الجنوبيون يستعدون للاستفتاء غداً: لا للوحدة
يقف السودان بدءا من الغد على مفترق طرق، يرجح أن يؤدي إلى انفصال جنوبه عنه، وظهور دولة جديدة في أفريقيا والعالم، حيث يصوت الجنوبيون في استفتاء على تقرير مصيرهم، في حين تدفق المراقبون الأجانب ليكونوا شهودا على تفكك الدولة العربية الاكبر، من خلال «حسن سير» عملية التصويت، فيما اعتبر الرئيس السوداني عمر البشير انه لا يخشى من علاقة بين الجنوب وإسرائيل «إلا إذا وجهت تجاه الشمال»، مضيفا أن «مثل هذه العلاقات تخص حكومة الجنوب في حال الانفصال».
وتفتح مكاتب الاقتراع غدا، على أن تتواصل عمليات الاستفتاء لمدة أسبوع بسبب صعوبة المسالك في الولايات العشر التي يتألف منها جنوب السودان، والتي تفتقر إلى أدنى مقومات المواصلات. وبلغ عدد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء حوالى 4 ملايين شخص. ولا بد من مشاركة 60 في المئة على الأقل من المسجلين في الاستفتاء لتعتمد نتيجته.
وتظاهر مئات الجنوبيين في شوارع جوبا عاصمة جنوب السودان احتفالا بما سموه «الخطوات الأخيرة نحو الحرية». وتقدمت فرقة موسيقية التظاهرة، وارتدى أفرادها قمصانا كتب عليها «نحن مغادرون» أي عازمون على الانفصال عن السودان. ووراء الفرقة الموسيقية تجمع عدد من طلبة المدارس داخل شاحنة وهم يرقصون على أنغام مكبرات للصوت تردد «نعم للانفصال لا للوحدة».
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان ديفيد غريسلي «كان العديد من المتشككين يعتقدون أن الوقت لن يكون كافيا لإنهاء كل إجراءات الاستفتاء، وقد اخطأوا في اعتقادهم».
وقال المتحدث باسم مفوضية الاستفتاء جورج ماكير، في جوبا أمس، إن «الاستعدادات لإجراء الاستفتاء باتت مكتملة تماما». وأضاف «وصلت البطاقات إلى كل مراكز الاقتراع في الجنوب، كما أن كل الترتيبات الإدارية جاهزة استعدادا ليوم الأحد». وأوضح أن قوة الأمم المتحدة في السودان قدمت طائرات لنقل بطاقات الاقتراع إلى المناطق النائية.
ويحظى هذا الاستفتاء باهتمام عالمي واسع خصوصا من قبل الولايات المتحدة التي أرسلت السناتور جون كيري، كما سيصل الموفد الخاص للبيت الأبيض سكوت غرايشن إلى المنطقة. وأضاف ماكير إن مراقبين من هيئات الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي وهيئات مجتمع مدني سيشاركون في مراقبة الاستفتاء، خصوصا من مركز جيمي كارتر. وكان الممثل الأميركي جورج كلوني وصل إلى جوبا.
وكان من المفترض أن تتم الدعوة إلى إجراء استفتاء في آبيي، لكن هذا الاستفتاء أرجئ إلى موعد لم يحدد بعد بسبب خلاف حول هذه الأرض بين قبائل المسيرية العربية التابعة للشمال وقبائل الدينكا التابعة للجنوب.
وأشاد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بعمل لجنة الاستفتاء وتغلبها على «الصعوبات الكبرى» التي واجهتها في الإعداد للاستفتاء. وقال، بعد لقاء مع رئيس اللجنة محمد إبراهيم خليل ورئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، «لقد واجهوا صعوبات كبرى مع تأخر اختيار الأعضاء ومع مشاكل في التمويل. لذلك نسعد بتهنئة خليل وفريقه».
واعتبر البشير، في مقابلة مع قناة «الجزيرة» بثت أمس، أن «قرار انفصال الجنوب عن الشمال وعدم تحقيق الوحدة، ليس بيدي»، مشيرا إلى أنه «عمل كل ما في وسعه من أجل إقناع المواطن السوداني الجنوبي بالوحدة مع الشمال». وأوضح أنه «يعلم أن هناك مؤامرة صهيونية عالمية ضد السودان، وأنه لديه علم بمخطط لتفتيت السودان»، مشيرا إلى أن «المخطط يشمل عددا من الدول العربية وليس السودان فقط». وقال ان شمال السودان وجنوبه يمكن ان يشكلا اتحادا على نمط الاتحاد الاوروبي اذا اختار الجنوبيون الانفصال، مشيرا الى انه يمكن للجنوبيين ان يحصلوا على حقوق حرية الحركة والاقامة والعمل والتملك في السودان بعد الانفصال، لكنه اضاف انهم لا يمكن ان يكونوا مزدوجي الجنسية.
وحول علاقات جنوب السودان مع إسرائيل، قال البشير «لا أخشى من هذه العلاقة إلا إذا وجهت تجاه الشمال، أي بمعنى إذا تم استغلالها من أجل عمل عدائي بين الجنوب والشمال»، مضيفا أن «مثل هذه العلاقات تخص حكومة الجنوب حال الانفصال».
وحذر البشير من قيام قبيلة الدينكا نغوك باتخاذ قرار أحادي الجانب بضم آبيي إلى الجنوب لأنه في هذه الحالة لن يضمن رد فعل قبيلة المسيرية. وقال «لا أتمنى أن يتم اتخاذ تلك الخطوة لأنها تعني بصورة عملية إلغاء بروتوكول اتفاق السلام الموقع بين الجانبين، وحينها قد يتطور الموضوع ويصل إلى الحرب».
وكان مجلس الأمن الدولي رحب، أمس الأول، بإعلان البشير ورئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير أنهما سيعملان على ضمان إجراء الاستفتاء في أجواء هادئة. ودعا الأطراف إلى ضمان أن يتم التصويت والفرز في «أجواء من السلام والهدوء».
لكن المجلس عبر عن «عميق قلقه» لعدم التوصل إلى اتفاق حول منطقة آبيي المتنازع عليها. ودعا «الأطراف إلى التوصل بسرعة إلى اتفاق حول آبيي وحل المشكلات الحاسمة لما بعد الاستفتاء، بما فيها مسائل الحدود والأمن والمواطنة والديون والممتلكات والعملة والموارد الطبيعية».
ولم يستبعد الزعيم الشمالي في الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان، أمس الأول، عودة الجنوب إلى الوحدة مع الشمال في وقت لاحق، في حال صوت الجنوبيون لصالح الانفصال. وقال انه حتى ولو جاءت نتيجة الاستفتاء مع الانفصال «نحن نرى انه يمكن توحيد السودان من جديد على أساس طوعي مثلما حدث في ألمانيا» بعد سقوط الستار الحديدي في أوائل التسعينات.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد