آلاف الموظّفين ضحية الأزمة: ما ذنبنا؟
في الفترة الأخيرة التي تصدّر فيها اسم رجل الأعمال رامي مخلوف منصات التواصل الاجتماعي في سوريا، وكانت تفاصيل «الحرب» التي اشتعلت بينه وبين الحكومة، علناً وخفاءً، حديث الساعة، وقف في الكواليس عدد كبير من المتضررين، لم يحظوا بالاهتمام الكافي، وظلوا في انتظار النتائج النهائية التي ستؤثر في لقمة عيشهم. عاش هؤلاء القلق مع كل قرار اتُخذ بحق الشركة التي عملوا فيها سنوات طويلة من «العز». إنهم موظفو الشركات التي تتبع لمجموعة رامي مخلوف الاستثمارية، الذين فقد بعضهم وظيفته من دون سابق إنذار، والبعض الآخر ينتظر دوره، بينما آخرون في إجازة إجبارية ريثما تتوضح الأمور الضبابية التي تلف الموقف.
بدأ أحمد ع. العمل في الشركة (أغلقت أبوابها بشكل نهائي قبل حوالى شهرين) بعمر العشرين، وبعد أن أمضى 21 عاماً في المكان ذاته موظفاً إدارياً، وجد نفسه اليوم في الشارع من دون عمل؛ فلا شهادة تعليمية أكملها ولا مهنة تعلّمها. حالُ أحمد كحال غيره من مئات الموظفين الذين خسروا وظائفهم بسبب إيقاف عمل الشركات التي يعملون فيها بعد قيام وزارة الاقتصاد بفسخ عقود الشركات الخاصة المستثمرة في الأسواق الحرة في عدد من المحافظات، والتي تعود ملكيتها وإداراتها لمخلوف. حتى اليوم، لم يجد أحمد أيّ عمل بديل، وهو يعيش من مدخراته السابقة، ويعترف بأنه لا يزال تحت تأثير صدمة الحدث حاملاً الشعور بالإحباط والظلم، ويقول: «كان راتبي الشهري مرتفعاً، مقارنة مع غيري من موظفي القطاع العام والخاص حتى، وما أحصل عليه من تعويضات وإضافات، عدا عن التأمين الصحي وميزات وعروض الاتصالات وغيرها، تجعلني لا أقبل بأيّ وظيفة أخرى، فكيف سأتمكّن من نسيان كل ذلك والبدء من الصفر لأؤمن لقمة العيش فقط؟ فما ذنبي في كل ما حصل؟».
أمّا عصام (اسم مستعار)، الذي يعمل في شركة «راماك للاستثمار» (تُعرف بـ«الشركة الأم» لشركات مخلوف)، فيعيش حالياً قلق الانتظار، فما يجري حوله بما يخص الأعمال التي تتبع «المعلّم»، بحسب تعبيره، لا تبشّر بالخير. وهو يعتبر أنّ الأسوأ قادم، ويتوقع في أيّ لحظة صدور قرار إنهاء وظيفته «بغض النظر عن مصدر هذا القرار». ويقول: «الرؤية غير واضحة، والريبة تطغى على من تبقى من الموظفين، ومن المتوقع أن الشركة ستُغلق وسيتم تسريح جميع الموظفين تدريجياً»، موضحاً أنّ عدد موظفي الشركة كبير وتمّ الاتفاق مع نصفهم تقريباً على دوام جزئي بنصف أجر. عصام، الذي قضى 16 عاماً في تلك الشركة، ووصل إلى منصب مدير في أحد أقسامها، استشعر الخطر منذ بداية «القصة»، ويجد نفسه اليوم مضطراً إلى البحث عن عمل جديد لا يحمل ما حظي به سابقاً من «تسهيلات ورفاهية ومعاملة VIP خصوصاً في فترة الحرب». يتساءل والإحباط يسيطر عليه: «ما ذنبنا نحن الموظفين الذين كنا مخلصين وملتزمين تجاه عملنا وبلدنا؟ لماذا سنكون كبش الفداء؟ ألا يعني أحداً كيف من الممكن أن نتدبر أمورنا المعيشية في موجة الغلاء التي تعيشها البلاد هذه الأيام؟».
على كف عفريت
عشرات الموظفين في شركة «ITEC» التي تخدم «سيريتل» وتتبعها إدارياً، أُبلغوا قبل أكثر من أسبوع أنهم في إجازة مفتوحة لأسباب غير معلنة، من دون أي تفاصيل تتعلق باستمرار دفع الأجر أو الانتقال إلى شركات أخرى تتبع للمالك ذاته. «د. أ.» أحد هؤلاء الموظفين، كان قد بدأ البحث عن عمل آخر منذ بدأت «مشاكل ربّ عملنا تتفاقم»، كما يقول، إلا ؛إنه لم يوفّق حتى الآن، وخاصةً أنه يسعى لوظيفة بالأجر ذاته الذي كان يحصل عليه سابقاً. فعليه المحافظة على مستوى العيش ذاته الذي عاشته أسرته طوال السنوات الثماني الماضية ولم تكن متاحة لكثيرين، ويضيف: «ما بعد الإجازة واضح، فالأمر لا يبشّر بالخير أبداً، وخاصة مع إيقاف عروض الإنترنت والاتصال المخصصة للموظفين».
في المقابل، يوضح «ر. ط.»، الذي لا يزال مستمراً في عمله في شركة «سيرياتيل»، أنّه كغيره من مئات الموظفين عاش «قلقاً رهيباً» في فترة ما قبل صدور قرار فرض حراسة قضائية على الشركة وبعده، وبعد تطبيق القرار استقرّ حال الشركة والعاملين فيها (باستثناء المديرين الذين تمّت إقالتهم من دون سابق إنذار) وأمور العمل تسير على ما كانت عليه. ويقول: «كان كلّ خوفنا أن يحلّ بنا ما حلّ بغيرنا من الموظفين في شركات أخرى تابعة للمجموعة ذاتها، اليوم لا يهمنا من يملك هذه الشركة أو غيرها، المهم بالنسبة إلينا لقمة عيشنا».
لمى علي - الأخبار
إضافة تعليق جديد