الحرب السورية: تفاؤل روسي وتشاؤم أميركي مع خطة لتسليح مقاتلين في الشمال
تواصل التناقض بين موسكو وواشنطن بشأن الأزمة السورية، ففي حين أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر تقبلاً للموقف الروسي إزاء النزاع، سارعت واشنطن إلى نفي هذا الأمر، مؤكدة أن موقفها لم يتغير مما تقوم به موسكو في سوريا، وذلك بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أن الدعم العسكري الروسي لدمشق يثير خطر مواجهة مع قوات التحالف الدولي.
في هذا الوقت، نقلت شبكة «سي ان ان» الأميركية عن مصادر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قولها إن «قادة في الجيش الأميركي تقدموا بخطة لتوفير السلاح والذخائر لآلاف المقاتلين السوريين المعارضين، والمناوئين في الوقت ذاته لتنظيم داعش في شمال سوريا»، وذلك بالتزامن مع تزايد الوجود العسكري الروسي في البلاد.
وقالت المصادر إن «الحديث يتعلق بقرابة خمسة آلاف مقاتل، ينشطون ضمن مظلة يطلق عليها البعض التحالف العربي ـ السوري، وقد سبق له أن سجل عدة نجاحات في مواجهة داعش ميدانياً خلال الأسابيع الماضية، في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تواجه المصاعب بسبب تعثر برنامجها لتدريب وتسليح معارضين».
وأضافت إن «دعم ذلك التحالف أمر أساسي وحاسم في حال رغبت أميركا في تسجيل نجاحات في شمال سوريا»، موضحة أن «القادة في الجيش الأميركي يعرفون بأن التحالف العربي ـ السوري يعاني حالياً نقصاً كبيراً في الذخيرة، وهم يودون توفيرها له بأسرع وقت، لكن القرار يحتاج لمصادقة البيت الأبيض الذي لم يقم بذلك بعد».
وأشارت الشبكة إلى أن وكيلة وزارة الدفاع للشؤون السياسية كريستين ويرموث كانت أول من أشار إلى هذا «التحالف»، وذلك عبر إشارتها، خلال جلسة استماع في الكونغرس، إلى ضرورة دعم الجماعات الأخرى التي تقاتل على الأرض، ومن بينها هذا «التحالف». وتشير المعلومات إلى أن «التحالف العربي - السوري» يتكوّن من 15 جماعة قبلية وعسكرية، ولديه علاقات جيدة مع الأكراد في المناطق الشمالية في سوريا، وسجل نجاحات بمقاتلة «داعش».
وأعلن مصدر أمني سوري لوكالة «فرانس برس» أن الجيش استخدم للمرة الأولى طائرات من دون طيار تسلمها من روسيا. وقال «بدأت الحكومة السورية اليوم (أمس) استخدام طائرات من دون طيار، روسية الصنع، في عمليات ضد متشددين في شمال وشرق البلاد»، من دون أن يورد أي تفاصيل حول نوع الطائرات أو المواقع التي استهدفتها. وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ذكر، في بيان، «قتل 12 مدنياً و20 مقاتلاً من تنظيم الدولة الإسلامية جراء ضربات جوية على مدينة تدمر، التي تتعرض لغارات كثيفة».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن السفير السوري لدى موسكو رياض حداد ترحيب دمشق بوجود قاعدة عسكرية روسية في اللاذقية إذا قررت روسيا إقامتها. وقال «إذا وافقت روسيا، فإن سوريا سترحب بمثل هذه الخطوة لأنها ستهدف لمواجهة الإرهاب على أرضنا».
وقال مسؤول أميركي، لوكالة «رويترز»، إن المنسق الأميركي لعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» الجنرال المتقاعد جون آلن يخطط لتقديم استقالته لأسباب شخصية. وأوضح أن آلن كان يخطط لقيادة التحالف لمدة ستة أشهر، لكنه يقوده منذ حوالى العام.
لافروف وكيري
ورأى لافروف، في تصريح في موسكو، أن «الأميركيين أصبحوا أكثر قابلية للحجج التي نتعامل معها منذ سنوات»، مشيراً إلى أن كيري قال له «إنهم يريدون التعاون معنا».
وتحدث لافروف عن دليل آخر على رغبة الأميركيين في التعاون مع روسيا وسوريا في محاربة الإرهاب، موضحاً أن «الجانبين أعربا عن نظرة إيجابية بعد مباحثات وزيري الدفاع (الروسي سيرغي) شويغو و(الأميركي أشتون) كارتر أيضا».
وسارع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي إلى مناقضة تصريحات لافروف. وقال «لا يوجد تغيير في موقفنا، أو قلقنا بشأن ما تفعله روسيا في سوريا». وأضاف «الوزير كيري كان واضحاً وثابتاً (في تصريحاته). نرحب بدور بناء تقوم به روسيا في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، لكن إذا كانوا هناك لتأمين الأسد فهذا يتناقض مع أي جهود جادة لوضع حد للصراع».
وقال كيري، في مقابلة مع صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية نُشرت أمس، إنه أبلغ لافروف بأن «الولايات المتحدة تشعر بالقلق من دعم موسكو العسكري للأسد». وأضاف «هذه التصرفات قد تفضي لمزيد من التصعيد في الصراع، وقد تؤدي إلى فقد المزيد من الأرواح البريئة، وستزيد تدفق اللاجئين وتخاطر بمواجهة مع قوات التحالف التي تقاتل داعش في سوريا». ولم يوضح كيري طبيعة مخاطر المواجهة التي قد تحدث.
وكان مصدر ديبلوماسي روسي قال إن موسكو ترى زيادة في فرص التوصل لاتفاق دولي بشأن مكافحة الإرهاب في سوريا وحل الصراع. ولم تتضح طبيعة الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه بشأن نقاط الخلاف الشائكة في الصراع، لكن المصدر أشار إلى أن «تنامي خطر تنظيم الدولة الإسلامية يشكل قوة دفع لجهود دولية جديدة من أجل الاتفاق». وقال «لدى موسكو الآن نظرة متفائلة بشأن فرص التسوية في سوريا، وتوحيد المساعي لقتال الدولة الإسلامية».
ودعت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «واشنطن إلى التعاون البناء من أجل مكافحة الإرهاب، وتشكيل تحالف واسع لمواجهة داعش بفعالية على أساس القانون الدولي، والدور المركزي للأمم المتحدة».
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «روسيا لا تناقش التغييرات السياسية في سوريا مع غيرها من الدول»، مؤكداً أن «الشعب السوري هو فقط الذي يناقش مستقبل بلاده ويتخذ القرارات».
وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، خلال لقائهما في تشيكيرز في وسط بريطانيا، «ضرورة تفعيل العملية السياسية» في سوريا.
وقال مصدر في الأليزيه إن هولاند وكاميرون «اتفقا على ضرورة تفعيل العملية السياسية، وأبديا رغبتهما في العمل سوياً» في ما يتعلق بالملف السوري.
وكالات
إضافة تعليق جديد