«سينسايشن»: ثقافة التطبيق الاتصالي في الحياة اليومية
«لا يكفي القول إن خليوي «أتش تي سي-سينسايشن» htc Sensation أفضل الهواتف الذكية حاضراً. يجدر القول إنه الأكثر تقدّماً في الخليويات المعتمدة على نظام «أندرويد» وتطبيقاته، إذ يعمل على نظام «أندرويد 2 أكس» Applications 2X Android، ويأتي مكتظّاً بمزايا تركّز على الأشياء التي يستعملها الجمهور يومياً بصورة مستمرة ومتكرّرة. ومع امتزاج هاتين الميزتين، يستطيع هاتف «أتش تي سي سينسايشن» بسهولة أن يعطي مستخدمه إحساساً بأنه يمتلك خليوياً مختلفاً ومتجدداً بصورة عميقة. وأخيراً، فإن تقديمه ميزة المكالمات الخليوية عبر شبكات «واي فاي» (هي «واي فاي كولينغ» Wi Fi Calling) هو أمر مُغرٍ كلياً، خصوصاً لمن يتكرر سفره الى الخارج، لأنها تخفض كلفة المكالمات الدولية عبر شبكات الخليوي بنسبة كبيرة. بتلك الكلمات، اختتم موقع «أوبرجيزمو.كوم» ubergizmo.com مراجعة متخصصة واسعة عن هاتف «سينسايشن» الذي يلاقي رواجاً في الأسواق العالمية أخيراً. ووضعت هذه المراجعة «سينسايشن» في موضع متقدّم بالنسبة للهواتف الذكيّة بعمومها. من المستطاع القول أيضاً إن الكلمات السابقة مثقلة بالحماسة، لكنها تعطي فكرة عن الطريقة التي استقبلت بها الصحافة المتخصّصة في المعلوماتية والاتصالات الرقمية هذا الهاتفَ الذكي (انظر «ماذا قال آخرون عنه»؟ في هذه الصفحة).
التقنية بيد الحياة اليومية
لنترك التفاصيل التقنية المحضة، فقد ضجّت بها ضربات الأصابع على لوحات المفاتيح الإلكترونية (يشبه ذلك القول إنها أسالت حبراً كثيراً، لكن لم يعد لصورة الحبر قوة الدلالة على الكتابة حاضراً)، مع فيوض من مقالات متخصصة وبيانات صحافية ومواضيع شبه إعلانية عن هذا الهاتف الذي حقّق اختراقاً ضخماً في صناعة الاتصالات المتطوّرة.
لنتأمل الأمر من زوايا اخرى. لنبدأ من صورة بعيدة: وقفة ستيف جوبز، المدير التنفيذي السابق لشركة «آبل» على منصة إعلانية لتقديم هاتف «آي فون». قيل حينها ان جوبز فعلها ثانية، إذ كرّر هذا الثعلب الماكر نجاحاً تذوّقه قبلاً مع «آي بود» iPod. اللافت في النجاحين أنهما تحقّقا من دون اختراق تكنولوجي ضخم. لم يأت جوبز بجديد في الصناعة الإلكترونية، لكنه أجاد في نسج ضفائر العلاقة بين معطيات التقنية الإلكترونية من جهة، وصنع أدوات تخدم الحياة اليومية للناس وتلبي حاجاتهم العملية إلى أشياء تُسهل عيشهم، من الناحية الاخرى. واستطراداً، يفترض أن تكون هذه الأدوات سهلة الاستعمال، لا تثقل على الناس بأن تفرض عليهم اكتساب مهارات عالية قبل التمكّن من استخدامها بصورة يومية ومتكررة.
بعدها، كرّر الثعلب جوبز، وقد بات كهلاً يقارب الشيخوخة، ضرباته الناجحة، وهزّ عالمي الكومبيوتر والخليوي معاً بابتكار بُهرت الأعين بمجرد رؤيته: «آي باد» iPad. بدا «آي باد» أداة حربائية بامتياز، ليس حاسوباً ولا هاتفاً، بل هو لا يقف في منزلة بين المنزلتين. باختصار، صنع جوبز كومبيوتر بأسلوب البناء من الأسفل إلى الأعلى. ارتكزت هندسة «آي باد» على الحاجات العملانية للجمهور الواسع، ثم جمّعت التقنيات التي تلبي هذه الحاجات بصورة مباشرة. قبل ذلك، ظلّت صناعة الكومبيوتر المحمول أسيرة للتقدّم العلمي في التقنيات، بمعنى أنها كانت تصرّ دوماً على مراكمة العضلات التكنولوجية للحواسيب المحمولة، وتضخيمها بالتقاط ما يستطيع التقدّم العلمي أن يقدّمه (وهو بحر يتمدّد باستمرار)، من دون التنبّه الى المقلب الآخر من هذه الصورة. إذ طالما كرّر خبراء المعلوماتية أن الجمهور لا يستعمل إلا نسبة ضئيلة تماماً من إمكانات الحواسيب التي يشتريها. ورفعوا الصوت مراراً للقول ان الكومبيوتر الأكثر قوة وتقدّماً يعني أيضاً تقلّص نسبة ما يستعمله الجمهور من تقنياته بالمقارنة مع إمكاناته الكامنة جميعها. لم يلتفت صُنّاع الكومبيوتر المحمول الى هذه الأصوات جيداً، والتقطتها أذن جوبز المرهفة بيقظة ثعلب متوثّب للصيد. عمد إلى صنع أداة لا شيء جديداً فيها تقنياً، لكن طريقة انتقاء التقنيات وجدلها وربطها، جعلتها ابتكاراً فعلياً، كما ضمنت لها نجاحاً هائلاً.
ولأنه أراد أن يضع قوة التكنولوجيا في أيدي الناس، خرج جوبز بفكرة «آب ستور» App Store، التي تقول ببساطة إن الإنسان حرّ في أن يختار ما يشاء من التطبيقات الرقمية (وهي أساساً برامج إلكترونية) ليضعها على حاسوبه بما يتلاءم مع حياته ومهنته وذوقه وثقافته وعلاقاته الاجتماعية وغيرها.
احتضِن وتجاوز
انطلاقاً من هذه الزاوية، يعطي هاتف «اتش تي سي سينسايشن» انطباعاً بأنه التقط خيط العلاقة بين التقنية والحياة اليومية، إذ أمسك بالذكاء الذي وقف وراء نجاح «آي فون» و «آي باد»، وهضمه. ثم تجاوزه بخفة الذكاء العميق وبساطته. لعله أمر فيه ما يتجاوز المصادفة البحتة، أن تأتي موجة انتشار هواتف «أتش تي سي» متزامنة مع استقالة جوبز وخروجه من مشهد صناعة المعلوماتية والاتصالات المعاصرة.
الأرجح ان أشد أنواع الذكاء حدّة هو ما يبدو سهلاً وبسيطاً إلى حدّ البداهة. في ذاكرة الصناعة الرقمية أن بيل غيتس، المؤسس الأسطوري لشركة مايكروسوفت العملاقة، عمل دوماً بوحيٍ من شعار شائع أميركياً هو «احتضن وتجاوز» Embrace & Expand.
مع الإضاءة الأولى لشاشته، يظهر شعار يلخّص قدرة شركة «أتش تي سي» على السير بهذا النوع من التفكير، إذ يقول «لامع الذكاء ببساطة» quietly brilliant. في التطبيقات الأساسية لهذا الهاتف، مثل أرقام الأصدقاء والمعلومات عنهم والرسائل النصية، تعبّر فكرة الذكاء الخفي عن نفسها بوضوح، خصوصاً عبر الترابط بين المعلومات بصرياً. تفتح رسالة نصيّة، فتظهر مع الرسائل التي تبادلتها مع صاحبها، مع تبيّان ما أرسلته أنت وتلقيته. في معظم الخليويات، تخصَّص ملفات مستقلة للرسائل الواردة (Received) والصادرة (Sent)، ويعني ذلك أنك عندما تكتب رسالة نصية قصيرة لشخص ما، يغيب عن عينيك ما تبادلته معه. تستطيع البحث عن تلك الأشياء إذا شئت، وإذا خصّصت لذلك وقتاً كافياً. وحتى حينها، لا ترى الصادر والوارد من هذا الشخص أثناء كتابة رسالة إليه. ينوب عنك هاتف «سينسايشن» في هذا الأمر، فيسهل عليك أمر التواصل مع من تتبادل معهم الرسائل. ينطبق الوصف عينه على حذف الرسائل النصيّة القصيرة. عندما تهمّ بحذف رسالة «أس أم أس»، تظهر خيارات تعطيك إمكان حذف رسائله كلها، أو اختيار ما تريد منها، من دون الاضطرار الى التفتيش في ملفات الرسائل الصادرة والواردة، ثم البحث فيها بدقة عن رسائل هذا الشخص، لتقرير أمر حذفها أو الاحتفاظ بها. لنفكر كم يصبح سهلاً على فتاة أن تمحي رسائل من تريد إنهاء العلاقة معه، ليس عليها سوى الوصول الى أي رسالة منه، كي يعطيها الهاتف رسائله جميعها، وكذلك الرسائل التي بعثتها له. لا يتطلب حذف تلك الذكرى العاطفية كلها، سوى ضربة مفردة. وإذا ارتأت أن تحتفظ بذكريات حلوّة، أو ربما برسائلها هي، تمر بأصابعها على القائمة المفرودة أمام عينيها، فتختار ما تشاء أن تحذف أو تُبقي. وتظهر على الرسائل النصية إشارة «ربط»، التي تشير الى أن رسائل هذا الشخص أو رقم هاتفه النقّال أو المعلومات المخزّنة عنه، لها صلة مع أشخاص آخرين تتواصل معهم. يُذكِّر ذلك بالطريقة التي تُسهل فيها تقنية «الترابط الفائق» Hyper Link، التنقّل بين المعلومات في الكومبيوتر والإنترنت. والأرجح أن «أتش تي سي» احتضنت فكرة هذه التقنية الرقمية، وبسّطتها. وجعلتها جزءاً من خفة الذكاء وبساطته في خليوي «سينسايشن».
لعل أهم ما يبرز في اندفاعة خليوي «سينسايشن» هو قوة مراهنته على التطبيقات المتصلة بالحياة اليومية للناس، مثل تعلّم ربط الحبال وممارسة الرياضة اليومية وتعلم السباحة وأطالس الجغرافيا وكتب التاريخ والنصوص المقدسة للديانات السماوية والدساتير التي ترشد الدول الكبرى (الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة...) وكتب المعلومات المتخصصة والمراجع عن شؤون الصحة الجسدية والنفسية والجنسية وغيرها. يحتاج الأمر الى نقاش واسع حدّه الأدنى مقارنة مخازن رقمية كبرى على الإنترنت مخصّصة لتطبيقات ثقافة الحياة اليومية، مثل «أوفي» Ovi (من صنع شركة «نوكيا») و «أب ستور- آي تيونز» (آبل) و «ماركت» Market (أتش تي سي). ويتطلب هذا النقاش مقالات منفصلة.
ماذا قال آخرون عنه؟
استهل كريس دايفس (اختصاصي المعلوماتية والاتصالات في موقع «سلاشغير.كوم» slashgear.com) مراجعته الواسعة عن هاتف «إتش تي سي - سينسايشن» htc Sensation، قائلاً: «في ما مضى، كان نظام «أندرويد» Android للهواتف المحمولة هو المنافس الرئيس لخليوي «آي فون» i Phone، ما يثبت أن محرك البحث «غوغل» خطط بدقة لمراهنته على نظام «أندرويد» وتطبيقاته في المعركة ضد ابتكارات ستيف جوبز. كل هذا أصبح من الماضي، مع الاندفاعة القوية لخليوي «إتش تي سي - سينسايشن». من النظرة الأولى، يتبدى بوضوح أن شركة «إتش تي سي» تجنّبت الوقوع في فخ محاولة تقليد خليوي «غلاكسي إس 2» (من صنع «سامسونغ»)، الذي شكّل تحديّاً قوياً لصناع الهواتف الذكية عالمياً. اعتمدت «إتش تي سي» بقوة على تطبيقات «أندرويد» التي باتت المعسكر المنافس لتطبيقات «آي تيونز». واستطاعت أن تنسق مزايا هذه التطبيقات مع خصائص هواتفها الذكية، مثل «سينسايشن».
وعندما أجرينا اختبارنا الواسع على الهواتف الذكية، تبيّن أن الجمهور لا يعطي أهمية كبيرة للوزن والحجم والسماكة، إلا إذا كانت مربكة ومعيقة. يهتم الجمهور بالمظهر العام للخليوي، وخصوصاً انسيابيته ونعومة استدارت هيكله الخارجي. وإذ يهتم خليوي «سينسايشن» بهذه الناحية، لم يكن غريباً أن عبّر الجمهور عن رضاه لمظهر هذا الخليوي. وشمل الأمر الجنسين معاً، ما يعني أن شركة «إتش تي سي» استطاعت عبور الحاجز الوهمي بين ذائقة الذكور والإناث، ربما عبر تركيزها على توافق الشكل مع أسلوب الشباب المعاصر في الموضة والملابس. وليس غريباً أن الهيكل البلاستيكي الذي يجمع الصلابة والليونة، جاء بلون أسود غوطي، متناسباً مع الذائقة الغوطية Gothic عند الشباب المعاصر».
> لاحظ الصحافي إدوارد شِستر، المختص في شؤون المعلوماتية والاتصالات في موقع «تراستد ريفيوز» Trusted Reviews، أن خليوي «سينسايشن» رفع مستوى التحدي التقني في المفاهيم الأساسية لصناعة الهواتف الذكيّة، إذ وصف هذا الخليوي بقوله: «لعله الأكثر قرباً إلى مفهوم الهاتف الذكي الكامل. ثمة أشياء صغيرة تحول دون القول إنه وصل إلى الكمال تماماً. مثلاً، يمتلك الهاتف تطبيقات مذهلة في تقدّمها تقنياً، لكن البطارية وعمرها لا يستطيعان مجاراة قوة هذه التطبيقات التي تنجح دوماً في إغراء المرء باستعمالها... بعد فترة الانبهار الأولى المترافقة مع استخدام مستمر لهذا الأداة، تبدو مشكلة البطارية أقل حدّة. وعلى شاشة حسّاسة ومتصالحة مع العين، يبدو «إتش تي سي» هاتفاً سريعاً في تجاوبه مع اليد البشرية. وبكلمة إجمالية، لا يخلو أي ابتكار تقني من مشاكل ونواقص، لكن هذا لا يحول دون القول إن الهاتف «إتش تي سي - سينسايشن» يقف في الصف الأول في صناعة الهواتف الذكية حاضراً».
> تحت عنوان «لتشتعل المعركة»، قدّم موقع «تِكرادار.كوم» techradar.com تقويمه لهاتف «إتش تي سي - سينسايشن»، عبر تجربة أدارها الصحافي غاريث بيفيس، المختص في شؤون الهواتف الخليوية. ركّزت التجربة على مقارنة «سينسايشن» مع هواتف ذكيّة مشابهة مثل «سامسونغ غلاكسي إس 2» Galaxy S2 و «موتورولا آتريكس» Atrix و «آل جي أوبتيموس 2 أكس» Optimus 2X و «آي فون» و «سوني إريكسون آرك» Sony Ericsson Arc وغيرها. وأعطى الموقع تقويماً إجمالياً لتجربة قسمه العلمي لهذا الهاتف، لامس الخمسة نجوم، ما يشير إلى أن هذه التجربة خرجت بخلاصة إيجابية تماماً عنه. «لقد نقل هذا الخليوي شركة «إتش تي سي» من مجرد لاعب آخر في صناعة الهواتف الذكية، إلى قائد للخليويات المتطوّرة المستخدمة لنظام «أندرويد. ومثّل هاتف «ديزاير» Desire أداتها في منافسة آي فون». لكنها تجاوزت هذه النقطة، مع الانطلاقة القوية لهاتف «سينسايشن»، متحديّة الآخرين أن يلحقوا بها. إذ يتمتع بكاميرا رقمية بقوة 8 ميغابيكسل، ومسجل فيديو فائق السرعة، ورقاقة متقدمة ثنائية النواة سرعتها 1.2 غيغاهرتز من صنع شركة «كوالكوم» Qualqomm، ما يجعله متقدّماً على منافسيه تقنياً. ومع الانتباه الى انسيابية هيكله الخارجي، يعطي «سينسايشن» إحساساً بالراحة لدى حمله باليد، ما يعني أنه تجاوز مشكلة الطول والحجم. ويتألف هذا الهيكل من مزيج البلاستيك والألومنيوم، على رغم أن المستخدم التقليدي قد يظنه مصنوعاً من البلاستيك القوي وحده.
> في موقع «أوبرجيزمو. كوم» ubergizmo.com، لاحظ الصحافي هوبرت نغوين تفوّق خليوي «سينسايشن» على منافسيه، خصوصاً في شاشته العالية النقاء ورقاقته الإلكترونية القوية، مشيراً إلى أن هذه الرقاقة هي العضلات الذكية التي أعطت «سينسايشن» قوته الفائقة في التعامل مع الألعاب الإلكترونية بأنواعها كافة، وكذلك الحال بالنسبة لسهولة تنزيل المواد من الإنترنت بتقنية «إتش إس بي إيه +» HSPA + المتطوّرة.
أحمد مغربي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد