أعنف هجوم تركي على السعودية: عبد الله ملك من ورق!
لا يُخفى أن الصراع بين تركيا "الإخوانية" والسعودية "الوهابية" يعود بجذوره إلى مطلع القرن التاسع عشر، مع انفجار الصراع بين الدولة العثمانية والمذهب الوهابي الذي بدأ في شبه الجزيرة العربية ورأى فيه العثمانيون خطراً على مذهبهم الحنفي.
وقد أوكل العثمانيون حينها إلى والي مصر محمد على باشا شن حملات عسكرية على الجزيرة، ونجح في قمع المذهب الجديد وأنصاره. تحالفت اسطنبول ومصر على الوهابية حينها، غير أنه بعد قرنين بالضبط انقلبت التحالفات، لتتحوّل مصر إلى حليفة للوهابيين في السعودية في مواجهة العثمانيين الجدد.
وحتى قبل أن ينفجر الصراع بين التيارين الإسلاميين بعد وصول جماعة "الإخوان المسلمين" إلى السلطة في مصر، كانت وسائل الإعلام في السعودية تحذر من مخاطر عودة العثمانيين على المنطقة، من بوابة "الإخوان"، وربطت بعد ذلك التعاون مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقطع علاقاته مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان.
ورغم أن التيار "الإخواني" يعيش في قلب البيئة العربية، وبالتالي فهو خطر على الوهابية من الداخل، إلا أن الرياض تتحسس الخطر "الإخواني" من تركيا، قبل أن يكون من مصر أو تونس أو غيرها من الدول العربية. فتركيا تقليدياً هي البلد الأقوى والقادر على قلب المعادلة، ولا سيما بعد وصول "حزب العدالة والتنمية" إلى السلطة وامتلاكه مشروعاً يتعدّى حدود الأناضول، ليمس بتوازنات حساسة جداً في المنطقة العربية والإسلامية. وهذا المشروع، مثل مشاريع الجماعات التكفيرية، لا يعترف بأحد غيره، ويسعى للهيمنة على كل من يخالفه الرأي.
هو انقلب أولاً على نهج مرشده الروحي والتاريخي الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان، ومن ثم وبعد نسجه علاقات جيدة مع الجماعات الشيعية والعلوية في المنطقة انقلب عليها من لبنان وسوريا إلى العراق وصولاً إلى بيت القصيد إيران. ومن ثم انقلب على جماعات النور في تركيا نفسها، ممثلة بجماعة فتح الله غولين، وصولاً إلى فتح جبهة ضد كل من شارك في إسقاط "الإخوان المسلمين" في مصر، وعلى رأسهم السعودية والإمارات ومصر نفسها.
وقد عملت تركيا بعد خروجها من المنطقة بسبب فشلها في سوريا ومصر إلى محاولة العودة من بوابة غزة وحركة "حماس" تحديداً. ولقد أظهرت أحداث غزة حجم التباين، وعمق الصراع بين تركيا وكل من مصر والسعودية. وإذ ارتفع التنديد التركي اليومي على لسان اردوغان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو بالعدوان الإسرائيلي على غزة، كانت السعودية ومصر تعملان على التوصل إلى هدنة لا تخرج "حماس" منها منتصرة. وقد باءت جهود أنقرة للتوصل إلى وقف للنار بالفشل، بسبب تجاوزها الدور المصري.
ومع أن اردوغان لم يسم السعودية بالاسم، فإن انتقاداته طالت كل الدول التي تدعم حكم "الطاغية" عبد الفتاح السيسي، والتي تقف صامتة إزاء المجازر في غزة. ومع أن المزايدة التركية على غزة لم تتعد الدعم اللفظي خارج أي إجراء عملي، مهما كان صغيراً ضد إسرائيل، فإن سيل الغضب التركي على السعودية قد بلغ الزبى، مع مقالة في صحيفة "يني شفق"، الناطقة باسم اردوغان و"حزب العدالة والتنمية"، حيث نشرت أمس الأول مقالة بعنوان: "ملك من ورق" و"ملك بلا وجه".
واتهمت المقالة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز بأنه خطط، مع مصر، الإبادة التي تحصل في غزة.
وجاء في المقالة أن الملك السعودي، في كلمته الجمعة الماضي حول أحداث غزة لم يذكر إسرائيل بالاسم، وبدلاً من أن ينتقد إسرائيل انتقد "حماس"، واعتبرها حركة إرهابية، عندما قال إن المنظمات الإرهابية والإرهابيين لا يلتقون مع الإسلام ويسيئون إلى صورة الإسلام.
وقالت الصحيفة إن السعودية ومصر قدّمتا معلومات استخباراتية إلى إسرائيل لمهاجمة غزة. واعتبرت أن قول الملك إن الصمت الدولي على أحداث غزة، جاء بعد صمت الملك 25 يوماً كاملاً، ومنذ بدء العدوان على غزة.
وذكّرت الصحيفة أن الملك عبدالله لعب دوراً كبيراً في الانقلاب الذي دبّره السيسي، في تموز العام 2013، ضد الرئيس السابق محمد مرسي. وقالت إن "السعودية تمول الجيش المصري الذي قتل حتى الآن أكثر من أربعة آلاف شخص". ولم توفر الأردن ودولة الإمارات من انتقادها، إذ ضمتهما إلى قائمة الدول المساندة لإسرائيل في عدوانها على غزة.
وكررت الصحيفة ما ينشر في الغرب من اتهامات لزعماء بعض الدول العربية من أنهم يتحسسون من خطر "الإخوان المسلمين" أكثر من تحسسهم من خطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد