الحمل سفاحا مرتبط بالتدين في أميركا
رغم انطباع سائد بأن زيادة التديّن في المجتمعات تنشر العفاف وتقلص علاقات الجنسين غير الزوجية وما ينتج عنها من حمل وولادة، فإن دراسة أميركية كشفت عن مفارقة غير متوقعة، إذ وجدت علاقة بين مستوى تديّن كل ولاية أميركية ومعدلات حمل الفتيات المراهقات.
وحسب دراسة -نشرت حصيلتها مؤخرا بدورية "الصحة الإنجابية" وأنجزها الدكتور جوزيف ستريهورن الأستاذ بجامعتي دريكسل وبتسبرغ، والدكتورة جيليان ستريهورن- فإن هناك ارتباطا قويا بين معدلات حمل المراهقات ومعايير محددة تؤشر على مستوى "التدين" بأي ولاية أميركية.
بناء على ذلك، يمكن بدرجة ثقة عالية التنبؤ بمعدلات الولادة بين المراهقات بأي ولاية انطلاقا من درجة انتشار المعتقدات الدينية المحافظة فيها، وحتى بعد احتساب تأثير عوامل أخرى كاختلاف مستويات الدخل ومعدلات الإجهاض.
وبحسب خدمة "سَينْس ديلي"، توصل الباحثان إلى النتائج بتحليل بيانات مصدرين: أولهما "مسح للأوضاع والمعطيات الدينية بالولايات المتحدة" أجراه معهد پيو (Pew Forum) لقياسات ودراسات الرأي العام، وإحصاءاتُ "مراكز الوقاية والسيطرة على الأمراض".
واستطلع المصدر الأول مواقف عينات من سكان كل ولاية، حيث سألهم عما إذا كانوا يوافقون أو لا على عبارات مثل "هناك طريقة واحدة فقط لتأويل تعليمات الدين"، أو "ينبغي الأخذ بنصوص الكتاب المقدّس حرفيا، كلمة بكلمة".
وهكذا أمكنهم تحديد مستوى "تديّن" الولايات بأخذ متوسط النسب المئوية للمستطلعين الذين أجابوا بالموافقة على أكثر ثمانية آراء محافظة.
واستقى الباحثان من المصدر الثاني بياناته حول معدلات حالات حمل الفتيات المراهقات في كل ولاية.
ويقول الباحثان إن اتسّاع نطاق الارتباط بين التدين ومعدلات حمل المراهقات في استطلاع معهد پيو، أدهشهما.
كذلك، كانت درجة الارتباط بين معدلات حمل المراهقات وبعض عناصر الاستطلاع المعبرة عن التدين، أعلى من درجة ارتباط هذه العناصر ذاتها.
ويبدو من الدراسة أن المراهقين والمراهقات الأكثر تديناً يمارسون العلاقات الجنسية أكثر من نظرائهم الأقل تدينا، ومن ثَمّ هناك حالات حمل أكثر بينهم.
لكن ربما أفادت أيضا بأن نسب حمل المراهقات الأكثر تديناً والأقل تديناً متماثلة، لكن نسبة إنهاء حالات الحمل قبل تمامها أعلى في الولايات الأقل تديناً، وهو عامل لا يبدو أن الباحثين احتسباه في النتائج.
لا يرى الباحثان أن نتائج الدراسة، بحد ذاتها، تسمح بالوصول إلى استدلالات سببية مباشرة للعلاقة بين التدين وزيادة حالات حمل المراهقات، لكن إن كان لهما التكهن بتفسير أكثر احتمالا، فهما يظنّان أن المجتمعات الأميركية المتديّنة أكثر نجاحاً في تثبيط استخدام المراهقات لوسائط منع الحمل منها في تثبيط العلاقات الجنسية بين المراهقين والمراهقات.
وفي ذات الإطار، يبدو أن جهود هذه المجتمعات الأكثر تديناً أخفقت في منع العلاقات غير الزوجية بين المراهقين والمراهقات، ونجحت في منع إجهاض حالات الحمل الناجمة عنها.
مازن النجار
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد