الحوار الفلسطيني يواجه العثرات: مطالب بالتوسيع ... واستبعاد الرئيس
مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة يزداد تعرف الطاقم المصري من الاستخبارات العامة الى مدى عمق وتعقيدات الخلاف الداخلي الفلسطيني. ولعل أبرز تعبير عن ذلك هو انعدام اليقين بشأن الموعد الفعلي لافتتاح المؤتمر الذي أرادت القاهرة تحويله إلى حدث سياسي وإعلامي من الدرجة الأولى. وبعدما كان موعد افتتاح المؤتمر في التاسع من الشهر الحالي صار هذا الموعد يوما لجلسة تحضيرية يعتقد البعض أنه سوف يطول.
وهكذا فإنه من حيث المبدأ غدا افتتاح المؤتمر مقررا في العاشر من تشرين الثاني. لكن الكثير يعتمد على الرد الذي يحمله وفد حماس الذي ترك القاهرة وعاد إلى دمشق وغزة بعدما أبلغ المصريين أنه بصدد التداول في الداخل والخارج. وقد ناقش الوفد طوال يومين مع طاقم الاستخبارت العديد من الملاحظات التي تقدمت بها حماس على الورقة المصرية. ومن المعلوم أن حماس لا ترى في الورقة المصرية أكثر من مدخل للنقاش وتطالب بإدخال تعديلات جوهرية عليها، فيما تعتبر فتح هذه الورقة كافية ومحققة لمتطلبات الحد الأدنى ما يعني أن إعادة فتحها قد يدخل الفلسطينيين في نقاشات طويلة لا تحتملها أزمتهم الداخلية.
ومن المنطقي الافتراض أن المصريين باتوا يميلون إلى إدخال تعديلات على الورقة شرط ألا تكون جوهرية، وهو ما يحتاجون إلى رد حماس عليه.
وقد كثف الطاقم المصري المسؤول عن إدارة الملف الفلسطيني من اجتماعاته مع الوفود الفلسطينية، التي بدأت طلائعها في التوافد على القاهرة بهدف تجاوز العقبات التي تعترض عقد مؤتمر الحوار وإنجاز غايته في التوصل إلى اتفاق. وتركزت الاتصالات في اليومين الأخيرين على وفد حركة حماس الذي اجتمع مطولا ليلة أمس الأول مع الطاقم المصري من الاستخبارات العامة برئاسة اللواء محمد إبراهيم، وأمس لمدة ساعتين مع مدير الاستخبارات اللواء عمر سليمان.
ويبدو أن الطاقم المصري اصطدم بالملاحظات الشديدة من جانب حركة حماس على وجه الخصوص، التي تلخصت بتسع ملاحظات. ورغم أن بين هذه الملاحظات نقاطا جوهرية كالموقف من منظمة التحرير واحتكار السلاح لأجهزة الأمن، إلا أن النقاش تركز على الجوانب الإجرائية. ورغم أن حماس هددت بعدم الذهاب إلى حوار القاهرة إذا لم تخل الأجهزة الأمنية للسلطة في رام الله سبيل المعتقلين من أفرادها إلا أنها حصرت أوليا الخلاف الإجرائي في أمرين: حضور العديد من القوى التي لم تدع، والموقف من مكانة الرئيس محمود عباس في المؤتمر.
وأعلنت حماس أن عدم دعوة »فصائل الممانعة« يجعل من الحوار الوطني غير شامل، ولذلك أصرت على حضور فصائل بعضها يعيش في دمشق وبعضها الآخر في قطاع غزة. ومن بين هذه الفصائل موضع الخلاف، حركة فتح »الانتفاضة« وجبهة النضال الشعبي التي حدث فيها انشقاق وبات لها أمينان عامان أحدهما في دمشق والآخر في رام الله. كما أن بينها أيضا تلك الفصائل المستجدة التي نشأت في قطاع غزة على هامش الخلاف حول اتفاق أوسلو ومنها اللجان الشعبية وألوية الناصر صلاح الدين، بل ومنظمة أحرار فتح التي نشأت على خلفية الصراع بين حماس وفتح.
وقالت مصادر « أن الطاقم المصري حاول حل الخلاف بشأن الفصائل »المزدوجة الاسم« بدعوة أحد الجناحين للتخلي عن الاسم المشترك. وثمة أحاديث عن أن أحد جناحي جبهة النضال الشعبي سوف يتخذ اسما جديدا يسهل له حضور المؤتمر وهو »جبهة النضال الوطني«. وسيعقد قادة هذا الجناح قبل افتتاح مؤتمر الحوار مؤتمرا صحافيا يعلنون فيه اسمهم الجديد.
كما أن مشكلة ألوية صلاح الدين قد حلت وسوف توجه لقيادتهم الدعوة لحضور المؤتمر معا مع قادة قوى مسلحة في قطاع غزة ذات طابع إسلامي. أما بشأن مجموعة أحرار فتح برئاسة خالد أبو هلال فتميل مصر إلى دعوتهم شرط عدم حضور أبو هلال.
وعلمت »السفير« أن مصر قررت، إضافة إلى الفصائل الثلاثة عشر الذين دعتهم أصلا لحضور المؤتمر، دعوة عدد من المستقلين بينهم الدكتورة حنان عشراوي ومأمون أبو شهلا وياسر الوادية.
وبرزت في النقاشات مع وفد حماس قضايا من نمط أن تعمل مصر على تسهيل خروج قيادات من حماس في الضفة الغربية للمشاركة في مؤتمر الحوار. وقالت مصادر أن المصريين وعدوا خيرا بهذا الشأن مع تأكيدهم أن القرار النهائي في ذلك يعود للإسرائيليين المسيطرين على المنافذ الحدودية للضفة والطرق الداخلية فيها.
وهكذا تركز الخلاف بين وفد حماس والطاقم المصري على مكانة الرئيس محمود عباس في المؤتمر. وترفض حماس أن يشارك عباس في ترؤس المؤتمر لأنه طرف في الصراع وليس محايدا. كما أنها تصر على ألا يقتصر حضوره على الجلسة الافتتاحية، وأن يبقى يشارك في عمل اللجان كما حدث طوال حوار القاهرة العام .٢٠٠٥
وقال قادة حماس للمصريين إن عباس شارك في حوار مكة في كل النقاشات، وكان مطلعا على التفاصيل وليس ثمة ما يمنع حدوث ذلك الآن.
وقد ترك وفد حماس الذي أدار المفاوضات مع الطاقم المصري القاهرة وعاد رئيسه موسى أبو مرزوق ومحمد نصر إلى دمشق وعضويه محمود الزهار وخليل الحية إلى غزة.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد