الإبراهيمي: الهدنة بقرار «شخصي» من كل مسلح
أبلغ الرئيس بشار الأسد المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، أمس، أن أية مبادرات سياسية «يجب أن تقوم في جوهرها على مبدأ وقف الإرهاب، وما يتطلبه ذلك من التزام الدول المتورطة في دعم وتسليح وإيواء الإرهابيين في سوريا»، فيما تراجع المبعوث الدولي خطوة إلى الوراء بشأن مبادرته للهدنة، معتبراً المسألة بمثابة قرار شخصي لكل مسلح من الطرفين، لا أجندة بخطوات وتواريخ وخطة عمل. ودعا «الأطراف كافة في سوريا إلى الالتزام بهدنة العيد بشكل منفرد»، فيما تعرض حي باب توما، ذو الغالبية المسيحية، إلى تفجير إرهابي أدى إلى مقتل 13 شخصاً.
ورحبت المعارضة الداخلية العلنية بفكرة الهدنة، فيما لم يتضح بعد موقف المعارضة المتخفية، التي قد يلتقي الإبراهيمي بعض قياداتها العسكرية والمدنية عبر شبكة الانترنت، في ظل أنباء عن تمديد المبعوث الدولي لإقامته في دمشق حتى الغد، وهي معلومة رفضت مصادر الأمم المتحدة في دمشق تأكيدها .
وقتل 13 شخصاً، وأصيب 29، بانفجار سيارة قرب قسم للشرطة في حي باب توما، ذي الغالبية المسيحية، في دمشق،
واستقبل الرئيس الأسد الإبراهيمي، في دمشق، باعتباره «مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا». وذكرت وكالة (سانا) انه «جرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في سوريا والجهود التي يقوم بها الإبراهيمي، ونتائج جولته الأخيرة على عدد من دول المنطقة».
وأكد الأسد، خلال اللقاء، أن الحكومة السورية «تدعم جهود المبعوث الأممي، ومنفتحة على أي جهود مخلصة لإيجاد حل سياسي للأزمة على أساس احترام السيادة السورية ورفض التدخل الخارجي»، موضحاً أن «أي مبادرة، أو عملية سياسية، يجب أن تقوم في جوهرها على مبدأ وقف الإرهاب وما يتطلبه ذلك من التزام الدول المتورطة في دعم وتسليح وإيواء الإرهابيين في سوريا بوقف القيام بمثل هذه الأعمال».
وبعد لقائه الرئيس السوري رفض الإبراهيمي الكشف عن رد الأخير على موضوع هدنة عيد الأضحى. وقال «لن أتكلم عما دار بيني وبين الرئيس من حديث. تكلمنا بهذا الموضوع، وأعتقد انه يفهم القصد من كلامنا، وهو وحكومته سيقولون رأيهم بهذه الفكرة». ووصف اجتماعه مع الأسد بأنه «صريح ومسؤول».
وأضاف «تكلمت مع الأسد بهذا الشأن، كما تكلمت مع كل من قابلته في سوريا وخارجها عن هذه المبادرة الشخصية، التي هي ليست مشروعاً مطوراً، وليست جزءاً من عملية السلام التي نريدها لهذا البلد»، معتبراً أنها «مبادرة شخصية، ودعوة ونداء لكل سوري في هذا البلد، سواء كان فرداً في الشارع وفي القرية والحقل، أو مسلحاً في الجيش السوري النظامي، أو المعارضين للدولة السورية».
وأشار إلى أن مبادرته هي «نداء لهؤلاء جميعاً بأن يتوقفوا بقرار منفرد بعدم استعمال السلاح خلال العيد»، موضحاً أنه في ما «لو كل شخص اتخذ قراراً منفرداً لأصبح قراراً جماعياً». وأضاف «إذا لم يلتزم طرف بالهدنة فالشعب السوري هو الذي سيحاسبه».
ولفت الإبراهيمي إلى أنه اتصل «ببعض المسؤولين من المعارضة في الخارج والداخل وبعض الجماعات المسلحة في الداخل»، معتبراً أنه لقي «تجاوباً كبيراً جداً». وقال «لم نقابل أي شخص من الخارج، من المعارضين ولا من المسؤولين في الدول المجاورة، إلا وقال إنها فكرة جيدة وإنه يؤيدها ويقبلها، وأيضاً من التقينا بهم هنا في الداخل، وكذلك من اتصلنا بهم من مسلحين وغير مسلحين». وأضاف «ستكون لنا عودة بعد العيد. وإذا تم الهدوء فعلاً فسنحاول البناء عليه، إذا لم يحصل فسنسعى رغم ذلك إليه».
والتقى الإبراهيمي سفيري روسيا عظمة الله كولمحمدوف والصين زانغ زون في دمشق. وأعلن كولمحمدوف، بعد اجتماعه بالإبراهيمي، إن موسكو ستدعم مبادرة الهدنة.
وكان الإبراهيمي أجرى محادثات مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس الأول، وصفها بيان صحافي «بالبناءة والجادة، استعرض خلالها الجانبان آخر التطورات الإقليمية والجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة حالياً في سوريا، سواء على الصعيد الإنساني أم على صعيد مهمة الإبراهيمي». وأضاف البيان إن الطرفين بحثا «سبل تطوير هذا التعاون وما تقدمه سوريا بهذا الصدد لتسهيل مهمة الإبراهيمي، بالإضافة لما هو مطلوب من قبل باقي الأطراف التي تقوض مهمة الإبراهيمي عبر استمرار تسليح وإيواء وتدريب وتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة».
ووضع الإبراهيمي الجانب السوري بصورة «نتائج محادثاته التي أجراها خلال جولته المحلية والإقليمية على دول المنطقة». كما ناقش الجانبان، وفقاً للبيان، «الظروف الموضوعية والواقعية لوقف العنف من أي طرف كان من أجل تحضير الأجواء للحوار الشامل بين السوريين، الذي تراه الحكومة السورية الطريق الوحيد للخروج من الأوضاع الحالية بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي، في تصريحات صحافية إن «السلطات السورية ترغب بتهدئة الوضع داخل البلاد لبلوغ حل للأزمة بالحوار وليس كرمى لعيون احد».
ووفقاً للمعلومات فإن دمشق تتخوف من أن تكون الهدنة بمثابة فرصة جديدة لتحصن المسلحين في مواقعهم والامتداد لمناطق جديدة، كما حصل سابقاً مع توافد المراقبين العرب ومن بعدهم الدوليين. ويسود الانطباع لدى أوساط السلطة أن هذه الهدنة لن تزيد الأمور سوى سوءاً، وأنها ستضاعف معدلات العنف بعد انتهائها.
والتقى الإبراهيمي مع أقطاب من المعارضة الداخلية، ضمت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي وأعضاء من لجنة المتابعة المنبثقة عن مؤتمر الإنقاذ الدائم الانعقاد (حزب التضامن وحزب التنمية الوطني وممثلين عن منظمات حقوق الإنسان)، بينهم حسن عبد العظيم، رجاء الناصر، منذر خدام، عبد المجيد منجونة، محمود مرعي، وأمينة أوسي، بالإضافة إلى صفوان عكاش، باسل تقي الدين عن حزب التنمية، ومحمد أبو قاسم عن حزب التضامن.
وقال بيان للهيئة إن الإبراهيمي أشار «إلى الصعوبات التي أن حلت لأسرعت بحل الأزمة، لخصها في تشتت المعارضة بالرغم من وحدة الهدف، وتشبث جناح منها برؤية استجرار التدخل العسكري الذي لم يعد أحد من الأطراف الدولية يقتنع بنجاعته وجدواه». وأضافت «هناك بوادر مهمة ومؤشرات تفضي بأن جميع الأطراف الدولية باتت أكثر من مقتنعة بوجوب التمسك بالحل السياسي للأزمة السورية، ضمن إطار إقليمي شديد التعقيد والخطورة».
وقال المتحدث باسم الهيئة، منذر خدام، إنه يجب العمل على ضمان استمرارية الهدنة «عندما تتحقق، ومن ثم البناء عليها للوصول إلى تنفيذ بعض شروط المعارضة الداخلية وما يطلبه الحراك، من أجل إطلاق مرحلة تفاوض سياسي يمكن أن يتمخض عنها شكل ما من التوافق حول حكومة انتقالية تكون ذات صلاحيات كاملة دستورية، تشريعية وتنفيذية، وتضم جميع أطياف المعارضة من دون إقصاء أحد، ويكون رئيسها كذلك مختاراً من بين أطياف المعارضة الناشطة من أجل التغيير الجذري المنشود».
واعتبر وزير الداخلية السعودي، الأمير احمد بن عبد العزيز، ان تحذير الإبراهيمي من أن الأزمة السورية ستقضي على الأخضر واليابس «مبالغ فيه وغير صحيح». وقال «حدثت أحداث في دول أخرى وقامت حروب كبيرة جداً، ومع هذا ذهب الشر وبقي الخير، وانتصر الخير على الشر». وأضاف إن «شاء الله نار الفتنة تطفأ في سوريا، ونأمل الخير في كل بلد عربي وإسلامي والعالم اجمع».
وأيدت الجزائر، على لسان وزارة الخارجية أمس الأول، دعوة الإبراهيمي إلى هدنة خلال عيد الأضحى، آملة في أن يؤمن هذا الأمر «ديناميكية حوار ومصالحة» بين الاطراف السوريين. كما اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ تاييد لندن للهدنة.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد