لمـاذا يعيـش المهـاجـرون أكثـر مـن الأصلييـن؟
إنه لغز وبائي. إذ يعرف عن المهاجرين إلى الدول الغنية، أنهم يعيشون حياة أطول من السكان الذين ولدوا فيها. كما يعرف عن الأشخاص الأكثر ثراء وتعليماً انهم يعيشون أكثر. غير أن معظم المهاجرين إلى الولايات المتحدة هم أكثر فقرا وأقل علماً وأوضاعهم المادية لا تخوّلهم الحصول على العناية الطبية اللازمة، وعلى الرغم من كل ذلك، يعيش هؤلاء المهاجرون أكثر من السكان المحليين. هل هو «تأثير المهاجر الصحي»... ما الذي يحدث هنا؟
هناك من فك اللغز في الصحيفة الدولية للأوبئة، حيث أجابت الدراسة بأن التدخين هو العامل الأساسي لهذه الظاهرة، أو بالأحرى كمية التدخين. وقامت طالبة الدكتوراه في قسم الأبحاث السكانية في جامعة برينس تاون في الولايات المتحدة لارا بلو، بإحصاء معدل الاصابات بسرطان الرئتين للسكان الذين ولدوا في الولايات المتحدة والذين ولدوا خارجها والذين هم من أصول إسبانية والبيض من أصول غير إسبانية للعام 2000.
وشارك بلو في بحثها طالب الدكتوراه بالاجتماع والديموغرافيا في جامعة بنسيلفانيا في الولايات المتحدة أندرو فنيلون. وقام الطالبان باستخدام أساليب مختلفة لقياس نسبة تأثير التدخين في رفع معدلات الوفيات بين تلك المجتمعات. وتبين أن نسب تدخين الشعوب الإسبانية الأصل والشعوب الأخرى الغريبة المنخفضة، كــان لها دور كــبير بخفض معدل الوفيات لديهم مقارنة بالسكان الأصليين البيض.
وكانت للمهاجرين فرص عيش أكبر من الآخرين، عن عمر الـ50 عاماً بنسبة 50 في المئة لدى الرجال و70 في المئة على الأقل لدى النساء. ويبرر التدخين أكثر من 75 في المئة من النتائج التي تبين اختلاف متوسط العمر المتوقع بين الأميركيين، والبيض غير الاسبانيي الأصل في عمر الـ50. فما يمكن أن نستنتجه هنا ليس فقط أن التدخين هو شديد الضرر بالصحة، بل إن التدخين يمكن أن يكون له صدى سلبي على طول العمر، حتى بعد فترة طويلة من انخفاض معدلات التدخين لدى أحد الشعوب.
فتقول بلو إن المهاجرين إلى الولايات المتحدة يدخنون أقل من الأميركيين الذين ولدوا في البلاد بنسبة ضيلة لكن في الماضي كان سكان الولايات المتحدة من أكثر الشعوب تدخيناً في العالم. ففي 1965 دخن الأميركيون أكثر من المكسيكيين مثلاً بكثير. والبيانات المتعلقة بالوفيات تعكس نزعات التدخين قديماً وأنماطه الحالية بشكل كبير. وتعتقد بلو أنه مع الوقت تنخفض الهوة بين معدل وفيات المهاجرين والسكان المحليين بينما ينخفض معدل التدخين.
لكن الأخبار المحزنة هي أنه على الرغم من الحملات المناهضة للتدخين التي لاقت نجاحاً في الولايات المتحدة، فملايين الأميركيين الذين كانوا يدخنون ومئات الملايين ممن لا يزالوا يدخنون في العالم ينبئون بأن معدل الوفيات المرتبط بالتدخين سيرتفع.
السفير نقلاً عن مجلة «تايم»
إضافة تعليق جديد