احتفالية مبكرة لمناهضة التحرش الجنسي في مصر
«أوقفوا التحرش الجنسي من أجل شارع آمن للجميع» شعار رفعه المركز المصري لحقوق المرأة من خلال مجموعة من الشباب المتطوع من الجنسين، تعمل على توسيع دائرة الوعي لضرورة التصدي لهذه الظاهرة بعد أن كشفت نتائج دراسة أجراها المركز أن التحرش الجنسي لم يعد يقتصر على عمر أو طبقة أو توقيت أو نوع معين من الملابس.
أصبح التحرش الجنسي مشكلة تهدد المرأة في المجتمع وتترك لديها آثاراً نفسية سلبية. والتحرش المقصود ليس بالضرورة العنف والاغتصاب، بل هو كل كلمة أو لمسة أو نظرة تحمل ايحاءات جنسية تُشعر المرأة بعدم الامان والقلق.
أدرك الشباب المتطوع في المركز أن التصدي لهذه الظاهرة التي تسللت إلى المجتمع يغذيها الصمت والخوف، لن يكون فقط من طريق وسائل الإعلام الجماهيري وإنما تحتاج إلى احتكاك مباشر، فنظموا احتفالية كبرى في منتدى «ساقية الصاوي» في وسط القاهرة.
توافد على المكان أكثر من ألف شخص تدفعهم الرغبة في مشاهدة عروض لفرق مسرحية وموسيقية تطوعت لإحياء الحفل، الا أن الهدف الرئيسي للاحتفالية كان لفت الانتباه الى خطورة القضية، ولهذا الغرض، وضعوا نماذج كرتونية عدة على شكل نساء تحملن لوحات تدعو للتعبير عن الرأي، فحمل نموذج منها عنواناً كبيراً «ماذا تعرف عن التحرش؟» وآخر «احكِ تجربتك» و «ماذا تقترح؟» كما حملت نماذج أخرى معلومات وإحصاءات عن هذه الظاهرة. وعلى معظم النماذج لصقت أوراق وكتبت كلمات حرة من مرتادي المكان من الجنسين. فكتبت شابة «أنا أنثى لي الحق أن أحيا كما تحيا وأن أرتدي ما أريد وأضحك حينما أرغب وأتمرد حينما أثور» وأخرى كتبت «أنا بنت حرة لا بد أن تحترموني». وكتب الشباب على طريقتهم: «كل بنت في الشارع أختي» و«احترموا أنفسكم لنحترمكم»...
واذا كان الإفصاح والمصارحة أول طرق المواجهة، لكنهما ليسا نهايتها. ولأن التكاتف المجتمعي في نشر الوعي هو الأساس فقد وقفت مجموعة من الشباب المتطوع خلف طاولة يسجلون أسماء الشباب الراغب في الانضمام اليهم، وقالت آنجي غزلان إحدى المشاركات: مجموعة المتطوعين التي نسعى الى تكوينها هدفها تنمية الوعي لدى الشباب، وتبصيرهم بالتأثير النفسي السيئ الذي يقع على البنات من سماع الكلمات البذيئة أو رؤية الايماءات الجنسية أو النظرات المختلسة بعد أن كشفت لنا الدراسة أن نسبة كثيرة من الشباب يعتقدون أن «البنت تحب المعاكسة» أو تسعد بها.
خلف منضدة فوقها لافتة كبيرة تحمل عنوان «بُص» look وقفت مجموعة من طالبات وخريجات الجامعة الأميركية من مركز الارشاد النفسي اللواتي يقمن بدور مشابه أساسه كسر حاجز الصمت.
وعن تجربتهن قالت ريم عمر: «فكرة مجموعتنا اعتمدت على استغلال موهبتنا في التمثيل والإخراج المسرحي، ولكننا لا نمثل قصصاً من الخيال بل قصص واقعية حقيقية وطالبنا في الجامعة الأميركية من أي بنت تعرضت لأي شكل من أشكال التحرش الجنسي ان تكتب لنا قصتها ووعدنا بالخصوصية وبعدم كشف أي أسماء، وفوجئنا بالعديد من القصص، قمنا بتمثيلها على مسرح الجامعة. هدفنا أن نكون صوت المرأة، ونعبر عن اللواتي لا يستطعن التعبير عن أنفسهن، ولنا ثلاث زملاء من الشباب في مجموعتنا، لأننا ندرك أهمية مساندة الشباب لنا والوعي بقضيتنا».
ومن الفقرات الطريفة في الاحتفالية فقرة تقوم على تدريب الشابات على مهارات الدفاع الذاتي عن النفس من خلال بعض التدريبات البسيطة الأشبة «بالكونغ فو» فضلاً عن توزيع «صفارة» على الشابات لاستخدامها في الاستغاثة إذا تعرض لهن أحد في الطريق.
وهذه الفكرة رمزية لمواجهة الفكرة الخاطئة السائدة التي كشفت عنها الدراسة بأن المتعرضات للتحرش الجنسي غالباً ما يصمتن وينصرفن من دون أي رد فعل. وقد يعود ذلك إلى أن ثقافة المجتمع تمنع المرأة، تأدباً من مواجهة من يعاكسها.
نادية برسوم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد