أنان: للخطة أيامها الصعبة والمرضية
دافعت موسكو عن خطة كوفي انان امام محاولات التشكيك كالتي تقوم بها واشنطن وباريس، مؤكدة ان هدف المجتمع الدولي يجب ان يتمثل في إنجاحها لا إفشالها. كما دافع عن الخطة احمد فوزي، المتحدث باسم مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، الذي شدد على فاعلية الخطة في خفض العنف، برغم أنها تواجه «أياما صعبة وأياما مرضية»، مؤكدا أنه «لا يمكن حل أزمة بدأت قبل أكثر من عام، خلال يوم أو أسبوع».
إلى ذلك، تجرى الإثنين المقبل انتخابات مجلس الشعب السوري. ويبلغ عدد الناخبين 14 مليونا مدعوين لاختيار 250 عضوا في البرلمان من بين 7195 مرشحا منهم 710 نساء. وهي الانتخابات الأولى التي تجرى بعد صدور قانون يسمح بالتعددية الحزبية جاء من ضمن سلسلة إصلاحات أعلنتها السلطات. وقد رأت موسكو في الانتخابات ما يؤكد رغبة دمشق في الإصلاح وتحقيق السلام الداخلي، في حين انتقد مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي دولا خليجية تسعى الى إفشال الحل السلمي عبر إرسال الأسلحة والمرتزقة.
ويأتي دفاع أنان عن خطته وسط تشكيك أميركي وفرنسي متواصل بها. وكررت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ما أعلنه البيت الأبيض أمس الأول، من انه يجب على الأمم المتحدة التفكير في إصدار قرارات جديدة إذا لم تلتزم الحكومة السورية بوقف إطلاق النار. واتهمت باريس السلطات السورية بعدم احترام تعهداتها ومواصلة عمليات «القمع». وفي المقابل، أكدت موسكو أن المهمة الرئيسية للمجتمع الدولي في سوريا تتمثل في دعم خطة انان وتجنب إفشالها، فيما أكدت بكين أن موقفها من الأزمة السورية لم يتغير.
وأعلن المتحدث باسم المبعوث الدولي إلى سوريا أحمد فوزي، في جنيف، أن هناك «مؤشرات طفيفة» على احترام خطة أنان ميدانيا في سوريا. وقال «هناك مؤشرات بسيطة، بعض الأسلحة الثقيلة سحب وبعضها الآخر بقي، بعض أعمال العنف تراجع وبعضها الآخر يتواصل. لا أقول إن هذا أمر مرض. هناك مؤشرات على تغيرات على الأرض برغم كونها بطيئة وبسيطة ومحدودة. هناك أيضا مؤشرات من وراء الستار، لا ترونها، لأن جهود الوساطة تجرى أساسا بعيدا عن شاشات الرادار. لكن، حتى في الأيام التي نشعر فيها بتقدم مرض، وإن كان يقاس بالبوصة لا بالكيلومترات، في هذه الأيام أيضا نشعر بالذعر لحجم العنف الذي نراه على الأرض».
وقال فوزي إن انان سيبلغ مجلس الأمن الدولي، في 8 أيار الحالي عبر دائرة فيديو مغلقة من جنيف، ما آلت إليه خطته. وأضاف إن «خطة انان تسير على السكة، ولا يمكن حل أزمة بدأت قبل أكثر من عام في يوم أو أسبوع. في الواقع، الأمر سيتطلب مزيدا من الوقت لجمع كل الخيوط، لكن تأكدوا من انه سيتم جمعها». وأوضح «هناك أيام تجري فيها عملية تطبيق الخطة بشكل مرض، وهناك أيام يبدو الأمر صعبا جدا»، مشددا على أن «العنف يجب أن يتوقف. لقد تعبنا من تكرار الشيء نفسه، أوقفوا القتل واسمحوا بدخول المساعدات الإنسانية».
ورد فوزي على الذين كتبوا أن خطة انان فشلت أو هي في طريقها إلى الفشل. وقال «قرأت العناوين» المتعلقة بهذه النقطة، معتبرا أن «خطة أنان على السكة ونجاحها الأكبر في حصولها على دعم كل المجتمع الدولي»، في إشارة إلى صدور قرارين عن مجلس الأمن خلال أسبوع واحد بشأن إرسال بعثة المراقبين إلى سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال النروجي روبرت مود قوله، في منتجع «روتانا» في اللاذقية، إن «وجود بعثة المراقبين في سوريا يأتي في إطار المهمة التي أطلقتها الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار، وإن العدد الكلي للمراقبين وصل حتى أمس (الأول) إلى 50 مراقبا، وإنه خلال اليومين المقبلين سيتضاعف هذا العدد ليصل في الأيام المقبلة إلى 300 كما هو محدد».
وأعلن مود، الذي زار على رأس فريق من المراقبين إدلب وحماه ومدينة تلكلخ قرب الحدود اللبنانية، أن «مهمته تقوم على أساس تحقيق هدفين رئيسيين، هما مراقبة وقف أعمال العنف وتنفيذ بنود خطة أنان». وقال «نحن بحاجة إلى دعم ومشاركة والتزام الجميع بالخطة»، مشيرا إلى أن «كل شخص يمكنه أن يساعد سوريا في الانتقال من العنف إلى السلام وتجنب عمليات الاغتيال العنيفة، كما أنه مطلوب من الهيئات الدولية الأخرى داخل سوريا وخارجها الالتزام لتحقيق هذا الخيار».
وأضاف مود إن «اللاذقية الآن هادئة، ولا يوجد فيها أي تحديات دراماتيكية، ونحن جميعا، أي المجتمع الدولي والحكومة والشعب في سوريا، معنيون بإنجاز المهمة، وهناك مجموعة من المراقبين يمثلون دولا عدة جاءت لدعم وتنفيذ ذلك الخيار والتحرك في الاتجاه السلمي من أجل مستقبل الشعب السوري». وتابع «في كل مكان ذهبت إليه في سوريا أخبرت فيه بأن هناك ثقة بالأمم المتحدة كمنظمة دولية، ونحن ليس لنا مشاكل في هذه المرحلة ومرتاحون حتى هذه اللحظة، ونتحدث مع جميع الأشخاص الذين نريد التحدث معهم».
وكررت كلينتون، في بكين، انه إذا لم تلتزم الحكومة السورية بوقف إطلاق النار فإنه يجب على المنظمة الدولية التفكير في استصدار قرارات أخرى، وحثت الصين على الانضمام إلى الجهود الدولية لفرض عقوبات على النظام السوري. وقالت «حان الوقت للمجتمع الدولي، ضمنه الصين والولايات المتحدة، لمحاسبة النظام على (عدم تنفيذ) تعهداته. إن مصداقية مجلس الأمن على المحك».
ويأتي هذا بعد يوم من تشكيك البيت الأبيض في تنفيذ النظام السوري لخطة أنان، معتبرا انه ربما تكون هناك ضرورة لاستخدام نهج دولي جديد إذا فشلت الخطة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو ويمين أن وفدا من المعارضة السورية، برئاسة رئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون، سيزور بكين الاثنين المقبل.
وأعلن ويمين أن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الموجود حاليا في شنغهاي، «سيزور بكين الاثنين للقاء وزير الخارجية يانغ جيتشي ومسؤولين صينيين». وأضاف إن «الطرفين سيتبادلان وجهات النظر بشكل معمق حول المسألة السورية»، لكنه شدد على أن «موقف الصين حول المسألة السورية لم يتغير». وتابع إن «الصين أبقت على اتصالاتها مع الحكومة السورية ومجموعات المعارضة مثل المجلس الوطني من اجل تشجيع محادثات السلام وتهدئة التوترات في سوريا».
وفي باريس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني إن «فرنسا تدين بشدة قتل أربعة طلاب أمس (الأول) في حلب، وكذلك جميع أعمال العنف التي قامت بها قوات الامن السورية ضد طلاب في هذه المدينة، إضافة الى الاعتقالات الكثيرة التي رافقتها».
وأضاف «نلاحظ من جديد أن دمشق لا تحترم تعهداتها وتواصل القمع. وتطالب فرنسا من جديد بالتطبيق الفوري والكامل للبنود الواردة في خطة النقاط الست لأنان». وأشار إلى أن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه كرر في اتصال هاتفي مع أنان التشديد على «أهمية الانتشار الكامل للمراقبين، على ألا يعوق أي شيء حرية تحركهم».
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن المهمة الرئيسية للمجتمع الدولي تتمثل في تجنب إفشال خطة أنان لتسوية الأزمة السورية، ودعم هذه الخطة.
وقال المتحدث باسم الوزارة ألكسندر لوكاشيفيتش، في بيان، إن «الوضع في سوريا يبقى متوترا للغاية، إلا أن موسكو لا تريد المبالغة في تقييم خطورته»، مشيرا إلى أن «كلا الجانبين لم ينفذا اتفاق وقف إطلاق النار، لكن مستوى العنف بشكل عام انخفض كثيرا». وأكد أن «خطة دمشق لإجراء الانتخابات البرلمانية تدل على سعي النظام السوري إلى وقف العنف وإحلال السلام، وإلى أن يتوصل السوريون بأنفسهم إلى اتفاق حول كيفية التقدم نحو بناء دولة ديموقراطية».
وأضاف لوكاشيفيتش أن «ما يثير القلق هو أن الحكومة السورية لا تسيطر على كافة أنحاء البلاد، وذلك يعني أن مناطق المقاومة التي توجد في حمص وغيرها من المحافظات ستخلق المزيد من التوترات أثناء العملية الانتخابية»، مشيرا إلى أن «الانتخابات تهدف بالأساس إلى أن يعبر الشعب عن رأيه بشأن ما يجري وبشأن السلطات».
وقال مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، لموقع «عربي برس» أمس الأول، إن «بعض دول الخليج تخطط لإعلان إفشال مهمة أنان من خلال إرسال المزيد من المرتزقة والإسناد التسليحي المدعوم من الصهاينة والغرب، وذلك للانتقام من انتصارات الشعوب العربية والإسلامية في مصر وشمال أفريقيا». وأضاف إن «شرعية النظام السوري المقاوم تتعزز مع كل يوم يمر على الحراك الإصلاحي الذي بدأ عمليا في سوريا من خلال الاستفتاء على الدستور، والذي سيتعزز من خلال إجراء الانتخابات البرلمانية، وهو ما لا تريده القوى الرجعية الإقليمية والدولية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد