«إخوان» مصر يسقطون في اختبار الشارع
بدا واضحاً، امس، تأثير الضربات الامنية التي تلقتها جماعة «الاخوان المسلمين» على مدار الاسبوع الماضي، والتي تمثلت في اعتقال كبار قيادات الصفين الأول والثاني، حيث بدت «جمعة الشهداء» التي دعا إليها التحالف الإسلامي المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي هزيلة في أعدادها، حتى مقارنة بالتظاهرات المشابهة التي كانت تجري كل يوم جمعة خلال أيام الاعتصام في رابعة العدوية وميدان النهضة.
في هذا الوقت، أقر الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على استخدام ورقة المساعدات الاقتصادية والعسكرية لتغيير الأوضاع في مصر، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على مراجعة سياستها مع القاهرة.
وبعد أسبوع على تكثيف الحملة الامنية ضد «الإخوان» غداة فض اعتصامي رابعة والنهضة، والتي أسفرت حتى الآن عن توقيف المرشد العام محمد بديع وقيادات الصفين الأول والثاني، فشل مؤيدو الرئيس المعزول في حشد الشارع ضمن إطار ما أسموه مليونية «جمعة الشهداء».
وتراوح حجم المشاركة في المسيرات بين العشرات والمئات، وربما كان الحشد الأضخم في ميدان النهضة الذي لم يتمكن فيه «الإخوان» سوى من جمع قرابة الفي متظاهر.
وفيما نشرت صفحة «حزب الحرية والعدالة» صوراً وفيديوهات للعديد من المسيرات في اكثر من منطقة في العاصمة والمحافظات، فإن أي مسيرة لم تنجح في الانضمام الى مسيرة اخرى في ظل سيطرة الجيش والشرطة على زمام الامور في الشوارع الرئيسية.
وقال شهود عيان ان ما يقرب من ألفي عضو من «الاخوان المسلمين» قد تظاهروا في ميدان الجيزه لمدة ساعتين وهم يهتفون «الارهاب هو الانقلاب» و«ارحل يا سيسي.. مرسي هو رئيسي»، ولكن مع قلة العدد، فضّل المنظمون فض التظاهرة قبل صلاة العصر.
وقال محمد صلاح، وهو احد اعضاء لجنة الشباب في «حزب الحرية والعدالة» في منطقة الجيزة ان فشل التظاهرات يوم أمس سببه «الهجمة الامنية» و«غياب القيادات بعد القبض على معظمهم»، مؤكداً «سنظل في الشارع ونعلم جيداً انه مع الوقت سينضم الينا كل الشعب المصري مع ظهور الوجه الحقيقي للانقلاب العسكري».
إلى ذلك، استعادت شوارع القاهرة الهتاف الشهير «يسقط يسقط حسني مبارك»، بعدما نظم العشرات من حركتي «الاشتراكيين الثوريين»، و«اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة» وقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي اعتراضاً على قرار إخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك. ورفعوا لافتات تحمل مطالبهم، وقد كتب عليها: «لا لتبرئة القاتل»، و«ضد كل من قتل ضد كل من خان».
وبدت شوارع القاهرة، أمس، وكأن الحياة قد توقفت فيها حيث اغلقت المحال ابوابها وظل الاهالي في منازلهم خوفاً من وقوع اشتباكات بين قوات الامن والمتظاهرين.
وسيطرت قوات الجيش والشرطة على شوارع القاهرة والجيزة الرئيسية حيث اغلقت الدبابات ميدان التحرير ومنعت نهائيا الدخول والخروج، فيما منع مترو الانفاق من التوقف في محطة السادات (في ميدان التحرير)، في حين سجل انتشار مكثف لقوات الامن المركزي في محيط الجوامع الرئيسية بالعاصمة.
وبرغم ذلك، فإن يوم أمس لم يمض بسلام، إذ شهدت مدينة طنطا اشتباكات عنيفة بين أنصار مرسي والأهالي عقب صلاة الجمعة، وذلك لدى خروج مناصري «الإخوان» في مسيرات عدّة.
واعلنت وزارة الصحة عن سقوط قتيل واحد في طنطا واصابة ما يقرب من مئة شخص في احداث متفرقة في القاهرة والمحافظات.
واقتحم العشرات مقر «حزب الحرية والعدالة» في منطقة جديلة في المنصورة، وأشعلوا النار في المحتويات بعد إخراجها من المقر، بينما وقعت اشتباكات بين قوات الامن والمتظاهرين اثناء فض مسيرتين حاولتا التوجه الى مقر ديوان المحافظة.
إلى ذلك، أقر الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن المعونة السنوية التي تقدمها واشنطن للقاهرة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد لم تعد تجدي نفعاً في تغيير مواقف السلطات المصرية.
وقال أوباما، في مقابلة مع قناة «سي أن أن»: «رأيي هو أن المعونة بحد ذاتها لا يمكنها أن تؤثر أو توقف ما تقوم به الحكومة المؤقتة هناك (في مصر)، ولكنني أعتقد أنّ غالبية الأميركيين تريد أن نكون حذرين إزاء أن نجد أنفسنا بصدد المساعدة في القيام بإجراءات نؤمن بأنها مناقضة لمبادئنا وقيمنا».
وأشار أوباما إلى ان الإدارة الأميركية تقوم الآن «بتقييم شامل للعلاقة مع مصر» معربا عن يقينه «من دون شكّ فإنه لن يكون بإمكاننا أن نعود للعمل بنفس ما اعتدنا عليه».
وأضاف «لقد كانت هناك مساحة مباشرة بعد إطاحة السيد مرسي وقمنا أثناءها بالكثير من العمل السياسي والديبلوماسي في محاولة لتشجيع الجيش من أجل التحرك نحو مسار مصالحة ولكنهم لم ينتهزوا تلك الفرصة».
ورأى أوباما أن الوقت قد حان لرد فعل حاسم من الولايات المتحدة على «وحشية الحكومة السورية»، والحملة «العنيفة» التي يشنها الجيش المصري.
واضاف اوباما في حديثه إلى «سي إن إن»: «كان هناك فراغ، حاولنا فيه بكثير من الجهد والديبلوماسية تشجيع الجيش للتحرك في مسار المصالحة، لكنهم لم ينتهزوا تلك الفرصة».
وتعليقاً على كلام أوباما، رأى الدكتور محمد فهمي منزا، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في القاهرة، في حديث إلى «السفير»: إن ربط الرئيس الأميركي بين سوريا ومصر في تعليقه على الاحداث في البلدين هو امر خطير، خاصة ان هذه هي المرة الأولى التي يتم فيه هذا الربط في تصريح رسمي.
وأضاف أن تكتيك «الاخوان» الذي يظهر في الشوارع من كتابة «السيسي سفاح» والاعداد القليلة التي تشارك في المسيرات الليلية ونقلها عبر قناة «الجزيرة» يعزز الشكوك في اهداف الربط بين مصر وسوريا.
وأشار منزا الى ان أوباما حاول أن يكون متوازناً في كلمته، ولكن نبرة الحزن او الغضب على هزيمة الاخوان كانت واضحة.
ولفت منزا إلى أن «المساعدات العسكرية لن تمس لأنها في اطار علاقات عسكرية مباشرة بين البنتاغون والجيش المصري، وخاصة مع عدم استقرار النظام المدني في مصر».
مصطفى صلاح
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد