الحكومة اللبنانية تقر البيان الوزاري والقمة السورية-اللبنانية في13آب
لا تعديلات جوهرية على البيان الوزاري في مجلس الوزراء اللبناني... أما »التحفظ الانتخابي« الذي سجله وزراء »القوات« والكتائب وحركة التجدد الأربعة، على النقطة المتعلقة باضافة عبارة »في كنف الدولة« الى الفقرة الرقم ٢٤ المتعلقة بحق لبنان شعبا وجيشا ومقاومة في التحرير والدفاع عن الأرض، فقد اكتفى الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، بتسجيله في المحضر، تماما كما حصل مع ثلاثة تحفظات سجلها وزراء »التيار الوطني الحر« عصام ابو جمرة وجبران باسيل وماريو عون في مواضيع التوطين وملف المفقودين وقانون التجنيس. وعندما تم التصويت، أقر البيان بالاجماع، ليسلك فعليا طريقه الى مجلس النواب، حيث أبلغ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أنه تبلغ من رئيس المجلس نبيه بري أن موعد جلسة الثقة بعد ظهر يوم الجمعة، فيما أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان الوزراء أن موعد القمة اللبنانية السورية تقرر يوم الأربعاء في الثالث عشر من آب .٢٠٠٨
ومن المتوقع أن يصار، بعد نيل الثقة في مجلس النواب يوم الاثنين المقبل، الى عقد أول جلسة عمل لمجلس الوزراء، في اليوم التالي، ستخصص في الدرجة الأولى لتعيين قائد جديد للجيش اللبناني خلفا لرئيس الجمهورية العماد سليمان بالاضافة الى بعض التعيينات الضرورية مثل نواب حاكمية مصرف لبنان.
وأكدت مصادر وزارية متعددة ان اجواء الجلسة التي دامت خمس ساعات تقريبا، كانت هادئة وايجابية وبعيدة عن التشنج وتخللتها أحيانا »قفشات« من هنا وهناك، وان جميع الوزراء طرحوا آراءهم بصراحة مطلقة، وجرى نقاش معمق في كل القضايا التي يتضمنها مشروع البيان، في حين تم حذف بعض المقاطع التي اعتبرت غير ضرورية ولا تمس الجوهر، كما ادخلت تعديلات غير اساسية اعتبرت بمثابة تحسينات على الصياغة، باعتبار ان هذه الصياغة تمت على عجل.
وبدا واضحا، أن الجلسة قد عقدت تحت سقف التفاهم السياسي الذي ابرم في اللجنة الوزارية، وبالتالي، غلب الطابع الشكلي على الجلسة، التي غرقت في عشرات التحسينات اللفظية أو اللغوية... فضلا عن ابداء الوزراء نسيب لحود وايلي ماروني وانطوان كرم وابراهيم نجار تحفظاتهم على عدم ادراج ثلاث كلمات في الفقرة ٢٤ هي »في كنف الدولة«.
وفيما حرص الوزير لحود على القول انه متحفظ على ثلاث كلمات وليس على الفقرة بحد ذاتها (المقاومة)، ومن باب ابداء الرأي مع تأكيد الالتزام بالبيان، فإن الوزير ايلي ماروني، شمّر عن ساعديه وسأل أسئلة لم يكن يتوقع أن تكون أجوبة الوزير محمد فنيش عليها سريعة للغاية، فقد طلب ماروني تفسيرا لمعنى حق المقاومة بالدفاع وقال له فنيش »لولا ذلك الحق لما تمكنا من هزيمة اسرائيل في حرب تموز ولما استعدنا ارضنا واسرانا«.
أما وزير العدل ابراهيم نجار، الذي تباهى منذ اليوم الأول باستقلاليته، فقد سجل التزاما كاملا بقرار »القوات« بالتحفظ، ولو أنه حاول أيضا الاجتهاد بمحاولة ادخال تحسينات »سيادية« على فقرة المقاومة، لكن وزراء المعارضة رفضوا تعديل أي فاصلة أو نقطة. لكن اللافت للانتباه، أن وزير الدولة خالد قباني، دخل على خط الوزراء الأربعة، واقترح تعديلا على الفقرة اياها، سارع الوزير محمد شطح الى تلقفه حيث جدد القول إنه كان يتمنى لو أضيفت عبارة »في كنف الدولة«، قبل أن يُرفض التعديل كليا من جانب المعارضة حيث كانت هناك مداخلات لكل من الوزراء فنيش وفوزي صلوخ وغازي زعيتر ومحمد جواد خليفة وطلال ارسلان وعلي قانصو صبت في الاتجاه نفسه.
وبدا وزير الدفاع الياس المر منسجما في مجلس الوزراء مع موقف الرئيس سليمان، مشددا على أن المشروع المطروح يؤكد مرجعية الدولة وأنه ليس من المفيد تصوير أن من لم يتحفظ كأنه يريد أن تكون المقاومة خارج الدولة. وشدد المر على أننا كسلطة وكوزارة دفاع لا نستطيع ان نقول ان المقاومة »تحت كنفنا«.
وسجل وزير الاتصالات جبران باسيل تحفظه ضمن المحضر الرسمي على ثلاث نقاط هي الآتية:
أولا: عدم انشاء لجنة خاصة تتولى انشاء بنك للحمض النووي (دي ان أيه) لتسهيل التعامل مع ملف المفقودين اللبنانيين. وقد وعده رئيس الحكومة بالعمل على الأخذ بهذا الاقتراح في المستقبل.
ثانيا: في موضوع حق العودة ورفض التوطين، جرى التحفظ على عدم الأخذ بالاقتراح المتعلق بأن لا تكون خطة العمل المتعلقة باحقاق حق العودة، غير حصرية بالحكومة، بل أن تكون خطة وطنية، على أن يحصل أوسع تشاور وطني حولها، في اشارة الى وجوب ادراجها ضمن هيئة الحوار التي ستلتئم لاحقا برئاسة رئيس الجمهورية. ورد رئيس الجمهورية بأنه يدرك أن العماد ميشال عون سيطرح هذا الأمر على طاولة الحوار وأنه سيأخذ به في حينه.
ثالثا: التحفظ على عدم ذكر تنفيذ القانون ٦٧ ـ ٦٨ المتعلق بتنفيذ معاملات اختيار الجنسية المقدمة قبل ٢٩ أيلول .١٩٥٨ وقد حصل جدال حول هذه النقطة وأبلغ وزير الداخلية زياد بارود الحاضرين أنه بدأ بتحريك هذا الملف، وكان جواب باسيل أن لديه الثقة بالوزير بارود، لكن ما دام النص لم يرد في البيان فإنه مصر على ابداء التحفظ عليه وتسجيل ذلك في المحضر.
ولدى سؤال الوزراء عصام ابو جمرة وماريو عون عن موقفهما كان جوابهما أيضا بتدوين التحفظ نفسه في المحضر الرسمي لمجلس الوزراء.
وأثار الوزير باسيل أيضا تعديل الفقرة المتعلقة باللبنانيين الفارين الى اسرائيل، حيث طلب حفظ الفقرة القائلة بان الحكومة اللبنانية وانطلاقا من قناعتها أن اقامة اي لبناني على أرضه أفضل من اقامته على أرض العدو، ذلك أنها تعطي مشروعية او مفاضلة، وبالتالي الاكتفاء بالنص القائل إن الحكومة وانسجاما مع ما جاء في خطاب القسم الرئاسي لجهة استعادة اللبنانيين اللاجئين الى اسرائيل، »ستقوم بتوفير كل المناخات اللازمة والتسهيلات الممكنة من أجل تأمين هذه العودة بما يتوافق مع القوانين المرعية الاجراء آخذة بعين الاعتبار الظروف الخاصة لكل منهم«.
وقد لقي اقتراح التعديل رفضا من وزيري »اللقاء الديموقراطي« غازي العريضي ووائل ابو فاعور، خاصة أن الأخير كان قد تصادم مع باسيل في لجنة البيان حول هذه النقطة وحول موضوع اللاجئين، محذرا »من استخدام لغة عنصرية في موضوع اللاجئين الفلسطينيين«، داعيا الى عدم التساهل مع قضية العملاء الذين كانوا مجندين في جيش انطوان لحد.
وقد حاول الوزير العريضي تطوير الصيغة أيضا عبر اقتراحه تجريم كل لبناني يقرر البقاء في اسرائيل، لكن باسيل رفض الصيغة. وبعد النقاش، تم الأخذ باقتراح شطب الفقرة القائلة بان الاقامة على أرض الوطن أفضل من الاقامة على أرض العدو.
وأثار الوزير محمد الصفدي خلال الجلسة، مسألة تغييب طرابلس عن البيان لجهة ما تعرضت له من خسائر واضرار كبيرة نتيجة المواجهات التي وقعت فيها، وأخذ على البيان أنه »طويل وواعد وشامل ومتماسك« ويصلح لان تقدمه حكومة تشرف على خطة خمسية، وليس حكومة لا يتجاوز عمرها الفعلي سبعة اشهر كحد اقصى«، وقال انه كان الأجدر بها الاقتداء بخطاب القسم الرئاسي.
وتوقف الوزير ابراهيم شمس الدين امام البند المتعلق بقضية الامام موسى الصدر ورفيقيه وتمنى العودة الى الاقتراح الذي طرحه الامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين والقاضي بتشكيل محكمة دولية لملاحقة هذه القضية، داعيا الى تضمين البيان الوزاري اجراءات عملية في هذه المسألة وذكر ليبيا بالاسم في مسؤوليتها عن هذا الموضوع.
وأكد رئيس الجمهورية في مستهل الجلسة ان مشروع البيان الوزاري المقترح يؤكد على مرجعية الدولة، واشار الى ان المقاومة بالتزامها الواعي تستطيع ان تسهم في تعزيز سلطة الدولة ومرجعيتها.
وقدم رئيس مجلس الوزراء مداخلة اكد فيها ان مشروع البيان الوزاري هو لمصلحة لبنان وصيغته الفريدة، واشار الى ان المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات وعلينا مواجهتها من دون ان نضيع الوقت ولا الفرص.
الجدير ذكره أنه بعد مناقشة طويلة اقر مجلس الوزراء مشروع البيان بالاجماع، وأكد المشاركون جميعا التزامهم التضامن الوزاري.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد