ارتفاع أسعار الذرة والشعير وإلغاء الضميمة يقلل من خسائر المربين
بدأت تداعيات أزمة الغذاء العالمية بالانعكاس على أسعار المواد الغذائية الأساسية وبدأت معها المخاوف من اشتداد حدة الأزمة والوصول إلى مرحلة تصعب السيطرة عليها وتجعل بالتالي مساعدة المنظمات الدولية للدول الفقيرة غير مؤثرة بالقياس إلى حجم الاحتياج الكبير... فقد أكد البنك الدولي خلال الأسبوع الماضي في أحدث تقرير له أن ارتفاع أسعار الغذاء سيدفع 44 مليون إنسان إلى الفقر المدقع، علماً أن عدد الجياع في العالم زاد عن المليار نسمة... من جانبها منظمة الفاو تواصل تحذيراتها من الأزمة وتدعو كل الدول المنتجة للحبوب ولكل المواد الغذائية برفع القيود عن تصدير الأغذية كي يتم التقليل قدر الإمكان من آثار ومفاعيل الأزمة وعدم حصول نقص كبير في المواد الغذائية في الأسواق العالمية.
وصلت إلينا
بدأت مفاعيل الأزمة في السوق المحلية بالظهور، فقد سجل الأسبوع الماضي ارتفاعاً جديداً في اسعار الشعير والذرة وبلغت الزيادة في سعر طن الشعير بين 2000- 2500 ليرة، كما بلغت الزيادة في سعر طن الذرة ألف ليرة... وقد شكلت الزيادات الجديدة في أسعار المادتين عقبات إضافية تضاف إلى مصاعب مربي المواشي والدواجن، فكلف الإنتاج أصبحت كبيرة جداً بالنسبة لإنتاج البيض والفروج، إذ إن المربين يؤكدون أنهم يعملون حالياً بخسارة والسعر المجزي للفروج الحي الذي به هامش ربح بسيط يفترض أن يكون 90 ليرة، بينما بيع الكغ الحي في الأسبوع الماضي بـ 65 ليرة، أما كلفة إنتاج البيضة الواحدة فقد تجاوزت أربع ليرات، وقد أثر ارتفاع أسعار الأعلاف على عملية تربية الفروج والدجاج البياض إذ قلص المربون حجم القطيع وبلغت نسبة الخفض أكثر من 50% وبعض المربين حجّم أعماله في التربية إلى 20%، فالبعض كان لديه 100 ألف دجاجة بياضة وحالياً ليس لديه سوى 20 ألف دجاجة بياضة، كما تأثرت بشكل كبير مهنة وتجارة الصيصان إن كانت معدة لتربية الدجاج البياض أو الفروج فسعر صوص الفروج 10 ليرات ويعاني من الكساد وكذا الأمر بالنسبة لصوص البياض وسعره 20 ليرة....
تراجع أسعار العواس
أيضاً ساهم ارتفاع أسعار الشعير في دفع مربي الأغنام إلى دفع ما لديهم من خراف إلى السوق فزاد العرض وقلّ الطلب وتراجعت أسعار الخراف الحية بين 10- 15 ليرة للكغ الواحد ويتوقع أن يسجل الأسبوع القادم انخفاضاً جديداً في أسعار اللحوم الحية نتيجة لتواصل ارتفاع أسعار الأعلاف الجاهزة وكذلك بسبب ضعف القوة الشرائية للمستهلكين... لكن السؤال المهم في هذا السياق: متى ستقتنع الجهات الوصائية أن ضريبة (الضميمة) على الأعلاف المستوردة تشكل أحد أهم العوائق للمربين وللمستهلكين وتسهم في تدني الحالة المعيشية للجميع....؟ فمتى سيقتنع هؤلاء بضرورة إلغائها...؟ أم إن القناعة ستتولد لديهم عندما نتحول إلى دولة مستوردة للفروج والبيض وللحوم الحمراء؟ فعند ذلك لا ينفع إلغاؤها....
المراسيم الجديدة
ستؤدي المراسيم الأربعة الجديدة التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي إلى خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 15- 20% وهي الرز – السكر- الشاي- البن- السمون- الزيوت- الموز.. هذا ما أكده السيد عماد الأصيل مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة وأضاف: إن المراسيم الجديدة ستدخل المنافسة الصحيحة للأسواق وستنعكس إيجاباً لمصلحة المستهلك والتاجر معاً، لأن خفض الأسعار ينشط الأسواق ويزيد من معدلات التداول وبالتالي فإن زيادة حجم المبيعات يرفع ويزيد أرباح التاجر ويمكن المستهلك من الحصول على سلعة بسعر مخفض، وتتناسب مع إمكاناته المادية، والعكس صحيح، فالتجار مدعوون لخفض الأسعار في السوق المحلية قبل استيراد مواد جديدة عملاً بالمراسيم الأخيرة، لأن الكميات المستوردة وفقاً للرسوم القديمة بيعت منها كميات كبيرة أي إن أرباح التاجر والحائز للسلعة تم استيفاؤها تقريباً....
فوائد مستقبلية
أكد متخصصون في الاقتصاد أن الآثار الإيجابية للمراسيم التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد والتي قضت بخفض الرسوم الجمركية ورسم الإنفاق الاستهلاكي على العديد من المواد الغذائية والتي سيبدأ المستهلكون تلمس منافعها وآثارها خلال الفترة القريبة القادمة لا يقتصر على المرحلة الراهنة بل ستمتد منافعها إلى المستقبل لأن الأسواق العالمية تشهد في ظل الأزمة العالمية صعوداً شبه يومي في أسعار المواد ومن شأن هذه المراسيم منع امتداد ارتفاع أسعار السلع والمواد إلى الأسواق المحلية بحدة وستجنب المستهلكين أعباء جديدة ناجمة عن رفع الأسعار.
المظلة الاجتماعية
تواصل الجهات الحكومية مد المظلة الاجتماعية على كل الصعد لاسيما بالنسبة للأسر الفقيرة فعمليات صرف المساعدات من الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية مستمرة عبر 170 مركزاً بريدياً في كل المحافظات وستؤدي مبالغ المعونة المسلمة للأسر إلى تحقيق الاحتياجات الأساسية للأسر وستسهم في تحريك الأسواق التي يميزها انخفاض معدلات التداول والركود، وقد تم توسيع المظلة الاجتماعية إلى الجانب الصحي من خلال إعلان السيد وزير الصحة الدكتور رضا سعيد أن كل المشافي والمراكز الصحية التابعة للوزارة ستقدم العلاج والدواء مجاناً لكل من يحمل بطاقة صندوق المساعدة الاجتماعية، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى المساعدات الغذائية التي تقدمها الدولة للمتضررين من الجفاف في المناطق الشمالية والشرقية أيضاً يمكن التنويه إلى أن كل الشركات الخاسرة لم يتم تسريح أي عامل منها رغم التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي.... كما أن العمالة الفائضة في القطاع العام استمرت الدولة في احتوائها وصرف الرواتب لها ولم يتم إنهاء عقد أي عامل مؤقت أو دائم....
الخضر والفواكه
سجل الأسبوع الماضي ارتفاعاً في أسعار ثلاث مواد هي: البطاطا والموز والحمضيات أما بقية الأنواع فهي على حالها كما أن البندورة استقرت أسعارها بين 20 و30 ليرة.
العقارات
يتوقع في ظل الجمود والكساد الحالي أن تتعمق أزمة الاتجار بالعقارات بالنسبة للمساكن الجاهزة أو التي على الهيكل أما تجارة الأرض والمحلات التجارية فهي مقبولة كما أن جمود حركة البناء وكذلك حركة البناء والتشييد حوّل عشرات آلاف المشتغلين بمهن البناء والتشييد والإكساء إلى مهن أخرى.
أجهزة الخليوي
أدت حالة الجمود وضعف القوة الشرائية وقلة السيولة إلى شبه جمود في ابتياع أجهزة الخليوي وتحولت محلات بيع الأجهزة إلى ما يعرف بتحويل الوحدات وصيانة وإصلاح الأجهزة وبيع الإكسسوارات.
الألبسة
إن المتجول في أسواق الألبسة يمكن أن يلحظ للوهلة الأولى أن الحركة طبيعية... لكن وجود المستهلكين في الأسواق على الأغلب الهدف منه الاطلاع على الموديلات الجديدة وعلى الأسعار... أما نسبة من يبتاعون منهم فلا تتجاوز 30% ما دفع أصحاب محلات العرض إلى مواصلة الإعلان عن التنزيلات التي تجاوزت نسبتها في بعض المحال 75% علماً أن المنتجين المحليين يشكون من إغراق السوق بالألبسة المستوردة التي لا قبل لهم على منافستها..
أخيراً يتوقع الكثير من المتابعين للحالة الاقتصادية أن الإجراءات الحكومية ستتواصل لجهة تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وأن تحسين القدرة الشرائية سيكون الإجراء القادم الذي يعني تحريكاً في الأجور والمرتبات والتعويضات مع الحفاظ على توازن الأسعار وتوفير المواد والسلع.
محمد الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد