«طاسة» الخدمات الضائعة في سكن الشباب
على مبدأ المثل الشعبي «هات ايدك ولحقني»، و«الطاسة ضايعة»، ..عبر بعض الناس القاطنين في مساكن الشباب.
بتوسع ضاحية قدسيا في ريف دمشق، عن استيائهم من سوء الإكساء الداخلي لمنازلهم ودفعهم ثمن الإكساء مرة أخرى بعد استلام مسكنهم، وكانت أهم وأكبر مشكلة في نظرهم «رشح الماء» وقت المطر، وهي المشكلة التي يصعب حلها إلا بشكل مشترك وتعاوني بين أصحاب المساكن وهو ما يتطلب نقوداً كثيرة غير موجودة على حد تعبيرهم.
أغلب من التقيناهم لخصوا مشاكلهم كالتالي: بعض الأبجورات لا تعمل بنسبة أبجور من كل منزل حسب قولهم، إضافة إلى سوء نوعية الألمنيوم المركب وعدم وجود حرفية في طريقة التركيب، كما اشتكى الناس من طينة منازلهم، وقالوا: إنها «مرهوجة» حسب التعبير العامي أي تحتوي على ثنيات واضحة المعالم وسيئة التنفيذ؟! إضافة إلى تطبيل السيراميك وعدم وجود مادة الطينة بشكل كاف خلفه ما يجعله عرضة للعطب السريع إذا أخذنا بعين الاعتبار عوامل استثمار المسكن.
تعب من مراجعة فرع الديماس
ضمن القانون الخاص للمؤسسة العامة للإسكان: يحق للمواطن الشكوى لفرع الإسكان المختص اذا احتاج المسكن إصلاحاً معيناً، وهذا بالفعل ما قام به أحد المواطنين الذي يشغل آخر طابق في أحد المساكن في الجزيرة الثانية عندما ازدادت كمية رشح الماء في منزله بعد هطول المطر الذي يبشر بموسم الخير، واقتنع الشاب حسبما رأى ان سبب ذلك هو عدم وجود مصرف صحي على «السطح»، فطلب من فرع الإسكان الإصلاح وبالفعل تجاوب فرع الإسكان في منطقة ضاحية قدسيا الذي يحمل اسم «فرع الديماس» وقاموا بإرسال متعهد قام بفتح مصرف على السطح، وقبل ان يرتاح المواطن من مشكلة «الرشح» لاحظ المواطن أن المصرف لا يعمل وهطل المطر ثانية لتعود حليمة لعادتها القديمة حسب قوله، ويعود المواطن من بعدها ويراجع فرع الديماس ليفاجأ بموظف الإسكان يقول له: «نحن استجبنا وقمنا بإرسال متعهد لفتح المصرف والمصرف لم يعمل فما ذنبنا؟
لذلك أحس المواطن بالتعب من مراجعة فرع الديماس وقرر أن يصلح الأخطاء الموجودة لديه بأن يعيد المنزل إلى «العضم» وأن يكسيه من جديد.
استلام المساكن من دون ماء وكهرباء
أشخاص آخرون اشتكوا من عدم تركيب عدادات الماء والكهرباء لمساكنهم، وتوزع المشكلة هنا بين ثلاثة قطاعات، المؤسسة العامة للإسكان الممثلة بفرع الديماس، ومؤسسة مياه قدسيا، وطوارئ كهرباء بلدة قدسيا.
وقال أحد الأشخاص: إنه عندما ذهب لتقديم طلب عداد الكهرباء أحس بأنه يركب عنفه كهربائية لمنزله من كثرة الإجراءات التي قام بها، وصولاً إلى الكشاف الذي من مهامه أن يذهب مع مقدم الطلب ويرى إذا بالإمكان أن يركب له العداد، وبعد الكشف تبين أن المواطن هو الساكن الأول للمحضر ما يستدعيه تركيب لوحة كهربائية للحفاظ على الساعات من السرقة أو العبث فيها، وهذا صحيح، لكن مشكلة المواطن في ثمن هذه اللوحة التي من التأكيد إذا دفع ثمنها وبعد فترة طالب جيرانه أن يسددوا مبلغ اللوحة سيرفضون لأنهم وجدوها مركبة مسبقاً ويصل ثمن هذه اللوحة حوالي 10000 ليرة سورية مع 6500 ليرة سورية كرسوم للعداد ليصبح المبلغ 16500 ليرة سورية وهو ما يقدر براتب شهرين لموظف مبتدئ من الفئة الثانية يعمل بالقطاع العام.
أما مشكلة الماء فلم تقتصر على تركيب لوحة لأن الإسكان نفذ صناديق العدادات ولكنه لم يركب العدادات للمتخصصين ما يعني دفع رسوم عداد للتركيب وهي تصل إلى حوالي 6000 ليرة سورية.
لا وجود للخدمات
الكثير من القاطنين تساءلوا عن سبب عدم وجود مواصلات ضمن السكن الشبابي إلى الآن رغم أن الجزيرة الأولى والثانية تعتبران الحدود الفاصلة مع ضاحية قدسيا إلا أن السرفيس لا يدخل إلى المنطقة كلها بل يصل إلى نقطة معروفة بالزهور لدى الناس ولا يكمل في هذا الشارع الذي يمتد حتى مساكن العاملين في مجلس الوزراء، هذا من جهة ومن جهة أخرى عدم وجود حاويات القمامة ووجود الأوساخ في بعض الجزر المسلمة مثل التاسعة، ومن جهة ثانية اشتكى قاطنو السكن الشبابي من عدم إنارة أعمدة الكهرباء الموجودة والجاهزة للإنارة، ما يجعلك تشعر بالفزع ليلاً على حد قولهم وعدم إغلاق صناديق الكهرباء ما يهدد سلامة المواطنين ويسهل عملية الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية، والشكوى الرابعة كانت لعدم وجود محال تجارية أو حتى أكشاك تلبي حاجات المواطنين الأساسية ما يدفعهم إلى شراء مؤونة الأسبوع التي تفسد قبل مضي نصفه، للانتهاء بعدم وجود هواتف أرضية لمنطقة السكن الشبابي بالكامل ما يرفع من فاتورة الجوال.
وقبل رد الجهات الرسمية يخطر ببال أي شخص يريد السكن في مسكنه المسلم له، التكلفة العالية التي سيدفعها مقابل ذلك، وهي: المبلغ الشهري المستحق كثمن للمسكن، وفاتورة الجوال التي ارتفعت بسبب عدم وجود الهاتف الأرضي، وكثرة استخدام تكاسي المكاتب لعدم دخول النقل العام إلى المنطقة، ودفع فاتورة مضاعفة كثمن للمواد الغذائية التي لا تبقى طويلاً، هذا كله يجعل المواطن يفكر بالبقاء مستأجراً في مناطق مخدمة لكي لا يدفع الفاتورة مرتين، أولها سداد أقساط مسكنه، وثانيها ضريبة السكن في المناطق (المنظمة) غير المخدمة حتى إشعار الجهات المسؤولة عن ذلك.
مواصفات سكن شعبي
اعتبر المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان إياس الدايري أن السكن الشبابي هو سكن شعبي وفق دفتر الشروط وهو ما يبرر ضعف نوعية أدوات الإضاءة مثل مصباح عادي بدل «لمبة نيون»، وذكر مثالا حول الطينة على أنها «قدة وليست على الودع»، والدهان طرش وليس زياتياً أو غيره من الأنواع وهذه مواصفات السكن الشعبي.
وبرر الدايري أن سوء استثمار (السكن) يؤدي إلى ظهور مشاكل في الصرف الصحي وغيره مثلاً هناك بعض السكان في الجزيرة الأولى والثانية يقومون بتركيب أدوات طاقة شمسية أو لواقط (دشات) على السطح القرميدي ما يؤدي إلى ثقوب في طبقة العزل وهذا ما يسمح بمرور الماء من هذه الثقوب وحدوث حالات رشح للماء، إضافة إلى تراكم مواد جلي البلاط من قبل المستثمر عند جلي البلاط وهو ما يمنع مرور الماء في المستقبل وبالتالي رشح الماء على المنزل الذي بأسفله.
الكلمة لمحضر الاستلام
وأشار الدايري إلى أن محضر الاستلام الذي وقع عليه المواطن يضمن له حقه في حال كانت هناك مشاكل قبل الاستلام مثل أخطاء بالإكساء أو نواقص في المواد ويعد المحضر وثيقة رسمية تثبت الطبيعة التي استلم عليها المواطن مسكنه كما تثبت النواقص والمشكلات الموجودة في المسكن والتي تم تداركها بالاتفاق مع المواطن، لذلك على المواطن التأكد من سلامة مسكنه ومحتوياته وفق محضر الاستلام قبل الاستلام، وإن حدثت أخطاء غير مرئية للمواطن بعد استثمار المسكن وتبيّن أن الخطأ ليس سببه المستثمر (المواطن) فمن حقه أن يقدم طلباً خطياً لدى فرع الديماس من أجل الإصلاح.
وبين مدير عام الإسكان أن الأخطاء التي ترد في المنازل ناتجة عن سوء تنفيذ المتعهد، في بعض الأحيان فيتم حسم قيمتها مالياً على المتعهد وبالتالي على المواطن، كما اعتبر أن سوء الإكساء في بعض المساكن يعود إلى رخص اليد العاملة التي أتى بها المتعهد وهذا الخيار يلجأ إليه المتعهد من أجل التوفير في ثمن اليد العاملة وخصوصاً أن نظام العقود قائم على أرخص سعر.
وأكد الدايري أن المؤسسة تسعى لتعديل نظام العقود بما يسمح مراعاة الإشكالية هذه، ونوه إلى الدور الذي تقوم به المؤسسة ولجانها في تنظيم عملية التنفيذ المعروفة بلجان الإشراف التي تضع ملاحظات للمتعهد عند التنفيذ وتطالبه بتداركها لحين الوصول إلى لجنة الاستلام الأولية التي بدورها تضع ملاحظات نهائية قبل التسليم وتمنح بموجبها المتعهد وقتاً للإصلاح لكي يتداركها قبل التسليم فإن تم الإصلاح تم الاستلام وإن لم يتم الإصلاح تدرج الملاحظات على بندين الأول «ملاحظات تعوق استثمار المبنى» أي لا يتم استلام المبنى وفق قوانين ناظمة تعالج هذه المسألة، أما الثاني فهي ملاحظات لا تعوق استثمار وهي تعالج بالحسميات على المتعهد وبالتالي يتم حسمها على المواطن ويتم استلام المبنى من قبل لجنة الاستلام النهائية المشكلة وفق القوانين الناظمة.
15شكوى
كما بيّن الدايري أن مساكن الشباب في سورية عشرة آلاف منزل، ومع ذلك لم تأت شكاوى كبيرة من المواطنين، فهي لا تتجاوز 15 شكوى في كل المحافظات.
وبالنسبة للخدمات أضاف: لكون الجزيرة الأولى والثانية مأهولة بالكامل تمت إنارتها ولكونها بمحاذاة الخط الفاصل مع ضاحية قدسيا لم نجد حاجة ملحة للأسواق التجارية فيها لكونها على بعد أمتار عن سوقين تجاريين في الضاحية، أما بالنسبة للجزر الأخرى فسوف يتم افتتاح الأسواق التجارية حسب إشغال السكان للمنطقة، وهذا الموضوع يأتي تباعاً وحسب مدد زمنية لا تتجاوز السنة والنصف ويشمل ذلك الحدائق أيضاً.
أما موضوع الإنارة بالنسبة لباقي الجزر باستثناء الأولى والثانية المنفذتين فقد تم تنفيذ البنى التحتية للجزر من رقم 1 إلى 9 والمؤسسة قامت بتسديد رسوم عدادات الكهرباء وتم إيصال الكهرباء إلى الأعمدة، وإنارتها من مهام شركة الكهرباء والبلدية.
وقال: بالنسبة لعدادات الكهرباء والمياه كنا نأمل أن يتم تسليم المنازل جاهزة تحتوي على عدادات الكهرباء والمياه ولكن مؤسسة الكهرباء ومؤسسة المياه اعترضتا على ذلك لكي لا يحدث استجرار غير شرعي.
وذكر أن مؤسسة الكهرباء عدلت مواصفات (بيت العداد) بتحويله إلى لوحة كهربائية بعدما كان صندوقاً عادياً، وقد سلمت مؤسسة الإسكان الكثير من المساكن التي لا تحتوي على لوحات لأن التعديل أصبح حديثاً ما يجعل المواطن يشتكي من امتناع مؤسسة الكهرباء من تركيب العداد، دون وجود لوحة.
وفي النهاية دعا الدايري المواطنين للمسؤولية الاجتماعية تجاه مساكنهم وطالبهم أن يقوموا بمراجعة فروع المؤسسة في المحافظات في حال وجود أي مشكلة في المساكن من أجل إصلاحها حسب القانون.
خارج نطاق التغطية
رئيس مجلس مدينة ضاحية قدسيا الجديدة عبد اللطيف الحاج علي أكد أن السكن الشبابي خارج نطاق تغطية خدمية لبلدية الضاحية ورغم ذلك تقوم البلدية بتأمين ما تستطيع من خدمات حسب إمكانيتها، مشيراً إلى ندرة التنسيق مع المؤسسة العامة للإسكان ما يضعف عملية تخديم الجزر، إذ أكد أن البلدية لا تعرف من تم تسليمه ومن سكن في مسكنه، وهذا يعوق تأمين الحاجات الضرورية للمواطنين كالمدارس والأسواق ووسائل النقل وحاويات القمامة.
وأشار حاج علي إلى أن مجلس مدينة ضاحية قدسيا هو مجلس مع وقف التنفيذ وليست له صلاحيات على أرض الواقع لكون الإسكان لا تتعاون مع البلدية بالشكل المطلوب الذي يلبي الحاجات الخدمية للمواطن، مؤكداً ضرورة أن تتم مخاطبة البلدية بمحاضر مفصلة عن المساكن التي تم تسليمها، مع ذكر البنية التحتية لهذه الجزر المسلمة من أجل القيام بتخديمها، وهذا ما نفتقده.
ونوه أن البلدية تعمل حالياً لحل مشكلة النقل وخاصة أن المشكلة تفاقمت بعد زيادة السكان وتناقص عدد السرافيس إلى 80 إذ كانت 140 سرفيساً، مطالباً محافظة ريف دمشق بزيادة عدد السرافيس أو تأمين البديل من الباصات المتفق عليه فهم 30 ولم يأت سوى 9 فقط، وبالنسبة للسكن الشبابي فقد طالب حاج علي الإسكان بالتزويد بشبكة الطرق وصلاحية استخدامها من أجل تأمين النقل العام لها لكونها لا تحوي على وسائل نقل أبداً من الجزيرة الأولى إلى التاسعة، إضافة إلى تعاون المواطن مع البلدية من خلال الشكاوى التي يجب أن يقدمها إذا امتنع سائق السرفيس عن السير وفق الخط.
وأكد أن مجلس المدينة يعاني لكونه لا يجد تعاوناً مع الإسكان وليس لديه مبنى حقيقي يضم آليات تستطيع تلبية حاجة الناس، معللاً ذلك أن تشابك المسؤولية يضعف الناحية الخدمية للمواطن ويجعل كل جهة تقذف الكرة إلى الجانب الآخر، ولذلك يعمل مجلس المدينة على تأمين سوق شعبي ليوم في الأسبوع يؤمن حاجيات الناس، لافتاً إلى أنه تتم الآن مخاطبة الإسكان من أجل تأمين الأرض لذلك.
الكل يتهرب
رئيس طوارئ الكهرباء في بلدة قدسيا إياد الخوري أكد أن مسألة إنارة الشوارع والجزر في توسع ضاحية قدسيا تعود إلى مجلس مدينة الضاحية، إذ يجب تسديد رسوم العدادات والقواطع من أجل الإنارة، كما برر الخوري أن صناديق الكهرباء المفتوحة (صناديق البواط) سيتم إغلاقها بعد توفير الأقفال الخاصة لذلك من قبل شركة الكهرباء في محافظة ريف دمشق، وبالنسبة للوحة الكهربائية الجديدة أضاف: على الإسكان أن يقوم بتركيبها ونحن أبلغناهم بمواصفاتها.
وبرر رئيس مركز الهاتف في ضاحية قدسيا محمد القاضي عدم وجود هواتف أرضية لمنطقة ضاحية قدسيا سببه عدم تزويد المؤسسة العامة للإسكان مركز الهاتف في الضاحية بالبنية التحتية لمنطقة توسع ضاحية قدسيا.
وفي النهاية هنا تجد أن المشكلة ليست في غياب التنسيق وتحمل المسؤوليات بل المشكلة في أن المواطن يشتكي ولا حياة لمن تنادي؟!
مشروع سكن الشباب
يشار إلى أن عدد المكتتبين على مشروع السكن الشبابي في كافة المحافظات 63000 مكتتب تم توزيعهم على مراحل زمنية مختلفة (5-7-10-12) سنة وفق سنوات الاكتتاب وحسب قرارات الإعلان وتتجاوز كلفة هذا المشروع 70 مليار ليرة سورية تمول الحكومة 30% منها بدون فوائد من صندوق الدين العام عبر الموازنة الاستثمارية للمؤسسة العامة للإسكان وقد قامت المؤسسة بتخصيص معظم المكتتبين على مرحلة الخمس سنوات من هذا المشروع في معظم المحافظات قبل المواعيد المحددة لها، إضافة إلى توزيع أعداد أخرى من المساكن ضمن المواعيد المحددة.
أما بالنسبة لمكتتبي مرحلة السبع سنوات فقد تم تخصيص كافة المكتتبين على هذه المرحلة في حمص /منطقة غرب طريق دمشق/ وفي حلب /منطقة المعصرانية/ في العام 2007 وقبل الموعد المحدد لها بثلاث سنوات، وكذلك تخصيص المكتتبين في منطقة الأشرفية بحلب عام 2010، إضافة إلى قسم من المكتتبين على مرحلة السبع سنوات في توسع ضاحية قدسيا.
فادي العساودة
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد