إلى عمق الخلافات بين واشنطن وحلفائها من جهة وتركيا من جهة ثانية حول محاربة (داعش).

واعتبر، أن هذه الهجمة الشرسة من (داعش) على تلك المناطق الكردية هي استهداف للأقلية القومية الكردية في سورية والعراق كما حصل في شمال العراق من هجوم على الأقلية الايزيدية والمسيحيين في الموصل.

وقال: «أعتقد أن ما يجري هو مخطط تركي ينفذ بأيدي (داعش) وتهدف من ورائه حكومة حزب العدالة والتنمية إلى ضم المناطق الكردية إليها وهذا ليس غريبا على هذه الحكومة».

وعبر 300 مقاتل كردي على الأقل الحدود التركية إلى سورية ليل الجمعة - السبت لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وأعرب أوسي عن اعتقاده، أنه بعد وصول تعزيزات من حزب العمال الكردستاني ومئات الشباب الكرد للقتال إلى جانب قوات الحماية الشعبية الكردية وتصريحات رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرازاني ورئيس حكومة الإقليم نيجرفان برازاني بإعلان حالة النفير العام فإن هذه القوات ستأخذ زمام المبادرة وستحول المناطق الكردية في سورية والعراق إلى مقبرة لـ(داعش). وطالب أوسي قوات البشمركة والجيش والقوات المسلحة السورية وسلاح الجو السوري بإرسال تعزيزات إلى المنطقة وحماية المواطنين الأكراد وتوجيه ضربات قاصمة لـ(داعش). ورأى، أن الضربات الجوية التي ستوجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها لتنظيم «الدولة الإسلامية» لن تأتي بأي نتيجة دون التنسيق مع الدولة السورية، معربا عن اعتقاده أن هذا التنسيق قد يحصل بشكل سري بعيداً عن الإعلام بعد أن أصبح (داعش) خطراً على مصالح الأمن القومي الأميركي في المنطقة.

وأعلن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كرتلموش أن قرابة 45 ألف كردي هربوا إلى تركيا قادمين من سورية منذ الخميس بسبب المعارك بين قوات الحماية الشعبية الكردية وتنظيم الدولة الإسلامية.

وأفرج تنظيم «الدولة الإسلامية» عن المواطنين الأتراك ال49 المحتجزين لديه منذ ثلاثة أشهر بالترافق مع المعارك الدائرة في ريف عين عرب، في حين ما تزال الولايات المتحدة تعمل على تعزيز تحالف لهزيمة الجهاديين. ولم تتضح ظروف إطلاق سراح هؤلاء الرهائن.

وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو في بيان «في وقت مبكر من صباح أمس استلمنا مواطنينا وأعدناهم إلى تركيا» دون توضيحات حول ظروف إطلاق سراحهم.

وردا على سؤال، إن كان (داعش) أفرج عن الرهائن الأتراك مقابل تقديم الحكومة التركية الدعم له للسيطرة على مدينة عين عرب وريفها، قال أوسي: «لا رابط بين المسألتين. هذه مسرحية بين (داعش) وتركيا، وأصلا احتجاز هؤلاء الرهائن مفبرك من أجل القول إن تركيا ليس لها علاقة بتنظيم الدولة الإسلامية».

واحتجز الرهائن الأتراك الـ49 في 11 حزيران عندما سيطر التنظيم على القنصلية التركية العامة في الموصل.

وبين الرهائن القنصل العام وزوجته والعديد من الدبلوماسيين وأطفالهم بالإضافة إلى عناصر من القوات الخاصة التركية.

وتتهم الحكومة التركية مراراً بأنها تدعم المعارضة السورية وسلحت مجموعات إسلامية متطرفة معادية للحكومة السورية وبينها تنظيم «الدولة الإسلامية».  وحملت المعارضة التركية الحكومة مسؤولية خطف مواطنين أتراك من تنظيم «الدولة الإسلامية». وتبدي تركيا عضو حلف شمال الأطلسي تردداً حيال مشاركتها في التحالف الدولي لضرب تنظيم الدولة الإسلامية، أو حتى السماح للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة باستخدام قواعدها لشن عمليات على ما ذكرت وكالة «ا.ف.ب» للأنباء.

ويتهم دبلوماسيون غربيون حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذات الجذور الإسلامية بأنها لم تظهر سوى دعم فاتر للحرب على مسلحي «الدولة الإسلامية» الذين يسيطرون على مساحات واسعة من العراق وسورية، رغم رفض المسؤولين الأتراك تلك الاتهامات بشدة.

وبررت أنقرا التي وضعت نفسها خلال السنوات الماضية كقوة كبرى في العالم الإسلامي ذلك بأن أيديها مقيدة بسبب خطف التنظيم المتطرف 49 من مواطنيها بينهم دبلوماسيون وأطفال.

لكن رغم الإفراج عن هؤلاء الرهائن، يبقى من غير الواضح إذا ما كانت تركيا ستغير مسارها. ويقول العديد من المحللين إن سياسة تركيا التي قادها وزير الخارجية السابق ورئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلو، بدعم المسلحين الإسلاميين في الاضطرابات في سورية بهدف الإطاحة بالنظام السوري، أدت إلى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال المحلل في مؤسسة كارنيغي يوروب وسفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى تركيا مارك بيريني: إن أنقرا «تتحمل مسؤولية مباشرة عن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، واليوم تشعر بإحراج كبير». وأضاف: «حتى الأشهر القليلة الماضية، كانت الأراضي التركية مفتوحة للجميع على مصراعيها. وقد تغيرت الأوضاع اليوم بسبب الضغوط الغربية، وكذلك لأن الحكومة أدركت الآن، متأخرة برأيي، أن تنظيم الدولة الإسلامية يمكن أن يشكل تهديداً مباشراً لتركيا».

ورفض أردوغان بغضب الأسبوع الحالي الاتهامات بأن تركيا شجعت مسلحي «الدولة الإسلامية»، قائلاً: إن اتهام أنقرة بدعم الإرهاب يعد «وقاحة». وأضاف: «لم نقبل ولا نقبل مطلقاً مفهوم الإرهاب الإسلامي».

إلا أن تركيا العضو في الحلف الأطلسي، تتردد في المشاركة في العمليات القتالية لضرب تنظيم الدولة الإسلامية، أو حتى السماح للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بشن هجمات انطلاقاً من أراضيها. ووافقت عشر دول عربية الشهر الحالي على مساعدة الولايات المتحدة في قتالها مع التنظيم، وذلك خلال مؤتمر عقد في مدينة جدة السعودية. ورغم مشاركة تركيا في المؤتمر، إلا أنها لم توقع البيان الصادر عنه.

وصرح مسؤول في الحكومة التركية أن قرار أنقرة عدم المشاركة عسكرياً يأتي بناء على «سياسة الدولة». وقال: «لم نشارك في أي تدخل عسكري منذ الحرب الكورية. هذه سياسة دولة وليست لها أي علاقة بتنظيم الدولة الإسلامية».

وبدلاً من ذلك تفكر تركيا في إقامة منطقة عازلة على حدودها مع العراق وسورية لمساعدة المدنيين على الجانب الآخر من الحدود. إلا أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستفعل ذلك.

وقال بيريني: «نظراً لتصرفاتها في الفترة السابقة، وخصوصاً خلال الاجتياح الأميركي للعراق في 2003، لا أعتقد أن تركيا ستغير سياستها وتتخذ موقفاً مختلفاً جذرياً وهجومياً يستهدف الجهاديين». وتشير التقديرات إلى أن آلاف المقاتلين الأجانب انضموا إلى التنظيم المتطرف وصلوا من أوروبا والولايات المتحدة وعبروا من الحدود من تركيا إلى سورية والعراق للقتال في صفوفه. وتتهم مصادر غربية تركيا بعدم ضبط تدفق المسلحين من سورية والعراق وإليهما.

وصرح دبلوماسي غربي: «نحن نفهم بوضوح أن هذه المسألة ليست أولوية لدى الأجهزة التركية». وقال: «حتى فكرة تبادل المعلومات مستحيلة. وعندما يفعلون شيئاً في النهاية فإنه يكون جزءاً من مساومة. على سبيل المثال، إنهم لا يريدوننا أن نتصل بحزب العمال الكردستاني». وتعتبر مساعدة الحكومة التركية مهمة في وقف عبور المقاتلين الأجانب.

والأسبوع الماضي مثل مشتبه فيه يعتبر من أهم الأشخاص الذين يجندون الشباب للقتال مع الدولة الإسلامية أمام القضاء الفرنسي بعد اعتقاله في تركيا الشهر الماضي.

وصرح مصدر غربي: إن «أجهزتنا رصدته في أسطنبول، ولذلك توجهنا إلى الأتراك لإبلاغهم أنه من كبار المجندين للمقاتلين الإسلاميين، وأن القضاء الفرنسي أصدر مذكرة توقيف بحقه، لكن السلطات لم تتحرك». وأضاف: إن الأمر تطلب «اتصالات مباشرة من أعلى السلطات السياسية الفرنسية إلى المسؤولين الأتراك لاعتقال» المطلوب.

المصدر: الوطن+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...