"الجيش الحر" ظاهرة إعلامية ولواء التوحيد هو الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين
أثار بيان هيئة أركان «الجيش الحر» الذي استنكر المجزرة التي ارتكبها مسلحو المعارضة، في بلدة خان العسل في حلب، موجة من التساؤلات حول تركيبة هذا «الجيش»، وتكتيكات القتال التي يستخدمها مقاتلوه ومدى «سيطرته» على الميدان، وخصوصاً في المناطق «المحرّرة».
فالبيان تنصّل من مسؤوليته في المجزرة، حيث نقل «الهلال الأحمر السوري» 163 جثة، فيما العدد مرشّح للارتفاع بعد العثور على جثث لم يتسن نقلها إلى المستشفيات. واعتبر البيان المجزرة «خرقاً لميثاق جنيف»، وتوعد بـ«التحقيق، ومعاقبة كل من وقف وراء عملية الإعدام الجماعية»، محملاً «جماعات مسلحة غير منضوية تحت لواء هيئة أركان الجيش الحر» المسؤولية.
وفي الوقت الذي يحتدم السجال حول قيادة «الجيش الحر» بين سليم ادريس، الذي تحاوره واشنطن على أنه قائد هذا «الجيش»، ورياض الأسعد، الذي يُعتبر مؤسسه، والغائب في الوقت الحالي عن الساحة الإعلامية بعد إصابته.
«الجيش الحر» كان المصطلح الأول الذي استُخدم لتظهير المجموعات المسلّحة كجيش نظامي يستطيع قتال الجيش السوري، إلا أنه في الآونة الأخيرة بات المسلّحون يرفضون تصنيفهم بـ«الجيش الحر» مفضّلين تسميات أخرى مثل «ثوار» و«مجاهدين».
و يروي مواطن من سكان حي طريق الباب في حلب، وهو حي تسيطر عليه المعارضة، أنه تعرض للزجر ولكيل من الشتائم من أحد المسلحين بعدما وصفه بأنه «مقاتل في الجيش الحر». وتابع المواطن «تلقّيت سيلاً من الشتائم منه، قبل أن يخبرني بأنه مجاهد»، مضيفاً أن «مصطلح الجيش الحر يستعمل كثيراً في الإعلام، أما على أرض الواقع فالسوريون لا يرون سوى ثوار ومجاهدين، وكلاهما لا يعترف بالجيش الحر».
ويوضح المواطن أن «المسلّحين التابعين للواء التوحيد وتشكيلاته المقاتلة (الشرطة العسكرية - أمن الثورة - المهام الخاصة) يطلقون على أنفسهم لقب ثوار، فيما يطلق المسلحون التابعون للتنظيمات الأخرى (جبهة النصرة، غرباء الشام...) على أنفسهم لقب مجاهدين». ويشير مستهجناً إلى أن «معظم قيادة الجيش الحر وضباطه وعناصره موجودون في المخيمات التركية وعلى شاشات التلفزيون».
ويلفت المواطن السوري الانتباه إلى أن «علم الثورة اختفى من معظم التسجيلات المصوّرة لمقاتلي المعارضة في سوريا عموماً، وفي حلب على وجه الخصوص»، مشيراً إلى أن «التسجيلات باتت تظهر أعلاماً بألوان وشعارات مختلفة، يغلب عليها الطابع الإسلامي، كما تكاد تخلو البيانات التي تصدرها مختلف الفصائل على الأرض من أي تعبير مدني أو علماني، أو سعي لإقامة دولة ديموقراطية، فيما جلّ ما نسمعه هو شعارات إسلامية».
ويضيف «نحن لسنا ضد الشعارات الإسلامية، ولكنا بتنا فعلاً نتساءل أين اختفى المقاتلون الذين كانوا يطالبون بالحرية وبسوريا دولة مدنية ديموقراطية».
وفي محاولة لإحصاء أبرز الجماعات المعارضة المسلّحة في حلب، يتبيّن أن أكثرية التنظيمات، التي بلغ عددها 36 جماعة، يغلب عليها الطابع «الجهادي»، وأشهرها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» اللذان يضمان مقاتلين عربا وأجانب، بالإضافة إلى «لواء التوحيد» الذي أسقط مؤخراً النجوم الحمراء الثلاث من شعاره في دلالة على تنصّله من «الجيش الحر».
وفيما تداولت مواقع وصفحات معارضة أخباراً حول نية جماعة «الإخوان المسلمين» تشكيل ذراع عسكرية لها في الداخل السوري، أكدت مصادر سورية معارضة ، أن «لواء التوحيد هو الذراع العسكرية للجماعة، فيما يأتي هذا الترويج في إطار ردة فعل الإخوان على سيطرة السعودية، الداعمة للحركات السلفية، على الائتلاف المعارض وهيئة أركان الجيش الحر».
وفيما أظهرت التسجيلات المصوّرة من مجزرة خان العسل أن الهجوم على البلدة تم بالاتفاق والتنسيق بين 11 جماعة أطلقت على نفسها تسمية «غرفة عمليات خان العسل»، بينها فقط أربع جماعات يعتقد أنها مرتبطة بـ«الجيش الحر» (بحسب بيانات تشكيلها)، يغلب الطابع «الجهادي» على التجمعات الأخرى، وأبرزها «لواء أنصار الخلافة».
وكانت مصادر معارضة قد أكدت، في وقت سابق، أن مقاتلي «لواء أنصار الخلافة» ينتمون إلى «جبهة النصرة»، وقد اختاروا العمل تحت اسم مختلف لأسباب تتعلق بالاتهامات الموجهة إليهم باستخدام السلاح الكيميائي في البلدة في 19 آذار الماضي، وبالتالي فقد تعيق سيطرتهم على خان العسل عمل لجنة التحقيق الأممية الخاصة التي توصلت إلى اتفاق مع الحكومة السورية للبدء بالتحقيق حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا.
وتساءل مصدر معارض عن مدى جدية ومصداقية التحقيق الذي أعلن «الجيش الحر» عزمه إجراءه. وقال «كيف يحقق الجيش الحر ويعاقب منفذي المجزرة إذا كان هو بالأصل أقلية وسط كل هذه التنظيمات التي نفذت الهجوم، هذا إن كانت بعض التنظيمات المشاركة مرتبطة به أصلاً؟».
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد