الإنترنت.. ما له وما عليه
بمناسبة الذكرى الأربعين لاختراعه, تناولت صحف بريطانية التأثير الإيجابي والسلبي الهائل الذي أحدثه الإنترنت في حياة الناس, خصوصا بعد الانتشار الذي شهده خلال السنوات الـ15 الأخيرة في كل أنحاء العالم, إذ غيّر طريقة عملهم ولعبهم وتفكيرهم بل وأصبح مصدر إدمان لبعضهم.
ففي تقرير لها حول الموضوع تحدثت صحيفة ديلي تلغراف عن بعض محاسن ومساوئ الإنترت مبرزة في البداية فضل الإنترنت في جعل المهام التي كانت تستغرق عادة يوما كاملا تنجز في ثوان معدودة، وجعل المهارات والتقاليد التي كانت حكرا على أصحابها مشاعة بين الناس.
ولئن كانت جماعات حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات العامة قد استخدمت الإنترنت لكشف المستور وتسليط الضوء على ظلم وجور الحكام المستبدين بل وحشد التأييد لإسقاطهم، فإن ثمة من اتخذ الإنترنت أداة لتدمير حياة الناس.
وقد أدى شيوع استخدامنا للإنترنت وأدوات التواصل الحديثة الأخرى كالهواتف النقالة ونظام جي.بي.أس (النظام العالمي لتحديد المواقع) إلى إهمالنا لبعض الأمور التي كانت لوقت قريب ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها.
ومن ذلك أقلام الرسائل التي ألحقت بها الرسائل الإلكترونية ضررا بالغا، وكذلك ألبومات الصور التي أصبحت لها مواقع متخصصة تتولى حفظها وأرشفتها.
ولم يعد كتاب دليل الهاتف مهما بعدما أصبحت على الإنترنت مواقع تعرض كل بيانات الأشخاص, بما فيها أرقام هواتفهم.
كما فقدت الساعة اليدوية أهميتها بعدما أصبحت الهواتف النقالة تقوم بمهمة عرض الوقت والتاريخ على أحسن ما يمكن, وتراجعت أهمية محلات الموسيقى.
كما استغنينا عن حفظ أرقام الهواتف عن ظهر غيب لأن الهواتف النقالة توفر إمكانية تسجيل عدد كبير من الأرقام يمكن استرجاعها والاستفادة منها في أي وقت.
وقد مكنت أنظمة جي.بي.أس التي انتشرت في السيارات والهواتف الذكية من معرفة أفضل الطرق للوصول إلى أغلب المواقع في العالم, مما قلل من أهمية تعلم الجغرافيا.
وقد أثر الإنترنت كذلك على بعض كبريات الصحف في العالم, إذ أغلق عدد منها في أميركا ولم تعد هوامش الكتب تكتسي نفس الأهمية التي كانت لديها في السابق بعدما أصبح الإنترنت يوفر ذلك بالتفصيل.
ورغم أن البعض يعتقد بأن الإنترنت مثّل أداة للخداع وحياكة المؤامرات, فإن الملاحظ أنه كان أكثر فاعلية في كشف زيف تلك النظريات منه في حياكتها.
ولم يسلم أي جانب من جوانب حياة الناس من تأثير كبير وقليل للإنترنت، فقد أدى مثلا انتشار المواقع الطبية إلى تقويض مكانة الأطباء, بحيث أصبح المرضى المسلحون بالمعلومات عن حالاتهم يجادلون الأطباء حول طبيعة أمراضهم، ولم تسلم مهن أخرى كثيرة من تلك الظاهرة.
لكن هذه الثورة الرقمية لم يستغلها كل الناس كما ينبغي, فانهمك بعضهم في تصفح الإنترنت والتفاعل مع ما به من مواد حتى نسي نفسه, وظهر ما أصبح يعرف بإدمان الإنترنت, كما جاء في تقرير لصحيفة ذي غارديان حول عيادة لمعالجة إدمان الإنترنت بالولايات المتحدة.
فقد أدى إدمان الإنترنت إلى مشاكل اجتماعية كبيرة كالطلاق وإهمال الأطفال وترك العمل، بل ومشاكل صحية خطيرة كالتعب المزمن الناتج عن قلة النوم وزيادة الوزن الناتجة عن نقص التمارين الرياضية وتدهور الحالة الصحية الناتج عن التغذية الرديئة, وغيرها من الحالات المرضية الناجمة عن الاستخدام المفرط للإنترنت.
وقد دفعت هذه الظاهرة عدة دول كالصين وكوريا الجنوبية وتايوان إلى إنشاء مراكز لمعالجة المدمنين على الإنترنت، وقد تم في الفترة الأخيرة فتح مركز خارج مدينة سياتل الأميركية لمعالجة مدمني الإنترنت.
ويقول المركز الذي أطلق عليه اسم "ريستارت" إنه يقدم الاستشارات والعلاج النفسي للنزلاء, كما يشجعهم على النشاطات الجماعية كالعمل المنزلي والمشي والتمارين الرياضية.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن ديلي تلغراف+غارديان
إضافة تعليق جديد