إسرائيل تخاطب سوريا: لا للحرب... وللسلام أثمان
اعتبر المراسل السياسي للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، أن الصورة التي تزداد اتضاحا في المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل قبيل جولة الحوار الاستراتيجي الوشيكة مع الولايات المتحدة، تفيد أن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش ليست في وارد مهاجمة إيران عسكريا.
وأوضح المراسل أن المستويات السياسية الإسرائيلية العليا، توصلت إلى استنتاج بأن واشنطن لن تهاجم طهران عسكريا لأنه ليس هناك دعم دولي وأن فرصة الهجوم العسكري «صفر». وشدد على أنه ليس في الولايات المتحدة تأييد سياسي لهذه الخطوة، كما أن الجيش الأميركي نفسه يعارض هجوما كهذا.
وأشار المراسل السياسي إلى أن ما يدفع إسرائيل الآن في علاقاتها مع الولايات المتحدة، هو هذا الإدراك الذي ليس من المستبعد أيضا أن يكون وراء انغماس قيادات عسكرية في ما بات يسمى بـ«حملة سوريا». فالخوف في القيادة العسكرية الإسرائيلية هو من احتمال أن يضطروا في المستقبل لمواجهة سوريا المدعومة من إيران النووية.
ويتجه إلى الولايات المتحدة اليوم، وفد رفيع المستوى برئاسة وزير الدفاع السابق شاوول موفاز للمشاركة في الحوار الاستراتيجي الذي سيعنى بهذا الأمر. ومعروف أنه لا يزال هناك سجال دائر بين واشنطن وتل أبيب حول المرحلة التي بلغها الإيرانيون في مشروعهم النووي.
من جهة اخرى، قال رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العميد يوسي بايدتس، أن «حزب الله» يرمم قدراته الصاروخية جنوب نهر الليطاني. ويشكل هذا الإعلان ضربة قوية للانجاز الوحيد لحرب لبنان الثانية الذي يتغنى به رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت حول ضرب «حزب الله» وإبعاده عن الحدود.
وقال بايدتس أن عملية ترميم «حزب الله» لقوته تتم على الرغم من وجود القوات الدولية. وحسب بايدتس، فإن «حزب الله» يستعد لمواجهة محتملة مع إسرائيل في الصيف ولكنه غير معني بالمواجهة ويريد استغلال الوقت لترميم قواته.
واهتم أعضاء الكنيست بسؤال بايدتس عن الجبهة السورية. وأوضح أنه ليس ثمة تغيير في الانتشار الدفاعي السوري في هضبة الجولان المحتلة، غير أن بوسعهم الانتقال إلى انتشار هجومي خلال ساعات.
وقد أعلن وزير الدفاع عمير بيرتس أن الجيش الإسرائيلي «منتشر بشكل مختلف تماما لمواجهة كل تغيير في الوضع في المنطقة». وذكر المراسل العسكري للقناة العاشرة أن الجيش الإسرائيلي منتشر فعلا بطريقة مختلفة ليس بسبب امتلاكه معلومات عن حرب وشيكة وإنما استعدادا لمواجهة أي وضع.
وليست في إسرائيل حاليا معلومات عن نوايا سورية لشن حرب. وقال المراسل أنه إذا كان هناك ما يقرب الحرب، فإنها الأحاديث التي لا تستند إلى أساس حول حرب وشيكة، وهي الحرب التي لا يريدها أي من الطرفين.
من جهته، نقل المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عن مصدر سياسي رفيع المستوى، قوله أن هناك أكثر من قناة لنقل رسائل التهدئة إلى سوريا. وأوضح أن الحديث يدور حاليا عن قناتين إحداهما تركية والأخرى أوروبية لم تتحدد هويتها بعد. وشدد على أنه في هاتين القناتين يتم نقل رسالتين: الحرب والسلام. وعلى صعيد الحرب، فإن إسرائيل تحاول التهدئة وهي توضح بشكل قاطع أنها لا تخطط البتة لأي فعل حربي وأن «علينا تخفيض التوتر».
واعتبر المراسل أن هذه هي الرسالة المركزية التي تليها رسالة السلام. فإسرائيل تريد معرفة ما الذي ستناله من سوريا في مقابل اتفاق سلام كامل وحقيقي يشمل أيضا الانسحاب من هضبة الجولان.
وخلص المراسل إلى أن إسرائيل تتساءل: «هل ستحصل على فرقة إيرانية أو موقع لحركة حماس في جبل الشيخ والحمة أم أن سوريا على استعداد للانفصال عن المنظمات الإرهابية والتخلي عن تسليح حزب الله»؟. وقال المراسل أن إسرائيل لم تحصل على رد شاف. ونقل عن مصادر إسرائيلية قولها أن سوريا لم تغير ذرة من مواقفها وأن تبادل الرسائل الجدية لا يؤثر راهنا على الأوضاع. ومع ذلك، نقل عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن فحص المسار السوري الجاري لم ينته بعد.
تجدر الإشارة إلى أن الصحف الإسرائيلية اسهبت يوم أمس، بالحديث عن المسار السوري. وأشار المراسل السياسي لصحيفة «معاريف» بن كسبيت إلى أن التوتر يعلو على الصعيد السوري. وكتب أنه «لا أدلة واضحة على الحرب، لكن يوجد قلق. يجب على الجيش الاسرائيلي أن يُصرّف الامور بحذر بالغ، لمنع سوء الفهم. فمن جهة، يُمنع تجنيد قوات الاحتياط، على الرغم من الخوف الشديد من أن سوريا تخطط لشيء ما. ومن جهة ثانية، تركَّز اليوم في الجولان قوات نظامية للجيش الاسرائيلي بقدر لم يكن في الماضي. طورت جميع الاجهزة تقريبا، وفي ضمنها الوسائل الاستخبارية، واطلاق النار وما اشبه، ويشتمل ذلك على تعزيز قوات في اماكن استراتيجية. يجب إعداد كل شيء حتى لا نفاجأ».
وأضاف «يقول رئيس الاركان غابي اشكنازي، في مباحثات داخلية، إن الجيش الاسرائيلي سيعرف كيف ينتصر في الحرب مع سوريا، حتى لو تدخل حزب الله، لكن يجب فعل كل شيء لمنعها. المشكلة هي أن تعريف النصر في الحرب قد تغير. لن يكون كافيا اجتثاث الغزو السوري للجولان، بل ستكون حاجة ايضا الى وقف اطلاق الصواريخ السورية على اسرائيل، وليس من المؤكد أن يكون في الامكان فعل ذلك من غير الوقوف على أبواب دمشق. هذا السيناريو يقلق جدا رؤساء الجهاز الأمني. أثمانه واضحة. الحديث عن وضع قابل للانفجار، يقولون في قيادة الجيش الاسرائيلي، لكنه وضع يوجد فيه ايضا فرصة عظيمة».
وأشار كسبيت إلى أن السؤال هو «ماذا نفعل إذن؟ حول اولمرت يبحثون الامكانات المختلفة. الفحص الذي أتمه رئيس الحكومة إزاء السوريين لم يثمر نتائج قاطعة. اذا كان يبدو في الاسبوع الماضي أن اولمرت يميل الى المضي الى المسار السوري، فان الاتجاه قد تغير الآن. بث مقربوه أمس، الى مراسلي الراديو أنباء تقول إن سوريا تواصل سياستها، وما أشبه ذلك، وهو شيء يثير السؤال: لماذا لا تواصل سوريا سياستها؟.. لان مفاوضة اسرائيل فقط، مع جميع الاغراءات والأحكام الكامنة فيها، يفترض أن تنقل سوريا عن سياستها. وُجد من اقترح على اولمرت أن يدعو الأسد، علنا، الى لقاء قمة. وأن يعلن بأنه يعلم بالثمن السوري للتسوية، وأن يفصل الثمن الاسرائيلي (تبريد المحور مع ايران، ووقف مساعدة حزب الله، وإبعاد قيادات الارهاب)، وأن يعلن بأنه اذا وجد استعداد سوري، فانه يدعو الأسد الى القدس، ويدعو نفسه الى دمشق، أو أن يتم لقاء قمة في مكان محايد. اولمرت متردد».
أما المراسل العسكري لـ«يديعوت أحرونوت» اليكس فيشمان، فكتب أن سوريا تستعد لحرب في الصيف. وأشار إلى أن كلا من الجيشين السوري والإسرائيلي يستعدان للحرب. ومع ذلك أوضح أن التقدير في اسرائيل هو أنه اذا لم تبدأ مسيرة سياسية حيال سوريا، سيشرع السوريون في أعمال ارهابية في منطقة هضبة الجولان، بنية جذب اسرائيل الى المواجهة. وبحسب الفهم السوري، سيكون بيدهم القدرة لان يجلبوا من اسرائيل اثمانا أليمة، ولا سيما في الجبهة الداخلية، على المدى القصير. وينخرط السوريون منذ بضعة أشهر في حملة غير مسبوقة لشراء وتطوير منظومات السلاح.
من جهته، أشار المراسل السياسي لـ«يديعوت» شمعون شيفر إلى أن موفاز يطالب بفتح قنوات ولو سرية مع القيادة السورية. وذكر أن موفاز بذلك ينضم إلى موقف قيادة الجيش. وأضاف الوزير السابق يطالب بفتح القنوات مع سوريا لفحص احتمال استئناف المفاوضات.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد